السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال

حقيقة ما جرى ويجري في عدن!

 

السؤال: ما حقيقة ما جرى ويجري في عدن؟ وكيف يحدث قتال بين مجلس الزبيدي وحكومة هادي مع أن الزبيدي كان محافظ عدن بتعيين من هادي كما أنه بعدما أقيل بقي في عدن دون اتخاذ أي إجراء ضده من حكومة هادي، بل كان يجمع قواته على سمع وبصر الحكومة؟! ثم ما المتوقع الآن بعد استيلاء المجلس الانتقالي على عدن؟ ولك الشكر والاحترام.

 

الجواب: حتى يتضح الجواب لا بد من استعراض الأمور التالية:

 

أولاً: منذ بدء عاصفة الحزم فإن بريطانيا كانت تدرك أن تدخل السعودية باسم "عاصفة الحزم" بعمليات جوية لم تكن للقضاء على الحوثيين فعلاً، وإلا لأدخلت قوات برية، بل ليظهر الحوثيون مدافعين عن اليمن أمام الطائرات الحربية، فيظهروا مظلومين، وفي الوقت نفسه أبطالاً، فيحصلوا على القبول الشعبي، وعلى الرأي العام، ومن ثم تشركهم في الحكم بنصيب أوفى في حكم اليمن، فبعد أن كانوا قبيلة في منطقة صعدة يصبحون منافسين للحكومة في كل اليمن! ولمعرفة بريطانيا بذلك فقد ألصقت الإمارات مع السعودية في تحالف العاصفة لإفساح المجال للإمارات بمواجهة الحوثيين فعلا وليس شكلاً، وقد بدأت بريطانيا في دفع الإمارات لتحقيق أمرين:

 

الهدف الأول: إيجاد البديل لهادي، حيث إنه شبه أسير في السعودية لا حول له ولا قوة، فأرادت أن توجد لبريطانيا بديلاً عن هادي في عدن بحيث يكون خاضعا لها وليس أسيرا عند السعودية، ولهذا قامت الإمارات بإيجاد البديل بخطوات متلاحقة، فقد كان هناك الحراك الجنوبي الذي أعلن عن نفسه رسمياً جنوبي اليمن سنة 2007 برئاسة الناشط المعارض حسن باعوم المرتبط بأمريكا والمدعوم من إيران... وكانت بريطانيا تخشى تحركاته ولكن هذه الخشية بلغت أشدها بعد مقتل صالح حيث اضمحل نفوذ بريطانيا في الشمال بعد نجاح الحوثيين في بسط نفوذهم في الشمال، ولذلك بدأت تفكر بشكل جدي في أن تكون لها قوة في الجنوب فتكون عندها ورقة ضغط تمكنها من الوجود في حكم اليمن، فإن لم تستطع فعلى الأقل في الجنوب... ولذلك بدأت التفكير بجد في تركيز نفوذ لها في الجنوب، وبخاصة وأنها لم تكن تعتمد كلياً على هادي على اعتبار أن السعودية مهيمنة عليه، وهكذا اهتمت بريطانيا بهذا الأمر عن طريق الإمارات لاختراق الحراك الجنوبي الأصلي أو تهميشه بصنع حراك جديد يتصدر الساحة... ومن ثم ركَّزت عن طريق الإمارات والأتباع على إيجاد حراك جنوبي مواز لجناح باعوم يزايد عليه في قضية الجنوب، ووجدوا ضالتهم في عيدروس الزبيدي، فهو من القيادات المعروفة في الحراك الجنوبي، ولقربه من جماعة الإنجليز فقد عينه الرئيس هادي 2015/12/7 محافظاً لعدن، وذلك بعد انطلاق عاصفة الحزم السعودية (آذار 2015) بأشهر، فكان ذلك مؤشراً قوياً على ثقة عملاء الإنجليز به، وقد أحاطت عيدروس الزبيدي هالة كبيرة في عدن، فكان محافظاً ناجحاً للمدينة وقد أعاد إليها الكهرباء وطرد العصابات المسلحة، وحارب الحوثيين... ومن ثَمَّ اشتدت إليه الأنظار في الجنوب كشخصية سياسية مرموقة تنافس القيادة التاريخية لحسن باعوم في الحراك الجنوبي... وعسكرياً يعتمد عيدروس الزبيدي على هاني بن بريك مؤسس قوات "الحزام الجنوبي" والذي يوصف على نطاق واسع برجل الإمارات في الجنوب (وأسس ما يعرف بقوات «الحزام الأمني»، وهي المليشيا المدعومة علناً من دولة الإمارات في جنوب اليمن... ساسة بوست 2017/11/2)، وهكذا فالزبيدي وبريك كان لهما شأن في الجنوب، ولكن لأنهما كانا في حكومة هادي وولاؤها مكشوف للإنجليز وهذه لا توجِد لهما شعبية في الدعوة للحراك الجنوبي، فكانت الخطوة الأولى إخراجهما من حكومة هادي بطريقة تظهرهما، وخاصة الزبيدي، على خلاف قوي مع معسكر هادي ومن ثم يلتف حوله الجنوبيون لتشكيل الحراك الجديد وهكذا كان... لقد أصدر الرئيس اليمني في 27 نيسان/أبريل 2017 قراراً بإقالة عيدروس الزبيدي، محافظ عدن، ووزير الدولة هاني بن بريك، مع إحالة الأخير للتحقيق، وخرج الآلاف من اليمنيين في مظاهرة في مدينة عدن الجنوبية تنديدا بقرارات هادي... ثم أعلن الزبيدي عن رئاسته لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة عدن يوم 11 أيار/مايو 2017، وأن هاني بن بريك سيكون نائباً لرئيس المجلس مع 26 عضواً، ... وهكذا شكلت بريطانيا عن طريق الإمارات بديلاً لحكومة هادي، وهو المجلس الانتقالي لتستعمله عندما يأتي دوره... وبقي في عدن وله قوة ذات شأن محمياً بجيش الإمارات...

 

الهدف الثاني: تحرير الحديدة من قبضة الحوثيين:

 أ- كانت الإمارات قد دخلت في اليمن برا وجوا لأن القتال الجوي وحده لا يحسم المعركة على الأرض إلا بالتدخل البري، ولذلك دفعت بقواتها وأعوانها إلى الحديدة، وكادت تستولي عليها من قبضة الحوثيين لولا وقوف أمريكا في وجهها بحجة المساعدات الإنسانية. أما لماذا الاهتمام بالحديدة فلأن بريطانيا تعلم أن ما يقيم صُلب الحوثيين هو الدعم الإيراني، وبعد إغلاق مطار صنعاء والسيطرة على موانئ الجنوب فقد أصبح ميناء الحديدة هو الشريان شبه الوحيد لإيران لكي توصل دعمها إلى الحوثيين. لذلك توجهت الإمارات إلى الحديدة للسيطرة عليها... ووقف الحوثيون أمام مخاطر كبيرة تتمثل بقرب استيلاء القوات المدعومة إماراتياً على الحديدة ومينائها، بعد أن أصبحت على مشارفها... ومن ثمَّ أصبحت معارك الحديدة واحتمالات سيطرة الإمارات والمليشيات المدعومة منها على ميناء الحديدة أكبر خطر يهدد حكم الحوثيين في اليمن، لذلك جند له الحوثي كل قواه لمنع تحقيقه، وجندت أمريكا مسؤوليها للتباكي على الوضع الإنساني في اليمن، وأن ميناء الحديدة هو شريان لمنع المجاعة في اليمن... وكانت الإمارات وحلفاؤها المحليون يتحينون الفرص الدولية لشن المزيد من الهجمات واستكمال السيطرة على الحديدة بعد أن وصلوا مشارفها... ومن ثم أصبح وقف الهجوم الإماراتي على الحديدة أمراً ذا بال عند أمريكا لأن خروج الحديدة من يد الحوثيين يجعلهم في مأزق!

 

ب- ثم كانت حادثة الاغتيال الوحشي للصحفي السعودي خاشقجي في إسطنبول، وقد أوجد أجواء دولية مشحونة تجاه السعودية وترامب كذلك لدفاعه عن السعودية، فرأت أمريكا أن تصرف أنظار الوضع الدولي إلى قضية تغطي إلى حد ما على موضوع خاشقجي وترفع الحرج عن السعودية وإدارة ترامب فكانت اليمن، ومن ثم صوَّت مجلس الشيوخ الأمريكي تأييدا لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للحرب في اليمن (وفي خطوة تاريخية صوت أعضاء مجلس الشيوخ بأغلبية 56 صوتا مقابل 41 لإنهاء الدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية في اليمن... رويترز 2018/12/14) وبناء عليه ومن أجل إزالة الحرج الدولي عن السعودية والتغطية على مسألة الصحفي السعودي... دعت أمريكا إلى وقف إطلاق النار في اليمن خلال ثلاثين يوماً... (وطالب وزير الدفاع، جيمس ماتيس، أطراف الصراع اليمني بوقف إطلاق النار خلال ثلاثين يوماً، والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب بالبلاد... وأكد أن "على الأطراف المتحاربة في اليمن التحرك قدماً نحو جهود السلام"، وتابع: "نحتاج إلى فعل ذلك خلال الثلاثين يوماً القادمة، وأعتقد أن السعودية والإمارات على استعداد للمضي في الأمر"... الخليج أونلاين 2018/10/31)...

 

ج- لقد تبع ذلك اتفاق السويد لحل موضوع اليمن، وكانت بريطانيا تدرك أن الاتفاق تديره أمريكا لمصلحة الحوثيين فالمتفاوضون هم الحوثيون وهادي المغلوب على أمره من السعودية... فقد تواردت أخبار أن الوفد الحكومي كان رأيه عدم توقيع الاتفاق لأنه لا ينص على خروج الحوثيين من الحديدة ولكن تحت ضغط السعودية وافق هادي! (قالت مصادر للجزيرة بأن الوفد الحكومي قدم ورقة إلى هادي "المقيم في الرياض" توصي بعدم التوقيع على الاتفاق كونه لا ينص صراحة على خروج الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها، لكن الرئيس اليمني وجّه بالتوقيع عليه بعد ضغوط شديدة من السعودية خلال الساعات الماضية، وفقا للمصادر... الجزيرة نت 2018/12/13)... وبطبيعة الحال فقد رحبت أمريكا علناً بالاتفاق، (رحب وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بالاتفاق معتبراً أن "السلام أصبح ممكناً في اليمن"... بي بي سي 2018/12/14) وكانت أمريكا مهتمة بتنفيذ الاتفاق دون انسحاب الحوثيين من الحديدة، فهي تظن أن هذا ممكن لأن الأطراف المتفاوضة طوع بنانها؛ الحوثيين وهادي المهيمن عليه من السعودية...

 

ثانياً: وهنا وجدت بريطانيا أن البديل لهادي قد جاء دوره الفعلي للعمل، فإذا نجحت أمريكا في تثبيت الحوثيين في الشمال كان البديل الإنجليزي لهادي ثابتٌ في الجنوب، حيث يجعل أمريكا لا تتمكن هي والسعودية من إيجاد حل مع الحوثيين في ظل عميل إنجليزي تهيمن عليه السعودية المرتبطة بأمريكا بل ستجد أمامها الحراك الإنجليزي في الجنوب قويا ذا شوكة يعمل لمصلحة بريطانيا دون هيمنة من السعودية... وبذلك تكون بريطانيا في صورة أي حل لموضوع اليمن... وهكذا تم تحريك البديل، أي مجلس الزبيدي، لبدء أحداث عدن:

 

1- لقد كانت الأحداث الأخيرة في عدن متسارعة بشكل لافت للنظر! فقد بدأ التوتر بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحكومة الشرعية في عدن، ومن ثم الاشتباكات بين قوات "الحزام الأمني والقوات الحكومية... كل ذلك بدأ في 2019/8/7... ومساء السبت 2019/8/10، أي فقط بعد أربعة أيام، (أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن مساء السبت السيطرة على قصر معاشيق الرئاسي في عدن بعد أربعة أيام من المواجهات... فرانس 24 في 2019/8/10)... وكذلك سقطت المعسكرات الأخرى والدوائر في عدن...!

 

2- لقد ساعد في حسم هذه الأحداث بسرعة "خلال أربعة أيام" أن حكومة هادي وأجهزتها ورئيس الجمهورية ونائبه هم من الموالين لبريطانيا، فسهلوا للمجلس مهمته الموكولة له من بريطانيا! وهكذا استطاع المجلس حسم الأمر بسرعة، وبعض المؤشرات تدل على ذلك:

 

أ- (قال مسئول في قوات الحزام الامني "تسلمنا قصر المعاشيق من القوات الرئاسية بدون مواجهات" فرانس 24 في 2019/8/10).

 

ب- وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري: صَمْتُ الرئاسة اليمنية على ما جرى في عدن كان مريباً ولم يكن موفقاً. الجزيرة 2019/8/11)

 

ج- (...وأعلن قائد القوات الخاصة في الحكومة اليمنية، اللواء فضل باعش، السبت "2019/8/10"، انشقاقه والانضمام إلى قوات المجلس الانتقالي وأظهر مقطع فيديو، بثته منصات تابعة للانتقالي "فضل باعش" يعلن انشقاقه عن قوات الحكومة الشرعية، وانضمامه وجنوده إلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس اللواء عيدروس الزبيدي"... ميدل إيست أون لاين في 2019/8/10).

 

د- هذا بالإضافة إلى الدور الكبير للإمارات التي كانت تخادع مثل سيدتها... فالإمارات هي الداعم الرئيس للزبيدي! ومع ذلك فبعد كل عمل تقوم به ضد مخططات السعودية تصرح فوراً بأنها عضو في الائتلاف بقيادة السعودية! وتعملان معاً لاستقرار اليمن!

 

ثالثاً: ويبدو أن السعودية لم تكن تتوقع هذه السرعة في الحسم وبخاصة وهي في فترة الحج... فاستولى المجلس الانتقالي على عدن مساء السبت 2019/8/10... وعندها بدأت السعودية بتدارك الأمر:

 

أ- (...دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، في وقت متأخر من يوم أمس، جميع المكونات والتشكيلات العسكرية، في عدن، ومن بينها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الحزام الأمني، التي سيطرت على الأوضاع هناك، إلى العودة الفورية لمواقعها، والانسحاب من المواقع التي استولت عليها خلال الأيام الماضية، وعدم المساس بالممتلكات العامة والخاصة.. كما دعا التحالف إلى وقف فوري لإطلاق النار في العاصمة اليمنية المؤقتة «عدن»، اعتباراً من الساعة الواحدة بعد منتصف الليلة الماضية، مؤكداً أن قواته «ستستخدم القوة العسكرية ضد كل من يخالف ذلك... وبعد دقائق من انتهاء المهلة، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، موافقته على وقف النار، وثمَّن دعوة الرياض للحوار... الشرق الأوسط في 2019/8/11) انتهى... ومع ذلك فقد (قال نائب رئيس المجلس هاني علي بريك على "تويتر" إن المجلس لا يزال ملتزماً بالتحالف، لكنه يؤكد على "عدم التفاوض تحت وطأة التهديد"... ووصف مصدر مسؤول في التحالف العربي تصريح الانتقالي بشأن وقف إطلاق النار بالجيد ولكنه غير كاف مشددا ضرورة انسحابه من المواقع التي سيطر عليه بالعمل المسلح. وقال المصدر إن الاجتماع بين الأطراف اليمنية في السعودية سيكون "فور انسحاب الانتقالي وعودة قواته إلى مواقعها"... اندبندنت عربية في 2019/8/11) انتهى

 

ب- ولجعل مصداقية لإعلان التحالف فقد استهدف أحد المواقع (استهدف إحدى المناطق التي تشكل تهديدا من جانب الانفصاليين ضد الحكومة اليمنية الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، وقال التحالف إنها العملية الأولى التي ينفذها في هذا الصدد وستليها عملية أخرى في حال عدم التقيد ببيان وقف إطلاق النار في عدن والذي يهدد باستخدام القوة ضد المخالفين... العربية 2019/8/11).

 

ج- أفاد مصدر مسؤول في التحالف العربي بأن (قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بدأت الانسحاب من بعض المناطق التي سيطرت عليها في عدن بعدما استهدفت قوات التحالف أحد المواقع التابعة للمجلس، ويأتي هذا الاستهداف بعد التحذيرات التي أطلقتها قيادة التحالف في بيان مساء السبت "2019/8/10" طالبت من خلاله بوقف فوري لإطلاق النار في عدن... آر تي 2019/8/11)...

 

رابعاً: أما المتوقع فهو أحد أمرين:

الأول، أن السعودية، وقد دعت الطرفين للحوار عندها، ستحاول ما وسعها أن تهيمن على الزبيدي ومجلسه كما فعلت مع هادي وحكومته، ومع أن هذا ليس سهل المنال لأن بريطانيا وراء تشكيل هذا المجلس بسبب وقوع هادي تحت هيمنة السعودية، ولذلك فلن تسمح بأن يقع في الحفرة التي وقع فيها هادي من جديد... والأرجح أن السعودية ستستعمل مع الزبيدي ومجلسه أسلوب الجزرة والعصا، فتغريه بإشراكه في حكومة هادي بصلاحيات له واسعة في الحكومة، ويكون هادي بصلاحيات أقل ولكنه يبقى رئيسا كحفظ لماء الوجه، وتهدد الزبيدي إن رفض بالهجمات العسكرية... ولا يُستبعد أن يكون اجتماع الملك سلمان مع ولي عهد أبو ظبي 2019/8/12 هو لهذا الغرض من أجل إعادة الأمور كما كانت، حيث إن السعودية تدرك أن الإمارات هي وراء إنشاء المجلس الانتقالي برئاسة الزبيدي...

 

والثاني، فإن رفض المجلس الانتقالي، ومن ثم فشلت مساعي السعودية، فعندها تتدخل بريطانيا مباشرة فتُجري محادثات مع أمريكا وتتعهد لها بدفع المجلس الانتقالي للتفاوض مع الحوثيين لإيجاد حل يكون للحوثيين فيه نصيب ذو شأن في الحكم... وقد لا يكون مصادفة أن ينشر محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين على صفحته الفيس بوك في 2019/8/11 أي فوراً بعد سيطرة المجلس الانتقالي على عدن وكذلك تزامناً مع دعوة السعودية الأطراف للحوار: (ندعوا كل المكونات السياسية وبالأخص المكونات الرئيسية ممثلة بأنصار الله وحزب المؤتمر وحزب الإصلاح والمجلس الانتقالي بالجلوس على طاولة الحوار لإنهاء الحرب والاتفاق على تشكيل سلطة انتقالية جديدة تمثل الجميع ومن ثم التوافق على مشروع المصالحة...) وهكذا فإن مثل هذا الحل تبدو ظروفه مهيأة، فأمريكا تريد إنهاء المسألة اليمنية كما ظهر من تصريحاتها قبيل مفاوضات السويد، والسعودية تريد الخروج من مستنقع اليمن، وبريطانيا وقد أصبح لها من يأتمر بأمرها فعلاً دون الخضوع للسعودية فهي كذلك توافق على المفاوضات ولا تعطل مسارها كما كان الأمر من قبل حيث كان هادي مغلوبا على أمره... وإذا اتفقت أمريكا وبريطانيا على حل مشترك فسينفذه الأتباع: الحوثيون والمجلس الانتقالي والسعودية... ولكن العقبة في وجه أي حل مشترك بين الرأسماليين هي نظرة الاستغلال والنفعية التي تسري في دمهم، فالأولوية عند أمريكا وبريطانيا قبل الحل المشترك هي أن يفرض كل منهما الحل الذي يحقق مصالحه هو، وهذا ما يجعل مباحثاتهما تطول.. والحوثي والسعودي وهادي والمجلس ينتظرون...!

 

خامساً: أما الذي يؤلم فهو أن أهل اليمن قادرون على حل قضيتهم بأنفسهم لو أخلصوا لله سبحانه وصدقوا مع رسول الله e، فكيف يتركون أعداءنا يتولَّون حل قضايانا؟!.. إن الكفار المستعمرين يتباحثون ويتدارسون الحلول بسفك دماء المسلمين ثم يجلسون حول تلك الدماء لاختيار الحل المناسب لمصالحهم... والحكام وأعوانهم في بلاد المسلمين في غيهم يعمهون، كأن ما يحدث هو في بلاد الواق واق وليس في بلاد المسلمين! إن تسليمهم قضايانا للكفار المستعمرين ليحلوها والركون إليهم في ذلك، لهو جريمة كبرى يبوء مرتكبها بالخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ}.

 

الثاني عشر من ذي الحجة 1440هـ

2019/8/13م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع