- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"
جواب سؤال
عدة المرأة المخطوبة التي مات عنها زوجها
إلى مالك سالم وابو بكر الفقهاء
سؤال مالك سالم:
شيخي لو سمحت لي، سؤال من فضلك: المرأة المخطوبة إذا مات زوجها فهل لها عدة؟ وهل ترث خطيبها؟ جزاك الله عنا كل خير.
سؤال ابو بكر الفقهاء:
جزى الله شيخنا، هل تثبت العدة بالدخول أم بابرام العقد فقط؟ لأن هناك حالات طلاق لا يتم فيها الدخول لسبب ما، فهل العدة واحدة؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن السؤالين متقاربان لذلك نجيب عليهما معاً بإذن الله.
1- إذا كان القصد بالمخطوبة في السؤال المرأة التي تقدَّم الرجل لخطبتها ووُجدت موافقة مبدئية على الزواج ولكن لم يتم عقد الزواج بعد أي لم يتم ما يسميه البعض "الإملاك" فلم يحصل إيجاب ولا قبول وفق الأحكام الشرعية ذات العلاقة... إذا كان المقصود بالمخطوبة في السؤال هذه الحالة من الخطبة المنتشرة في بعض بلدان المسلمين أي الموافقة المبدئية على الزواج ولكن دون عقد الزواج... فإن هذه الحالة لا تعد زواجاً ولا تعد المخطوبة زوجة وتكون أجنبية عن الخاطب فلا يصح له الخلوة بها ولا يصح لها كشف شيء من عورتها أمامه... ولا يترتب على الخطبة بهذا المعنى أية آثار من الآثار التي تترتب على عقد الزواج من عدة أو مهر أو ميراث... إلخ.
2- أما إذا كان المقصود بالمرأة المخطوبة في السؤال المرأة التي تزوجها الخاطب بعقد نكاح شرعي فإنها تكون زوجته شرعاً ويترتب على عقد النكاح الشرعي آثار وفق التفاصيل المبينة في كتب الفقه، وسنبين بعضها في النقاط اللاحقة بإذن الله.
3- المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها أي بعد أن عقد عليها عقد النكاح وقبل أن يحصل الدخول بها، هذه المرأة تعد زوجة المتوفى وتعتد العدة الشرعية للمتوفى عنها زوجها وهي أربعة أشهر وعشر لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾، ولما روى الترمذي وغيره عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقاً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَّا مِثْلَ الَّذِي قَضَيْتَ فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ... قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وكذلك فإنها ترث زوجها المتوفى حتى لو لم يكن قد دخل بها لقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْد وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾، ولحديث ابن مسعود الآنف الذكر.
4- المرأة التي يطلقها زوجها بعد عقد النكاح وقبل الدخول تختلف أحكامها بالنسبة للعدة عن المرأة المتوفى عنها زوجها، فالمطلقة قبل الدخول ليست لها عدة مطلقاً لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾.
وهناك حالة مختلف فيها وهي إذا حدث قبل الطلاق وقبل الدخول أن اختلى زوجها بها فهذه الخلوة عند بعض الفقهاء توجب العدة كذلك وأنقل لك بعض الآراء الفقهية في موضوع الخلوة:
- جاء في المغني لابن قدامة: (مَسْأَلَةٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَقَدْ خَلَا بِهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ غَيْرَ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ خَلَا بِهَا زَوْجُهَا، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ، فَأَمَّا إنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا.
(رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، والْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، قَالَ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَنَّ مَنْ أَرْخَى سِتْراً، أَوْ أَغْلَقَ بَاباً، فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ، وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ. وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ أَيْضاً عَنْ الْأَحْنَفِ، عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.).
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَزَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَدِيمِ قَوْلَيْهِ.
- وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ وقَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: 49] وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَمْ تُمَسَّ، فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَمْ يُخْلَ بِهَا.
والخلاصة أن المطلقة قبل الدخول لا عدة لها إلا إذا كان قد اختلى بها زوجها أي ثبت أنه التقى بها في غرفة وأقفل الباب عليهما وحدهما ففي هذه الحالة عليها العدة عند الإمام أحمد.
آمل أن يكون في هذا الجواب الكفاية والله أعلم وأحكم
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
16 ذو القعدة 1441هـ
الموافق 2020/07/07م
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب