- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2020-12-09
جريدة الراية: أستراليا تؤكد ارتكاب جنودها جرائم حرب في أفغانستان
لسنواتٍ طويلةٍ بعد انخراط أستراليا في الاحتلال الأمريكي لأفغانستان بعد حادث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام ألفين وواحد، ظلّ كثير من المتابعين وعبر حساباتهم في وسائل التواصل المختلفة يبلِّغون عن جرائم حرب ارتكبتها القوات الأسترالية في أفغانستان، تلك الجرائم التي استهدفت المدنيين غير المحاربين والأسرى والأطفال، ومن تلك الجرائم ما كان بأوامر من كبار الضباط لجنودهم بممارسة القتل من أجل تدريبهم على القتل وتعويدهم على رؤية الدماء والجثث، بل ووصل الأمر إلى القتل من أجل التسلية!
كانت ردة فعل الحكومات الأسترالية ولسنواتٍ طويلة هي إغلاق حسابات أولئك المبلِّغين ومهاجمة الشرطة للصحفيين ووسائل الإعلام التي كانت تنشر تلك التبليغات، في محاولةٍ منها لإخفاء وطمس تلك الجرائم.
لكن بعد أن لم يعُد بقدرة الحكومة الأسترالية وقف تداعيات تلك الجرائم وأخبارها، وبعد أن تأكدت الحكومة الأسترالية أن هناك خطراً يتهدد جنودها وضباطها المشاركين في تلك الجرائم وتقديمهم إلى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، قررت الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوة تضليلية وقائية بقيامها بالتحقيق الداخلي في الموضوع والاعتراف بوقوع تلك الجرائم وتقديم مرتكبيها للقضاء الأسترالي، وهذا قد يحول دون مثولهم للمحكمة الدولية.
تحدثت الحكومة الأسترالية عن عدد محدود من الجنود والضباط المنخرطين في تلك الجرائم وأحالت تسعة عشر فرداً منهم للقضاء من أصل خمسة وعشرين متهماً، وتحدثت عن ثلاث وعشرين حالة قتلٍ طالت تسعةً وثلاثين أفغانياً.
السياسيون الأستراليون مثل غيرهم من السياسيين اليوم يتقنون فن الخداع والمراوغة، ولا يقيمون للإنسان قيمة، بل وأحياناً كثيرة لا يقيمون حتى لمصالح شعوبهم الحقيقية أي اعتبار عبر تبعيتهم العمياء للدول العظمى.
بالأمس عندما شاركت أستراليا أمريكا في احتلالها للعراق، تحت ذرائع كاذبةٍ وأكاذيب مفبركة حول مدى خطورة الرئيس العراقي صدام حسين وعلاقة نظامه بتنظيم القاعدة وموضوع أسلحة الدمار الشامل وحاويات المواد الكيماوية، وفي مقابلة شهيرة عام ألفين وأربعة عشر أجرتها الإعلامية جانيت ألبريكسن مع رئيس الوزراء الأسترالي آنذاك جون هاورد والذي اتخذ قرار المشاركة في ذلك الاحتلال، وعندما واجهته الإعلامية بالسؤال المحرج عن شعوره بعد انكشاف تلك الأكاذيب وتقارير أجهزة المخابرات المفبركة التي قادت إلى حرب طاحنة دمرت العراق وأعادته إلى العصر الحجري وقتلت وجرحت وشرّدت الملايين من أهل العراق، لم يعترف أبداً بالخطأ أو الجريمة ولم يعتذر للعراق وأهله ولكنه أعرب عن شعوره بالخجل لانطلاء التقارير الكاذبة عليه!
ومع أن بعض القادة العسكريين الأستراليين قد حذروا من عواقب ما جرى ووجوب أخذ الدروس والعبر، إلا أن السياسيين لم يستمعوا إليهم.
فقد صرح الجنرال المتقاعد بيتر ليهي الذي كان قائداً للجيش أثناء احتلال العراق لتلفزيون هيئة الإذاعة الأسترالية يوم الخميس 2016/7/7م "أن على أستراليا أن تحذر من الانسياق بشكل أعمى مع شركائها الدوليين"، وتابع القول، "بصراحة بعض القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال العشرين أو الثلاثين عاماً الماضية كانت مخادعة إلى حدٍّ ما".
إن السياسيين الأستراليين كغيرهم من السياسيين الغربيين يعمدون إلى التنصل من جرائم الحروب والقتل الكبرى والتي يذهب ضحيتها الملايين في الحروب الاستعمارية الظالمة، تحت ذريعة أن تلك الحروب وذلك القتل هو "قانوني" ويسبغون عليها صفة القتل المشروع!
إن محاكمة بعض الجنود والضباط على بعض الجرائم الصغرى والمحدودة بعد انكشاف أمرها ولحمايتهم من الملاحقات الدولية لا يؤشر أبداً على عدل أو عدالة عند تلك الدول.
إن التوقف عن الانخراط في حروب الدول الكبرى الاستعمارية هو المطلوب الأول لوقف جرائم الحرب التي يدفع ثمنها الأبرياء والتي قد تطال آثارها وتداعياتها حتى شعوب تلك الدول.
بقلم: المهندس إسماعيل الوحواح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أستراليا
المصدر: جريدة الراية
#أفغانستان
Afghanistan#
Afganistan#