الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

جواب سؤال:

عن تدخل الدولة في الاقتصاد وعن الضرائب

 

إلى Anis Labidi 

 

 

 

السؤال:


السلام عليك شيخنا الجليل رعاك الله وحفظك


أريد أن أعرف ما مدى تدخل سلطان الدولة الإسلامية في الاقتصاد ككل ثم ما مدى سلطانها في فرض الضرائب (وما هو التكييف الفقهي للضرائب عموما)؟

 

 

الجواب:

 


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


سؤالك عن تدخل الدولة في الاقتصاد وعن الضرائب...

 


1- بالنسبة لتدخل الدولة في الاقتصاد، فإن النظام الاقتصادي في الإسلام محددة فيه واجبات الدولة وحقوقها وواجبات الناس وحقوقهم بأحكام شرعية تنظم صلاحية كل من الراعي والرعية، ولأن النظام الاقتصادي تؤثر فيه الملكيات تأثيرا بالغاً من حيث وسائل التملك والإنفاق.. فقد حدد الإسلام هذه الملكيات، وصانها وحفظها من كل عدوان، فهناك الملكية الفردية وملكية الدولة والملكية العامة ولا تعتدي الواحدة على الأخرى... لذلك فإن تدخل الدولة على النمط المعروف اليوم، فتصادر ملكية خاصة وتجعلها ملكية عامة أو ملكية دولة، أو تجعل الملكية العامة ملكية خاصة كإعطاء امتياز البترول والمعادن للقطاع الخاص داخلياً أو خارجيا... كل هذا لا يجوز في الإسلام، بل كلٌ في حدود ملكيته: الأفراد في ملكيتهم الخاصة، والدولة في ملكيتها كالغنائم والخراج... والأمة في ملكيتها كالبترول والمعادن ومصادر الطاقة... وعليه فلا وجود في الدولة الإسلامية لواقع التدخلات المعروفة اليوم في النظم الاقتصادية.

 


2- أما الضرائب فلا يوجد في الإسلام ضرائب تؤخذ من الناس، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدير شؤون الرعية، ولم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه فرض ضريبة على الناس ولم يُرو عنه ذلك مطلقاً، وحين علم أن من على حدود الدولة يأخذون ضرائب على البضائع التي تدخل البلاد نهى عن ذلك. فقد رُوي عن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» أخرجه أحمد وصححه الحاكم. وصاحب المكس هو الذي يأخذ الضرائب على التجارة... وهذا يدل على النهي عن أخذ الضرائب بالمعنى الذي اصطلح عليه الغرب. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه من طريق أبي بكرة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا...» وهو عام يشمل كل إنسان ومنها الدولة، وأخذ الضرائب أخذ لمال المسلم من غير طيب نفسه مما يدل على عدم جواز أخذها.

 


ولكن هناك حالة واحدة يقرها الشرع ويجيز فيها أخذ مال بقدرها دون زيادة، ويؤخذ فقط من الأغنياء من فائض أموالهم، وهذه الحالة هي إذا كانت هناك نفقة مفروضة على بيت المال وعلى المسلمين، ولم يكف ما في بيت المال فيؤخذ بقدر تلك النفقة من فائض أموال الأغنياء لسدِّها. أما إذا كانت النفقة مفروضة فقط على بيت المال وليس كذلك على المسلمين، فلا يؤخذ مال لها من المسلمين إن لم يكف ما في بيت المال، بل ينفق عليها من بيت المال.

 


فمثلاً سد الحاجات الأساسية للفقراء من مأكل ومسكن وملبس، فهذا واجب على الدولة من بيت المال، وكذلك واجب على المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» أخـرجه أحمد عن ابن عمر، فإذا لم يكف ما في بيت المال لسد حاجة الفقراء الأساسية فيؤخذ من أغنياء المسلمين لسد هذه الحاجة بقدرها دون زيادة...

 


ومثلاً الجهاد فهو فرض على بيت المال وعلى المسلمين كذلك، لقوله تعـالى: (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقال سبحانه: (وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) ولهذا فإن سد حاجة الجهاد تعامل المعاملة نفسها.


وهكذا فإن الضرائب غير موجودة في الإسلام إلا في هذه الحالة التي يجب أن يتحقق فيها شرطان:

 


الأول: أنها مفروضة على بيت المال وعلى المسلمين بأدلة شرعية صريحة.

 


والثاني: أنه لا يوجد في بيت المال ما يكفي لسد حاجتها.

 


ففي هذه الحالة فقط يؤخذ بقدر سد الحاجة دون زيادة من فائض أموال الأغنياء، ونقول من الفائض أي ما زاد على مأكل الغني وملبسه ومسكنه وخادمه وزواجه وما يركبه لقضاء حاجاته وما شاكل ذلك حسب أمثاله لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)، أي ما ليس في إنفاقه جهد، بمعنى الزائد عن كفايته حسب المعروف لمثله. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «أفضلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» متفق عليه من طريق حكيم بن حزام وأبي هريرة، ومعنى ظهر غنى أي الزائد عن كفايته بالمعروف.

 


والخلاصة أن لا ضرائب في الإسلام إلا في هذه الحالة وبقدرها دون زيادة ولا تؤخذ إلا عن ظهر غنى، وهي حالة كانت في التاريخ الإسلامي نادرة الحدوث لأن موارد الدولة الدائمية التي بينها الإسلام تكفي لذلك، ولكن إن كانت، فيجوز أخذ لضرائب لها وفق المبين أعلاه.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع