الأربعاء، 23 صَفر 1446هـ| 2024/08/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
جريدة الراية: أنشطة تطوير الصواريخ في شبه القارة الهندية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Raya sahafa

2017-03-22

 

جريدة الراية: أنشطة تطوير الصواريخ في شبه القارة الهندية

 

السؤال: (في الآونة الأخيرة كانت هناك سلسلة من أنشطة إطلاق الصواريخ في شبه القارة الهندية، وفي الأول من آذار/مارس 2017م اختبرت الهند منظومة صواريخ اعتراضية متقدمة على جزيرة عبد الكريم (قبالة ساحل أوديشا في خليج البنغال). في وقت سابق من هذا العام، اختبرت باكستان نظام صواريخ (أبابيل)، والتي يصل مداها إلى 2200كم، وهي قادرة على حمل رؤوس متعددة. فهل هذه التجارب الصاروخية جزء من سباق تسلح جديد بين الهند وباكستان؟ وما مدى الآثار الإقليمية لهذه التجارب؟). وجزاك الله خيرا.

 

الجواب: إن التجارب الصاروخية في الهند وباكستان هي استمرار لجهود البلدين في تحقيق البقاء النووي من خلال تطوير القدرة على القيام بالضربة الثانية، ولفهم هذا الأمر بشكل أفضل فإنه من الضروري فهم خلاصة سباق التسلح النووي في شبه القارة الهندية.

 

1- تسعى الدول إلى امتلاك الأسلحة النووية لسببين أساسيين؛ الأول: هو مضاعفة التفوق العسكري التقليدي، فمثلا كوريا الشمالية تؤكد هذا التوجه، فهي تعتبر الأسلحة النووية أساسية للتغلب على التفوق العسكري التقليدي لكوريا الجنوبية ومشاكسة أمريكا التي لديها الآلاف من القوات المتمركزة في المنطقة الكورية منزوعة السلاح... الثاني: هو مواجهة الدول المسلحة نوويا، فمثلا عندما فشل الاتحاد السوفيتي في توسيع المظلة النووية لتشمل الصين خلال الحرب الكورية، عمدت الصين للحصول على سلاحها النووي، ما دفع الهند لمواصلة برنامجها النووي، الأمر الذي أدى بدوره لسعي باكستان لإطلاق برنامجها النووي، وهكذا سعت الدول الثلاث للوصول إلى حالة من التكافؤ النووي مع بعضها بعضاً لمنع وقوع هجمات نووية محتملة بينها:Waltz, K. (1981). The Spread of Nuclear Weapons: More May Be Better: Introduction. The Adelphi Papers, 21(171), pp.383-425.

 

2- مع ذلك فإن مجرد حيازة الرؤوس الحربية النووية ليست كافية لردع الخصوم النوويين عن الأعمال القتالية، فحتى تتحقق غاية الردع النووي يجب أن تكون لدى الدول التي تمتلك الرؤوس النووية القدرة على حماية ترسانتها النووية من أي هجوم محتمل. القدرة على إطلاق الرؤوس الحربية النووية وإصابة الأهداف النووية للخصوم تسمى الضربة الأولى، والقدرة على استيعاب الضربة الأولى وإطلاق ضربة نووية انتقامية يعرف باسم الضربة الثانية، أي أنها قادرة على البقاء على قيد الحياة نتيجة الضربة الأولى ولها رؤوس حربية نووية كافية لمواجهة الضربات، وهذا ما يسمى بالثالوث النووي، وهو يوجد عندما تمتلك الدولة غواصات قادرة على إطلاق صواريخ نووية، حيث يصعب اكتشاف الغواصات ولديها القدرة على تسديد ضربة مضادة تشل قدرة الطيران.

 

3- الردع النووي بين الدول النووية يعمل بشكل جيد عندما تمتلك كلتا الدولتين القدرة على الضربة الثانية، وهذا يضمن حصول دمار متبادل لكلا الطرفين، والخوف من هذا يمنع الطرفين من شن الضربة الأولى، والاستراتيجيون النوويون يطلقون على هذه الحالة بالدمار المتبادل المؤكد (MAD). بالتالي خلافاً للأسلحة التقليدية فإن القيمة الحقيقية للأسلحة النووية هي ردع العدو من استخدام سلاحه النووي.

4- منذ بدأت الهند وباكستان بالتجارب النووية في عام 1998م، سعى العلماء النوويون والاستراتيجيون والسياسيون لتطبيق نظرية الردع النووي المذكورة أعلاه على أرض الواقع، وبسبب ظاهرة الدمار المتبادل المؤكد (MAD)، يعتقد كلا الجانبين أن السلام النووي موجود على شبه القارة، وهذا هو المحرك الرئيسي وراء التطور السريع لتكنولوجيا الصواريخ، وتصغير الرؤوس النووية لحملها على الصواريخ، وتطوير عمليات الإطلاق. في الوقت نفسه، لا بد من استخدام منظور الردع النووي لفهم التجارب الصاروخية الأخيرة بين الهند وباكستان، على مدى العقد الماضي كان هناك تقدم في تكنولوجيا الصواريخ وحول تأمين خيار الضربة الأولى عند كلا الجانبين، مع ذلك تشير التطورات الأخيرة إلى بذل جهود أكبر للحفاظ على خيار الضربة الثانية، انظر في الأمثلة التالية:

 

أ- غواصات الصواريخ الباليستية (SLBM): في التاسع من كانون الثاني/يناير 2017م، أجرت باكستان تجربة ناجحة لصاروخ (بابور3) من مكان غير معلوم في المحيط الهندي، حيث أطلقت صواريخ كروز من تحت الماء كان مداها 450 كم، وأجريت في البحر لتفادي اكتشافها، وقد قال الجيش الباكستاني إنه كان لتجريب صاروخ (بابور 3) الذي يعطي إسلام أباد القدرة على تسديد "الضربة الثانية": https://www.wsws.org/en/articles/2017/02/28/inpk-f28.html، مع ذلك، فإن باكستان لا تمتلك غواصات نووية وتضطر إلى حمل (بابور3) في غواصات تعمل بالديزل والكهرباء، والتي لديها قدرة محدودة على البقاء تحت الماء. وقد كان (بابور3) الباكستاني رداً على منظومة الصواريخ الهندية (K4) التي تطلق من قبل غواصات الصواريخ الباليستية الهندية (SLBM) والتي تم إطلاقها في شهر 5/2014، ويصل مداها إلى 3000 كم، ويمكن أن تصل إلى باكستان والصين، وهكذا فإن الهند وباكستان تمتلكان القدرة على الضربة الثانية.

 

ب- المركبات متعددة الاستهداف (MIRV): نفذت الهند اختبارات لصاروخين لهما القدرة النووية في كانون الأول/ديسمبر 2016م وكانون الثاني/يناير 2017م. الأول هو (اجنى-V)، وهو صاروخ أرض أرض باليستي يعد تطوراً سريعاً للترسانة النووية. والثاني (اجنى الخامس) الذي يحمل رؤوساً نووية متعددة الأهداف يصل مداها إلى 5000 كم. بالإضافة إلى ذلك، في كانون الثاني/يناير 2017م اختبرت نيودلهي (اجنى الرابع)، وهي المنظومة التي يصل مداها إلى 4000 كم. صاروخ (اجنى الخامس) يعطي إمكانية ضرب الأهداف النووية التي تقع في الصين... وفي هذا العام، اختبرت باكستان نظام صواريخ (أبابيل) التي لديها قدرات (المركبات متعددة الاستهداف MIRV)، وفي بيان صدر عن الجيش الباكستاني ذُكر فيه ما يلي: "أجريت أول عملية ناجحة لاختبار صواريخ (أبابيل) أرض أرض الباليستية التي يصل مداها إلى 2200 كم، وقادرة على حمل رؤوس متعددة، وذلك باستخدام تكنولوجيا (MIRV)، وقادرة على التعامل مع أهداف متعددة عالية الدقة وهزيمة رادارات العدو المعادية": https://www.dawn.com/news/1310630، وتم تصميم صواريخ (أبابيل) باكستان لتطغى على دفاعات الصواريخ الباليستية الهندية للدرع النووي. كما أن الهند تختبر بنشاط صواريخ اعتراضية مثل (Ashvin) لإسقاط صواريخ نووية باكستانية محتملة. من خلال نشر تكنولوجيا (MIRV)، يمكن لصاروخ نووي واحد أن يتحول إلى صواريخ نووية عدة، مما يجعله يبطل قدرة الصواريخ الاعتراضية.

 

5- مما لا شك فيه أن سباق التسلح النووي بين الهند وباكستان هو للتجهيز لخيار الضربة الثانية الذي سيقلب التوازن النووي مع منافسة الهند (أي الصين)، بينما تعمل الصين على الحد الأدنى فقط من مسألة الردع النووي. وتطوير الهند السريع لتكنولوجيا (MIRV) والغواصات التي تحمل الصواريخ قد شجع قادتها، فقد صرح قائد الجيش الهندي (الجنرال بيبين راوات) أن بلاده "مستعدة لخوض حرب على جبهتين" مع باكستان والصين في وقت واحد:

 

http://www.ibtimes.co.uk/india-prepared-two-front-war-pakistan-china-says-new-army-chief-1599031

 

واختبار صاروخ (اجنى الخامس) الهندي قد أغضب الصين، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (Chunying): "إن لدى مجلس الأمن للأمم المتحدة لوائح واضحة بشأن ما إذا كان يمكن للهند أن تطور الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية"، وذهبت الوزارة إلى القول بأن طموحات الهند مع (اجنى خمسة) قد يكون المقصود منها مواجهة الصين: http://www.upi.com/Defense-News/2016/12/27/India-tests-Agni-V-ballistic-missile-tensions-with-China-rise/9001482862013/.

 

6- لا يمكن أن تكون الهند قد تبنّت هذه السياسة الاستفزازية دون الدعم الأمريكي عبر اتفاقية (123) التي وقّعت في عام 2005م، والتي مكنتها من الحصول على إمدادات ثابتة من الوقود النووي لمفاعلاتها المدنية، بالتالي استخدام الوقود النووي في البرنامج النووي الهندي، وقد أشارت إدارة ترامب بوضوح أنها تريد البناء على التقدم الذي أحرزته الإدارات الأمريكية السابقة للهند، ففي 8 شباط/فبراير 2017م أشاد وزير الدفاع الأمريكي (الجنرال جيمس ماتيس) في اتصال هاتفي له مع نظيره الهندي (مانوهار باريكار) "بالتقدم الهائل" الذي أحرزته الهند في "السنوات الأخيرة" وأشار إلى "التعاون المشترك بين البلدين في مجال الدفاع"، وقال إن الإدارة الجديدة حريصة على "الحفاظ على الزخم والبناء عليه":

 

https://www.wsws.org/en/articles/2017/02/15/inus-f15.html.

 

ومن المتوقع أن تواصل أمريكا استغلال سباق التسلح النووي في شبه القارة لتوريط الصين في سباق تسلح نووي، وهدف أمريكا من ذلك هو إبعاد الصين عن النشاط الاقتصادي إلى النشاط العسكري، ليسهُل انهيار الصين، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتي. في الوقت الراهن ما زالت الصين تحافظ على الحد الأدنى للردع النووي وترفض الانجرار إلى سباق التسلح النووي.

 

12 جمادى الآخرة 1438هـ

2017/3/11م

 

المصدر: جريدة الراية

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع