السبت، 30 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/11/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2023-02-15

 

جريدة الراية: دور المرأة في نصرة الدعوة

والعمل لإقامة الدولة

 

 

جعل الإسلام منزلة المرأة عظيمة، ومكانتها عالية، ولها دور كبير في شتى مناحي الحياة. ومن أهم أدوارها نشر الدعوة الإسلامية، فهذا واجب على المرأة، كما هو واجب على الرجل، ولا يعفيها من هذا الواجب كونها امرأة، فإن إيجاد الدولة الإسلامية من أعظم الواجبات. وما يعانيه المسلمون اليوم، من تمزق وضعف وهوان وذل وخنوع وتأخر، ما هو إلا نتيجة من نتائج عدم وجود خليفة للمسلمين يرعاهم ويوحدهم في دولة الخلافة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقد فهم المسلمون الأوائل هذا الأمر، فآمنوا بذلك والتزموا بتكاليف حمل الدعوة رجالا ونساء.

 

وتحملت النساء المسلمات أعباء الدعوة في مكة والمدينة كما تحملها الرجال؛ حيث كان للمرأة وما زال دور عظيم ومهم في نجاح الدعوة وانتشارها من أول نزول الوحي على الرسول ﷺ حين رجع الرسول إلى زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وقص عليها ما حدث معه وهو يرتجف، فطمأنته وهدأت من روعه، وشدت من أزره، وكانت أول من آمن به وصدّقه ووقفت بجانبه تثبته وتسانده بنفسها ومالها، وتمسح عنه أثر شدة ما يلاقيه من عنت القوم وقسوتهم عليه، وقال فيها ﷺ: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا؛ قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ» فكانت مثالا رائعا للمرأة التي تتحمل تبعات الرسالة ومصاعبها.

 

وهذه سودة بنت زمعة رضي الله عنها، آثرت دينها على أهلها، فخرجت مع زوجها مهاجرة إلى الحبشة، ولما مات في المهجر، رجعت إلى بيت أبيها وأخيها الكافرين في مكة، تعاني فراق زوجها، واضطهاد أهلها بسبب إسلامها، فتزوجها رسول الله ﷺ ليجبر كسرها، فقامت على خدمته وخدمة بناته خير قيام، حتى هاجر إلى المدينة المنورة. وكذلك أم المؤمنين جويرية بنت الحارث، التي أسلم كل قومها بإسلامها وزواجها من النبي ﷺ.

 

وهذه سمية أم عمّار زوج ياسر، كانت أولَ من قُتل في سبيل الله، فقد ثبتت على العقيدة، وصبرت على تحمل الأذى، حتى فارقت الحياة على يد المشرك أبي جهل، فوعدها رسول الله ﷺ وأسرتها الجنة حين قال لهم: «صَبْراً آلَ يَاسِرَ، إِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ». وفيها تجلّت أسمى آيات الجهاد والكفاح والتضحية في الإسلام، فقد صبرت سمية صبراً يعجز عنه الرجال رغم أنَّها كانت كبيرةً في السنِّ، وضحّت بنفسها وبروحها في سبيل دينها، لتكون مثالا صادقات  مثالا رائعا للمرأة التي تتحمل تبعات الرسالة ومصاعبها. على أنَّ الرجل والمرأة متساويان في حمل أعباء هذا الدين، كلٌّ وفقَ ما أعطاه الله تعالى من قدرات وإمكانيات.

 

وهذه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، نموذج آخر مضيء للمرأة المسلمة التي تأخذ دورها في الدعوة، فلا تتأخر حين تُطلب، ولا تتراجع عندما تُدعى، تصنع الطعام وتوصله بنفسها للرسول عليه الصلاة والسلام ولأبيها، رغم شدة الخطر. ثم تراها تتكفل بحماية ظهر الدعوة، وتلاقي الأذى من أبي جهل، الذي لطمها على وجهها لتدلَّ على مكان رسول الله ﷺ، فتثبت وتصبر.

 

وهذه فاطمة بنت الخطاب، تناقش أخاها عمر بن الخطاب، فيضربها بسبب إسلامها، ثم يعجبه صلابتها وثباتها على دينها، فيسرع إلى الرسول ﷺ معلناً إسلامه. فبرز موقفها الصلب في وقت الاضطهاد، وكان ثباتها ولطفها معه رغم قسوته عليها وغلظته المعروفة، طريقا هدى الله به الفاروق الذي كان له أثر كبير في نشر الإسلام وفي فتوحاته.

 

وكما نصر الرجال رسولَ الله ﷺ، فقد نصرته النساء، ففي السنة الثالثة عشرة من بعثته، قدم على الرسول ﷺ ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، هما أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية، وأم منيع أسماء بنت عمرو بن عدي، حيث واعدهم الرسول ﷺ أن يأتوه العقبة، فذهبوا إليه جوف الليل، وتسلقوا الشعب جميعاً، وتسلقت معهم المرأتان، وبايعتا الرسول عليه الصلاة والسلام على ما بايع به الرجال.

 

وكلنا نعلم دور أم عمارة البطولي في المعارك، وشرف الدفاع عن رسول الله ﷺ في معركة أحد، حيث كانت تتلقى عنه الضربات، وتذود عنه غير عابئة بما أصابها من جروح والتي بلغت كما يقول الرواة اثني عشر جرحاً. وكذلك كانت تقوم بواجبها الإنساني في تمريض المجاهدين وتضميد جراحهم حتى يستأنفوا الجهاد في سبيل الله.

 

وكذلك أم منيع التي لم تكتفِ بمبايعة النبي ﷺ، وإنما شاركته في جهاده ضد أعدائه، فقد خرجت مع عشرين من نساء المسلمين للجهاد معه في خيبر في السنة السابعة للهجرة، فكن يداوين الجراح، ويسقين المجاهدين، ويشجعن المقاتلين.

 

ولا ننسى نسيبة بنت الحارث وهي من الصحابيات اللاتي خرجن مع النبي ﷺ في العديد من الحروب والغزوات؛ حيث بلغ عددها ما يقارب 7 غزوات، بالإضافة إلى دورها في معالجة الجرحى والمرضى من المجاهدين.

 

إن أمثال هؤلاء النسوة من المسلمات الأوائل، حملن الدعوة مع رسول الله ﷺ، ولاقين في سبيلها الأذى، فهاجرن إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، متحملات مفارقة الأهل والأوطان وشظف العيش، لأنهنّ أدركن أنه لا فرق بينهنّ وبين الرجال في حمل الدعوة وتكاليفها. ولذلك فعلى المسلمات اليوم، أن يدركن أنَّ حمل الدعوة لإقامة الدولة، فرضٌ عليهن كما هو فرض على الرجال، وأنَّ الله تعالى كما فرض عليهن الصلاة والصيام، والحج والزكاة، والالتزام بأحكام الإسلام، فقد فرض عليهن حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية، بإعادة دولة الخلافة، وهنَّ مخاطبات مثل الرجال بقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ وبقوله ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» وبقوله ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِيْ عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». وإن دولة الإسلام القائمة قريبا بإذن الله تحتاج منا كل جهد نبذله خالصاً لله سبحانه كي نكون ممن نصر الإسلام ولم يخذله.

 

 

 

بقلم: الأستاذة مسلمة الشامي (أم صهيب)

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع