الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مكتب السودان: تعقيب على مقالة "يسألونك عن (عيد) رأس السنة"

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أوردت صحيفة (إيلاف) بتاريخ 09/01/2013م في العدد (406) تعقيب الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان على مقالة أوردها الكاتب عوض محمد الحسن في زاويته (إبر النحل) كما يلي:

 

الأخ الأستاذ عوض محمد الحسن
السلام عليكم ورحمة الله،،،

 

الموضوع: تعقيب على مقالتكم: يسألونك عن (عيد) رأس السنة


طالعت بصحيفتكم إيلاف العدد (405) الأربعاء 02 يناير 2013م مقالة بعمودكم (إبر النحل) تحت عنوان: يسألونك عن عيد رأس السنة، ورغم أن المقالة كتبت بشئ من السخرية الخفية، ثم ختمت بسؤال عن من هم الكفار؟! إلا أني أرجو أن تسمح لي بالتعقيب على هذه المقالة التي أثارت أسئلة ما زالت حائرة عند كثير من أبناء المسلمين في هذا الزمان (زمان الانحطاط الفكري)، والتبعية الفكرية للغرب، ولا بد أولاً من استجلاء حقيقة لا بد منها، وهي ما هو الشئ الذي يجوز أخذه من الكفار (وسأجيب عن سؤال من هم الكفار في ختام تعقيبي إن شاء الله)، وما هو الذي يحرم أخذه، وما هو المعيار، وكيف نفرّق بين ما يجوز أخذه وما لا يجوز؟


إن الذي أدخلنا في هذه المتاهة، وخلط علينا كثيراً من الأمور هو ما حدث من تطور علمي وصناعي في بلاد الغرب، وقابله الانحطاط والتخلف في بلادنا (بلاد المسلمين)، فظن أبناء المسلمين أن سبب هذا التطور في بلاد الغرب هو بسبب الحضارة الغربية، وأن تخلفنا هو بسبب تمسكنا بالحضارة الإسلامية، وفي هذا خلط وتجني على الحضارة الإسلامية. فإن الحضارة تعني مجموع المفاهيم عن الحياة، وهذه المفاهيم لا بد أن تكون منبثقة عن عقيدة أو مبنية عليها، في حين أن الأشكال المادية والوسائل التي تستخدم في الحياة، لا علاقة لها بوجهة النظر في الحياة، وهي لا تميز أمة عن أمة، فكثير من أسباب العلم والتكنلوجيا تمتلكها اليوم دولٌ مختلفة في حضارتها، فمثلاً الغرب الرأسمالي تقوم حضارته على فصل الدين عن الحياة، وبناء على ذلك توجد المفاهيم عن الحياة الدنيا، في حين نجد أن الدول الاشتراكية والشيوعية؛ مثل الصين والاتحاد السوفيتي (سابقاً) يملك نفس وسائل التقدم العلمي والتكنولوجي رغم الاختلاف الأيديولوجي بينهم، بل إن أية أمة مهما كانت حضارتها فإنها تحرص على اقتناء أسباب التقدم العلمي والصناعي، إذ هي من أسباب القوة التي تحرص الأمم على امتلاكها، ولذلك لم نستغرب ما كان يحدث بين المعسكرين الشيوعي (قبل سقوطه) والرأسمالي على مواكبة ما ينجزه كل منهما من مبتكرات وصناعات، بل يصل بهما الأمر أحياناً إلى سرقة التصاميم والمخططات العلمية والصناعية والهندسية والعسكرية، مما يعني أن هذه الإنجازات والمبتكرات هي من الأشكال والوسائل المادية التي لا علاقة لها بالحضارة ووجهة النظر في الحياة، لذا نجد ذات المعسكرين عندما يكون الأمر متعلقاً بالعقائد والأيديولوجيا والدراسات السياسية وما شاكل ذلك، نجد كلاهما متأهباً للمواجهة.


إننا بوصفنا مسلمين أحوج ما نكون إلى هذا التفريق بين الحضارة والمدنية، لأننا أمة متميزة تحيا بنمط ينفرد عن كل أنماط الحياة، (أي هكذا يجب أن نكون)، فالإسلام يقوم على حضارة أساسها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله، وأن من ينظم هذه الحياة هو الله سبحانه خالق الكون والإنسان والحياة، لأنه وحده من يعلم ما يصلح البشرية وما يضرها، ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ).


وبناء على ما سبق فإن كل ما يتصل بالحضارة لا نأخذه من أي أمة من الأمم، فهذه مسألة خاصة، فالمسلمون طوال عهودهم الزاهرة لم يأخذوا من الحضارات الأخرى، إذ لا يجوز أن يقتبسوا العقائد والفلسفات ولا الأنظمة والتشريعات، قال تعالى: ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ). وإن جاز دراسة هذه العقائد والفلسفات لدراستها والرد عليها.


أما المدنية، وهي مجموعة الأشكال والوسائل المادية المستخدمة في شئون الحياة، فهذه يجوز أخذها والاستفادة منها ما دامت نتاجاً بشرياً حيادياً لا علاقة له بالحضارة، مثال ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب حفر الخندق من الفرس حين أبلغه إياه سلمان الفارسي رضي الله عنه، وكما أخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلوب الدواوين من الفرس أيضاً؛ وهي شكل من أشكال المحاسبة المالية وإدارة الأعمال، كما استفاد المسلمون على مر العصور من العلوم والإنجازات المادية التي أبدعتها غيرهم من الشعوب كما استفادت تلك الشعوب من علوم المسلمين في هذا المجال (الهندسة والكيمياء والرياضيات والطب وغيرها)، لذلك فالطائرة والسيارة والحاسوب والغواصة وغيرها، هي وسائل عصرية يجوز أخذها، لأن القاعدة الشرعية تقول: (الأصل في الأشياء الإباحة) و(الأصل في الأعمال التقيد بالحكم الشرعي).


ونخلص من ذلك أن أعياد الكفار تتعلق بعقائدهم - أي بحضارتهم -  ومشاركتهم أوعدمها عمل يُرجع فيه إلى الحكم الشرعي (كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)، فمن يحرمها يأتي بالدليل ومن يبيحها أو يجوزها أيضاً عليه أن يأتي بالدليل، ومن كان دليله أقوى وصحيحاً يعمل به ويترك الآخر، هكذا علمنا الإسلام، وهكذا يجب أن نكون لا أن نقلد دون وعي أو نتبع دون فكر وفهم.


أما من هم الكفار؟ فهم كل من لا يؤمن بالله العظيم ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وإن كان من أصحاب الكتاب، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: «لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلاَ يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، وَلاَ يُؤْمِنُ بِي إِلاَّ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». وأمر آخر، إن اليهود والنصارى الموجودون في عالمنا اليوم كلهم كفار بنص القرآن الكريم، يقول سبحانه: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )، وقال تعالى: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ).


مع خالص ودي وتقديري،،،

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع