السبت، 22 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/13م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

وجاء دور الإسلام لقيادة العالم من جديد- أبو إمام

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1556 مرات


الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


وبعد:


أقول بداية وبالله التوفيق، بدل أن نظل نسترجع الماضي، ونعيش ذكرى هدم الخلافة علينا أن نتجاوز هذا الماضي بأحداثه الأليمة، وأن نعمل على تغييره، وأن نعيش حياة المستقبل الزاهر إن شاء الله بالعمل على إعادتها، تلك الفردوس المفقود لدى المسلمين جميعاً وأن يكون الماضي حافزاً لنا على ذلك، والمبشرات كثيرة والحمد لله ومنها:


قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55


وقوله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» "مسند الإمام أحمد- الفتح الرباني ج23 ص 10-.


وكتاب الله، وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم، خير المبشرات التي يتعلق بها المسلم.


قالت العرب: "لكل جماعة فينا إمام، ولكن الجميع بلا إمام" وإيجاد هذا الإمام واجب في عنق كل مسلم، والمسلمون اليوم مطالبون بذلك، ولعل الظروف تسير في صالحهم، وما عليهم إلا أن يحسنوا استغلالها ويشدوا العزم بعد التوكل على الله، والله ناصرهم ومعينهم، وهو الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد، وهذا نداء إلى المؤمنين العاملين الصابرين على هذا الطريق الشاق، أن يسعوا جادين مخلصين لإعادة مجد الإسلام وعزة المسلمين بإعادة خلافتهم الإسلامية، ودعوة كذلك إلى أصحاب الفكر المستنير أن يعوا على الواقع، وأن يرصدوا مخططات أعدائهم مواصلين الليل والنهار لتحذير أمتهم وللرد عليها، ودعوة كذلك إلى الذين يؤمنون بأن الاحتكام إلى منهج الله ليس نافلةً ولا تطوعاً ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان وإلا فلا، فليكملوا إيمانهم بإقامة دولتهم، والنداء موجه كذلك إلى كل من وضع نصب عينيه وحدة هذه الأمة، وسلامة عقيدتها والنهوض بها لتقود العالم من جديد، إلى كل أولئك أدعوهم أن يغذوا السير إلى انجاز موعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم لنبدأ نحتفل ونحي ذكرى إقامتها من جديد إن شاء الله تعالى بدل أن نعيش ذكرى هدمها.


فلا بد إذاً من العمل على تحقيق هذا الهدف وهذا المطلب، والذي أصبح ضرورة عالمية لإنقاذ ليس المسلمين فقط بل البشرية كلها، مما تعاني من مشاكل لا حل لها إلا بالإسلام، الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لكل الناس بعد أن أتمه وأكمله ثم طالبنا بامتثاله.


وإعادة الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية من القضايا المصيرية بالنسبة للمسلمين، والقضايا المصيرية حتى تتحقق لا بد لها من إجراء الموت أو الحياة، وإلا فمنال التحقق صعب وغير يسير، فلا بد لاستئنافها من التضحيات الجسام يتحملها المسلمون لتحقيق هدفهم المنشود ولإزالة العراقيل والتغلب عليها، ولأن الأمر لا يتعلق بقيام دولة أية دولة، ولا بقيام دولة تسمى إسلامية وفقط، بل الأمر يتعلق بإقامة دولة إسلامية تطبق الإسلام نظاماً منبثقاً عن العقيدة الإسلامية، تطبقه أحكاماً شرعية باعتبارها حكم الله، فتستأنف الحياة الإسلامية كاملةً في الداخل، وتحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة في الخارج، ولذلك كانت الصعوبات التي تقف في طريقها أو تقوم في وجهها كبيرة، لا بد من العمل على التغلب عليها، ومن هنا كان الحمل ثقيلاً على عواتق المسلمين المخلصين المشمرين عن سواعدهم لإعادتها ومع ذلك فإنه لا يوجد عذر لمسلم على وجه الأرض في القعود عن القيام بما فرضه الله عليه لإقامة هذا الدين بإيجاد خليفة للمسلمين حين تخلو الأرض منه، وحين لا يوجد فيها من يقيم حدود الله لحفظ حرمات الله، ويجمع شمل المسلمين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، كما لا توجد في الإسلام أي رخصة في القعود عن القيام بهذا الفرض حتى يقوم، والواقع يؤكد ضرورة ذلك، لا سيما وأن الأمة تعيش الابتلاءات والمحن وتتعرض كل يوم للفتن التي تهزها من الأعماق، وقد شاء الله عز وجل أن تدرك الأمة أن خلاصها لا يتم إلا بإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة، فبدون الخلافة تبقى البلاد الإسلامية ممزقة وشعوبها مفرقة، وبدون الخلافة تبقى دول الكفر المستعمرة تتحكم في رقابنا وتنهب خيراتنا وتوقع بيننا الشقاق، وبدون الخلافة ستبقى الشعوب الإسلامية هنا وهناك تقتل وتشرد وتهدم مساجدها وتدنس أعراضها وليس من منقذ، وبدون الخلافة سيبقى اليهود يحتلون مقدساتنا ويواجهونا بالقتل والإذلال، وبدون الخلافة يبقى المسلمون غير العاملين بجد لإقامتها يبقون في الإثم وفي غضب الله، وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا، فالعمل لإقامتها الآن فرض عين في أقصى طاقة وأقصى سرعة، فلا بد للمسلمين أن يلبوا نداء ربهم وهو يخاطبهم بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ..}الأنفال24، ففي الإسلام الحياة الحقيقية الصحيحة وفي غيره الحياة الضنك في الدنيا والآخرة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124، وفي الإسلام العزة والهداية والفلاح، وفي البعد عنه الذلة والضلال والشقاء فهذه الأمة لا تستمد الشرف والعزة إلا من استمساكها بأحكام الإسلام، كما قال عمر رضي الله عنه: "إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله أذلنا الله" وهذه حقيقة جرت على لسان عمر رضي الله عنه، فما عزت الأمة في يوم بغير دين الله، ولا ذلت في يوم إلا بالانحراف عنه والله تعالى يقول: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً .... }فاطر10، يعني من طلب العزة فليتعزز بطاعة الله عز وجل، فالعزة عند الله مصدرها، فمن أرادها فليطلبها من مصدرها ولينشدها هناك فسيجدها كما وجدها المؤمنون الذين قال الله فيهم: {... وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }المنافقون8 وهذه العزة كما كانت للمؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهي لمن يتبعهم على الطريق، وأمتنا اليوم تفتقد العزة إلى القدر الذي فقدته من دينها، ولن يعود لها هذا إلا بذاك، فيوم تعود إلى شريعته وإلى دينها تعود العزة إليها، والعودة إلى الشريعة بإعادة الخلافة وتنصيب خليفة يطبق أحكامه ولا حل للأمة بغير ذلك.


فالخلافة إذا هي العز والمنعة، وهي حافظة الدين والدنيا، وهي الأصل والفصل، بها تقام الأحكام، وبها تحد الحدود، وتفتح الفتوح، وترفع الرؤوس بالحق، وهي التي تضع الحد لكل الطغاة اليوم، وهي التي تقضي على دولة يهود وتعيد فلسطين إلى ديار الإسلام، وهي التي تخرج أمريكا من كل بلاد المسلمين صاغرة ذليلة، وهي التي تحرر البلاد والعباد من نفوذ الكفر وعملائه، وبطش زبانيته وأزلامه.


الخلافة اليوم هي التي تمنع تمزق العراق والسودان وتعيد اللحمة إلى الصومال، وهي التي تقضي على سلطان الهندوس في كشمير، وحكم الروس في الشيشان، وهي التي تنقذ المسلمين ما حصل لهم في الصين، وهي التي تنقذ أهلنا في باكستان وما يتعرضون له من القتل والتشريد.


الخلافة هي التي تزيل الحدود والسدود التي رسمها الكفار إنها التي تنشر العدل والخير وتعز الإسلام والمسلمين، وتذل الكفر والكافرين، نعم إنها تفعل كل هذا وزيادة، إنها تصنع النصر وتدفع الهزيمة.


أيها المسلمون: إن من أعظم مكامن الخطر في الأمة اليوم هم الحكام الذين تولوا شأنها، هم الحكام الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم!! لقد افتضح أمرهم وبانت سوأتهم وظهر عوارهم، ولم يبق أمامهم إلا أمران، فإما أن يستقيلوا، وإما أن يقالوا، إما أن ينسحبوا بهدوء صاغرين تاركين الأمة تدبر أمرها، وإما أن ينزعوا من رقابهم، وأظن أنهم لا يرضون إلا بالخيار الثاني لتشبثهم بدنياهم الرخيصة، نعم لقد لفظتهم الأمة لفظ النواة من المحيط إلى المحيط بعد أن تساقطت جميع أقنعتهم وأصبحوا في حكم الأموات رغم ما هم فيه من زيف الحياة فالويل لهم.


أيها المسلمون: هذا هو حال حكامكم فماذا أنتم فاعلون؟


- ألم تكف خمس وثمانون سنة ونيف من الوقوع بالإثم لمن لم يعمل لإقامة الدولة وإيجاد الخليفة؟
- ألم تكف خمس وثمانون سنة ونيف من الضياع حتى أصبحنا كالأيتام على مأدبة اللئام؟
- ألم تكف تلك السنون لنصحو ونستيقظ؟
- ألم تكف تلك السنون من توالي المصائب على رؤوسنا، وتداعي الأمم علينا كتداعي الأكلة إلى قصعتها كالوحوش الكاسرة تنهش المسلمين هنا وهناك دون أن يردعها رادع، وأصوات المقهورين تتعالى؟!
- ألم يكف كل ذلك لأن تجعل الدماء تغلي في العروق فتحرك الأجسام والأقدام، وتحرك العقول والقلوب معيدة مجد الإسلام بإعادة دولته من جديد؟!
فكفى قعودا وإهداراً للوقت وتهرباً من المسؤولية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
- ثم ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟!.


والله الذي لا إله إلا هو لن تعود خير أمة أخرجت للناس دون أن نشمر عن ساعد الجد ونقيم الخلافة، ولن ننال المكانة التي يحبها الله ورسوله إلا إذا احتكمنا لشرعه سبحانه ثم لا نجد في أنفسنا حرجاً من ذلك ونسلم تسليماً مطلقاً لأمر الله، ولن يزول الذل عنا ونصبح سادة الدنيا بحق إلا إذا تمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعضضنا عليهما بالنواجذ.


نسأل الله عز وجل أن نكون كذلك، ونسأله عز وجل أن نكون من العاملين المخلصين لإعزاز هذا الدين.


الله عجل لنا بنصرك وفرجك يا رب العالمين بإقامة دولتك التي فيها حكمك ورضاؤك.


وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


والحمد لله رب العالمين


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إقرأ المزيد...

إثم القعود عن العمل لإقامة الخلافة- الأستاذ أبي الصادق

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1490 مرات



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها الأخوة المسلمون: ابتليت أمتكم بحكام حكموها بعد أن جزءها الكفار ونصبهم عليها, ثم تتابع تنصيبه لمن لحقهم, فالسابق و اللاحق في الجريمة سواء, وقد أشترط الكفار فيمن ينصبونه, أن يحارب الخلافة أو الحكم بما أنزل الله حربا لا هوادة فيها, فلا تجدون بلدا من بلدانكم إلا وسجونها لا تخلوا ممن يعملون لإيجاد الخلافة التي هدمها الكفار وهؤلاء الكفار والحكام يحرصون حرصا شديدا على عدم عودتها.

أيها الأخوة المسلمون: إن من يضع الخلافة وراء ظهره ولا يعمل لها, فإنه يكون قد عصى الله ورسوله, فالأدلة التي توجب العمل لأقامتها مستفيضة جدا, بل إنها جعلت ميتة المسلم الذي لا يعمل لأقامتها ميتة جاهلية, وفق الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)).

فالإثم الذي يترتب على كل قاعد عن العمل لإقامة الخلافة هو إثم عظيم, أما الحاكم الذي يركن إليه هذا القاعد, ولم يعمل لإزالته, فإن إثمه وعذابه أشد بكثير لأنه لا يحكم بما أنزل الله, ويوالي الكفار ويلقي إليهم بالمودة, طالبا لنفسه العزة منهم, فهو المنافق، كعبد الله أبن أبي بن سلول الذي أعد الله لهم عذابا أليما, قال سبحانه وتعالى: ((يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) وقال: (( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, أيبتغون عندهم العزة, فإن العزة لله جميعا)).

لقد توعد الله الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, وتوعد المسلم القاعد عن العمل لإيجاد الخليفة الذي يحكم بما أنزل الله, توعدهم بالعذاب الأليم, فالحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله وهو ينكر الإسلام فقد وصفته آيات الله بالكفر (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) أما الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ولكنه لا ينكر الإسلام, فقد وصفته الآيات بالفسق و الظلم, (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)) (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)).

هذا واقعكم أيها المسلمون فتبصروه قبل أن تلاقوا ربكم, وقد فرطتم بأعظم فرض فرضه الله عليكم, ولقد أقبل على هذا الموضوع موضوع الخلافة بعضكم ولكنهم لم يبلغوا حد الكفاية, ولو أنهم قد أقبلوا بعشرات الآلاف أو يزيدون في بعض بلاد المسلمين ليعملوا مع حزب التحرير, ما يدل على أن الخلافة أصبحت قضية المسلمين العملية, وليس من الناحية الفكرية كما كانت قبل سنين .

أيها الأخوة المسلمون: إن هم حزب التحرير الذي يعمل له منذ أول يوم وجد فيه,هو استئناف الحياة الإسلامية في الأرض بإقامة الخلافة على منهاج النبوة, وهو همه الحقيقي ألذي لن يتحول عنه, لأنه الفرض العظيم, الذي أتخذه هذا الحزب طريقا له, سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله تعالى أمرنا بها حين قال: (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون))، فحزب التحرير والحمد لله أدرك طريقه, فهي ليست من عنده, إنما هي طريق محمد صلى الله عليه وسلم, الذي لا ينطق عن الهوى, وهو لا يسعى إلى الخيال كما يظن الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم أنفسهم, بل أعتقد أفراده اعتقادا جازما بأن إقامة الخلافة حقيقية واقعة بأذن الله, أما دليلها في القرآن والحديث, القرآن بآية وعد الله سبحانه وتعالى للذين أمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف بالأرض كما استخلف الذين من قبلهم إذ يقول: ((وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا, ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) .

وأما الحديث، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله ان تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبريه فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) ثم سكت . أخرجه أحمد من طريق حذيفة.

أيها الأخوة المسلمون: إن كيد الشيطان كان ضعيفا فكيف بأوليائه الذين كشفهم الله لنا، ومؤامراتهم وأحبط أعمالهم، ونجزم أنه سوف لا يكون لهم شأن عند قيام الخلافة فالأمة أدركت خيانة الحكام وعظمة كيد الكفار, فلن تتخلى عن إسلامها وتتبعهم، إن أولئك العملاء سيختفون طوعا أو كرها فلن يجد الأعداء حينها خائنا يفتح لهم مغاليق البلاد الإسلامية ليدخلوها دون عتاد.

أيها المسلمون الذين آثروا القعود عن العمل ، إنكم قد ركنتم إلى الحكام الذين يعيثون في الأرض الفساد, فيذبحون ويعتقلون ويجوعون ويسرقون الخيرات،فاعلموا أنكم مهما طال بكم العمر فإنكم ستدسون في التراب وتتركون ما خول الله لكم وراء ظهوركم، يقول سبحانه: (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)، فانظروا إلى من كان قبلكم, لمن آلت ثروته؟ التي كان يخشى بطش الحاكم على نفسه وعليها، قال سبحانه: (كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم*ونعمة كانوا فيها فاكهين *كذلك وأورثناها قوما آخرين *فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين)

إنكم لتسألن عن هذا القعود ، ولتسألن عن سكوتكم عن الحكام الذين عطلوا الحكم بما أنزل الله ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، ووالوا أعداء الله، وأضاعوا كثيرا من بلاد المسلمين وانتم تنظرون ، سواء أكانت فلسطين أم كشمير أم قبرص أم تيمور الشرقية، أم تقطيع أوصال العراق وأفغانستان أم فصل جنوب السودان, أم ما يحدث من مجازر في الصومال والشيشان.......، فأنتم بهذا القعود والسكوت ، ساهمتم بالقتل والتشريد والتهجير.

فقد أوردت الإحصائيات أن 80% من مهاجري العالم من المسلمين ، ومع ذلك لا تتوبون ولا تتذكرون, يقول سبحانه تعالى: (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين،ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون)

فاستجيبوا لربكم أيها المسلمون واعملوا مع حزب التحرير لإعادة الخلافة التي هدمها الكفار، فإن لم تستجيبوا فإنكم لن تضروا الله شيئا ولن تحولوا دون قيام الخلافة، فهي قائمة بإذن الله, بوعده سبحانه, وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم.

(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبو الصادق

إقرأ المزيد...

شرح مواد النظام الاقتصادي في الإسلام (ح21)- من منشورات حزب التحرير - شرح المادة (144)

  • نشر في أجهزة الدولة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1815 مرات

وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

نص المادة (146):

(يجبى الخراج على الأرض الخراجية بقدر احتمالها وأما الأرض العشرية، فتجبى بها الزكاة على الناتج الفعلي)

تبين هذه المادة: أن الأرض تكون على نوعين لا ثالث لهما، إما أن تكون أرضا خراجية, وهي الأرض التي فتحت عَنوة أو صلحا، وهي غنيمة للمسلمين فتكون منفعتها لهم, ورقبتها لبيت المال، وإما أن تكون أرضا عشرية وهي الأرض التي أسلم أهلها عليها, وهي غنيمة للمسلمين يملكون رقبتها ومنفعتها.

والخراج نوعان: خراج العنوه وخراج الصلح، أما خراج العنوه, فهو الخراج الذي يوضع على كل أرض استولى عليها المسلمون من الكفار عنوة بالقتال, مثل أرض العراق والشام ومصر، ودليله قوله سبحانه تعالى ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ...)، ثم قال سبحانه: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)، ثم قال تعالى: (والذين تبوئوا الدار والإيمان من قبلهم)، ثم قال سبحانه: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان).

وهذه هي الآيات, التي احتج بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لدعم رأيه في عدم تقسيم أرض العراق والشام ومصر على المقاتلين، بعد أن طلب منه بلال وعبد الرحمن والزبير، بأن يقسم الأرض التي أفاءها الله عليهم بأسيافهم، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض خيبر على المقاتلين عندما افتتحها, فعمر رضي الله عنه جمع بعض الأنصار وقال لهم: قد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها، وأضع عليهم فيها الخراج، وفي رقابهم الجزية يؤدونها، فتكون فيئا للمسلمين المقاتلة والذرية ولمن يأتي بعدهم، أرأيتم هذه الثغور, لابد لها من رجال يلزمونها ؟ أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر؟ لا بد أن تشحن بالجيوش, وإدرار العطاء عليهم، فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟ فوافقوه على رأيه, وبذلك أبقى عمر الأرض بيد أصحابها, وفرض عليها خراجا يؤدونه إلى بيت مال المسلمين, وجعله فيئا للمسلمين, ويبقى خراجا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أما خراج الصلح: فهو الخراج الذي يوضع على كل أرض صولح أهلها عليها، ويكون تبعا للصلح الذي يتم الاتفاق عليه بين المسلمين وبين من يصالحونهم، فإن كان الصلح على أن الأرض لنا, وأن نقر أهلها عليها مقابل خراج يدفعونه, فإن هذا الخراج يبقى أبد الدهر على هذه الأرض, وتبقى أرضه خراجيه حتى لو انتقلت إلى المسلمين, بإسلام أو شراء أو غير ذلك.

أما إن كان الصلح على أن الأرض لهم, وأن تبقى في أيديهم, وأن يقروا عليها بخراج معلوم يضرب عليهم, فهذا الخراج يكون بمقام الجزية, ويسقط بإسلامهم أو ببيعهم الأرض إلى مسلم, وأما إن باعوا الأرض إلى كافر, فإن خراج الأرض يظل باقيا ولا يسقط, لأن الكافر من أهل الخراج والجزية, وليس من أهل الزكاة .

أما الأرض العشرية: فيؤخذ منها العشر على ناتجها, وهذا العشر يبقى عشرا, ولا يتحول إلى خراج إلافي حالة واحدة, وهي إذا اشترى كافر من مسلم أرضا عشرية, فإن عليه أن يدفع الخراج, وليس العشر, لأن العشر زكاة, والكافر ليس من أهل الزكاة, ولأنها صدقة وطهر للمسلم.

وأرض العشر هي :

أ‌- أرض جزيرة العرب ,لأن أهلها كانوا من عبد ة الأوثان, فلم يقبل منهم إلا الإسلام, ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرض أي خراج عليها, مع أنه حارب وفتح عدة أمكنة فيها.

ب‌- كل أرض أسلم أهلها عليها, مثل اندونيسيا واليمن وجنوب شرق آسيا,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله, فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه, وحسابه على الله ) رواه الشيخان عن طريق أبي هريرة .


ج- كل أرض فتحت عنوة. وقسمها الخليفة على المحاربين مثل أرض خيبر, أو أقر المحاربين على امتلاك جزء منها .

د- كل أرض صولح أهلها عليها على أن نقرها في أيديهم ملكا لهم, لقاء خراج يؤدونه, فإنها تصبح أرض عشر عندما يسلمون أو يبيعونها لمسلم .

هـ- كل أرض ميتة أحياها مسلم , قال صلى الله عليه وسلم: )من أحيا أرضا ليست لأحد فهو أحق بها ).

هذه هي الأرض العشرية وبهذه الكيفية تصبح الأرض أرضا عشرية.

أما اجتماع العشر والخراج في أرض واحدة فهذا ممكن وجائز, لأن الأرض عندما تكون في يد الكفار, ففيها الخراج, فإن أسلموا أو باعوها لمسلم, لم يسقط خراجها, ويصبح على المسلم الذي اشتراها أن يدفع الخراج وفيما زاد عن الخراج يدفع العشر, لأن الخراج حق وجب على الأرض والعشر حق وجب على ناتج الأرض, فلا تنافي بين الحقين, لأنهما وجبا بسببين مختلفين.

وأما ما استدل به الأحناف على عدم الجمع بين العشر والخراج من حديث يروونه عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم)، فإنه ليس بحديث.

قد يسأل سائل كيف نعرف أن هذه الأرض عشرية وتلك خراجيه, بعد أن هدمت الخلافة ودمرت السجلات والدواوين, التي تميز الأرض المقطعة؟

فالجواب يمكن أن يسار على النحو التالي:

اعتبارا بالأعم الأغلب لما هو معروف بأنه فتح عنوة أو أسلم أهله عليه أو اتخذ معه وضع معين, فجميع أرض العراق ومنها الكويت وإيران والهند وباكستان وأفغانستان وتركستان وبخارى وسمرقند وأرض بلاد الشام وتركيا ومصر والسودان وشمال أفريقيا, كلها تعتبر أرض خراج, لأنها قد فتحت عنوة يجب فيها الخراج على أهلها من المسلمين والكفار, والعشر كذلك على المسلمين, إذا كان ناتج أرضهم مما تجب فيه الزكاة, ويبلغ نصابا بعد أداء الخراج.

أما شبه جزيرة العرب, بما فيها اليمن واندونيسيا وجنوب شرق أسيا وأمثالها, فإنها أرض عشرية لا خراج عليها, ولا يجب عليها إلا العشر, زكاة على الناتج الذي تجب فيه الزكاة.

وعند وضع الخراج, لا بد من أن ينتدب الخليفة أو من ينوب عنه أشخاصا من ذوي الخبرة في المساحة والخرص والتقدير, كي ينصفوا الناس وينصفوا بيت المال, فعمر رضي الله عنه, استشار المسلمين فيمن يرسله لهذا الغرض, فاجتمعوا على عثمان بن حنيف, وقالوا: ( تبعثه إلى أهم من ذلك, فإن له بصرا وعقلا وتجربة, فولاه عمر مساحة السودان), فالٌمنتدب لوضع الخراج, عليه أن يراعي واقع الأرض, أهي خصبة يجود إنتاجها ويكثر عطاؤها؟ أم رديئة يقل ريعها ويردؤ إنتاجها؟ ومن حيث كونها تسقى بماء السماء أو بماء العيون والآبار, أو بماء القنوات والأنهار, ومن حيث الكلفة, وقربها من الأسواق والمدن والطرق المعبدة وغير ذلك.
أما بالنسبة لتقدير الخراج فيكون حسب رأي الخليفة واجتهاده, وحسب تقلبات الأوضاع على الأرض, من طروء خراب أو انقطاع مياه, أوحصول آفات وغلاء أسعار النقل, فكل هذه التقلبات يجعل لها أثر في التقدير.
والخراج والعشر حق للمسلمين, وأن العشر يوضع في بيت المال في باب الزكاة, ويصرف على الأصناف الثمانية, أما الخراج فينفق على جميع مصالح الدولة, وتدفع منه أرزاق الموظفين, والجند, والأعطيات, ومنه تُعد الجيوش, وتُجهز بالسلاح, وُينفق على الأرامل والمحتاجين, وتقضى مصالح الناس وترعى شؤونهم، ويتصرف فيه الخليفة برأيه واجتهاده بما فيه الخير والصلاح للإسلام والمسلمين.

وإلى حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو الصادق

إقرأ المزيد...

خطبة جمعة غياب الإسلام هو سبب المعاصي والمشكلات

  • نشر في منبر الدروس والخطب
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1505 مرات

 

      الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً، الحمد لله الذي جعل الليل والنهار آيتين فمحى آية الليل، وجعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلاً من ربنا، ولنعلم عدد السنين والحساب وكل شيء فصله تفصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم فصلّ عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً... أما بعد،

      يقول المولى عز وجل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا) [المائدة: 3]، وقال عز وجل: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89]. في هاتين الآيتين الكريمتين يُبّن لنا المولى سبحانه وتعالى إكمال دينه وتبيانه لنا لكل شيء، فدين الإسلام شمل لنا تنظيم كل علاقاتنا، وبناءً على ذلك يمكن أن يعرَّف الإسلام بأنه الدين الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لتنظيم علاقة الإنسان بخالقه ونفسه، وغيره من بني الإنسان؛ وعلاقة الإنسان بخالقه تشمُلُ العقائد والعبادات، وعلاقة الإنسان بنفسه تشمل الأخلاق والمطعومات والملبوسات، وعلاقته بغيره من بني الإنسان تشمل المعاملات والعقوبات. وهذه العلاقات كلها إذا لم ننظمها كما أمر الشرع لا تكون حياتنا حياة إسلامية، فهناك عقيدة وشرائع وأحكام مفصّلة يجب الالتزام بها دون التفريط فيها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البقرة: 208]. وقد جعل الشرع عقوبات لمن يخالف النظام الشرعي، حيث ان المجتمع يكون سائراً بنظام الإسلام في كل شيء، وعندما يشذ أحد أفراد الأمة عن النظام فإن العقوبات تكون رادعة وزاجرة له ومطهرة لذنبه. ولكن العقوبات لا تستقيم مع غياب نظام الإسلام، فالعقوبات أحكام قليلة جداً بالنسبة لنظام الإسلام ككل، فالبعض يفهم ديننا فهماً خاطئاً بأنه قطع وجلد وقصاص، فهذا ليس الإسلام، إنما الإسلام نظامه كاملاً ينفذ، فالعقوبات جزء يسير منه عند انفلات أحد من نظام الإسلام الذي اختاره الله عز وجل لنا لتنظيم حياتنا.

      والآن يشكو كثير من الناس غياب تطبيق العقوبات الرادعة في الشارع العام مثلاً، أو في الحفلات الغنائية، فيعتبر البعض أن المشكلة تكمن فقط في عدم وجود عقوبات تطبق، مع أن المشكلة هي غياب نظام الإسلام، فمنه تطبيق العقوبات. فإذا أخذنا مثالاً واحداً يتعلق بالزي الشرعي للنساء في الشارع العام، كيف هو نظامنا الذي نعيش به؟ وأين هو من ديننا؟ فهل هو وفق ديننا أم غير ذلك؟ وهل هناك عقوبات شرعية مطبقة عليها لمخالفة الشرع؟ أو بمعنى آخر عندما خرجت نساؤنا وفتياتنا وبناتنا إلى الشارع العام، هل تقيدنا بالزي الشرعي؟ وهل كانت القوانين والنظم تبين ما هو الزي الشرعي للمرأة المسلمة بأدق تفاصيله أم تركت الأمر مبهماً وتركته للعرف.

      نحن نجد الآن أيها الأحبة الكرام ما يحدث في الشارع العام لا يختلف عليه اثنان انه ليس زياً شرعياً، ولكن رغم ذلك نجد أن النظام العام أصبح يسمح بذلك، فلا اهتمام أصلاً، فأصبحت ما لا يقل عن 95% من النساء يخرجن إلى الشارع العام ويفتقدن شرطاً من شروط الزي الشرعي أو كل الشروط، وهي أولاً: أن يكون الزي ساتراً لكل العورة، والمرأة كلها عورة ما عدا الوجه والكفين. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: »يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ». وثانياً: أن تلبس المرأة ثوبين عندما تخرج للشارع العام وليس ثوباً واحداً. عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا»، رواه مسلم. والشرط الأخير: أن لا يكون في ذلك الزي تبرج - والتبرج هو إظهار الزينة مطلقاً - كأن يكون ضيقاً على الجسد. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لا أَرَاهُمَا بَعْدُ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَرَيْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا...»

      وعليه إذا خرجت المسلمة بلبسة واحدة وهي ساترة لعورتها ولم تلبس ثوباً آخر عليها تكون قد فقدت شرط الثوبين، كأن تلبس جلباباً أو ملحفة، وإذا لبست الثوبين وكان في لبسها تبرج بأن يكون ضيقاً، تكون ففقدت أيضاً شرطاً وعندها أيضاً لا يكون الزي شرعياً.

      أيها المسلمون: إذا أخذنا هذه الجزئية فقط، وهي أنه ما لا يقل عن نسبة 95% يخرجن إلى الشارع العام ويقفتقدن شروط الزي الشرعي أو شرطاً إن ذلك ليدل على غياب نظام الإسلام عن حياتنا، فهذا سيسألنا الله عز وجل عنه، سيسألنا عن تطبيق الإسلام وعن ماذا فعلنا لأجله، فهذا ما بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم من أجله وأمرنا الشرع بالتأسي به صلى الله عليه وسلم.

 

الخطبة الثانية

      الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء، ومن تبعه بإحسان إلى يوم اللقاء وبعد،،،

      أيها المسلمون: إذا نظرنا إلى العقوبات الموجودة نصاً في القانون الجنائي والمطبقة فعلاً، نجد أمراً عجيباً، حيث تقول المادة (152) ما يلي:

      1- من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً للآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل للآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام، يعاقب بالجلد بما لا يتعدى أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.

      2- يُعد الفعل مخلاً للآداب العامة إذا كان ذلك معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.

      أيها المسلمون: نجد في هذه المادة عدة أمور يجب الانتباه لها أولها، أن المادة لم تبيّن الزي الشرعي الذي يجب أن تلبسه المرأة في الشارع العام، فكل يعتبر الزي محتشماً وفق ما يراه ووفق هواه وبالتالي يشكل تطبيق المادة أنها لم تحدد زياً يحتكم إليه الجميع. ثانياً: عندما فصّلت المادة الفعل المخل بالآداب ربطته بدين الفاعل أي إذا كان نصرانياً فإنه يفعل ما يراه في دينه، وهذا يؤدي إلى تطبيق الزي مثلاً على المسلمين فلا يطبق على غيرهم، وهذا سيجعل مشكلة كبرى منها التهاون مع عدم وضوع ما هو فاضح. ثالثاً: ربط الفعل المخل بالآداب بالعرف في البلد يجعله أيضاً بعيداً عن الإسلام، لأن العرف ليس شرعاً، والعرف يتغير بتغير سلوك الناس.

      أيها المسلمون: لذلك نجد في قضية الصحفية المحاكمة بهذه المادة نفسها أنها تصرّ على أنها ترتدي زياً محتشماً وغير فاضح، فكل ينظر إلى الحشمة بزاوية مختلفة، ولكن الفيصل هو الإسلام الذي فصّل ونظّم ذلك، ولكن القانون يفتقد ذلك.

      أيها المسلمون: يقول المولى سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرعد: 11]. وبالتالي فإن حياتنا لن تستقيم حتى يكون نظام الإسلام مطبقاً كاملاً بيننا، فنتقيد بأحكام الإسلام وأهلينا وأن نأطر بعضنا البعض أطراً على الإسلام، فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وتكون كل القوانين والدستور فقط قائمة على أساس العقيدة فإلا فإن الله عز وجل سيسألنا كما سيسأل الرسل، قال تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: 6].

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع