المكتب الإعــلامي
الأرض المباركة (فلسطين)
التاريخ الهجري | 12 من جمادى الثانية 1434هـ | رقم الإصدار: u0635/ u0628 u0631- 144/013 |
التاريخ الميلادي | الإثنين, 22 نيسان/ابريل 2013 م |
رسالة مفتوحة
الإخوة والأخوات المشاركون والمنظمون والحضور في مؤتمر: الدولة المدنية بين الشريعة الإسلامية والقانون في جامعة الخليل 24-25 من نيسان عام 2013.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نوجه إليكم هذه الرسالة من باب النصيحة والبيان، خاصة وأن الكثيرين منكم يتصل عملهم بالتعليم والإعلام، فتكونون بذلك ممن يسهم في تشكيل وعي قطاعات من الناس فيما يتصل بالدولة المدنية، وهذا يجعلكم أعظم مسئولية من غيركم: أعظم أجراً إن أنتم نشرتم بين الناس الرؤية المنبثقة من الإسلام بشكل صحيح، وأعظم وزراً إن أنتم نشرتم الرؤية التي يعج بها الفضاء الإعلامي التابع للأنظمة، وهي رؤية غير إسلامية. وإنا نحب أن يكون مضمون هذه الرسالة حاضراً في مناقشاتكم في مؤتمركم هذا، ونسأل الله لكم التوفيق وأن ينير بصائركم وأن يفتح عليكم بما هو خير.
إننا نقدر جهودكم في مجال البحث والتنقيب الذي ينفع المسلمين، ولكننا نرى أن تحويل موضوع الدولة المدنية والخلافة إلى موضوع يختلف فيه العلماء، لم ينشأ بشكل طبيعي، بل نشأ عن حالة اصطنعها الإعلام التابع للأنظمة، وهو بهذا يخدم الدول المعادية للإسلام، التي تسعى لإبقاء الإسلام بعيداً عن المعترك السياسي، وعن التطبيق والتنفيذ الشامل في دولة تجمع المسلمين.
إن موضوع الدولة المدنية اليوم هو قضية سياسية بالغة الخطورة، وهو يمثل إحدى الجبهات في الحرب التي يشنها علينا الكفار المستعمرون من أجل الحيلولة دون إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي بشر بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل إنه يمكن القول إن موضوع "الدولة المدنية" قد صنع بل اصطنع خصيصاً للاستعمال في العالم الإسلامي، فإنه لا يكاد يتصدى للخلافة والعمل لها اليوم إلا من يقولون بالدولة المدنية، فعلى الصعيد السياسي الواقعي يلمس المرء لمس اليد أن فكرة "الدولة المدنية" ومصطلحها هو العدو والخصم السياسي للإسلام ومشروعه السياسي، وهذا ظاهر أشد الظهور فيما يجرى في ثورة الشام فإن أمريكا ودول الكفر الاستعمارية على اختلاف مصالحها ومشاربها مجمعة على دولة مدنية بعد سقوط النظام الحالي. إن قليلا من التدبر لهذه الحقيقة يوصل إلى قناعة قاطعة بأن الدولة المدنية هي مشروع الأعداء، وليست مشروع المسلمين.
غير أن معسكر الدول الكافرة المستعمرة والحكام العملاء التابعين لهم، وأتباعهم من الإعلاميين والمفكرين، لا يجرؤون على القول إننا لا نريد الخلافة أو لا نريد الدولة الإسلامية وحسب، لأن هذا معناه أنهم يريدون دولة تحكم بالكفر بشكل صريح مكشوف، فاتخذوا من الدولة المدنية ستاراً يخفون وراءه محاربة الحكم بالإسلام، فالقضية ليست خلافاً فقهياً أو فكرياً بل هي حرب استئصالية وجودية، موضوعها أيّ مشروع سياسي في العالم الإسلامي - بل في العالم كله - سيستأصل الآخر، الإسلام أم الكفر؟
إنه لمن المؤسف أن يكون موقف بعض المسلمين توفيقياً بين الإسلام والكفر، ومن المؤسف أن يعمد بعض المسلمين إلى إلصاق كل "موضة" فكرية بالإسلام. هل تذكرون الكتاب المسمى (اشتراكية عمر) ومثله كثير؟ هل تذكرون الأيام التي كان فريق من المسلمين "العلماء" يملؤون الدنيا ضجيجاً حول اشتراكية الإسلام، ثم اختفى هؤلاء مع اختفاء "موضة" الاشتراكية حتى كأنهم لم يكونوا يوماً، وجاء الآن دور الديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية وأخواتها.
ثم ألا يلفت نظركم أن الغالبية العظمى لمثل هذه المفردات الرائجة في الفضاء الإعلامي، وتستحوذ على خطاب بعض أبناء المسلمين، ألا يلفت نظركم أنها لم تنشأ في اللغة العربية ولا في كتب الفقه، بل هي مترجمة أو معربة، ألا يدل هذا على أنها ثقافة دخيلة، وألا يدل هذا على أنها نتيجة من نتائج الغزو السياسي والثقافي.
بقي أن نذكر أن بعض أبناء المسلمين الذين تأثروا بالضجيج الإعلامي حول الدولة المدنية أرادوا أن يزاوجوا بينها وبين الإسلام فقالوا بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، وهذه تناظر القول بدولة تحكم بالكفر ذات مرجعية إسلامية، وتناظر كذلك القول بدولة شيوعية ذات مرجعية رأسمالية، أو دولة رأسمالية ذات مرجعية شيوعية، فهل يستقيم هذا، أم هو خلط يرتقي إلى مستوى الهذيان.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يرزقكم السداد في القول والعمل، وأن يجري الحق على ألسنتكم، وأن يعينكم على رد كيد الكفار والذود عن دين الله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا))
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأرض المباركة (فلسطين) |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0598819100 www.pal-tahrir.info |
E-Mail: info@pal-tahrir.info |