المكتب الإعــلامي
ولاية الأردن
التاريخ الهجري | 27 من رجب 1444هـ | رقم الإصدار: 1444 / 13 |
التاريخ الميلادي | السبت, 18 شباط/فبراير 2023 م |
بيان صحفي
المشكلة الاقتصادية في الأردن هي مشكلة سياسية بالأساس
ولن تحل إلا بالنظام الاقتصادي الإسلامي بعودة دولة الخلافة
لم يكن من غير المتوقع أبدا أن يقرّ مجلس النواب بنسبة 75% من الحضور، مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023، رغم ما شهدته جلسات النقاش على مدار 3 أيام من انتقادات لاذعة لمشروع القانون بسبب العجز المالي وارتفاع ربا الدين العام، وغياب الخطط والبرامج والاستراتيجيات المعززة للنمو الاقتصادي. فانطبق عليهم المثل القائل "أشبعناهم شتما وفازوا بالإبل"! وهو يغاير تماما كذب تمثيل النواب للتطلعات الشعبية التي أظهرت أن 85% من الأردنيين يرون أن السياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية فشلت في التخفيف من الأعباء الاقتصادية أو الحد من ارتفاع الأسعار أو تقليل نسب الفقر والبطالة.
إنه لمن دواعي الخيبة والتضليل والتعذر الأقبح من الذنب أن يقارن انحطاط الاقتصاد في الأردن بدواعي الأزمات الاقتصادية العالمية وأوضاعها المضطربة، ثم الادعاء بأن الأردن تخطى الظروف العصيبة، رغم وصف الوسط السياسي له بأنه في غرفة الإنعاش منذ أكثر من عقدين من الزمان ووصفه "بالأزمة التي لا حل لها"، وهذا الربط باطل سخيف من ناحيتين؛ أولاهما أن اتباع نهج الاقتصاد العالمي الرأسمالي لا يقارن للتعذر والاختباء وراءه، لأنه هو نفسه أساس الفساد وسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، وثانيهما أن اقتصاديات الدول الرأسمالية عبر الاستعمار ونهب دول العالم ما زالت في منأى عن المقارنة بالأوضاع الاقتصادية المتهالكة في كل بلاد المسلمين، التي من أبرز سماتها وملامحها ما يلي من أرقام إحصائية مرتبطة بدلالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية:
1- بلغ مجموع الإيرادات العامة للعام الحالي، 9.569 مليار دينار غالبيتها من الرسوم والضرائب أي من جيوب الناس، ومجموع النفقات العامة 11.431 مليار دينار، وبذلك بلغ عجز الموازنة 1.862 مليار دينار بعد احتساب المنح الخارجية المتوقعة بقيمة 802 مليون دينار.
2- ارتفاع الدين العام في الأردن بنهاية العام الماضي، ليصل إلى 38.587 مليار دينار، ما نسبته 114% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت عوائد الديون الربوية للعام الماضي بنسبة 10%، لتصل إلى 1.755 مليار دينار.
3- أظهر مشروع الموازنة لعام 2023 أن الحكومة تعتزم اقتراض مبلغ 8.8 مليارات دينار، وذلك لتغطية التزامات مالية مستحقة بالربا، تشمل تغطية عجز الموازنة المتزايد، وتسديد أقساط القروض الداخلية والخارجية وسندات بالدولار.
4- أبرز ما طلبته اللجنة المالية النيابية، زيادة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، ورغم نقاشات النواب وقدحها بسياسة الحكومة الاقتصادية إلا أن أيا منها لم يقدم حلاً جذرياً يقوم على سياسة اقتصادية بعيدة عن السياسة الرأسمالية، واعتماد برامج صندوق النقد الدولي الذي أودى بالاقتصاد الأردني إلى الهاوية منذ ما يزيد عن 34 عاما.
5- ارتفعت التسهيلات الممنوحة - الإقراض بالربا - من البنوك بمقدار 2.6 مليار دينار خلال عام 2022 لتبلغ 32.6 مليار دينار، كما ارتفعت ودائع الأردنيين بالربا لدى البنوك بالمقدار نفسه؛ لتصل إلى 42.1 مليار دينار في عام 2022.
6- تعزيز سياسة ربط الدينار بالدولار منذ عام 1995 التي انتهجها البنك المركزي - أي بدون غطاء حقيقي من الذهب والفضة - مدعيا المحافظة على استقرار سعر الصرف لاحتواء الضغوط التضخمية، ورفع أسعار الربا، وهو يحذو حذو البنك الفيدرالي الأمريكي خطوة بخطوة متذرعا بالمحافظة على الدينار.
7- وصلت قروض الأردنيين لصالح البنوك إلى 16 مليار دولار، مع أكثر من مليون مقترض، وخلال العام الماضي، كان على الأردنيين المدينين تحمل زيادات متعددة في أسعار الربا، ما جعل احتمال سداد القروض بعيد المنال. يشكل المدينون حوالي 16 بالمائة من النزلاء في السجون الأردنية.
8- تشير تقديرات إلى وجود أكثر من مليون متعثر ومفلس في الأردن، وتقول الأرقام الرسمية، إن هؤلاء المتعثرين مطالبون بسداد نحو مليارين ونصف المليار دولار على شكل ديون وشيكات بنكية مرتجعة، وبلغ عدد المطلوبين الأردنيين للتنفيذ القضائي على ذمة الديون نحو 155 ألف شخص.
9- بلغت أرباح 15 بنكا، أفصحت عن نتائجها، في النصف الأول من عام 2022 (بعد الضريبة) نحو 425.7 مليون دينار، مقارنة مع 309.1 مليون دينار في النصف الأول من العام 2021 أي أنها ارتفعت بنسبة 37.7%.
10- تعتمد موازنة الدولة الأردنية بشكل رئيس على المساعدات والمنح والقروض الميسرة في تغطية نفقاتها الرأسمالية وسداد ربا الدين العام، وتحتل المساعدات الأمريكية الحصة الكبرى من نصيب المنح التي تقدمها دول غربية لها منذ تأسيسها. ومؤخرا جددت أمريكا مذكرة التفاهم الرابعة ومددتها سبع سنوات، وزادت المساعدات من 1.275 مليار دولار إلى 1.450 مليار دولار.
11- تقدر مؤسسات دولية، من بينها البنك الدولي، نسبة الفقر في الأردن بأكثر من 27% فيما تجاوزت البطالة 25%، أي ما يعادل ربع السكان.
ومع استقراء هذه الملاحظات المختصرة حول الأوضاع الاقتصادية السيئة في الأردن والتي تشبه في أسبابها السياسة الاقتصادية السيئة في جميع البلاد الإسلامية سواء الغنية أو الفقيرة، كان لا بد من هذه التعليقات والتشخيصات لهذا الواقع والحلول الجذرية التي لو طبقت لخرج الأردن وكل البلاد الإسلامية التي حباها الله بالثروات العظيمة، من أزماتها الاقتصادية:
1- إن المشاكل الاقتصادية في الأردن وكل بلاد المسلمين هي مشكلة سياسية بالأساس، مرتبطة بالتبعية للدول الاستعمارية المتصارعة على النفوذ والثروات في بلادنا وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، والمهام التي توكلها لأنظمة الحكم لتحقيق مصالحها الاستعمارية، ومنها تثبيت كيان يهود سياسيا وأمنيا ودمجه اقتصاديا بالمشاريع الاقتصادية المحلية والإقليمية.
2- السياسة الاقتصادية في الأردن هي سياسة رأسمالية بتبعية وإذعان للقرارات السياسية الغربية خارجيا من خلال أدواتها في صندوق النقد والبنك الدوليين وتمكينها من نهب خيرات الأمة وثرواتها، وتقوم على الفساد والضرائب الظالمة والسطو على جيوب الناس داخلياً.
3- إن تجربة الاقتصاد الرأسمالي قد فشلت في عقر دارها، وتمخضت عن أزمات اقتصادية عالمية وهي قائمة على فكرة حرية الملكية وعلى رؤية أن المشكلة الاقتصادية هي الندرة النسبية للسلع والخدمات، وأن علاجها هو بزيادة الإنتاج للسلع وزيادة توفير الخدمات، وقد أدت إلى تحكُّم فئة الـ1% المسيطرة على الثروة والسلطة والنفوذ في مجتمعاتها وفي العالم.
4- لا يوجد علاج حقيقي إلا في الإسلام الذي يرى أن المشكلة الاقتصادية تكمن في عدم توزيع الثروات بشكل صحيح، وتمكين كل فرد بعينه من الاستفادة منها والحيلولة دون تكديس الأموال في جيوب فئة معينة، وفصل الملكيات وحدد أصحابها؛ فالملكية العامة من ثروات لا تنضب هي ملك لكل رعايا دولة الخلافة.
5- نظام الربا المصرفي، هو رأس البلاء في الاقتصاد الرأسمالي، تتمكن البنوك من خلاله من جباية أموال الناس باسم الإيداع، ووضعها في جيوب أرباب المال والأعمال، ما أدى إلى جعل أموال الناس دُولَةً بين أيدي فئة قليلة. ونظام القروض الربوية يشكل مشكلة اقتصادية كبرى علاوة على أن الإسلام قد حرم الربا على الدولة والأفراد.
6- حرم الإسلام كنز المال، أي جمعه لغير حاجة، بل يجب تشغيله في مشاريع صناعية، أو زراعية، أو تجارية، أو أي وصف آخر يقرُّه الشرع حتى تبقى الثروة متداولة متحركة نشطة في المجتمع ينتفع بدخلها صاحبها والعاملون فيها، والفقراء والمساكين وغيرهم من الأصناف الثمانية من زكاتها، وينتفع المجتمع بعامة من مشاريعها، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ الذَّهَبَ وَالۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
7- عدم ربط العملات الورقية بما ينوب عنها من الذهب والفضة، أي فصلها عن قاعدة الذهب والفضة، التي تخالف الحكم الشرعي الذي يقضي بجعل الذهب والفضة المقياس الوحيد للنقد، فتقوم أمريكا بنهب ثروات العالم بطباعة ما يلزمها من الدولارات التي تتضاءل قيمتها.
أيها المسلمون.. أيها الأهل في الأردن:
إن سياسة الاقتصاد في الإسلام هي ضمان تحقيق إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد إشباعاً كلياً، وتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية بقدر ما يستطيع، باعتباره يعيش في مجتمع إسلامي معين، له طراز خاص من العيش. لقد عني الإسلام عناية فائقة بتوزيع الثروة وحدد أسباب التملك وطرق التنمية وبيّن طرق الإنفاق، بحيث تقضي على تجمع المال في أيدي فئة قليلة في المجتمع، وحرم كنز الأموال ما يجعلها تدور في السوق وينتفع الجميع بها، وحرم الربا الذي يؤدي إلى مشاكل اقتصادية كبيرة منها غلاء الأسعار والتضخم المالي وإيجاد الاقتصاد الوهمي.
أيها المسلمون:
إن الإيداعات التي يضعها الناس بالربا في البنوك والتي فاقت 42 مليار دينار هي بمثابة إعلان حرب على الله ورسوله، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾، علاوة على أنها جزء من النظام الرأسمالي الفاسد، الذي يجعل المال دولة بين الأغنياء بدلاً من تشغيلها في مشاريع تحرك عجلة الاقتصاد، رغم العراقيل التي تضعها الدولة المنفرة للاستثمار من ضرائب ورسوم وغرامات.
إن النظام الاقتصادي الإسلامي لا يؤتي أكله إلا بتطبيقه في دولة الخلافة، التي تمر الذكرى الثانية بعد المئة لهدمها هذه الأيام، فإلى العمل لإقامتها راشدة على منهاج النبوة، والخروج من الفقر والجوع والبطالة واستغلال ثرواتكم ندعوكم أيها المسلمون.
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية الأردن |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: http://www.hizb-jordan.org/ |
E-Mail: info@hizb-jordan.org |