وجاء دور الإسلام لقيادة العالم من جديد- أبو إمام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
أقول بداية وبالله التوفيق، بدل أن نظل نسترجع الماضي، ونعيش ذكرى هدم الخلافة علينا أن نتجاوز هذا الماضي بأحداثه الأليمة، وأن نعمل على تغييره، وأن نعيش حياة المستقبل الزاهر إن شاء الله بالعمل على إعادتها، تلك الفردوس المفقود لدى المسلمين جميعاً وأن يكون الماضي حافزاً لنا على ذلك، والمبشرات كثيرة والحمد لله ومنها:
قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55
وقوله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» "مسند الإمام أحمد- الفتح الرباني ج23 ص 10-.
وكتاب الله، وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم، خير المبشرات التي يتعلق بها المسلم.
قالت العرب: "لكل جماعة فينا إمام، ولكن الجميع بلا إمام" وإيجاد هذا الإمام واجب في عنق كل مسلم، والمسلمون اليوم مطالبون بذلك، ولعل الظروف تسير في صالحهم، وما عليهم إلا أن يحسنوا استغلالها ويشدوا العزم بعد التوكل على الله، والله ناصرهم ومعينهم، وهو الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد، وهذا نداء إلى المؤمنين العاملين الصابرين على هذا الطريق الشاق، أن يسعوا جادين مخلصين لإعادة مجد الإسلام وعزة المسلمين بإعادة خلافتهم الإسلامية، ودعوة كذلك إلى أصحاب الفكر المستنير أن يعوا على الواقع، وأن يرصدوا مخططات أعدائهم مواصلين الليل والنهار لتحذير أمتهم وللرد عليها، ودعوة كذلك إلى الذين يؤمنون بأن الاحتكام إلى منهج الله ليس نافلةً ولا تطوعاً ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان وإلا فلا، فليكملوا إيمانهم بإقامة دولتهم، والنداء موجه كذلك إلى كل من وضع نصب عينيه وحدة هذه الأمة، وسلامة عقيدتها والنهوض بها لتقود العالم من جديد، إلى كل أولئك أدعوهم أن يغذوا السير إلى انجاز موعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم لنبدأ نحتفل ونحي ذكرى إقامتها من جديد إن شاء الله تعالى بدل أن نعيش ذكرى هدمها.
فلا بد إذاً من العمل على تحقيق هذا الهدف وهذا المطلب، والذي أصبح ضرورة عالمية لإنقاذ ليس المسلمين فقط بل البشرية كلها، مما تعاني من مشاكل لا حل لها إلا بالإسلام، الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لكل الناس بعد أن أتمه وأكمله ثم طالبنا بامتثاله.
وإعادة الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية من القضايا المصيرية بالنسبة للمسلمين، والقضايا المصيرية حتى تتحقق لا بد لها من إجراء الموت أو الحياة، وإلا فمنال التحقق صعب وغير يسير، فلا بد لاستئنافها من التضحيات الجسام يتحملها المسلمون لتحقيق هدفهم المنشود ولإزالة العراقيل والتغلب عليها، ولأن الأمر لا يتعلق بقيام دولة أية دولة، ولا بقيام دولة تسمى إسلامية وفقط، بل الأمر يتعلق بإقامة دولة إسلامية تطبق الإسلام نظاماً منبثقاً عن العقيدة الإسلامية، تطبقه أحكاماً شرعية باعتبارها حكم الله، فتستأنف الحياة الإسلامية كاملةً في الداخل، وتحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة في الخارج، ولذلك كانت الصعوبات التي تقف في طريقها أو تقوم في وجهها كبيرة، لا بد من العمل على التغلب عليها، ومن هنا كان الحمل ثقيلاً على عواتق المسلمين المخلصين المشمرين عن سواعدهم لإعادتها ومع ذلك فإنه لا يوجد عذر لمسلم على وجه الأرض في القعود عن القيام بما فرضه الله عليه لإقامة هذا الدين بإيجاد خليفة للمسلمين حين تخلو الأرض منه، وحين لا يوجد فيها من يقيم حدود الله لحفظ حرمات الله، ويجمع شمل المسلمين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، كما لا توجد في الإسلام أي رخصة في القعود عن القيام بهذا الفرض حتى يقوم، والواقع يؤكد ضرورة ذلك، لا سيما وأن الأمة تعيش الابتلاءات والمحن وتتعرض كل يوم للفتن التي تهزها من الأعماق، وقد شاء الله عز وجل أن تدرك الأمة أن خلاصها لا يتم إلا بإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة، فبدون الخلافة تبقى البلاد الإسلامية ممزقة وشعوبها مفرقة، وبدون الخلافة تبقى دول الكفر المستعمرة تتحكم في رقابنا وتنهب خيراتنا وتوقع بيننا الشقاق، وبدون الخلافة ستبقى الشعوب الإسلامية هنا وهناك تقتل وتشرد وتهدم مساجدها وتدنس أعراضها وليس من منقذ، وبدون الخلافة سيبقى اليهود يحتلون مقدساتنا ويواجهونا بالقتل والإذلال، وبدون الخلافة يبقى المسلمون غير العاملين بجد لإقامتها يبقون في الإثم وفي غضب الله، وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا، فالعمل لإقامتها الآن فرض عين في أقصى طاقة وأقصى سرعة، فلا بد للمسلمين أن يلبوا نداء ربهم وهو يخاطبهم بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ..}الأنفال24، ففي الإسلام الحياة الحقيقية الصحيحة وفي غيره الحياة الضنك في الدنيا والآخرة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124، وفي الإسلام العزة والهداية والفلاح، وفي البعد عنه الذلة والضلال والشقاء فهذه الأمة لا تستمد الشرف والعزة إلا من استمساكها بأحكام الإسلام، كما قال عمر رضي الله عنه: "إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله أذلنا الله" وهذه حقيقة جرت على لسان عمر رضي الله عنه، فما عزت الأمة في يوم بغير دين الله، ولا ذلت في يوم إلا بالانحراف عنه والله تعالى يقول: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً .... }فاطر10، يعني من طلب العزة فليتعزز بطاعة الله عز وجل، فالعزة عند الله مصدرها، فمن أرادها فليطلبها من مصدرها ولينشدها هناك فسيجدها كما وجدها المؤمنون الذين قال الله فيهم: {... وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }المنافقون8 وهذه العزة كما كانت للمؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهي لمن يتبعهم على الطريق، وأمتنا اليوم تفتقد العزة إلى القدر الذي فقدته من دينها، ولن يعود لها هذا إلا بذاك، فيوم تعود إلى شريعته وإلى دينها تعود العزة إليها، والعودة إلى الشريعة بإعادة الخلافة وتنصيب خليفة يطبق أحكامه ولا حل للأمة بغير ذلك.
فالخلافة إذا هي العز والمنعة، وهي حافظة الدين والدنيا، وهي الأصل والفصل، بها تقام الأحكام، وبها تحد الحدود، وتفتح الفتوح، وترفع الرؤوس بالحق، وهي التي تضع الحد لكل الطغاة اليوم، وهي التي تقضي على دولة يهود وتعيد فلسطين إلى ديار الإسلام، وهي التي تخرج أمريكا من كل بلاد المسلمين صاغرة ذليلة، وهي التي تحرر البلاد والعباد من نفوذ الكفر وعملائه، وبطش زبانيته وأزلامه.
الخلافة اليوم هي التي تمنع تمزق العراق والسودان وتعيد اللحمة إلى الصومال، وهي التي تقضي على سلطان الهندوس في كشمير، وحكم الروس في الشيشان، وهي التي تنقذ المسلمين ما حصل لهم في الصين، وهي التي تنقذ أهلنا في باكستان وما يتعرضون له من القتل والتشريد.
الخلافة هي التي تزيل الحدود والسدود التي رسمها الكفار إنها التي تنشر العدل والخير وتعز الإسلام والمسلمين، وتذل الكفر والكافرين، نعم إنها تفعل كل هذا وزيادة، إنها تصنع النصر وتدفع الهزيمة.
أيها المسلمون: إن من أعظم مكامن الخطر في الأمة اليوم هم الحكام الذين تولوا شأنها، هم الحكام الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم!! لقد افتضح أمرهم وبانت سوأتهم وظهر عوارهم، ولم يبق أمامهم إلا أمران، فإما أن يستقيلوا، وإما أن يقالوا، إما أن ينسحبوا بهدوء صاغرين تاركين الأمة تدبر أمرها، وإما أن ينزعوا من رقابهم، وأظن أنهم لا يرضون إلا بالخيار الثاني لتشبثهم بدنياهم الرخيصة، نعم لقد لفظتهم الأمة لفظ النواة من المحيط إلى المحيط بعد أن تساقطت جميع أقنعتهم وأصبحوا في حكم الأموات رغم ما هم فيه من زيف الحياة فالويل لهم.
أيها المسلمون: هذا هو حال حكامكم فماذا أنتم فاعلون؟
- ألم تكف خمس وثمانون سنة ونيف من الوقوع بالإثم لمن لم يعمل لإقامة الدولة وإيجاد الخليفة؟
- ألم تكف خمس وثمانون سنة ونيف من الضياع حتى أصبحنا كالأيتام على مأدبة اللئام؟
- ألم تكف تلك السنون لنصحو ونستيقظ؟
- ألم تكف تلك السنون من توالي المصائب على رؤوسنا، وتداعي الأمم علينا كتداعي الأكلة إلى قصعتها كالوحوش الكاسرة تنهش المسلمين هنا وهناك دون أن يردعها رادع، وأصوات المقهورين تتعالى؟!
- ألم يكف كل ذلك لأن تجعل الدماء تغلي في العروق فتحرك الأجسام والأقدام، وتحرك العقول والقلوب معيدة مجد الإسلام بإعادة دولته من جديد؟!
فكفى قعودا وإهداراً للوقت وتهرباً من المسؤولية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
- ثم ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟!.
والله الذي لا إله إلا هو لن تعود خير أمة أخرجت للناس دون أن نشمر عن ساعد الجد ونقيم الخلافة، ولن ننال المكانة التي يحبها الله ورسوله إلا إذا احتكمنا لشرعه سبحانه ثم لا نجد في أنفسنا حرجاً من ذلك ونسلم تسليماً مطلقاً لأمر الله، ولن يزول الذل عنا ونصبح سادة الدنيا بحق إلا إذا تمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعضضنا عليهما بالنواجذ.
نسأل الله عز وجل أن نكون كذلك، ونسأله عز وجل أن نكون من العاملين المخلصين لإعزاز هذا الدين.
الله عجل لنا بنصرك وفرجك يا رب العالمين بإقامة دولتك التي فيها حكمك ورضاؤك.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته