الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

جواب سؤال:

الفصل في دلالة الفاء

 

إلى حامد نصوح

 

 

 

السؤال:

 


السلام عليكم ورحمة الله..

 


ورد في كتابكم القيم (تيسير الوصول إلى علم الأصول) في مبحث دليل العلة أن الفاء في قوله صلى الله عليه وسلم: "ملكت أمرك فاختاري" تفيد التعليل لأنها مطردة متعدية... أما الفاء في قوله تعالى "... فاجلدوا" فهي سببية قاصرة غير متعدية...

 


ولدى التمعن فيهما لم أتبين الفرق..

 


يرجى البيان... وفقكم الله إلى إقامة دينه في الأرض.. والسلام عليكم

 

 

 

الجواب:

 


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


هناك حروف في اللغة تفيد بوضعها اللغوي، أي بمنطوقها التعليل مثل اللام، وكي... أما (اللام) فلقوله تعالى:

 


(لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، وأما (كي) فكقوله تعالى: ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)، وهناك حروف لا تفيد التعليل بالوضع اللغوي، أي بمنطوقها، بل بمفهومها، أي بلازم مدلولها، ومن هذه الحروف الفاء، فهي لا تفيد التعليل بمنطوقها أي بوضعها اللغوي، فالعرب لم يضعوها للتعليل، وإنما هي تأتي عطفاً للجمع أو الترتيب أو الفور أو للسببية اللغوية المفيدة للتعليل بالمفهوم، أو للسببية اللغوية المفيدة للسبب بالمفهوم.

 


أما إتيانها عطفاً للجمع أو الترتيب أو الفور، فليس هناك التباسٌ في فهمها، ولكن المشكلة في مجيئها للسببية والتعقيب أي يكون ما بعدها مسبباً عما قبلها، وبعبارة أخرى يكون تعقيباً على ما قبلها، وهنا يحدث الالتباس لتحديد كونها للسبب أو كونها للتعليل، وبطبيعة الحال بالمعنى الاصطلاحي في أصول الفقه.

 


وللتمييز بينهما فهناك خصائص للعلة وخصائص للسبب، فينظر في المفهوم الناتج عن استعمال الفاء، أي لازم مدلولها، فإن كانت تنطبق عليه خصائص العلة أفاد التعليل، وإن كانت تنطبق عليه خصائص السبب أفاد السبب فحسب...

 


وحتى لا نخوض في خصائص العلة والسبب والفرق بينهما وهو ذو شعب... نكتفي بفرق سهل يمكن التدقيق فيه فيعرف إن كانت الفاء قد أفادت بمفهومها التعليل أم السبب، وهذا الفرق هو مصاحبة الحكم للمسألة، فإن كانت هناك مصاحبة بين المسألة والحكم، فالفاء تفيد العلة، وإن كانت المسألة قبل الحكم أي سابقة له ولا تصاحبه، فالفاء تفيد السبب.

 


وعلى ضوء ذلك يُدرس سؤالك حول التباس الفرق بين: "ملكت نفسك فاختاري"، وبين (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)، وقبل البدء فإني أوضح لك معنى "ملكت نفسك فاختاري"، فإن هذه الكلمة موجودة في عدد من كتب الأصول مثل الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، وفتح القدير للكمال بن محمد المعروف بابن الهمام... وهي على طريقة علماء الأصول إشارة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بتخييره بريرة حيث كانت متزوجة من عبد فلما أعتقت وأصبحت حرة خيرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تستمر مع زوجها أو لا لأنها أصبحت حرة فتملك خيارها، والحديث رواه البخاري ومسلم.

 


أخرج البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ... فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَقَالَتْ: لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» وأخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ مِنْ أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ... «وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا»، والآن بعد أن اتضح معنى المثال الأول، وبطبيعة الحال فالمثال الثاني معناه واضح، ننظر الآن في المثالين:

 


1- انظر المثال الأول فهو رتب الاختيار على ملكية النفس، فبمجرد أن تحررت ملكت حق الاختيار في أمرها، فهو مصاحب للحكم: تحررت فملكت حق الاختيار فوراً. ولذلك نقول إن الفاء هنا أفادت التعليل لمصاحبة الحكم للمسألة، وهي من خصائص العلة.

 


2- وأما المثال الثاني فإن الزنا لا يصاحب الجلد بل يسبقه، ولهذا نقول إن الفاء أفادت السبب لأن المسألة سابقة للحكم، فالزنا يسبق الجلد، وهكذا في كل سبب، فمثلاً الحديث الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا وَقَالَ: «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا»

 


فهنا الفاء تفيد السبب أي أن زوال الشمس هو سبب للصلاة، وواضح منه أن زوال الشمس يسبق الصلاة.

 


وعليه فيمكن إذا أشكل على المرء دلالة الفاء أهي تفيد بمفهومها العلة أم السبب فلينظر إلى مصاحبة الحكم للمسألة، فإن صاحبها فهي علة، وإن تأخر عنها فهي سبب، وبطبيعة الحال هذا بالنسبة إلى الفصل في دلالة الفاء وليس لأنواع العلة الأخرى.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع