- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-01-27
جريدة الراية: لبنان جسد مصطنع يبحث عن رأس... ترشيح جعجع لعون
يشهد ملف الرئاسة اللبنانية تفاعلات متسارعة، فبعد الترشيح غير المعلن بشكل رسمي من الحريري لسليمان فرنجية، جاءت ردة فعل سمير جعجع حليف الحريري في 14 آذار، بإعلان ترشيحه لخصمه ميشال عون وذلك في مؤتمر صحفي مشترك من مقر جعجع في معراب، وقد جاء في كلمة جعجع "... ما عزز اقتناعنا بهذه الخطوة، هو التطور الإيجابي في العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لا سيما من خلال ورقة إعلان النوايا التي وقعت في حزيران من العام 2015..."
ثم تطرق إلى هذه النقاط والتي اعتبرها نواة برنامج رئاسي ومن هذه النقاط (الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف، واحترام أحكام الدستور من دون انتقائية وبعيداً من الاعتبارات السياسية والتفسيرات الخاطئة... دعم الجيش معنوياً ومادياً وتمكينه وسائر القوى الأمنية الشرعية من التعامل مع مختلف الحالات الأمنية على الأراضي اللبنانية كافة بهدف بسط سلطة الدولة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية... ضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي، وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول، ولا سيما العربية منها، مما يحصن الوضع الداخلي اللبناني سياسياً وأمنياً، ويساعد على استقرار الأوضاع، وكذلك اعتبار إسرائيل دولة عدوة، والتمسك بحق الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم ورفض التوطين واعتماد حل الدولتين ومبادرة بيروت 2002، ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية في الاتجاهين، وعدم السماح باستعمال لبنان مقراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين... ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل، بما يحفظ قواعد العيش المشترك ويشكل المدخل الأساسي لإعادة التوازن إلى مؤسسات الدولة...)
من جهته، قال عون بعد إعلان جعجع ترشيحه: "أود أن أبدأ كلمتي بشكر القوات اللبنانية لدعمي للانتخابات الرئاسية اللبنانية، طبعا بتوجيه من رئيسها الدكتور سمير جعجع، وكل ما أتى على ذكره جعجع لا شك أنه في ضميرنا وكتابنا ونحن سنعمل عليه...".
وهذه النقاط التي ركز عليها خطاب جعجع ووافق عليها عون تمس قضايا حساسة تتعلق بحزب الله الراعي للنفوذ الأمريكي في لبنان، وهذا يجعل توافق جعجع-عون له ما بعده بغض النظر عن ملف الرئاسة، وقد قال جعجع في مقابلته مع (أم تي في) "إن كان "حزب الله" جدّياً في مسألة الرئاسة سيقبل بترشيح عون وإلا فإن المشكلة ستصبح كيانية ووجودية معه، وتحالفنا مع عون سياسي وليس تحالفاً انتخابياً وسيؤدي إلى تحالف على الاستراتيجيات"..
ولهذا وعلى الرغم مما حواه هذا الإعلان من تطور لافت في ملف الرئاسة حيث إن المرشحين الرئيسين للانتخابات الرئاسية كانا جعجع وعون، وبتنازل جعجع لعون كان الأصل أن تكون الطريق معبدة لعون للوصول إلى قصر بعبدا إلا أن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر.
فلم تكن مواقف حلفاء عون في 8 آذار تختلف كثيرا عن مواقف خصومه، باستثناء حزب الله الحليف الرئيسي لميشال عون حيث آثر الصمت التام، فقد كان رد سليمان فرنجية بأنه مستمر في ترشحه، وذلك بعد زيارته بكركي ولقائه بالبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بعد إعلان جعجع تأييد ترشيح عون.!
ونسبت صحيفة السفير إلى نبيه بري قوله: "لعل الخصومة بين الرجلين كانت الأصعب والأقسى، ومن هنا فإن ما جرى خطوة متقدمة على صعيد المجتمع اللبناني عموماً وأمر إيجابي على المستوى المسيحي خصوصاً لكن هذه الخطوة ليست كافية رئاسياً" وقالت صحيفة السفير إن "بري" سيدعو حركة أمل التي ينتمي لها لمناقشة موقفها عندما "تتوافر لديه العناصر الكافية لاتخاذ القرار المناسب".، وما يتم تسريبه عن بري بخصوص موقفه من ترشيح عون يدل على أنه لا يدعم انتخاب عون.
وإذا أضفنا إلى قائمة المواقف موقف وليد جنبلاط الذي أخذ موقف الحياد السلبي وأعلن عودته للتمسك بمرشح اللقاء الديمقراطي هنري الحلو، وموقف تيار المستقبل الباقي على دعم فرنجية، تكون أوراق اللعبة الرئاسية في لبنان قد اختلطت مرة أخرى.
ويكون جعجع بتأييده ترشيح عون قد ألقى حجرا في البئر كما يقال في المثل، وفي الوسط السياسي اللبناني لن تجد عاقلا واحدا فكيف بمئة عاقل!.
وقد كشف جعجع في حديثه لمحطة (أم تي في) حقيقة موقفه فقال: "رئاسة الجمهورية في مكان واحد لا غير وهي عند حزب الله وإذا الحزب جديّ بانتخاب رئيس للجمهورية فغدا يتم انتخاب النائب عون رئيسا". "الاستحقاق الرئاسي يتوقف اليوم عند مدى جدية حزب الله بانتخاب رئيس لذلك يمكنه جمع كل قوى 8 آذار ليتفقوا على انتخاب عون". وتابع: "عون مرشح 8 آذار وبالتالي بالحد الأدنى يجب أن تكون 8 آذار جدية بهذا الترشيح وحزب الله أكد أنه مع عون حتى النهاية ووصلنا إلى النهاية اليوم فعليه إثبات ذلك". وقال إنَّ "المسألة اليوم تقف عند "حزب الله" بكل صراحة وبكل وضوح ومدى جديّته بسد الفراغ الرئاسي". وشدد على أن "حزب الله والرئيس نبيه بري في تنسيق دائم والنائب عون مرشح 8 آذار وعليهم تأمين النصاب لانتخابه".
فظهر أن جعجع أراد خلط الأوراق ورمي الكرة في ملعب حزب الله لإحراجه، وضرب تحالفه مع عون لذلك وصف عون بقوله "اخترنا عون للرئاسة لأن فرنجية 8 آذار أصلي بينما الجنرال 8 آذار تايواني أي تقليد." فهو يعرّض بهذا التحالف، وبجدية حزب الله في ترشيح عون، بل بجديته في إنهاء ملف الرئاسة.
وعلى الرغم من محاولة جعجع تلطيف الأجواء فيما يتعلق بعلاقته بالسعودية التي يظهر أنه قام بترشيح عون على الرغم من مطالبة السعودية له بعدم فعل ذلك فقال "كان هناك ضوء أخضر من السعودية بشأن ترشيح فرنجية ولكن عندما رأوا أن هناك معارضة مسيحية كبيرة لهذا الترشيح فلم تعارض على الأمر ولذلك بعد عدة أيام من الترشيح قالت إنها لا تتدخل في مسألة الرئاسة اللبنانية"..
ويبدو أن السعودية على الرغم من محاولتها استمالة جعجع بعد تغير الحكم فيها لعملاء أمريكا حيث استقبلت جعجع استقبالا غير مسبوق. ومع هذا فقد أنهى زيارته إلى السعودية بزيارة إلى قطر، وكأنه يبعث رسالة إلى أمريكا أن ولاءه الأوروبي لم يتغير! واللافت أن أول رد فعل إقليمي رسمي كان من قطر حيث وصف وزير خارجيتها قرار جعجع ترشيح ميشال عون للرئاسة بـ"الحكيم".
وعلق جعجع على موقف قطر بقوله: "نحن أصدقاء مع القيادة القطرية وهناك علاقة شخصية مع الخارجية القطرية والموقف القطري موقف طبيعي. وعلاقتي قوية بقطر والسعودية، والسعودية تقول إن اللبنانيين يعرفون مصلحتهم أكثر من أي شخص آخر". مما يدل على أن الراعي الإقليمي لموقف جعجع هي قطر ومن ورائها بريطانيا.
ومع ذلك فإنه على الرغم من اختلاط الأوراق في لبنان إلا أن ملف الرئاسة بقي بيد عملاء أمريكا، وبحسب موقع "جنوبية" اللبناني: "فإن أحد المسؤولين الإيرانيين الكبار، قد أبلغ بعض المعنيين مؤخراً، بأن كل ما يجري في لبنان، لا قيمة له، وهو ليس أكثر من مجرد خلط جديد للأوراق، من شأنه أن يعيد الأمور إلى النقطة الصفر، من دون إحداث أي تقدّم أو تغيير في المعادلة. لا بل إن الاصطفافات ستبقى على ما هي عليه، مع الإشارة إلى أن إيران، على المدى البعيد، هي الرابح الوحيد من كل ما يجري، وأولى تباشير ذلك تلخص بأن أصبح المرشحان لرئاسة الجمهورية اللبنانية ينتميان إلى المحور الإيراني. وتضيف المعلومات أن المسؤول الإيراني أبلغ الجميع بأنه لن يكون هناك انتخابات في لبنان قبل تبلور الحلّ السوري، وخصوصاً مصير رئيس النظام بشار الأسد..."
وعلى هذا يعود لبنان إلى معادلة الأزمة في سوريا، ليكون لبنان هو جائزة لمن يربح سوريا!
بقلم: عبد الله المحمود
المصدر: جريدة الراية