السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

رسالة للمحررين بخصوص جرائم الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال المسلمين في أفريقيا الوسطى (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم


المحرر الكريم،


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


أبدأ هذه الرسالة باسم الله العظيم الذي نواصينا بيده، وإليه مردنا يوم القيامة فيحاسبنا على كل أعمالنا في هذه الحياة الدنيا. في الحقيقة، إن الله سبحانه قد أسبغ عليك نعمة جليلة وهيأ لك فرصًا عظيمة، فقد يسر لك في هذه الحياة أن تكون عضوًا نشطا في الوسط الإعلامي، وبالتأكيد فإنه سبحانه سيسألك عن كيفية استعمالك لنعمه التي أنعم بها عليك في خدمة الأمة الإسلامية والبشرية. إن كلمة الحق الصادقة التي يمكن أن تكتبها والحقيقة التي تستطيع إسماعها للناس قد يكون لها أثر كبير في تحريك جموع الناس ضد الظلم والطغيان وتدفعهم للكفاح من أجل الحق، لتكون في الآخرة مع الذين أنعم الله عليهم بجنة عرضها السماوات والأرض في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


ولهذا أنا أكتب لك، أحثك على المساهمة في رفع الوعي على المحنة المروعة التي يتعرض لها إخوانك المسلمون وأخواتك المسلمات في أفريقيا الوسطى، الذين يواجهون حاليًا حملة إبادة جماعية منظمة على يد المليشيات النصرانية المتعطشة لدماء المسلمين. فإنك على الأرجح تعلم، أن الآلاف قد قتلوا في الأشهر القليلة الماضية بأبشع الصور التي تفتقت عنها العقول المجرمة، حيث قُطّعت أجسادهم وأُحْرقَت وفي بعض الحالات أكل المجرمون لحومهم نيئة، وتعرض مئات الآلاف منهم للتشريد. فقد صرح مدير الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، بيتر بوكارت، أن أحياء بأكملها تم "إفراغها من سكانها المسلمين. فقد تعرضت منازلهم للتدمير بصورة منظمة... حتى يتم القضاء على أي أثر لهم في هذا البلد". كما أن منظمة العفو الدولية أطلقت عليها "التطهير العرقي" وحذرت أن "نزوح المسلمين بلغ مستويات تاريخية غير مسبوقة"، بينما ذكرت الأمم المتحدة مؤخرًا أن من بين 130 ألفًا إلى 140 ألفًا من المسلمين الذين قد عاشوا في العاصمة بانغي، لم يبق منهم إلا 900 فقط. وقد أعلنت المليشيات النصرانية بكل صراحة، بل بكل وقاحة أنهم لن يتوقفوا حتى يتم "تطهير" كل البلاد من المسلمين.


وكما هو حاصل في سوريا، وميانمار، وغيرهما من مجازر مروعة ترتكب ضد هذه الأمة، فإن النساء والأطفال هم أكثر من عانى من جراء هذه المجازر. فقد تعرضوا لأبشع الأعمال الوحشية التي لا توصف والتي يندى لها الجبين، لذلك لا بد من لفت انتباه العالم لها. لقد تم تعذيبهم، وأطلق الرصاص عليهم، وقطعت أجسامهم حتى الموت، وشوهت ملامحهم وأحرقت أجسادهم، وقطّعت رؤوس الأطفال، وذبّح الرضع، وعانت أخواتنا أبشع أنواع الاغتصاب، وما زالت الجرائم تتوالى، لتحاكي في فظاعتها جرائم الإبادة التي حدثت في رواندا في عام 1990. وشهد الأطفال مناظر مروعة والتي لا يجب أن يشهدها أي طفل، وهي في فظاعتها كأنها الجحيم على الأرض. فقد صرح مسؤولو اليونيسف في المنطقة "أن الوحشية والأمان من العقاب التي قتل بها الأطفال وشوهت بها أجسادهم قد أرعبتهم". وصرحوا أيضًا أن الأطفال يتم "استهدافهم بشكل مباشر بسبب دينهم في هجمات انتقامية فظيعة".


ففي كانون الأول/ديسمبر عام 2013 قتلت امرأة مسلمة حامل وقتل 10 أطفال على يد العصابات النصرانية، لقد بقروا بطون النساء وقطعوا رؤوس الأطفال بالمناجل. وفي حادث آخر في شهر كانون الثاني/يناير، بينما كانت امرأة مسلمة، وهي فاطمة ياسما، تهرب من العنف في شاحنة تم خطفها عند نقطة تفتيش على يد المليشيات النصرانية، وتم تقطيع جسدها حتى الموت مع أبنائها البالغين من العمر 3 سنوات و5 سنوات وذلك على عتبة مسجد. وفي الشهر الماضي، عثرت هيئات الإغاثة، على إبراهيم أدامو الذي يبلغ من العمر 7 سنوات، بعد أيام وقد مشى خلالها أكثر من 100 كيلو متر بلا طعام ولا مأوى بعد أن شهد بأم عينيه مقتل أمه وأبيه، وما زال مصير أشقائه الخمسة مجهولًا. والمروع أكثر من ذلك، أن قصة هذا الطفل تشبه تمامًا ما حدث في منطقة كارنو مع ستة أطفال آخرين دون سن العاشرة.


وتتكرر الأعمال الوحشية هذه في المدن والقرى في جميع أنحاء البلاد حيث تستمر أعمال القتل بلا توقف على الرغم من الوجود الفرنسي فيما يسمى "قوات حفظ السلام". حيث لم تفشل هذه القوات فشلًا ذريعًا فقط في منع أعمال الذبح، بل إنها انحازت انحيازًا كاملًا للمليشيات النصرانية المسلحة المناهضة مليشيات البالاكا وتواطأت معهم كذلك في أعمال الذبح ضد المسلمين. في الحقيقة إن هذا ليس مستغربًا، فإن الحقد التاريخي لهذه القوة الاستعمارية ضد الإسلام والمسلمين هو مشهور ومعروف. فلا يجوز أن نثق في الأمم المتحدة العاجزة أو الدول الغربية العلمانية التي تخدم فقط مصالحها الذاتية، لا يجب أن نثق بهم في حماية أرواح المسلمين، فقد وقفت هذه الأطراف صامتة تجاه أعمال القتل والمجازر. وسكوتهم عن سفك دماء المسلمين معروف جيدًا خلال حروبهم في أفغانستان والعراق إلى إرثهم التاريخي في السكوت عن قتل 8000 مسلمٍ مدنيٍّ في العام 1995 في مجزرة سربرنيتشا، مرورًا بسوريا حيث ذبح الطاغية "بشار" مئات الآلاف، وكذلك سكوتهم عن قتل البوذيين العنصريين عبدة الحجر وتشويههم لعدد لا يحصى من المسلمين في ميانمار.


أما حكام المسلمين فقد تخلوا، بشكل تاريخي ممنهج وغير مفاجئ، عن واجبهم الإسلامي والأخلاقي في حماية دماء أبناء الأمة الإسلامية. وأداروا ظهورهم إلى معاناة مسلمي أفريقيا الوسطى وصمتوا تجاه صرخات نساء وأطفال المسلمين. وقد أصبح هذا السلوك هو الأصل عند تلك القيادات الجبانة، ونحن المسلمين لا نثق في مثل هذه الأنظمة لتحريك إصبع لحماية دمائنا وكرامتنا.


ولكن ما يثير استياءنا حقًا هو الاهتمام والتغطية التي تكاد لا تذكر لمحنة أمتنا في أفريقيا الوسطى في وسائل الإعلام التي يديرها إخوانهم وأخواتهم من المسلمين، هؤلاء الذين قد التزموا أمام الله سبحانه بأن يكونوا صوت إخوانهم المسموع. وجدار الصمت هذا قد سمح لهذه الجرائم المروعة ضد مسلمي المنطقة بأن تُنفَّذ وتبقى خفية لا يعلم عنها أحد شيئًا وبعيدة عن أعين المجتمع الدولي. وهكذا، فإن الكثير من المسلمين ما زالوا لا يدركون حقيقة العنف الذي يجري ضد إخواننا وأخواتنا.


ما هو مقدار المعاناة التي يجب أن يتعرض لها المسلمون حتى يتطلب ذلك ردًا؟ إن الصمت عن الظلم هو بكل تأكيد اشتراك فيه! فكيف يمكنكم تجاهل استغاثات إخوانكم وأخواتكم؟ وبالتأكيد، فإن الله سبحانه سيحاسبكم عن الجرائم التي شاهدتموها والتي ارتكبت ضد المسلمين وعمّا فعلتموه لمنعها أو على الأقل لكشفها وفضحها! إني أدعوك بصفتك شخصاً قد أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بالمهارة والتأثير والمكانة الصحفية، وحمله الله مسؤولية عظيمة تجاه أمته، أدعوك لتسليط ضوء وسائل الإعلام على هذه القضية ولتساهم في رفع الوعي العالمي على هذه الجرائم الوحشية. أليس واجبك هو تقديم الحقيقة للعالم عن طريق كشف القهر والظلم أينما شهدته؟!! لذا أدعوك للقيام بواجبك تجاه الله سبحانه، وتجاه أمتك، وتجاه وظيفتك من خلال لفت انتباه الأمة والعالم ومن خلال الحديث صراحة وعلنًا عن محنة إخوانك وأخواتك.


هذا الخطاب هو جزء من الحملة العالمية والتي يشارك فيها القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير؛ وذلك لحشد المسلمين في العالم من أجل حث وسائل الإعلام التي يقوم عليها مسلمون لكشف جرائم الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال المسلمين في أفريقيا الوسطى. وهو جزء من حملة إعلامية لحزب التحرير بعنوان "مَنْ لنصرة المسلمين في أفريقيا الوسطى" من أجل رفع الوعي على محنة المسلمين في المنطقة وللتأكيد على أن إقامة الخلافة، نظام الحكم في الإسلام، هو السبيل الوحيد لحماية المسلمين من المجازر والاعتداء المنظم في أفريقيا الوسطى، وسوريا، وميانمار، والهند، وكشمير، والصين وفي جميع أنحاء العالم. وهي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن توفر الحماية لكل المسلمين المظلومين والمضطهدين في العالم بأسره. ولهذا أدعوك لتشارك في العمل من أجل إقامة هذا النظام الذي هو من عند الله سبحانه وتعالى، وهو وحده القادر على تخليص المسلمين من مآسيهم التي لا تعد ولا تحصى، وآلامهم، وبؤسهم الذي لا يوصف، والمشاركة في بناء مستقبل الأمة حيث الأمن والعدل والازدهار.


«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [رواه مسلم]


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
القسم النسائي

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع