- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-03-13
جريدة الراية: نقاط ضعف خطة أمريكا في استخدام الهند لاحتواء الصين
توفّر فرصة سانحة لمسلمي باكستان وإيران وأفغانستان
(مترجم)
في سبيل مواجهة الصين واحتوائها تقوم إدارة بايدن بدعم الهند واليابان وأستراليا بقوة، الأمر الذي تسارعت وتيرته العام الماضي، ما اضطر الصين إلى التعبير عن استيائها مبكراً، حيث ذكرت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست في السابع من آذار/مارس 2023 تصريح الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن "الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تقوم بعملية محاصرة شاملة للصين في محاولة لقمعها".
تحظى الهند بدعم مخصوص وواسع من أمريكا بناء على الشراكة العالمية والاستراتيجية الشاملة بينها وبين الولايات المتحدة، والتي أُعلن عنها في 22 من حزيران/يونيو 2023م، وقد ذكرت وكالة رويترز في 31 من كانون الثاني/يناير 2024م أن "البيت الأبيض سيعقد شراكة مع الهند سيعلن عنها الرئيس يوم الثلاثاء"، ويأمل جو بايدن بمساندته لدول المنطقة أن تصبح قادرة على التنافس ضد الصين في مجال المعدات العسكرية وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.
تشعر الصين بالقلق إزاء التمدد البحري الهندي في البحر الأحمر، والذي يتمركز حول باب المندب الاستراتيجي، الذي كان مفتاحاً للتفوق البحري لدولة الخلافة تاريخياً. وقد علّق الناطق الإعلامي للقوات المسلحة الصينية في 30 من كانون الثاني/يناير 2024 على الوجود البحري الهندي المتزايد في الشرق الأوسط بالقول: "إن الهند تكافح لتصبح قوة عسكرية كبرى".
من المؤسف أنه في الوقت الذي يتصاعد فيه التهديد الهندي، تنشغل القيادات عديمة الرؤية في البلدان الإسلامية الإقليمية (إيران وأفغانستان وباكستان) في صراعات هدامة بعضها مع بعض، في حين لو قامت إحدى هذه الدول - ناهيك عن قيامها مجتمعة - بتحدي الهند، فإن مخطط الولايات المتحدة كله سينهار، لكنها آثرت الانخراط بمرارة في التوترات الحدودية بينها، حتى إن وكالة أنباء إيرنا الإيرانية نقلت، في 7 من شباط/فبراير 2024، عن وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي قوله: "إن مسألة إغلاق الحدود هي مسعانا الأول"!
إن الانقسام بين البلدان الإسلامية يوفر البيئة الخصبة التي تحتاجها الهند بشدة، والتي لولاها لكانت الهند في مأزق كبير، ففي تاريخ صراعها الطويل مع الصين، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عانت الهند من ثلاثة صراعات عسكرية: (الحرب الصينية الهندية عام 1962م، الاشتباكات الحدودية في "ناثو لا وتشو لا" عام 1967م، ومواجهة "سومدورونج تشو" عام 1987م)، وقد كشفت النزاعات الحدودية على طول الحدود المتنازع عليها بين البلدين، المعروف باسم خط السيطرة الفعلي، البالغ طوله 2100 ميل، كشفت عن ضعف الهند، فعلى سبيل المثال أودى القتال في وادي جالوان عام 2020م بحياة ما لا يقل عن 20 جندياً هندياً مقابل أربعة جنود صينيين فقط.
معروف أنه لا فرصة للجيش الهندي الضعيف أمام أي خصم قوي، وهيمنة الهندوس في الجيش الهندي بالعدد تجعله يفتقر للروح القتالية الصلبة التي يتمتع بها المسلمون، ناهيك عن الانقسامات الطبقية داخل الجيش، والتي تمتد جذورها إلى التعصب الهندوسي. وقد حُفِرت في التاريخ هزيمة الجيوش الإسلامية الصغيرة ذات الإيمان العظيم لجحافل الهندوس المحاربين بسهولة، وحديثاً تمكن مجاهدو كشمير من بثّ الرعب في صفوف الجيش الهندي، قبل أن تطعنهم القيادة العسكرية الباكستانية في الظهر. وبالحديث عن الانقسامات في الجيش الهندي الحديث فهي عميقة بما يكفي للمساهمة في ارتفاع معدل الانتحار بين صفوفه، فقد ذكرت صحيفة إنديان إكسبريس في 16 من تشرين الأول/أكتوبر 2023م أن "ما بين 100 إلى 140 جندياً يلقون حتفهم سنوياً نتيجة الانتحار منذ عام 2001م، حسبما ذكر الجيش الهندي".
وعلى الرغم من نقاط الضعف التي تعاني منها الهند، فإن واشنطن ليس لديها خيار إقليمي آخر، خاصة في ظل تخوفاتها العميقة تجاه الإسلام والمسلمين في البلدان الإسلامية، وإدراكها الإمكانات الهائلة للأمة في ظل الإسلام، وللعقود الطويلة من الغلبة للخلافة على الغرب في الحروب الصليبية، وإن الولايات المتحدة ترقب بعناية وتشعر بالقلق إزاء صعود الإسلام السياسي في جنوب ووسط آسيا، بما في ذلك بروز الدعوة لإعادة الخلافة. إن التخوفات الأمريكية من الإسلام والمسلمين مسوغة من وجهة نظرها الاستعمارية الفاسدة، وفي الواقع، فإن الخلافة سوف تقلب الخطط الإقليمية رأساً على عقب، وتهدم النظام العالمي الأمريكي.
مع ذلك فإن اعتماد الولايات المتحدة على الهند ليس في محله على الإطلاق، فقد أدى الاقتصاد الرأسمالي إلى تركيز هائل للثروة وانتشار الفقر والبؤس على نطاق واسع في المجتمع الهندي، وقد تجسّد الفشل الاقتصادي في احتجاج المزارعين الهنود الذي بدأ في 13 من شباط/فبراير 2024م، وكان امتداداً لمظاهرات عام 2022م التي استمرت لمدة عام وأدّت إلى مقتل 600 شخص. يضاف إلى هذا الضعفُ الطبيعي في قدرات الهندوس، فلم يفلح الهندوس يوماً إلا تحت قيادة شعب آخر أقوى منه، وقد ملأ المسلمون هذا الفراغ الكبير لقرون عدة، جاعلين من شبه القارة الهندية مركزاً رئيسياً للعالم أجمع، وحتى عندما احتل البريطانيون شبه القارة الهندية، اتجهت الأغلبية الهندوسية نحو الانضواء تحت قيادة المسلمين لمقاومة الاحتلال البريطاني.
يجب على قيادة المسلمين أن تعمل للخلافة على منهاج النبوة، في ضوء الديناميكيات الإقليمية الناشئة، فالصين لن تذرف دموعها على زوال الهيمنة الهندية على يد الخلافة، وواشنطن التي تفصلها المحيطات عن المنطقة ستقف عاجزة عن مواجهة الهيمنة الإسلامية. فلتتبنَّ القيادات في المنطقة مشروع الخلافة، أو فلتنتظر زوالها على يدي من سينتهز الفرصة الحالية، طالباً العزّة بالله وبرسوله وبالمؤمنين، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾.
بقلم: الأستاذ مصعب عمير – ولاية باكستان
المصدر: جريدة الراية