الأحد، 02 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/03م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2021-09-01

 

 

جريدة الراية: الانسحاب من أفغانستان

أسبابه وتداعياته

 

الانسحاب من أفغانستان ليس وليد إدارة رئيس أمريكا الحالي جو بايدن وإنما تم الحديث فيه في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما حيث أوضح مقال "ڤوكس" أن إدارة أوباما الجديدة ناقشت في عام 2009م ما إذا كان ينبغي زيادة مستويات القوات في أفغانستان بعد ما يقارب من ثماني سنوات من الحرب التي فشلت في إخماد تمرد قوات طالبان التي أطيح بها، وقال بايدن في أحد الاجتماعات إنه من غير المسؤولية إضافة مزيد من القوات في أفغانستان، وأضاف: "نحن نطيل فقط أمد الفشل".

 

في عام 2015م كتب العديد من الساسة الأمريكيين أن أمريكا خسرت الحرب بالفعل منذ سنوات في أفغانستان وأن المهمة الوحيدة المتبقية هي: "درء الانهيار المحتوم لأفغانستان مؤقتاً" (القدس العربي).

 

وقبل الحديث عن تداعيات الانسحاب لا بد من بحث أهم أسبابه:

 

أولاً: الانسحاب الأمريكي من أفغانستان جاء لطبيعة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بعد استراتيجية (المحافظين) التدخل الأمريكي المباشر في الحروب في البلاد الإسلامية؛ خاصةً ما نتج عن هذا التدخل من إخلال كبير في قدرة أمريكا على المتابعة والمضي قدماً تحت وطأة أزمات وتحديات كبرى، ومن أبرزها:

 

١- أزمة مبدأ بتخلي الكيان عن حمل المبدأ خارجياً؛ بحيث أصبح الاستعمار غاية بدل كونه طريقة، فضلاً عن إدخال منظومة تشريعات من غير المبدأ داخلياً.

٢- أزمة قيادة العالم وبداية الحديث عن تراجع القيادة الأمريكية للعالم وبروز فكرة تعدد الأقطاب والقوى.

٣- أزمة وحدة المجتمع في أمريكا وبداية التشرذم.

٤- أزمة وحدة القرار السياسي، واختلاف السياسيين بين المؤسسات الأمريكية والأحزاب والشركات.

٥- تحديات مكافحة الإرهاب عالمياً بل وداخلياً (الإرهاب الداخلي) باعتراف بايدن.

٦- مواجهة الصعود الكبير لقوى جديدة نتيجة اختلال النظرة لديمومة القيادة العالمية، واضطرار أمريكا لابتداع استراتيجية القيادة من الخلف بعدما كلفها التدخل المباشر؛ من خلال استخدام الأدوات والعملاء والدول في مقدمة الصراعات والحروب نيابة عن أمريكا وخدمة لها، وإعادة استراتيجية التعاون والشراكة والمشاركة بعد قطيعة في زمن ترامب، وتفعيل دور تلك الأدوات والعملاء بعد استحالة نظرية التفرد العالمي، ومحاولة التفرغ لخطر ممكن قادم وهو صعود قوى دولية أخرى، واستحالة الاحتواء إن تم التأخر، والسكوت عليها مع تراجع مركز أمريكا نتيجة الأزمات.

 

ثانياً: كلفة الحرب؛ نذكر ما ورد في الأخبار حيث أنفقت أمريكا أكثر من 2 تريليون دولار على الحرب في أفغانستان خلال 20 عاماً، منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001م، وأظهرت وثائق أمريكية أن الميزانية التي أُنفقت في أفغانستان تجاوزت الـ300 مليون دولار يومياً، تشمل هذه الأرقام الرئيسية 800 مليار دولار من تكاليف القتال الحربي المباشرة و85 مليار دولار لتدريب الجيش الأفغاني.

 

وقد كلفت الحرب في أفغانستان أمريكا خسائر بشرية كبيرة، إذ بلغ عدد الجنود الأمريكيين الذين قضوا هناك حوالي 2500 جندي، كما قُتل ما يقارب 4000 متعاقد مدني أمريكي.

 

كما أودت الحرب في أفغانستان بحياة نحو 69 ألف شرطي عسكري أفغاني و47 ألف مدني، بالإضافة إلى 51 ألفاً من مقاتلي المعارضة، وبلغت تكلفة رعاية 20 ألف ضحية أمريكية حتى الآن 300 مليار دولار.

 

ويقدر باحثو جامعة براون أنه تم بالفعل دفْع أكثر من 500 مليار دولار من الربا المدرج في المبلغ الإجمالي البالغ 2.26 تريليون دولار،كما يتوقع الباحثون أنه بحلول العام 2050م يمكن أن تصل تكلفة الربا وحده على ديون الحرب الأفغانية إلى 6.5 تريليون دولار. (يورو نيوز).

 

ونخلص بنتيجة مهمة جداً وهي أن أمريكا أخفقت من ناحية عسكرية بشكل كبير، وهي تعلم أن الأمة الإسلامية أمة جهاد ولا تُغلب في ميادينه، ولكن للأسف لا زالت ضعيفة في ميادين الوعي السياسي، فهي تُخدع وتُضلل وهذا أمر تدركه أمريكا والغرب عموماً، فانتقلت من الهزيمة العسكرية إلى ميادين المفاوضات التي تجيدها، بعد أن قامت بأمور عدة منها قتل كل القادة الذين يرفضون طريق المفاوضات بالاغتيالات والتصفية، وإبراز قيادات جديدة تؤمن بالمفاوضات طريقاً وبالحوار منهجاً، وثمة أمر آخر وهو أن طالبان ورثت من مدرسة باكستان خللاً فكرياً ألا وهو القبول بفكرة الدولة القُطرية؛ لا بل قُزّمت بفكرة الإمارة، وهذه الفكرة خطرة على العمل للإسلام وضَربٌ له، لأن الإسلام لا يُحشر في مكان ويُغلق عليه، ولو سلمنا جدلاً بُحسن التطبيق داخلياً، فكيف يُلغى حمل الإسلام والعمل له خارجياً؛ كحكم الجهاد والعلاقات الدولية وأحكام الحرب والمعاهدات وأحكام دار الإسلام ودار الحرب؟!

 

ألم تتعلم طالبان حين اعترف الملا عمر بخطأ عدم إعلان الخلافة؟!

 

ألم تتعلم طالبان من دور باكستان واستخباراتها في البناء والهدم لمصلحة أمريكا؟ ألا تقرأ دورها في كشمير والعلاقة مع الهند وخيانتها لمجاهدي كشمير؟! هل تؤمنون بدور إيران التي أذاقتكم الويلات في إقليم الشمال؟! ألم يعترف قادة إيران بدورهم في احتلال أفغانستان والعراق، وأنه لولاهم لغرقت أمريكا هناك؟ ثم أي ثقة هذه في تركيا ثاني أكبر قوة للأطلسي ودورها في الاحتلال واضح وكذلك دورها مع دول الكفر في محاولة تثبيت النظام العميل وعروضهم المتكررة بحماية المطار؟! أي علاقة تلك مع روسيا المجرمة التي فعلت فيكم الأفاعيل وأقامت عليكم نظاماً شيوعياً مجرماً؟! أي ثقة بأمريكا وقد تعهدتم بعدم المساس بخروجهم والتعرض لمصالحهم وضبط حركة المجاهدين بعد أن أصبحتم أيقونة الجهاد؟! لقد جعلتم لأمريكا من الهزيمة مخرجاً يفتخر به بايدن، وقدمتم لهم التنازلات تلو التنازلات! لقد آن الأوان للفئة المخلصة أن تأخذ على يَـد من سار بطريق المفاوضات، وفي هذا النفق المظلم.

 

وختاماً: لله الأمر من قَبل ومن بعد، وسينتصر هذا الإسلام على يد فئة حملت الإسلام مشروعاً سياسياً وأبصرت خُبث الغرب وجرائمه وطرائقه، ووعت طريق الحق والتزمت به.

 

بقلم: الأستاذ حسن حمدان

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع