- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-02-24
جريدة الراية: وقف السعودية للمساعدة العسكرية للبنان تقوية للنفوذ الأمريكي وإضعاف للنفوذ الأوروبي
أعلنت السعودية يوم الجمعة 19 شباط/فبراير 2016 وقف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وقدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي، كما أكدت "وقف ما تبقى من المساعدة المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني والمقدرة بمليار دولار أمريكي. وقد نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر سعودي مسئول قوله إن "المملكة أوقفت مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبناني نظرا للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين". وتابع "في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد".
والمنحة السعودية للجيش وقوى الأمن اللبناني أقرت في فترة حكم عبد الله بن عبد العزيز في نهاية عام 2013 على أن يتم شراء أسلحة من فرنسا بها، وقد علقت صحيفة الفايننشال تايمز على المنحة السعودية بقولها "إن السعودية اتخذت خطوة لمواجهة القوة الإقليمية الصاعدة المتمثلة في إيران وحزب الله وسوريا، وهي أيضا خطوة تزدري واشنطن، فقد أقدمت على شراء الأسلحة الفرنسية على حساب الأمريكية بالأموال السعودية." (آي نيوز عربية 2013/12/30م نقلا عن البديل).
وذلك لأن السعودية في فترة حكم عبد الله بن عبد العزيز عميل الإنجليز كانت تخدم نفوذ أوروبا في المنطقة، فكانت الصفقة موجهة لتقوية النفوذ الأوروبي في لبنان في الجيش والقوى الأمنية من خلال فرنسا التي تحظى بولاء ثقافي في لبنان، وتفويضها بتسليح الجيش وقوى الأمن اللبناني لا يتوقف على بيع السلاح فقط بل يستلزم تأهيل الكوادر البشرية لاستخدام المعدات والآليات والأسلحة الجديدة، بالإضافة إلى الحاجة لعمليات الصيانة الدائمة، وقطع الغيار والذخيرة، وكان هذا كله لو تم سيعني تقوية النفوذ الأوروبي في الجيش اللبناني بالتزامن مع تقوية الجيش في مقابل حزب إيران في لبنان الذي يحمي النفوذ الأمريكي في لبنان.
ومع تغير الطبقة الحاكمة في السعودية بصعود عملاء أمريكا للحكم، كان من الطبيعي أن يوقف عملاء أمريكا في السعودية أي مشروع موجه ضد مصالح أمريكا أو نفوذها في المنطقة. وقد ذكر موقع المرصد أونلاين عن صحيفة اللوموند الفرنسية في 2016/1/20(كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنّ الرياض تسدّ الطريق للحؤول دون تنفيذ العقد الذي أجراه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز مع فرنسا من أجل تسليح الجيش اللبناني. ولفتت الصحيفة إلى أنّ النقاش في تسليم الهبة السعودية بقيمة مليارين و300 مليون دولار عادَ إلى مجراه الطبيعي في نهاية 2015 بعد أن كانت جمّدت منذ نيسان 2015، خلال تسليم الدفعة الأولى من الأسلحة للجيش... وبحسب "لوموند"، فإنّ ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان يضع إطارًا جديدًا للعلاقات الثنائية بين فرنسا والسعودية. وكشفت أنّ بن سلمان بعث مؤخرًا رسالة إلى باريس طالب خلالها بإبعاد وكالة تصدير الأسلحة الفرنسية "ODAS" التي أجرت عقودًا بأكثر من 100 مليار يورو بين البلدين خلال الأعوام الممتدة بين أعوام 1974 و2014، عن صفقات الأسلحة الفرنسية للمملكة السعودية. وأوضحت الصحيفة أنّ "الأمير لا يرغب بوسطاء ويريد إجراءات جديدة لبيع الأسلحة"... وتابعت "لوموند": "منذ عام، منعت أمور عدّة تنفيذ الاتفاق وتحويل هبة السعودية إلى الجيش، وأبرزها كان الغموض في السياسة اللبنانية، والشغور الرئاسي والتشكيلات الجديدة في الرياض التي تلت رحيل الملك عبد الله".
فتوقف المنحة السعودية لم يكن وليد اللحظة أو ردا على موقف الخارجية اللبنانية من حادثة مدينة "مشهد"، بل بدأ تعليق المنحة مع بداية تسلم عملاء أمريكا للحكم في السعودية، ومن ثم وضعت العراقيل أمام إتمام الصفقة ليتم إلغاؤها لاحقا.
والظن بأن تصرف السعودية هذا موجه ضد حزب إيران في لبنان ظن خاطئ، لأن المستفيد من إبقاء تسليح الجيش وقوى الأمن بيد أمريكا، وبالحد الذي يضمن بقاء القوى العسكرية للدولة دون حزب إيران في لبنان يصب في مصلحة بقاء حزب إيران في لبنان الحامي للنفوذ والمصالح الأمريكية، على الأقل في الوقت الراهن إلى أن تقتضي مصالح أمريكا تقوية الجيش وقوى الأمن وقصقصة أجنحة حزب إيران في لبنان، وهذا ليس واردا حتى الآن.
كما أن التغير في الطبقة الحاكمة في السعودية بعد وفاة عبد الله بن عبد العزيز وتسلم عميل أمريكا سلمان بن عبد العزيز وتعيين عميلها المفضل محمد بن نايف وليا للعهد، وتعيين الطارئ على الحكم محمد بن سلمان وليا لولي العهد مع إمساكه بزمام قرار والده، هذا التغير انسحب على تيار 14 آذار بشكل عام وعلى تيار المستقبل بشكل خاص، وبدأ يظهر في التيار عدم الانسجام مع متطلبات تغير العمالة في الراعي السعودي، وهذا كان بارزا في اختلاف المواقف من ترشيح الحريري لفرنجية ليس فقط داخل تيار 14 آذار بل داخل تيار المستقبل نفسه، وقد ترتب على ذلك ظهور بوادر تشظي في التيار، ومناكفات لزعامة الحريري للتيار، ومن ذلك انسحاب وزير العدل أشرف ريفي من جلسة مجلس الوزراء اعتراضاً على عدم إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي ورد سعد الحريري السريع على ذلك بتغريدة على تويتر بقوله "موقف الوزير ريفي لا يمثلني ولا يزايدنّ أحد علينا باغتيال وسام الحسن أو محاكمة سماحة فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه"، وكذلك اعتراض أشرف ريفي العلني على ترشيح الحريري لسليمان فرنجية للرئاسة، والذي استدعى زيارة أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري إلى طرابلس وإعلانه "ألا كلمة تعلو على كلمة سعد الحريري في تيار المستقبل".
وقد كان من المتوقع أن تؤثر تلك التغييرات في تركيبة التحالفات السياسية في لبنان بحيث تبرز تحالفات جديدة تنهي حقبة ثنائية 8 و14 آذار، ولعل استقالة أشرف ريفي من الوزارة واتخاذه هذا القرار بعيدا عن تيار المستقبل يشكل بداية لإعادة تموضع التحالفات في لبنان. فقد صرح ريفي لـ"العربي الجديد" في 2016/2/21 "بأنه لم يعد يحتمل أن يكون شاهد زور على تآكل الدولة لصالح دويلة "حزب الله، معلناً أن استقالته من أجل "قلب الطاولة" بوجه مشروع الحزب "إذ يجب على أحد مواجهة هذا الأمر"، على حد قوله. وأكّد ريفي، أنه لم يستشر أحدا قبل إقدامه على الاستقالة، وتابع: "أنسّق مع نفسي وليس مع أي أحد آخر، ولن أكون شاهد زور"، .. يشير إلى أنه قام بهذه الخطوة، لمنع تقديم المزيد من التنازلات..".
وسيبقى لبنان أسيرا بيد العملاء والوكلاء تغمره نفايات الفساد السياسي أكثر مما تغمره نفايات المنازل إلى أن يعود لأصله الذي كان عليه جزءا من بلاد الشام في دولة الخلافة على منهاج النبوة!
بقلم: عبد الله المحمود
المصدر: جريدة الراية