المكتب الإعــلامي
ولاية سوريا
التاريخ الهجري | 29 من رمــضان المبارك 1433هـ | رقم الإصدار: SY-M01-160812 |
التاريخ الميلادي | الخميس, 16 آب/أغسطس 2012 م |
بيان صَحَفي نص الكلمة التي ألقاها رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية سوريا المهندس هشام البابا، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في مركز حزب التحرير في طرابلس - لبنان، يوم الخميس 28 رمضان 1433هـ الموافق 16/08/2012م، تحت عنوان: "ورقة حزب التحرير
قامتِ الثوراتُ فيما سُمِّيَ بـ(الربيعِ العربيِّ) للتغييرِ على الحكامِ والأنظمةِ، فكان المطلبُ منذ البدايةِ واضحاً لا لُبسَ فيه، وهو ما سمعناه من هتافاتِ الثائرين: (الشعبُ يريدُ إسقاطَ النظام). فكان الذي حصلَ في ثوراتِ تونسَ ومصرَ وليبيا واليمنِ أن خُلِعَ الحاكمُ عن كرسيِّهِ أو قُتل، بينما بقي نظامُ الحكمِ على الأساسِ الذي وُضع له منذُ عهودِ الاستعمارِ، ديمقراطيًّا مدنيًّا عَلمانيًّا شبيهًا شكلاً بأنظمةِ الحكمِ في الغربِ، وكلُّ الذي تغيَّر هو بعضُ الوجوهِ وبعضُ أشكالِ التنصيبِ أو التعيينِ أو الانتخاب... وهكذا تلاشت الفرحةُ التي صحبت تلكَ الثوراتِ المباركةَ عندما نَقَضَت غزلهَا وقبِلَت بالوصفةِ الغربيةِ الديمقراطيةِ المدنيةِ التي قُدِّمت لها، أو بالأحرى أبقت عليها، حتى جاءت ثورةُ الشامِ لتقلِبَ الموازينَ ولتوجِدَ في قاموسِ (الربيعِ العربيِّ) مفاهيمَ مختلفةً، فهي لم ترضَ بأن يُدَسَّ السُمُّ في الدسمِ، فرفضتِ العلمانيةَ والديمقراطيةَ ومقولةَ الدولةِ المدنية، ورفضت الاكتفاءَ بتغييرِ الوجوه، متسائلةً بلسانِ حالِها ومقالِها: أليسَ بشارٌ علمانياً؟! أليس نظامُه ودستورُ حكمِه مدنياً؟! ألا يشهدُ النظامُ الرأسماليُّ الديمقراطيُّ الغربيُّ نفسُه فشلاً ذريعاً من حيث هو نظامٌ عالمي؟! أفنستنسخُ التجاربَ الفاشلةَ لتعيدَ بلادَنا إلى دوامتِه، بينما الدستورُ الذي شرعه لنا ربُ العالمين بين أيدينا؟!... وفي مقابل ذلك أكدتْ إسلاميَّتَها عندما أعلن الناسُ في الداخلِ أنها للهِ واحتسبوا بلواهُم عنده سبحانه، وعندما أَخرجت لنا خَنساء تلو خَنساء، وعندما رُفعت راياتُ العُقاب، وعندما بدأت الأصواتُ المطالبةُ بالخلافةِ تتعالى... بهذا كانت ثورةً غيرَ نمطية.
لقد تنبهتِ القوى الدوليةُ إلى خصوصيةِ الثورةِ السوريةِ المباركةِ هذه، وساءَ ذلكَ أمريكا (راعيةَ بشارٍ ونظامِه)؛ فاشتركت مع النظامِ السوريِّ في جريمته؛ فراحت تُمِدُّه بالمهلِ من خلال عقدِ مؤتمراتٍ والإعلانِ عن مبادراتٍ وإرسالِ بعثات مراقبين عربٍ وأمميين... وأوعَزوا لعملائِهم المكشوفين وغيرِ المكشوفينَ بدعمِ النظامِ السوريِّ المجرمِ غيرِ آبهينَ بشلالاتِ الدمِ التي تسيلُ في سوريا مِدراراً. وقد بلغَ التآمرُ بالمجتمعِ الدوليِّ على أهل سوريا أن يطالِبَ بتنحي بشارٍ وتأمينِ مخرجٍ آمنٍ له ولعائلتِه بعدَ كلِّ هذهِ الجرائمِ التي ارتكبها.
على هذا الصعيدِ يجري التعاملُ مع الثورةِ في سوريا الآن.
إننا في حزبِ التحريرِ نعتقدُ جازمينَ أن هذه الثورةَ لا تستحقُّ البتَّةَ أن تسقطَ في مستنقعاتِ العَلمانيةِ وبدعةِ الدولةِ المدنية، ولا أن تَستبدِلَ الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ، أي أن تأخذَ الديمقراطيةَ الغربيةَ وتتركَ كتابَ اللهِ وسنةَ رسولِه. نريدُها أن تمضيَ قُدُماً إلى إقامةِ شرعِ ربِها خلافةً راشدةً على منهاجِ النبوَّةِ فتُحقِقَّ بشارتين من بشاراتِ الرسولِ صلى الله عليه وآله وسلم عن آخرِ الزمان: بشارةٍ عامةٍ للمسلمينَ، وهي قولُه صلى الله عليه وسلم: «ثمّ تكونُ خلافةٌ على منهاجِ النبوّة»، وأخرى خاصةٍ لأهلِ الشامِ، وهي قولُه صلى الله عليه وسلم: «ألا إن عقرَ دارِ الإسلامِ بالشام». وإننا نرى في هذه الثورةِ ما يشجِّعُ على كلِّ ذلك.
وإننا إذ نقدِّمُ هذه الورقةَ مُضَمِّنينَ إيّاها: مشروعَ حزبِ التحريرِ السياسيَّ لنظامِ الحكمِ الذي يدعو إلى تطبيقِه بعد إسقاطِ النظامِ في سوريا، وخريطةَ الطريقِ للوصولِ إلى هذا الهدفِ، حريصون كلَّ الحرصِ على أن تُصان هذه الثورةُ من أن تَتخطَّفَها مشاريعُ الدولِ المستعمِرة، ومن أن يتسلقَ عليها المتسلِّقون الذين يدورون في فلكِ الغربِ ويحمِلونَ وجهةَ نظرِه في حلِّ الأزمة.
أما مشروعُ حزبِ التحريرِ السياسيُّ لنظامِ الحكمِ في سوريا، فهو يقومُ على الأساسياتِ التالية:
• أن تكونَ العقيدةُ الإسلاميةُ هي أساسَ الدولةِ وأساسَ الدستور، وأن يكونَ الكتابُ والسنةُ وما أرشدا إليه من إجماعِ الصحابةِ والقياسِ مصدرًا لموادِّه كلِّها؛ فتكونَ الشريعةُ الإسلاميةُ هي نظامَ الحياةِ والمجتمعِ والدولة.
• شكلُ نظامِ الحكمِ في الإسلامِ هو نظامُ الخلافة، ويختلفُ عن أشكالِ أنظمةِ الحكمِ المتَّبَعةِ اليومَ اختلافاً جوهرياً، فهو ليس ملكياً ولا إمبراطورياً ولا جمهورياً ولا ديكتاتورياً ولا اتحادياً...
• الدولةُ فيه ليست دينيةً ولا كهنوتيةً ولا مدنيةً ديمقراطيةً، وإنما هي دولةٌ بشرية، السيادةُ فيها للشرعِ، فتطبِّقُ أحكامَ الشرع، والسلطانُ فيها للأمة.
• إن دارَ الإسلامِ التي نسعى إلى إقامتِها يكونُ أمانُها بأمانِ المسلمينَ فحسب، وهذا يقتضي منعَ أيِّ تدخلٍ أجنبيٍّ في بلادِنا، امتثالاً لقوله تعالى: (ولن يجعلَ اللهُ للكافرينَ على المؤمنينَ سبيلاً)، فالتدخلُ الأجنبيُّ في بلادِ المسلمينَ هو من الخطايا التي تأخذُ البلادَ والعبادَ بعيداً عن الحكمِ بالإسلامِ والعيشِ في كنفه.
• النظامُ في دولةِ الخلافةِ نظامٌ إنسانيٌّ يرتقي بالإنسانِ من حيثُ هو إنسانٌ بغضِّ النظرِ عن عرقِه أو دينِه أو لونِه، ويعالجُ مشكلاته - بوصفه إنسانًا - بأرقى الأحكامِ وأعدلِها على وجهِ الأرضِ لأنها من لدنِ حكيمٍ خبير.
• الرابطةُ التي تربِطُ أفرادَ الرعيةِ في هذه الدولةِ هي التابعية. فجميع الذين يحملون التابعيةَ للدولةِ الإسلاميةِ (مسلمين وغيرَ مسلمين) يتمتعون بحقِّ الرعايةِ كاملاً، ولا يجوزُ للدولةِ أن تمارسَ أيَّ تمييزٍ بين أفرادِ الرعيةِ في ناحيةِ الحكمِ أو القضاءِ أو رعايةِ الشؤون...
• موادُّ دستورِ الدولةِ الإسلاميةِ هي أحكامٌ شرعيةٌ يجبُ على الدولةِ تطبيقُها، وتجبُ طاعتُها على أفرادِ الرعيةِ جميعِهِم. أما المسلمونَ فيُطيعونها بوصفها أوامرَ ونواهيَ من الله تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر، وأما غيرُ المسلمينَ فيُطيعونَها بصفتِها قوانينَ دولةٍ تَرعى شؤونَهم وتحافظُ على حياتِهم وحقوقِهم بالسواء مع المسلمين، تماشياً مع القاعدة الشرعية: "لهم ما للمسلمينَ من الإنصافِ، وعليهم ما عليهم من الانتصاف".
• يُتركُ غيرُ المسلمينَ وما عندَهُم من أحكامَ العقائدِ والعبادات، والمطعوماتِ والملبوسات، وفي أمورِ الزواجِ والطلاقِ، بحسبِ أديانِهم ضمنَ النظامِ العام. ويَهنَأون في ظلِّ الدولةِ ويتمتعونَ بخيراتِها بصفتِهم رعايا شأنُهم شأنُ المسلمين. ومن أبرزِ الأمثلةِ على ذلكَ أحكامُ المِلكيةِ العامةِ وما تتضمنُه من توزيعِ ناتجِ ثرواتِها الهائلةِ على جميعِ أفرادِ الرعيةِ بالتساوي.
• وكما لا تفرق الدولةُ الإسلاميةُ في رعاية الشؤون بين مسلم وغير مسلم، كذلك تتعاملُ على قَدَمِ المساواةِ بين جميعِ الأعراقِ والأقوام، فلا تفرقُّ بين كرديٍّ وعربيٍّ وتركماني وغير ذلك، بل تلتزمُ قولَه تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). وتَعُدُّ الدولةُ الدعوةَ إلى الروابطِ القوميةِ والقَبَليةِ والوطنيةِ عصبياتٍ ودعواتٍ جاهليةً تمزّقُ الأمةَ والدولةَ وهي منكرٌ عظيم. ويجب قطعُ يدِ الغربِ الذي لعب بهذه الورقةِ - وما زال- ليفرِّقَ الأمةَ ويُضعِفَها ويجعلَ ولاءَها له، وليس للهِ ولرسولِه وللمؤمنين.
• يضمنُ الإسلامُ في سياستِهِ الاقتصاديةِ تحقيقَ الحاجاتِ الأساسيةِ من مأكلٍ وملبسٍ ومسكنٍ لكلِّ فردٍ من أفرادِ الرعية، ويمكنُّه من إشباعِ الحاجاتِ الكماليةِ بقدرِ ما يستطيع، ويضمنُ للرعيةِ كلِّها الأمنَ والتعليمَ والتطبيبَ وسائرَ الحاجاتِ الأساسيةِ للجماعة. وبيَّنَتْ أحكامُهُ أسبابَ تملُّكِ المالِ وأسبابَ تنميتِه وكيفيةَ إنفاقِهِ وصرفِه. وبينتْ أنواعَ الملكياتِ منْ ملكيةٍ فرديةٍ إلى ملكيةِ دولةٍ إلى ملكيةٍ عامةٍ كالنفطِ ومعادنِ المناجمِ حيثُ مكَّنتْ جميعَ أفرادِ الرعيةِ من التمتُّعِ بها. وبيَّنَتْ أحكامَ الأراضي بحيثُ لا يبقى شبرٌ من الأرضِ غيَر مزروع. وجعلتْ أساسَ النقدِ الذهبَ والفضةَ فأمنتْ له استقراراً في سعرِ صرفِهِ ينسحبُ استقراراً على أسعارِ السلع، وجعلتْ له أحكامَ صرفٍ تمنعُ وقوعَ الدولةِ الإسلاميةِ في مثلِ تلك الأزماتِ التي وقعَ بها النظامُ الماليُّ الرأسماليُّ. وحدَّدَتْ أحكامَ التجارةِ الداخليةِ التي تقومُ بين الأفرادِ ولا تحتاجُ إلى مباشرةٍ من الدولة، وأحكامَ التجارةِ الخارجيةِ وجعلتها تحتَ إشرافِها. وأجازَتْ إنشاءَ الشركاتِ بحسبِ الأحكامِ الشرعيةِ ومنعتْها من الاحتكار، وحرَّمتْ الربا وبيعَ الدَّيْنِ وبيعَ الإنسانِ ما لا يملكُه والغبنَ الفاحشَ... وبالإجمالِ نظرتْ هذه السياسةُ إلى ما يجبُ أنْ يكونَ عليه المجتمع، وجعلتْه يعيشُ ضمنَ نظامٍ من الحلالِ والحرامِ حياةً هانئة، وعملتْ على توزيعِ الثروةِ بين أفرادِ الرعيةِ فرداً فرداً، وجعلتْ من المالِ خادماً للإنسانِ ولم تجعلْ من الإنسانِ عبداً له...
• تقومُ العلاقاتُ الخارجيةُ للدولةِ مع الدولِ الأخرى وفقَ أحكامِ الإسلامِ في حملِ الدعوة لها والجهادِ في سبيل الله. وتلتزمُ الأحكامَ الشرعيةَ فيما يتعلقُّ بعقدِ الاتفاقياتِ ومعاهداتِ الصلحِ والهُدَنِ والتمثيلِ الدبلوماسي...
أما خريطةُ الطريقِ التي نتوصلُ بها إلى دولةِ الخلافةِ واقعاً بعد إسقاطِ النظام:
فهي تقومُ في إطارِها العامِّ على طريقةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم في التغيير، وتتلخّصُ بما يلي:
• أن يُعلنَ المسلمونَ عامةً في سوريا أنهم يريدون إسقاطَ النظامِ وإعادةَ الحكمِ بما أنزلَ اللهُ بإقامةِ الخلافة... وذلك تأسيًا بما حقَّقَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من إيجادِ الرأيِ العامِّ للإسلامِ في المدينةِ قُبيلَ قيامِ دولةِ الإسلامِ الأولى فيها. وهذا الجانب قد تَحَقَّقَ في الأمةِ الإسلاميةِ منذ زمنٍ بعيد، وأصبح في حِقبةِ (الربيعِ العربي) أوضحَ من أيِّ وقتٍ مضى بفضل الله تعالى، ولا سيَّما عندَ أهلِ سوريا الذين أصبحوا يعلنون ليلَ نهارَ شعارَ الدولةِ الإسلامية. وباتَ الغربُ لا يخفي توجُّسَه وخشيتَه من أن يكونَ الإسلامُ هو الوارثَ لعهدِ العَلمانيين المجرمين في سوريا. ومع ذلك يبقى واجباً على قادةِ الرأيِ والفكرِ الذين يحملون الفكرَ الإسلاميَّ أن يَغُذُّوا خطاهُم لبلورةِ النظامِ الإسلامي وتوضيحِه فيما بينهُم وأمامَ الرأيِ العامِّ حتى لا يُخدعَ بتياراتٍ تَرفعُ شعاراتٍ إسلاميةً لكنها تحملُ مشروعاً عَلمانياً تحت اسم الدولةِ المدنية.
• أن يعملَ أهلُ القوةِ المؤمنون من ضباطِ الجيشِ النظاميِّ ومن المنشقين عنه ومن المجموعاتِ المتسلِّحةِ التي تضمُّ الخلّصَ من المسلمين لإقامة الخلافة الإسلامية... فيتعاهدوا فيما بينهم على منعِ الغربِ وعملائِه وأدواتِه من السياسيين العَلمانيين المحليّين من مجرَّدِ الاقترابِ من السلطةِ وموقعِ القرار، وأن يختاروا للحكمِ من هو أهلٌ له ممن يحملُ المشروعَ السياسيَّ الإسلاميَّ ويفهمُه حقَّ فهمِه وتُتَوسَّمُ فيه القدرة على تطبيقِه حقَّ التطبيقِ بعيداً عن موالاةِ الخصومِ من العلمانيين وأسيادِهم في الغرب. وهذا ما بدأنا بفضل الله تعالى نرى له شهودَه في الميدانِ من أهلِ القوةِ الذين أعلنوا أنهم يريدون الحكمَ بالإسلام. ونحمدُ الله تعالى أنّ هذه الأمةَ باتت تزخرُ بالرجالِ الذين أعدوا أنفسَهم ليكونوا بحقٍّ رجالَ حكمٍ وسياسةٍ وتدبيرٍ وقضاءٍ واقتصاد... ما هَيَّأَ لهذا الفرضِ العظيمِ كلَّ أسبابِ تحقُّقِهِ ومستلزَماتِه من مشروعِ دستورٍ إسلاميٍّ، وقدرةٍ على تطبيقِ الإسلامِ بإحسانٍ من أجلِ بلوغِ أرقى مستوياتِ الحياةِ لرعايا دولةِ الخلافةِ من مسلمينَ وغيرِ مسلمين، وقدرةٍ على قيادةِ المسلمينَ قيادةً فكريةً لنشرِ الإسلامِ في العالم، وخبرةٍ سياسيةٍ تُمَكِّنُهُم من خوضِ الصراعِ الدوليِّ على الأساسِ المبدئيِّ لا النفعيِّ الاستعماريِّ، وجعلِ الدولةِ الإسلاميةِ هي الدولةَ الأولى في العالم...
وإننا في حزبِ التحريرِ نعلنُ من خلالِ هذا المؤتمرِ أننا نعملُ مع المخلِصين من أبناءِ هذه الثورةِ، ونُقدِّم كلَّ ما نملكُ من إمكاناتٍ وطاقاتٍ وكفاياتٍ لتحقيقِ كافةِ عناصرِ هذه الخطةِ التي فيها قابليةُ التنفيذِ والنجاحِ، وفيها التغييرُ الحقيقيُّ، وفيها رضى اللهِ سبحانه وتعالى.
- فقد فاضت ساحاتُ الثورةِ براياتِ العُقابِ وألويةِ الإسلام، وكبَّرت حناجرُ المتظاهرينَ وهَتفَت: "نريد سوريا خلافةً إسلامية" و"الشعبُ يريدُ خلافةً من جديد"، فشبابُنا موجودون في عمقِ الثورةِ، والمكتبُ الإعلاميُّ لحزبِ التحريرِ - ولايةِ سوريا هو إحدى القنواتِ المفتوحةِ للاتصالِ والتفاعلِ مع الثورة. وقد واكبَ الحزبُ بشكلٍ عامٍّ وفرعُه في سوريا بشكلٍ خاصٍّ الثورةَ منذ بدايتِها يوماً بيوم، بل لحظةً بلحظة، فأصدرَ البياناتِ والنشراتِ المتلاحقةَ والمتوازيةَ مع مجرياتِ الثورة، تثبيتًا للثوار ورفعًا لهِمَمِهم، وبثًّا للوعي فيهِم على ما يحاكُ ضدَّهم من مؤامرات، مذكِّرينَ إياهُم على الدوامِ بضرورةِ ربطِ ثورتِهم بهدفٍ سامٍ يعجزُ عن تسلُّقِه الوصوليون والانتهازيون. ونضعُ بين أيدي الإعلاميين والصَحَفيين دوسيةً جمعت الغالبيةَ منها حتى اليوم.
- ويعملُ حزبُ التحريرِ على الاتصالِ بمختلِفِ القوى العسكريةِ ونَظمِها في عملٍ واحدٍ يقضي على هذا النظامِ من جذورِه وإقامةِ الحكم الإسلامي، ولعلّ ذلك يكون قريباً.
- وقد أعدّ الحزبُ نفسَه لهذه المَهمَةِ العظيمةِ فكانت شُغلَه الشاغلَ على مدى أكثرَ من نصفِ قرنٍ، ليس في سوريا فحسب، وإنما في مختلِفِ بلادِ المسلمين بل وفي العالمِ أجمع، اكتسب خلالَها كلَّ مقوِّمات القيادةِ الناجحةِ التي تُمَكِّنه من الوصولِ مع الأمةِ لتحقيقِ فرضِ اللهِ في إقامةِ حكمِهِ ونشرِ رسالتِه. ولهذا فقد انضمَّت جهودُ شبابِه في العالمِ كلِّه لتؤازرَ جهودَ الثوارِ وتنصرَهُم وتدعمَهم، من إندونيسيا إلى المغربِ العربي مروراً ببيتِ المقدسِ، وفي العواصمِ الغربيةِ من أوروبا إلى أستراليا فأمريكا؛ فقد وقفوا - وما زالوا- ملبِّين نداءَ الواجبِ نصرةً ودفاعاً عن ثوارِ الشام، مستصرِخينَ جيوشَ المسلمين الرابضةَ في ثُكُناتِها أن تتحركَ باسمِ اللهِ وعلى بركةِ اللهِ نُصرةً للمسلمين المستضعفين في سوريا. وأثلجت صدورَ أهلِ الثورةِ نداءاتُ شبابنا في المسجدِ الأقصى، وانتقلت هذه الوقفاتُ البطوليةُ من بيتِ المقدسِ إلى كلِّ أنحاءِ فلسطينَ الأسيرة، وعمَّتِ العالمَ العربيَّ وبخاصةٍ في لبنانَ، وبشكلٍ أخصَّ في أرضِ الرباطِ والجهادِ طرابلسَ الشامِ التي استضافت هذا المؤتمر. كما لا ننسى وقفاتِ شبابِنا في الأردنِّ، على الرغمِ من التضييقِ والحصارِ والمنعِ، فلم تكن صيحاتُهم بأقلَّ من صيحاتِ إخوتِهم في سائر بقاعِ أرضِ الشامِ المباركة.
- ومما يجدُرُ ذكرُهُ في هذه الورقةِ أن "حزبَ التحريرِ" الذي نشأ استجابةً لأمر اللهِ تعالى في الآيةِ الكريمة: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، ومن أجلِ استئنافِ الحياةِ الإسلاميةِ من خلالِ إعادةِ دولةِ الخلافةِ الراشدةِ، عملاً بالقاعدةِ الشرعيةِ "ما لا يتِمُ الواجبُ إلا بهِ فهو واجب"، وأعدَّ شبابَه ليكونوا رجالَ دولةٍ... هذا الحزبُ لا يحملُ مفهومَ الحزبِ الحاكم، بل هو اذا أقام الخلافة بالطريقة الشرعية، ومن ثَمَّ كان الخليفة منه، فإنه لا يكون خليفة للحزب، بل خليفة للمسلمين يرعى شؤونهم بالعدل، قولاً وفعلاً... ثم إذا شغر مركز الخليفة بعد ذلك، فالأمةُ تختارُ "رجلاً من المرشحين يحوز الشروط الشرعية" تبايعُه على السمعِ والطاعةِ، يكونُ خليفةً للمسلمينَ لا لحزبٍ منَ الأحزاب، ويبقى حزب التحرير سواءٌ أوصلَ مرشحُهُ إلى سُدَّةِ الخلافةِ أم وصلَ غيرُه من صفوفِ الأمةِ، يراقبُ معها سيرَ الحكمِ والدولةِ ناصحاً ومقترِحاً وناقِداً ومحاسِباً، تنفيذاً لأمر الله تعالى في الآيةِ المذكورة.
واللهَ تعالى نسألُ أن يكلِّلَ هذه الجهودَ بنصرٍ قريبٍ وفتحٍ عاجلٍ منه وفرحةٍ كبرى بإقامةِ الخلافة، وما ذلك على اللهِ بعزيزٍ، وما ذلك لثورةِ الشامِ الشامخةِ الصامدةِ بقليل. قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) والحمد لله رب العالمين.
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية سوريا
المهندس هشام البابا
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +905350370863 واتس http://www.tahrir-syria.info |
E-Mail: syriatahrir44@gmail.com media@tahrir-syria.info |