الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"


جواب سؤال


السنة النبوية هي دليل شرعي كالقرآن الكريم سواء بسواء
إلى احمد القيروان

 


السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخ عطاء، لدي سؤال مهم جدا وهو: هل حكم الرجم ذكر بالقرآن أو بأحاديث صحيحة متواترة؟ فأنا بحثت في ذلك ولم أفهم لماذا يدرج هذا الحكم بالشرع ولم يذكر بالقرآن مثل السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما مثلا أو الزانية والزاني فاجلدوا ...الخ من الأحكام؟ وهل نحن نتبع الشرع وقوانينه من القرآن أم من الأحاديث؟ ستقول لي لماذا مثلا حركات الصلاة أو الوضوء لم تذكر بالقرآن وأنه ليس كل شيء مذكور بالقرآن...الخ ولكن هذا حكم بات يعني أساسي مثل القاعدة الرياضية 1+1 يساوي 2، يعني كل أمر وجد بالقرآن نحكم به وما لم يوجد لا نتخذه قانونا أساسيا. نعم يمكننا البحث والاجتهاد بالتفاصيل ويمكن أخذ الحديث بالتفاصيل ولكن لا يمكن أخذ الأساس من الحديث ونترك الأصل، وشكرا.

 

الجواب:


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته،


أولاً: إن ما جاء في السؤال من قولك: (كل أمر وجد بالقرآن نحكم به وما لم يوجد لا نتخذه قانونا أساسيا)، هو أمر غريب على الإسلام والمسلمين، فالمسلم يؤمن أن السنة النبوية هي دليل شرعي كالقرآن الكريم سواء بسواء، ويؤمن أن ما جاء في السنة هو وحي من الله سبحانه وأنه واجب الاتباع من غير تفريق بينه وبين ما جاء في القرآن الكريم... وهذا هو موقف المسلمين من لدن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا... وقد وضحنا هذه المسألة في كتاب الشخصية الإسلامية في مبحثي: "السنة دليل شرعي كالقرآن"، "الاستدلال بالسنة"، وكذلك في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الثالث في مبحث "الدليل الثاني: السنة" فارجع إليها ففيها الكفاية بإذن الله، وأنقل لك ما جاء في مبحث "السنة دليل شرعي كالقرآن" في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول:


[السنّة دليل شرعي كالقرآن، وهي وحي من الله تعالى. والاقتصار على القرآن وترك السنّة كفر صراح، وهو رأي الخارجين على الإسلام. أما أن السنّة وحيٌ من الله تعالى فهو صريح في القرآن الكريم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ وقال: ﴿إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ وقال: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ وقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي﴾ وقال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾. فهذه الآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة في حصر ما يأتي به الرسول وما ينذر به وما ينطق به، بأنه صادر عن الوحي ولا تحتمل أي تأويل، فالسنة وحي كالقرآن.


وأما أن السنة واجبة الاتباع كالقرآن الكريم، فهو صريح في القرآن أيضاً، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ وقال: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ وقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ وقال: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾ وقال: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ وقال: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾. فهذا كله صريح واضح في وجوب اتباع الرسول فيما يأتي به. وفي اعتبار طاعته طاعة لله تعالى.


فالقرآن والحديث من حيث وجوب اتباع ما جاء فيهما دليلان شرعيان، والحديث كالقرآن في هذا الموضوع. ولهذا لا يجوز أن يقال عندنا كتاب الله نأخذ به، لأن ذلك يفهم منه ترك السنة. بل لا بد من أن تقرن السنة بالكتاب فيؤخذ الحديث دليلاً شرعياً كما يؤخذ القرآن، ولا يجوز أن يصدر من المسلم ما يشعر بأنه يكتفي بالقرآن دون الحديث. وقد نبّه الرسول ﷺ إلى ذلك. فقد ورد أن النبي ﷺ قال: «يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَاماً حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ» أخرجه الحاكم والبيهقي. وقال في رواية عن جابر مرفوعة: «مَنْ بَلَغَهُ عَنِّي حَدِيثٌ فَكَذَّبَ بِهِ، فَقَدْ كَذَّبَ ثَلَاثَةً: اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَالَّذِي حَدَّثَ بِهِ» مجمع الزوائد عن جابر. ومن هنا كان من الخطأ أن يقال نقيس القرآن بالحديث، وإن لم يطابقه تركناه، لأن ذلك يؤدي إلى ترك الحديث إن جاء مخصصاً للقرآن أو مقيداً له، أو مفصلاً لمجمله. إذ يظهر أن ما جاء به الحديث لا يطابق القرآن، أو ليس موجوداً في القرآن. وذلك كالأحاديث التي جاءت تلحق الفروع بالأصل. فإن ما جاء فيها بالحديث من أحكام لم يأت بالقرآن، لا سيما وأن كثيراً من الأحكام المفصلة لم تأت بالقرآن وجاء بها الحديث وحده، ولهذا لا يقاس الحديث على القرآن، فيقبل ما جاء به ويرفض ما عداه. بل الأمر في ذلك أنه إذا جاء حديث مناقض لما جاء في القرآن قطعي المعنى، فإنه يكون الحديث مردوداً دراية أي متناً، لأن معناه ناقض القـرآن. وذلك مثل ما روي عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةً» فهذا الحديث مردود لأنه يناقض القرآن فهو يعارض قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ﴾ فيرد حينئذ الحديث لأنه عارض القرآن القطعي الثبوت القطعي الدلالة. أما إذا لم يعارض الحديث القرآن بأن اشتمل على أشياء لم يأت بها القرآن أو زيادة عما في القرآن فإنه يؤخذ بالحديث ويؤخذ بالقرآن. ولا يقال نكتفي بالقرآن وبما ورد في القرآن، لأن الله أمر بهما معاً والاعتقاد واجب فيهما معاً.] انتهى النقل من كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول.


وواضح من المذكور في الأعلى أن الحكم الشرعي يؤخذ من السنة المطهرة كما يؤخذ من القرآن الكريم من غير فرق، ولا يلزم أن يكون الحكم مذكوراً في القرآن الكريم حتى يجب الأخذ به، بل يؤخذ الحكم الشرعي حتى لو اختصت السنة النبوية بذكره... على أن موضوع رجم الزاني المحصن هو من باب بيان السنة للقرآن لأن السنة تبين القرآن بتخصيص عمومه، ورجم الزاني المحصن هو تخصيص لعموم الآية الموجبة لجلد الزاني كما هو مبين في الأسفل... فلا يقال بأن السنة استقلت بحكم رجم الزاني لأن حكم رجم الزاني هو من باب عقوبة الزاني المبينة في القرآن، أي أن أصل مسألة عقوبة الزاني مبينة في القرآن وجاءت السنة فبينت القرآن بأن خصصت عموم الآية ذات العلاقة فاستثنت الزاني المحصن وجعلت عقوبته الرجم حتى الموت... وتخصيص عموم الكتاب بالسنة كثير وليس مقتصراً على موضوع رجم الزاني المحصن...


ثانياً: سبق أن أجبنا في 12 محرم 1441-2019/09/11م على موضوع رجم الزاني المحصن، وأنقل لك ما جاء في الجواب المشار إليه لما فيه من إجابة على تساؤلك:


[إنك تسأل عن عقوبة الزاني المحصن هل هي قطعية في الفقه الإسلامي؟ وهل هي من الحدود أو ليست من الحدود بل من التعزيرات كما يقول بذلك بعض العلماء في هذا العصر؟


والجواب على سؤالك كما يلي:


1- إن عقوبة الزاني المحصن بالرجم حتى الموت داخلة في باب الأحكام الشرعية وليست من باب العقائد فهي كسائر الأحكام الشرعية لا يشترط أن يكون دليلها قطعياً للأخذ به بل تكفي فيه غلبة الظن كما هو معلوم في أصول الفقه... لذلك فلا أثر لكون الدليل على هذه العقوبة قطعياً أو غير قطعي في الأخذ بها، بل المهم هو أن يثبت في الشرع دليل عليها، وقد وردت أدلة كثيرة صحيحة في الشرع تبين بما لا يدع مجالاً للشك بأن عقوبة الزاني المحصن هي الرجم حتى الموت كما هو مذكور في الأسفل.


2- يلاحظ على بعض العلماء في هذا العصر أنهم لا يسيرون سيراً صحيحاً في أخذ الأحكام الشرعية من أدلتها، وذلك أنهم يحرصون عند البحث عن الحكم الشرعي على مسايرة العصر والوصول إلى آراء تتوافق مع ما ساد في العالم من أحكام وآراء فرضتها الحضارة الغربية على الناس باسم القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها... وهذا الأمر لا يصح، لأن المطلوب هو حكم الله لا أي حكم، ولا الحكم الذي يتوافق مع ما يسود العالم من أحكام وقوانين ومواثيق وآراء... والواجب هو الأخذ بالحكم الشرعي كما هو من أدلته وجعله موضوع التطبيق والتنفيذ وأن تجري الدعوة والدعاية له في العالم كله فهو الحكم الصالح للبشر جميعهم لأنه من عند خالق البشر العالم بأحوالهم سبحانه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ولذلك فإنه لا ينبغي الالتفات لأقوال أولئك الذين يحرصون في استنباطاتهم على مسايرة العصر وموافقة الحضارة الغربية سواء أكانوا يفعلون ذلك تحت ضغط الواقع أم إرضاء للكفار الغربيين...


3- إن عقوبة الزنا للمحصن وهي الرجم حتى الموت ولغير المحصن وهي الجلد مائة جلدة هي عقوبة داخلة في الإسلام في باب الحدود، وقد بيَّنا أحكام حد الزنا في كتاب نظام العقوبات بياناً تفصيلياً وافياً، وأنقل لك من كتاب نظام العقوبات بعض ما جاء في باب "حد الزنا":


[يقول البعض إن حد الزانية والزاني مائة جلدة للمحصن وغير المحصن سواء، ولا فرق بينهما، لقول الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ وقالوا لا يجوز ترك كتاب الله بطريق القطع واليقين لأخبار آحاد يجوز الكذب فيها، ولأن هذا يفضي إلى نسخ الكتاب بالسنة وهو غير جائز!


ويقول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار أن غير المحصن يجلد مائة جلدة، والمحصن يرجم حتى يموت لأن الرسول ﷺ: «رَجَمَ مَاعِزاً» ولما روي عن جابر بن عبد الله «أَنَّ رَجُلاً زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَجُلِدَ الْحَدَّ، ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مُحْصَنٌ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ».


والناظر في الأدلة يرى أن قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ عام، فإن كلمة الزانية وكلمة الزاني من ألفاظ العموم، فهو يشمل المحصن وغير المحصن ولما جاء الحديث وهو قوله ﷺ: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»، وثبت أن رسول الله ﷺ رجم ماعزاً بعدما سأل عن إحصانه، ورجم الغامدية وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة، فإنّه يكون الحديث مخصصاً للآية، فهذه الأحاديث خصصت هذا العام الذي في الآية في غير المحصن، واستثنت منه المحصن فالأحاديث خصصت هذا العام، ولم تنسخ القرآن، وتخصيص القرآن بالسنة جائز، وواقع في آيات كثيرة، جاءت عامة، وجاء الحديث وخصصها.


والحكم الشرعي الذي تدل عليه الأدلة الشرعية، أي الكتاب والسنة هو أن عقوبة الزنا جلد غير المحصن مائة جلدة عملاً بكتاب الله، وتغريب عام عملاً بسنة رسول الله. إلاّ أن التغريب جائز، وليس بواجب، وهو متروك للإمام، إن شاء جلده ونفاه سنة، وإن شاء جلده ولم ينفه. ولكن لا يجوز أن ينفيه ولا يجلده، لأنّ عقوبته هي الجلد، وأما عقوبة المحصن فهي رجمه حتى يموت، عملاً بسنة رسول الله ﷺ التي جاءت مخصصة لكتاب الله. ويجوز في المحصن أن يجمع عليه الجلد والرجم، فيجلد أولاً ثمّ يرجم، ويجوز أن تفرد عليه عقوبة الرجم فلا يجلد، ولكن لا يجوز أن تفرد عليه عقوبة الجلد لأنّ عقوبته الواجبة هي الرجم.


..........


وأما دليل عقوبة المحصن فأحاديث كثيرة، فعن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما قالا إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله ﷺ فقال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُلْ، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرُجِمَتْ» والعسيف الأجير. فالرسول أمر برجم المحصن ولم يجلده. وعن الشعبي «أَنَّ عَلِيّاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ ضَرَبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ» وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ﷺ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» فالرسول يقول إن عقوبة المحصن الجلد والرجم، وعلي يجلد المحصن ويرجمها. وعن جابر بن سمرة أن رسول الله ﷺ رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلداً، وفي البخاري عن سليمان بن بريدة أن النبي ﷺ رجم الغامدية، ولم يذكر جلداً، وفي مسلم أن النبي ﷺ قد أمر بامرأة من جهينة فشدت عليها ثيابها ثمّ أمر بها فرجمت، ولم يذكر جلداً. فدل ذلك على أن الرسول رجم المحصن ولم يجلده، وأنه قال: «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» فدل على أن الرجم واجب، وأما الجلد فهو جائز، ويترك لرأي الخليفة. وإنما جعل من حد المحصن الجلد مع الرجم جمعاً بين الأحاديث. ولا يقال إن حديث سمرة في أنه ﷺ لم يجلد ماعزاً، بل اقتصر على رجمه، هو ناسخ لحديث عبادة بن الصامت الذي يقول: «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» لا يقال ذلك لأنّه لم يثبت ما يدل على تأخر حديث ماعز عن حديث عبادة، ومع عدم ثبوت تأخره لا يكون ترك ذكر الجلد موجباً لإبطاله، وناسخاً لحكمه، فعدم ثبوت المتقدم من المتأخر من الحديثين ينفي النسخ، ولا يوجد مرجح لأحدهما على الآخر، وما جاء في الحديث من زيادة على الرجم يعتبر أمراً جائزاً لا واجباً، إذ الواجب هو الرجم، وما زاد على ذلك فالإمام مخير فيه للجمع بين الأحاديث...] انتهى النقل من كتاب نظام العقوبات.


والخلاصة: أن عقوبة الزاني المحصن هي الرجم حتى الموت وقد دلت على ذلك أدلة صحيحة ثابتة من سنة رسول الله ﷺ في الصحيحين وفي غيرهما من كتب الحديث، وهي عقوبة داخلة في الحدود وليست من باب التعزير.] انتهى النقل من جواب السؤال السابق.


وفي الختام فإنك قد حكمت بنفسك على نفسك فأنت تقول: (ستقول لي لماذا مثلا حركات الصلاة أو الوضوء لم تذكر بالقرآن وأنه ليس كل شيء مذكور بالقرآن الخ، ولكن هذا حكم بات يعني أساسي مثل القاعدة الرياضية 1+1 يساوي 2، يعني كل أمر وجد بالقرآن نحكم به وما لم يوجد لا نتخذه قانونا أساسيا نعم يمكننا البحث والاجتهاد بالتفاصيل ويمكن أخذ الحديث بالتفاصيل ولكن لا يمكن أخذ الأساس من الحديث ونترك الأصل وشكرا)، فأنت تجيز هنا أن نأخذ من السنة ما يبين كيفية أداء الصلاة وتقول هذه تجوز لأنها ثابتة مثل 1+1=2! مع أنها لا تختلف عن الاستدلال بالسنة بالنسبة للزاني المحصن... ففي حالة الصلاة ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، فهذا مجمل، والأحاديث التي بينت كيفية الصلاة حتى وإن اختلف المجتهدون فيها من حيث كيفية الركوع والسجود والقراءة... فهذه الأحاديث بيان للمجمل... وكذلك الآية ﴿وَالزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾... فهي عامة لأن لفظ الزانية والزاني ألفاظ عامة، والأحاديث المتعلقة بالمحصن خصصت هذا العموم الوارد فيه الجلد، خصصته بالزاني غير المحصن، فالمسألة هنا تقع في باب تخصيص العام... وإن كنت درست الأصول فإنك لا بد ستجد أن بيان المجمل وتخصيص العام وتقييد المطلق...إلخ كل ذلك من أقسام الكتاب والسنة يجب الاستدلال بها على وجهها الشرعي.


وعليه فالتفريق بين بيان المجمل في حالة الصلاة وتخصيص العام في حالة الزنا هو تفريق لا يصح ولا يجوز إلا إذا كنت على غير علم تام بأصول الفقه، وإني أسأل الله سبحانه لك الهداية إلى أرشد الأمر وأن تبذل الوسع في فهم أصول الفقه حتى يكون السؤال في مجاله وليس في سياق آخر.


آمل أن تكون المسألة قد اتضحت الآن.


أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


02 جمادى الآخرة 1442هـ
الموافق 2021/01/15م


رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع