- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قوامة الرجل ليست تسلطاً، وطاعة الزوج ليست خنوعاً
تكثر هذه الأيام المطالبات بحرية المرأة ومساواتها مع الرجل، التي يطعنون فيها بأحكام الإسلام المتعلقة بالنظام الاجتماعي، ومنها القوامة التي صوروها سجناً وقيوداً على المرأة والفتاة يجب الفكاك والتحرر منها بأي وسيلة!
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾، والسكن هو الاطمئنان، أي ليطمئن الزوجان إلى بعضهما، ويميل كل منهما للآخر ولا ينفر منه، فالأصل في الزواج الاطمئنان، والأصل في الحياة الزوجية الطمأنينة، وحتى تكون هذه الصحبة بين الزوجين صحبة هناء وطمأنينة، بين الشرع ما لكل منهما من حقوق على الآخر، وجاءت الآيات والأحاديث صريحة في هذا الباب. قال الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي للنساء من الحقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن. وفي معنى الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لَهُنَّ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ بِالمَعْرُوفِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ مِنَ الطَّاعَةِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ".
ولكن لما كانت الحياة الزوجية قد يحصل فيها ما يعكر صفوها، فقد جعل الله قيادة البيت للرجل، وإن كل آية ذُكرت عن المرأَة في القرآن هي وثيقةٌ لكرامتها، فهي إما أمرٌ بحفظ كرامتها، أو نهيٌ عمّا يُخلُّ بكرامتها؛ مما يدل على أن المرأة تحظى في ظل الإسلام بمقام الاحترام والتقدير الرفيعين.
والقوامة ليست مقصورة على الرجل وزوجه، بل هي عامة وشاملة؛ فالأب قوام على بناته والأخ على أخواته وكل رجل مسئول عمّن تحت رعايته، فالرجل مكلف بتلبية حاجاتهن. فلماذا تؤخذ القوامةُ على أنها كتم أنفاس وانتقاص؟ ولماذا لا تُؤخذ على أنّها سعي في مصالحِهن؟! والقارئ لقوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ يجد أنّ وجه التفضيل منوط بالمهمة الملقاة على عاتق كل منهم، فالرجل عليه الكدح والضرب في الأرضِ والسعي على المعاش حتى يكفل للمرأة سبل الحياة التي تستقر بِها، ولا تضطرها للخروج إلى العمل، بل تبقى معززة في بيتها.
وهو السبب نفسه الذي جعل حق الذكر في نوع من الميراث مثل حق الأنثيين، فكما قلنا إن الرجل هو رب الأسرة وهو القوام عليها والمكلف بالإنفاق عليها، في حين إن المرأة لم يكلفها الإسلام حتى الإنفاق على نفسها، فكان من العدل إذن أن يكون نصيب الرجل من الميراث أكبر من نصيب المرأة حتى يكون في ذلك ما يعينه على القيام بهذه التكاليف الثقيلة التي وضعها الإسلام على كاهله، وأعفى منها المرأة رحمة بها وحدباً عليها وضماناً لسعادة الأسرة، بل إن الإسلام قد عدل غاية العدل في رعايته للمرأة إذ أعطاها نصف نصيب نظيرها من الرجال في الميراث مع إعفائه إياها من أعباء المعيشة، وإلقائها جميعها على كاهل الرجل.
ولكن ليس معنى قوامة الرجل على المرأة وقيادته للبيت أنه المتسلط فيه، والحاكم الذي لا يرد له أمر، بل معناها رعاية شؤونه وإدارته، ولذلك فإنّ للمرأة أن ترد على زوجِها كلامه، وأن تناقشه فيه، وأن تراجعه فيما يقول، لأنّهما صاحبان وليسا أميراً ومأموراً، أو حاكماً ومحكوماً، بل هما صاحبان جُعلت القيادة لأحدهما من حيث إدارة بيتهما، ورعاية شؤونه. وقد كان رسول الله في بيته كذلك صاحباً لأزواجه، وليس أميراً متسلطاً عليهنّ رغم كونه رئيس دولة، ورغم كونه نبياً. ففيما يروى عنْ عمر بن الخطاب أنه حدث عن نفسه قائلاً: "والله إنا كنّا في الجاهلية ما نَعُدّ للنساء أمراً حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل، وقسم لهنّ ما قسم".
فالقوامة مسؤولية شاملة ورعاية دائمة، هذا معنى القوامة الذي يحاول أعداء الدين وذوو النفوس المريضة تحريفه.
ولما كان الأب هو رئيس الأسرة، وهو قائدها والقوام عليها كان لا بد أن تكون له الولاية عليها، فكان هو الولي على أولاده الصغار والكبار غير المكلفين، ذكوراً وإناثاً، في النفس والمال، ولو كان الصغار في حضانة الأم أو أقاربها.
لكن المتتبع لواقع الغرب اليوم يجده يحاول تعبئة المرأة بأن الإسلام ظلمها وجعل كل الحقوق للرجل وهي مضطهدة الحقوق، وقاموا بإنشاء الكثير من الجمعيات والمراكز النسوية التي تدعي أنها تنصف المرأة وتعطيها حقها الذي يجب أن تطالب به، وهنا لم نجد مبررا للغربيين على ما يقومون به إلا أنهم يريدون لفت أنظار المسلمين عن قضاياهم الأساسية، وأيضا يريدون اللعب في عقول نسائنا أن المبدأ الرأسمالي أكثر صلاحية من الإسلام لينصفها، وكانت فكرة أن المرأة مظلومة بقوامة الرجل عليها من ضمن باقي الأفكار المسمومة التي يدأبون على دسها في عقول نسائنا.
ففي أيام تطبيق الإسلام الحق حيث كانت الحياة على الفطرة، عرفت المرأة نفسها وأدركت دورها وأدركت النساء قدر أزواجهن واحترمنهم، أما اليوم فإن العديد منهن يرين أن في طاعة الزوج مهانة، وفي حسن التبعل له ذلة، وفي إعطائه مكانته انتقاصاً من قدرها، وفي اعترافها له بالجميل تشجيعاً له على الاستعلاء والغرور والتسلط، مع أن شكر زوجها واحترامه، لا ينقص من قدرها بل على العكس يزيد من قدرها عنده، وطبعا بالمقابل وكما ذكرنا آنفا على الزوج مراعاة الله في معاملته مع زوجه وأن يبتعد عما يؤذيها، فللنساء على الرجال مثل الذي عليهن.
وأكثر من ذلك أيضا، فللمرأة أن تتملك وليس لأحد أياً كان أن يسلبها هذا الحق؛ فتتملك بتجارة أو هدية أو ميراث أو أي سبب من أسباب التملك، ولا يحق لزوجها أن يأخذ من مالها إلا بإذنها لأنها بوصفها امرأة ليس عليها واجب النفقة ولا إعالة أحد، بخلاف ما يقوم به الغرب؛ فالمرأة عندهم مسؤولة عن نفسها حتى في النفقة فلا نفقة لها على أحد سواء أكان زوجها أو أباها أو غيرهما ممن أوجب الإسلام عليهم النفقة، وهذه ميزة أخرى لها كامرأة، فإذا ورثت من المال الملايين فإن نفقتها تبقى على زوجها في حال وجوده، ففرض لها الميراث وأسقط عنها النفقة.
وأيضا ليكمل واجبه تجاهها باعتباره قواماً، أمره الله ألا يدعها تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا وهو معها لحمايتها مما قد تتعرض له من مخاطر السفر، وهذا ليس تقييدا لراحتها بل هي مرافقة عناية بها ورعاية لها، فالطبيعة التي خلق الله عليها المرأة تجعلها قاصرة عن القيام ببعض الأمور كدفع قاطع طريق مثلا أو توفير ما يجب من الزاد وما إلى ذلك من أمور، هي ليست عللاً عقلية لما شرع الله من واجب وجود محرم في سفر قاصد لكنها فوائد نستخلصها وكلها تنهَل في صالح المرأة.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب الإيمان وشرائعه، وأن يزين الإيمان في قلوبنا ويشرح له صدورنا وأن يُكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي (أم صهيب)