- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نص الكلمة الصوتية التي وجهها أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة -حفظه الله- إلى الأهل في الشام والثائرين الصادقين فيها، في هذا اليوم الأغر، يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم هجرته، وإقامة دولة الإسلام العظيمة التي عز بها الإسلام والمسلمون، والعائدة قريباً بإذن الله، في الثاني عشر من ربيع الأول من سنة ألفٍ وأربع مئةٍ وأربعٍ وثلاثين للهجرة، الموافق للرابع والعشرين من الشهر الأول من سنة ألفين وثلاث عشرةَ للميلاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أهلنا في الشام، عقرِ دار الإسلام... وإلى الثائرين الصادقين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،
((وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ))
لقد اجتمع عليكم أشرار الناس من مستعمرين وعملاء وأطراف... جمعوا عليكم كيدهم ومكرهم ليحولوا دون تحكيم الإسلام في الشام، بل إبقاء الحكم الجمهوري العلماني مستقراً فيها مع تغيير الوجوه وشيء من تخفيف الضغط ليتراءى للناس أن الواقع قد تغيَّر! وأنتم ترون اليوم، وتسمعون أن أمريكا وأحلافها وعملاءها قد جمعوا الشر عليكم من طرفيه: جرائم بشار الطاغية التي طالت البشر والشجر والحجر، هذا من جانب، ثم الاجتماعات المتوالية في اسطنبول والقاهرة وباريس من جانب آخر، وذلك لتشكيل حكومة مؤقتة لتدير نظاماً جمهوريا علمانيا مدنياً ديمقراطياً كما ينادون، فيحلِّلون ويحرمون من دون الله ((وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)).
لقد أحكموا خططهم الشريرة، فقتلٌ ومجازر، وقصفٌ سافر بالقنابل العنقودية، والبراميل القاتلة، والغازات الفتاكة، ثم صنوفٌ من التعذيب تنأى عنه وحوش الغاب... والطغاة يأملون من كل ذلك أن يقبل الثائرون إقصاء الإسلام عن الحياة، والتفاوض مع القتلة الذين ولغوا في دماء المسلمين ولا يزالون! ثم ليستمر النفوذ الأمريكي في الشام الأبية، وأن لا تتغير بنية النظام الأساسية الجمهورية العلمانية... ونسي أولئك الأشرار أن الشام هي قلعة الإسلام، عقر دار الإسلام، لا تقبل خبثاً حتى وإن تسرب إليها حيناً، فهو إلى زوال بإذن الله مذموماً مدحوراً، ولم يدركوا أن الحق أبلج يدوس الباطل فيزهق ((بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)).
أيها الأهل في الشام عقر دار الإسلام، أيها الثائرون الصادقون:
إن ما يمكرون به ويكيدون هو تخطيط خبيث، صاغته أمريكا وأحلافها، وينفذه عملاؤها وأتباعها: قتل ومجازر في الداخل لجعل الناس يقبلون بما تحوكه أيدي الائتلاف والمجلس في الخارج... وهكذا تتوزع أدوات التنفيذ بين سُمٍّ تصنعه جرائم بشار من قتل وتدمير، وبين سُمٍّ عليه غِلالةٌ من دسمٍ يحوكها الائتلافُ متوسلاً أمريكا أن تُعليَه كرسيَّ الطاغية بعد أن يستنفد دوره فتلقيه صانعته إلى قارعة الطريق... هكذا يظن الائتلاف في الوقت الذي يتجاهل فيه الطاغية أن دوره قد استنفد، وأن أمريكا التي بنته ستهدمه بعد أن يكون الائتلاف قد نضج ليحل محله كما فعلت بعملائها من قبل عندما استنفدوا أدوارهم، وأمريكا تأمل أنها باستبدال عميل بعميل ستطيل أمد نفوذها في الشام قبل أن تقمها الأمة وتطهر البلاد من رجس التابع والمتبوع... ولو كان الطاغية به شيء من عقل لاستغل الظروف المتاحة خلال الشهور الأولى لثورة الناس عليه ففر بجلده وبشيءٍ من كرامته بدل أن يُلقى به أو يُقتل خائناً مجرما يلعنه الله ورسوله والمؤمنون ((إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى)).
إنه مكر وكيد دبّروه يتوقعون من ورائه أن يُخضعوا الشام وأهل الشام، فيقبلوا بحكومة يصنعها الائتلاف، علمانية الجوهر خادعة المنظر، مزيَّنةً بغلافٍ مزخرفٍ جميل! ويظنون أن الشام وأهل الشام سينسون الدماء الزكية التي سفكها المجرمون، والتضحيات العظيمة التي بذلها الثوار الصادقون... ولكن ظنهم سيرديهم بإذن الله، وسيرون رأي العين وسماع الأذن أن كل أولئك متبر ما هم فيه، وأن مكرهم هو يبور ((وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ))، ثم إنهم نسوا أو تناسوا أن في الشام رجالاً شداداً، آمنوا بربهم وازدادوا هدى، لهم في رسول الله أسوة حسنة، فهم لا ينامون على ضيم، ولا يسكتون على ظلم، وهم لن ينسوا تلك الدماء، ولا تلك الجهود، ولا صرخات الشيوخ والأطفال، ولا استغاثات الحرائر، واليتامي والأرامل... ولن تزيدهم جرائم الطاغية إلا قوة فوق قوة، ولن تغيب عن أذهانهم وعقولهم جرائم أمريكا والغرب الكافر المستعمر مهما وضعوا على وجه الائتلاف من مساحيق تجميل، بل كل ذلك سيزيدهم عزماً فوق عزم ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)).
أيها الأهل في الشام عقر دار الإسلام، أيها الثائرون الصادقون:
إن الطاغية وزبانيته قد وصلوا درجة اليأس التي لا انفكاك منها، وهو وإن ازداد بطشه فقد قرب حتفه، وإن زبانيته التي تقاتل معه تنفضُّ عنه يوماً بعد يوم، إلا من فقد البصر والبصيرة، حتى روسيا التي تدعمه فهي كخط أمامي لأمريكا باتفاق معها إلى حين استبدال عميل بعميل، ثم ها هي روسيا قد لحقت من سبقوها بإجلاء رعاياهم لقناعتهم بأن سلطة الطاغية قد تهاوت، ومن ثم سيهوي الطاغية في مكان سحيق مسربلاً بخزي الدنيا والآخرة... وأما أنتم أيها الثوار الصادقون فاثبتوا على ما أنتم عليه من حق وخير، واطمئنوا بنصر الله عاجلاً أم آجلاً، فالله سبحانه لم يعد النصر لرسله فحسب، بل كذلك لمن آمنوا ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)) فانصروا بقوتكم الحق وأهله، وانصروا الله ورسوله والمؤمنين... انصروا الخلافة والعاملين لها، اعقدوا العزم على نصرة حزب التحرير بإقامة الخلافة، وعندها تذكركم إلى الباري بخير: الدماء الزكية التي سُفكت، وحرائر الشام التي انتهكت، والنساء التي رُمِّلت، والأطفال التي يُتِّمت، والشيوخ الركع، وحتى البهائم الرتع... كلهم يذكرونكم بخير، وتكون تلك الدماء والجهود لم تَضِع سدىً، ولم تذهب عبثا...
وفوق ذلك تغبطكم ملائكة الله على نصرة دينه ونصرة حملة دعوته، ونصرة خلافةٍ ثانيةٍ على منهاج النبوة... وتكونون في الدنيا أعزة، وفي الآخرة مع خير خلق الله صلوات الله وسلامه عليه، وصحبه رضوان الله عليهم، ومع أنصار دينه الصادقين المفلحين... مع ابْن زُرَارَةَ وابْنِ حُضَيْر وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أنصار دين الله وأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخاصة وأن شهراً عظيماً يظلكم، شهرَ ربيعٍ الأول، شهرَ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعثته صلوات الله وسلامه عليه، وشهر هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وإقامة دولة الإسلام العظيمة، وفيه كذلك انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وبداية عهد الخلافة الراشدة الأولى على منهاج النبوة... ثم تبعتها خلافة الملك العضوض، ومن بعد الخلافة كان "الملك الجبري" الذي نحن فيه، ومن ثمَّ عودةُ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. هكذا بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده والطيالسي في مسنده عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّكُمْ فِي النُّبُوَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثُمَّ سَكَتَ صلى الله عليه وسلم .
فَحَيَّهَلًا بنصرة دين الله، حيَّهلا بنصرة العاملين إلى الخلافة، حيَّهلا بنصرة حزب التحرير، فتعاد سيرة الأنصار رضوان الله عليهم، ويعز الإسلام وأهله، ويذل الكفر وأهله ((وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته