في صحف الخرطوم: زيادة أسعار المحروقات خط أحمر التعليم المختلط حرام في مرحلة الأساس مباح في التعليم الجامعي
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مقالات نشرت في صحف الخرطوم:
1/ زيادة أسعار المحروقات خط أحمر
نشرت صحيفة التيار في عددها (991) مقالاً تحت هذا العنوان: للمهندس/ حسب الله النور كما يلي:
[منذ زيارة مبعوث صندوق النقد الدولي في الشهر المنصرم، وافقت وزارة المالية على تنفيذ روشتة الصندوق الدولي خاصةً فيما يتعلق بالسياسة النقدية ورفع الدعم عن السلع، منذ ذلك التاريخ وحتى ساعة كتابة هذه السطور والجدل يدور حول زيادة سعر المحروقات، وقد كان بين وزير المالية الذي يصر على هذه الزيادة ويتحدى من يأتي له ببديل، وبين بعض اعضاء المجلس الوطني الذين يحذرون الحكومة من مغبة المضي في هذه الزيادة، ويحذرونهم من غضبة الشارع وان يتقوا غضب الحليم الذي طالما امهلهم كثيراً، وأن صبره بدأ ينفد.
ان الحكومة بين مطرقة صندوق النقد الدولي، وما أدراك ما صندوق النقد الدولي، الذي يلوح دائماً بالعصى الغليظة، والتي لا يملك غيرها، ومن المعلوم ان ضربته مميتة، وكم من حكومات ماتت تحت هذه الضربات، وأظن ان حكومة الانقاذ لا تحتاج الى ضربتين. فهي حتى تقاوم تلك الضربات انما تحتاج الى سند داخلي قوي وأظنها لا تمتلك منه رصيداً يذكر. فقد فقدت قواعدها عناصر الترابط والقوة التي كانت شعارات الاسلام المرفوعة تعطيها زخماً زائداً، لطالما فقدته بفقدانها لتلك الشعارات. لذلك ما كان لوزير المالية من خير الا الاذعان لنصائح صندوق النقد الدولي "ان كان للثعلب ديناً". ولكن وبالمقابل هنالك سندان الشعب، هذا الشعب الذي اسقط حكومتين دكتاتوريتين. كانتا تملكان من قوى الشرطة والامن ما تملك ولكن لم يغنيا عنها من غضبة الشارع شيئاً. اما بعد الربيع العربي فقد زاد الامر زخماً وصار التهديد جديداً فسقطت دكتاتوريات أكثر بطشاً وأشد عنفاً من الانقاذ. نعم ان حكومة الانقاذ تنظر بعينها اليمين للصندوق والذي لا يرفض له قولاً، وبالعين اليسرى للشعب الذي اذا خرج عن صمته لن يعود كما كان، والمقياس لتحديد موقف بين هذين المتناقضين هو الاستمرار في الحكم فكلهم يهدد، فالصندوق يملك رصاصة الرحمة والشعب يملك خنجراً مسموماً. فأي الميتتين اقل الماً؟ بما ان الصندوق ليس في قلبه رحمة وقتله سريعاً فكان على الحكومة الخيار الآخر عليها ان تمسك بيد هذا الشعب فلا يستطيع ان يغرس خنجره في احشائها، ومن هنا كانت لعبة التهيئة ان تهيء الشارع ليقبل برفع الدعم عن عن المحروقات، وذلك تارة بوصف ان هذا السعر مدعوماً ولايستفيد من هذا الدعم الا أصحاب المركبات وهم من طبقة الاغنياء ولا معني لدعمهم، ولم تنطلي هذه الحيلة، قيل ان الوقود يهرب الى دول الجوار أي ان هذا الدعم يستفيد منه آخرون لا صلة لنا بهم. نعم لقد سمحت للمجلس الوطني ان يناقش هذا الامر وسمحت لوسائل الاعلام بتناول هذا الموضوع وذلك لأن الزيادة امر لا مفر منه وان الحكومة تخشى إن جاء هذا الامر بشكل مفاجيء قد يشكل صدمه تحدث ثورة تطيح بالحكم، لذلك كانت محتاجة الى هذا الزخم حتى يأتي الامر بشكل طبيعي. واظن ان الطبخة قد اعدت بالكامل، وتصريح المؤتمر الوطني بموافقته على هذه الروشتة هي بمثابة وضع الطبق على مائدة الاكل. ان الحكومة قد اتخذت عدة اجراءات مالية حولت بها حياة الناس الى معاناة قامت ومازالت في جعبتها المزيد من الاجراءات لإتخاذها.
مع ان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي روته السيدة عائشة قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا يقول: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ)" [رواه مسلم]. وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [مسند احمد].
ان الزاوية التي يجب ان ينظر بها الحكام لقضايا الناس ليس تنفيذ سياسة صندوق النقد الدولي ولا ينظرون الى الامور من زاوية بقائهم في الحكم من عدمه بل الزاوية التي حددها الشرع هي رعاية شؤون الناس وتيسير العيش لهم. والا سوف يكون مصيرهم الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديثين السابقين.]انتهى
2/ التعليم المختلط حرام في مرحلة الأساس مباح في التعليم الجامعي
ونشرت صحيفة ألوان في عددها (4880) مقالاً تحت هذا العنوان للمهندس حسب الله النور كما يلي:
صدر قرار في بحر الأسبوع المنصرم من وزارة التربية والتعليم ينذر أصحاب المدارس الخاصة ويتوعدهم بعقوبة سحب التراخيص الممنوحة لمدارسهم التي لم تلتزم بقانون فصل الطلاب الذكور عن الطالبات الاناث. وفي نفس البلد "السودان"، وفي نفس الحكومة (حكومة الانقاذ) نجد وزارة التعليم العالي "تجوّز" التعليم المختلط بين البنات والأولاد في مراحل التعليم العالي.
فما هذه التشريعات المضطربة؟ ومن أين تؤخذ هذه المواقف المتضاربة وعلى أي الأسس تُبنى؟
إن أي تشريع أو قانون إنما يصدر على أساس فكري متين، مبني على نظرة الناس للحياة، ففي الدول الغربية مثلا نجد التعليم مختلطاً من مدارس الأساس وحتى الجامعات، ونجد أن هذا القانون ينسجم مع وجهة نظرهم للحياة، إذ ان الحياة عندهم انما هي للاستمتاع والحصول على اكبر قسط منه يحقق لهم السعادة كما يظنون، والاختلاط بين الجنسين في نظرهم يحقق لهم ذلك، حيث وجود الولد في وسط مجتمع البنات، ووجود النساء وسط المجتمع الرجالي يمكنهم من التعرف على بعضهم البعض بشكل أوثق ،و كما ويمكن لكل منهم التعرف على أكبر عدد من الجنس الآخر، وهذا برأي المجتمع الغربي يساعدهم في تحقيق أكبر قدر من المتع الجسدية، وهو أمر يتماشى مع وجهة النظر الرأسمالية للحياة.
ولكن الذين شرعوا لنا منع الاختلاط بين الأولاد والبنات وفي سن الطفولة الذي لا يعرفون فيها الفوارق بين البنات والأولاد إلا في الشكل والزي فقط، وأباحوا الاختلاط حينما يكبر الأولاد والبنات ويصلوا سن المراهقة؛ السن الذي يبرز فيها علاقة الذكورة والأنوثة بصورة قوية، أقول إن الذين شرعوا هذه التشريعات، فعلى اي أساس فكري استندوا في هذا التشريع، واي وجهة نظر للحياة يريدون أن يحققوها؟!
إن المدقق في هذا الأمر يجد أنه سائر على الطراز الذي وضعه الانجليز ابان استعمارهم السودان، وانهم -أي الانجليز- بالرغم من تبنيهم وجهة النظر الغربية عن الحياة، والتي تقضي بأن يكون التعليم مختلطاً، إلا أنهم اسطحبوا العادات والتقاليد عند أهل السودان؛ والذين جلهم من المسلمين والتي لا تقبل اختلاط الرجال بالنساء، ولكن الانجليز كانوا محتاجين لنشر التعليم في السودان، لذلك حينما أنشأوا المدارس كان لا بد لهم من استصحاب عادات وتقاليد أهل السودان ففصلوا الجنسين في التعليم في مدارس الأساس والثانوي، وسمحوا به في الجامعات، حيث انخرطت فيه بنات الذين تخرجوا من المدارس التي انشأها الانجليز دون أن يشعروا بأي نوع من الحرج أو التناقض.وصار الحال بهذا المنوال إلى يومنا هذا، دون أن نفكر أو نشعر بأي نوع من التناقض في الفصل بين البنات والأولاد في المراحل الأولية من التعليم والاختلاط في الجامعات.
من المنطق أن يحصل العكس تماماً، ولكن فقدان البوصلة التي نهتدي بها قد أوصلنا الى هذا الحال، نحن نريد قوانين وتشريعات مبنية على أساس فكري صحيح، فتنشأ بموجبه قوانين ومعالجات للقضايا تحقق لنا وجهة نظرنا في الحياة فيكون القانون عندنا مقدساً نطبقه بدافع تقوى الله لا أن نحتاج لأكثر من عشر سنوات، فالخمر حينما حرمت لم يحتاج تطبيق حكمها إلا الى وصول الخبر بإعلان التحريم فامتلأت شوارع المدينة المنورة وقتذاك بالخمور المدفقة والقضاء عليها. وكذلك نحتاج معالجات صادقة تنطبق على الواقع، مصدرها من حكيم خبير عليم بأحوال الناس فتستقيم حياتنا وننطلق من رقي إلى أرقى.
إن الحياة الإسلامية، وهي عيش المسلمين في أحوالهم عامة، ثابت بالنصوص الشرعية في القرآن والسنة أن الرجال ينفصلون فيها عن النساء، سواء في الحياة الخاصة في البيوت وما شاكلها، أو في الحياة العامة في الأسواق والطرقات والمدارس وما شابهها، ولا يستثنى من ذلك إلا ما جاء الشارع بجواز الاجتماع فيه سواء في الحياة الخاصة، أو في الحياة العامة وهذا فوق كونه ثابتاً من مجموع الأحكام الشرعية المتعلقة بالرجل، والمتعلقة بالمرأة، والمتعلقة بهما، وثابتاً من مخاطبة القرآن للنساء بوصفهن نساء، وللرجال بوصفهم رجالاً، فإنه مروي بشكل عملي، وبشكل جماعي من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفي جميع عصور الإسلام.