- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-05-15
جريدة الراية: ماذا تريد روسيا من السودان؟
زار نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، مدينة بورتسودان، حاضرة ولاية البحر الأحمر، التي تتخذها الحكومة السودانية مقرا مؤقتاً لها. وأعلن بوغدانوف دعم بلاده لسيادة السودان والشرعية القائمة، فقد صرح باعتراف بلاده بشرعية مجلس السيادة، حيث ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن كباشي أشاد بموقف روسيا الداعم للشرعية السودانية. كما قال بوغدانوف إن روسيا تعتبر مجلس السيادة الانتقالي الممثل الشرعي للشعب السوداني. (الجزيرة نت 2024/4/29).
كما عقد بوغدانوف ومرافقوه من وزارتي الدفاع والمعادن، خلال زيارتهم الرسمية، عقدوا لقاءات منفصلة مع كل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وعضو المجلس، نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، ووزير الخارجية حسين عوض، ووزير المعادن محمد بشير أبو نمو، وبحث الجانبان تبادل الدعم السياسي، والتعاون العسكري، والاقتصادي، وتوسيع الاستثمار الروسي في إنتاج المعادن، وخاصة الذهب. واقتصرت تصريحات بوغدانوف على أن زيارته جاءت "للتعبير عن الموقف الرافض للتدخلات الأجنبية، وتحكم القوى الغربية بمصائر الشعوب"!! ونقلت عنه وزارة الخارجية السودانية تعهده للبرهان، بأن تكون لزيارته "ما بعدها"، ومساندة موسكو للسودان في المحافل الدولية، وتطوير الشراكة السودانية الروسية إلى شراكة استراتيجية.
الخارجية الروسية أكدت من جانبها، أن موسكو تولي اهتماماً كبيراً لتطوير العلاقات مع السودان في كل المجالات، وشددت على ضرورة التوصل إلى تسوية للأزمة العسكرية عبر الحوار بين السودانيين، ومن دون تدخل خارجي.
وكانت موسكو قد أبدت اهتماماً بقاعدة بحرية على ساحل السودان، على البحر الأحمر. ورست سفن حربية روسية في بورتسودان في شباط/فبراير 2021، وشرعت الفرقاطة الروسية أدميرال غريغورفيتش في إنزال معدات لإقامة منشأة عسكرية في قاعدة فلامنغو البحرية السودانية شمال بورتسودان، كما رست المدمرة الأمريكية يو إس إس ونستون تشرشل، في بورتسودان في توقيت قريب من وصول الفرقاطة الروسية.
ونتيجة للتوتر الذي صاحب عملية فلامنغو، أبلغت الحكومة السودانية قائد القوة الروسية أنها علقت الاتفاق الذي تم في عام 2017م بين الرئيس السابق عمر البشير، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بشأن القاعدة العسكرية، لحين مصادقة البرلمان المنتخب عليها، فانسحبت القوة الروسية، لكن موسكو لا تزال متمسكة بالاتفاقية من جهتها. (الشرق الأوسط، 1 أيار/مايو 2024م).
قال وزير الخارجية السودانية في مقابلة مع وكالة سبوتنيك على هامش المنتدى الدبلوماسي بأنطاليا: "روسيا هي أحد البلدان التي تقدم أكبر قدر من الدعم للسودان في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية". وكان وزير الخارجية السوداني قد قال في وقت سابق، إن السلطات السودانية ليس لديها أي اعتراضات جوهرية على إنشاء قاعدة بحرية روسية في البلاد. (سبوتنيك 2024/5/3).
وقالت وسائل إعلام في السودان إن روسيا أعلنت تقديم دعم عسكري للسودان، وتقرر إعفاء 19 مليون دولار من ديونها العسكرية على الخرطوم، وأكدت المصادر الإعلامية ذاتها، أن موسكو تمنح السودان 3 سفن قمح خلال شهر أيار/مايو، وتعاون سوداني روسي جديد في مجال المعادن.
ووفقا لما أعلنت الخارجية الروسية في بيان لها: "خلال اللقاء الذي تم بين نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، مع مدير جهاز الاستخبارات السوداني، أحمد إبراهيم فضل لمناقشة القضايا الراهنة، المتعلقة بمواصلة تطوير العلاقات الودية التقليدية بين روسيا والسودان، بما في ذلك في ضوء الوضع العسكري السياسي القائم في السودان وما حوله". وتجدر الإشارة إلى أن مدير جهاز الاستخبارات السوداني، زار روسيا للمشاركة في الاجتماع الدولي الثاني عشر للممثلين رفيعي المستوى، المسؤولين عن القضايا الأمنية. هذا وأشارت الخارجية الروسية إلى أن اللقاء عقد بمبادرة من الجانب السوداني. (نوفوستي 2024/4/23).
إن تقديم اعتراف صريح يضفي بموجبه شرعية لمجلس السيادة السوداني، لأن روسيا تريد المصادقة والموافقة على قاعدة عسكرية في السودان، كما أنها تطمع في مزيد من صفقات التعدين الخيانية في السودان، لا سيما الذهب، الذي سمنت به خزينتها الناهبة لثروات السودان.
كما أن روسيا تقدم قرابين قمحها الفائض، الذي لا يرغب فيه أحد في العالم، تقدمه للسودان، لتكسب ثرواته المهملة الوفيرة، وتستبيح أراضيه لتحتلها بإقامة قاعدة عسكرية، وهي تفعل ذلك وكأن السودان أحد أقاليمها، أو مستعمرة من مستعمراتها المستباحة، كل ذلك مقابل أن يشفع سيدهم الروسي في مجلس الأمن مستخدماً حق الفيتو ضد التسلط البريطاني الأوروبي، لصد التحركات الأوروبية في السودان، حتى لا يمكَّن عملاء بريطانيا وأوروبا، ويتم تحجيمهم عن ممارسة الضغوط السياسية على النظام في السودان، ولا يكون لهم نصيب في السلطة (قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة)، لينفرد عملاء أمريكا (مجلس السيادة) بالسلطة في السودان، خالصة لهم دون عملاء أوروبا.
أيها الأهل في السودان، يجب أن تدركوا ما يحاك ضدكم من مؤامرات، وتدخلات استعمارية طامعة في ثرواتنا وأرضنا، وتعاون حكامنا مع هؤلاء الأعداء، ويجب أن تكونوا على وعي تام بهذا، وتعملوا من أجل قطع يد الكافر، الطامع في ثرواتنا، وأن تغذوا السير الجاد والعمل الدؤوب من أجل استئناف الحياة الإسلامية من جديد بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لتطبيق الإسلام كاملا، وإيجاد الدولة الإسلامية التي تحمينا وتحمي ثرواتنا، وتحفظ وحدتنا ووحدة أراضينا، التي في ظلها نكون أعزاء بديننا، كرماء بشريعتنا، نعبد الله ونعبّد الناس الله، وقتها نكون خير أمة أخرجت للناس كل الناس، نحمل الخير لهم، لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وعسى أن يكون ذلك قريبا.
بقلم: الأستاذ سليمان الدسيس (أبو عابد) – ولاية السودان
المصدر: جريدة الراية