السبت، 11 رجب 1446هـ| 2025/01/11م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الطريق الشرعي لاستئناف الحياة الإسلامية - بقلم الأستاذ محمد عبد الله - ح3   

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1342 مرات

    الصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

 

    إخوة الإيمان: نعود لموضوعنا الرئيسي في هذه الحلقة والذي قدمنا له في الحلقتين السابقتين ألا وهو الطريق الشرعي لاستئناف الحياة الإسلامية:

 

    فبعد إدراك واقع الدار التي نعيش فيها، وهي كما بينا دار كفر، وبعد معرفة الحياة التي نحياها، وهي حياة غير إسلامية، في مجتمع غير إسلامي، وهو نفس الواقع الذي وجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، حين بعثه الله تعالى رسولاً لقومه وللناس كافة لتغيير حياة المجتمع الذي هو فيه، ومن ثم لتغيير حياة البشرية جمعاء. بعد إدراك ذلك، كان الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم للتغيير، لإيجاد أول حياة إسلامية، هو الطريق الشرعي الوحيد والمطلوب من كل حزب أو جماعة أن تسلكه في طريقها لاستئناف الحياة الإسلامية التي استمرت أكثر من ثلاثة عشر قرناً، لأن الله تعالى الذي طلب من الناس أن يلتزموا في حياتهم بالإسلام، طلب منهم أيضاً أن يلتزموا بالطريقة التي شرعها لتحقيق هذه الفكرة، وهي استئناف الحياة الإسلامية، قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..) ، و (ما) من ألفاظ العموم، تشمل كل ما جاء به الرسول عن طريق الوحي، من فكرة وطريقة، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة..) وقال مخاطباً رسوله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني..) وزيادة في الإيضاح خط رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه خطاً على الرمل، وجعل على جانبيه خطوطاً متعددة، وقال: (هذا صراطي مستقيماً، وهذه السبل على رأس كل سبيل منها شيطان يدعو له، وتلا قوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وحذر الله رسوله قائلاً: (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل إليك..) وحذر المسلمين عن مخالفة أمره: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم).

 

    هذه النصوص وغيرها توجب علينا التقيد بالطريقة التي سار عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، في حمل الدعوة حتى أقام الدولة، لا نحيد عنها قيد شعرة بحجة اختلاف الظروف، أو اتقاء البطش، ولا بحجة المصلحة العامة أو ملاءمة العصر، لأن الله تعالى الذي فرض علينا هذه الطريقة عالم ومحيط بكل شيء، ومنها الظروف وبطش أعداء الدعوة.

 

    إن المتتبع للنصوص الشرعية في القرآن والسنة، يجد أن الخطوط العريضة لحمل الدعوة واضحة صريحة ومنها :

 

(1)     بناء جسم الجماعة أو الحزب، وذلك بتثقيف حملة الدعوة، بأفكار الإسلام، عقيدة وأحكاماً شرعية، ثقافة مركزة، تؤهلهم لأن يصبحوا قادة للأمة، وإسلاماً يتحرك في المجتمع، وهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يثقف أصحابه بما ينزل عليه من الوحي، حتى كون كتلة صلبة صالحة لخوض الصراع الفكري والكفاح السياسي في المجتمع الجاهلي، فكانت هذه الكتلة من خيرة البشر بعد الأنبياء، شاركوه الصبر على تحمل الأذى في العهد المكي، ثم شاركوه بناء الدولة في المدينة المنورة، وحملوا من بعده الإسلام إلى أنحاء المعمورة. فعلى حملة الدعوة الذين يعملون لاستئناف الحياة الإسلامية، كحزب أو جماعة امتثالاً لقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون)، عليهم أن يرسخوا العقيدة الإسلامية في أنفسهم، وفي نفوس غيرهم، وأن ينقوها من كل شائبة علقت بها عبر العصور الماضية بسبب الجهل أو التضليل، لأن وضوح العقيدة ،والتصديق الجازم بها، هو الأساس الذي يبنى عليه كل فكر إسلامي، وهو المنبع الذي ينبثق عنه كل حكم شرعي، فإن كان هذا الأساس متيناً وراسخاً عند معتقديه، كان التأثير العميق له في النفوس فعالاً، فترفع العقيدة أصحابها من الحضيض إلى الذروة، وتوسع أمامهم آفاق الوجود، فلا ينظرون إلى الحياة الدنيا على أنها آخر المطاف، وإنما ينظرون إلى غاية أبعد وأسمى، هي نيل رضوان الله في جنات  الخلد، والنعيم المقيم، فيندفع المسلمون اليوم كما اندفع أجدادهم من قبل، يحملون رسالة الإسلام لنشر الهدى والعدل بين الناس، لا تكل قوتهم، ولا يوهن عزمهم، بل تحفزهم هذه العقيدة الربانية لمضاعفة الجهد وتحدي الصعاب، مستهينين بالحياة الدنيا، لإعادة الأمة الإسلامية إلى مركزها ومجدها باستئناف الحياة الإسلامية، وإقامة الدولة الإسلامية.

 

(2)     التثقيف الجماعي للمجتمع الذي يعيشون فيه، بالأفكار التي تبناها الحزب أو الجماعة، وذلك لإيجاد الرأي العام لهذه الأفكار، بحيث يتهيأ المجتمع ويتوق لتطبيق الإسلام عليه، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان يتلو القرآن عند الكعبة، ويغشى المجالس والمواسم يخاطب فيها الناس بالإسلام، يدعوهم للإيمان، ويطلب منهم ترك عبادة الأصنام، بحيث صار ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر الدين الجديد، على كل لسان، ولا سيما في المدينة المنورة، إذ نقل له مصعب بن عمير أنه لم يبق بيت في المدينة إلا وفيه ذكر الله، وذكر محمد، مما هيأ مجتمع المدينة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقامة الدولة الإسلامية فيها.

 

(3)     التصدي لكافة العقائد والأفكار والمفاهيم المخالفة للإسلام، وباستقراء الآيات المكية نجد أن القرآن تصدى لأمور كثيرة منها :

 

-   تصدى لعقائد المشركين، وسفه أحلامهم، فبين بطلان هذه العقائد وتفاهتها، قال تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى *..) وخاطب عقولهم: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).

 

-   وتصدى لزعامة قريش المصرة على الكفر، وهاجمهم مهاجمة لا هوادة فيها، قال تعالى: (فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة..) وقال: (تبت يدا أبي لهب وتب..) وقال: (ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد ٍ أثيم * عتل بعد ذلك زنيم..) التي نزلت في الوليد بن المغيرة.

 

-   وتصدى لأعمالها التي يأباها العقل السليم، وتمجها الفطرة الإنسانية، فندد بها، قال تعالى: (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت * ..) وقال تعالى: (وقالوا ما في هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء)، وقال: (ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون).

 

-   وتصدى القرآن لليهود والنصارى، الذين حاولوا التشويش بأسئلتهم على أذهان العرب تجاه الإسلام، فرد عليهم بقوله تعالى: (ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) (الإسراء)، وأجابهم عن أصحاب الكهف، وعن قصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين، ثم بين في سور أخرى، مواقف اليهود بشيء من التفصيل، وكشف وفند موقف النصارى من عيسى عليه السلام، قال تعالى: (ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون، ما كان لله أن يتخذ ولداً سبحانه، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) .

 

-   فلا بد اليوم لحملة الدعوة، أن يتصدوا للعقائد المخالفة، كعقيدة فصل الدين عن الحياة، والعقيدة الشيوعية وللأفكار المغلوطة، كالعلمانية والقومية والوطنية، وللأفكار المدسوسة على الإسلام، كالديمقراطية، ووحدة الأديان والاشتراكية، والتطرف والإرهاب ...، لابد من التصدي لكل لذلك، والرد على معتنقي هذه العقائد ومروجي هذه الأفكار، رداً واضحاً وحازماً، دون مداهنة أو مواربة، مستعملين الأسلوب الملائم لكل حالة، كما علمنا القرآن الكريم، قال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا  بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم...). فالذين ظلموا يقال لهم كما قال الله تعالى لليهود: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)، وكما قال تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً..) وكما قال تعالى عن النصارى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة...) .

 

-       وكما قال الله تعالى للمسلمين الذين يوالون الكفار: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين). وقد حدد الله الموقف من غير المسلمين بناء على معاملتهم للمسلمين فقسمهم إلى فريقين، قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم، وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)، فريق نعاملهم بالبر والإحسان وهم أهل الذمة الذين يعيشون بيننا، والمعاهدون نعاملهم بما عاهدناهم عليه. وفريق آخر، لا يجوز موالاتهم ولا مودتهم، وهم أهل دار الحرب الذين يعادون المسلمين ويتآمرون عليهم، وقد أخرجوهم من ديارهم وساعدوا غيرهم على إخراجهم.

 

          إخوة الإيمان نكتفي بهذا القدر من الخطوط العريضة لحمل الدعوة على أن نتابعها معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...

الجولة الإخبارية ليوم الخميس 19-03-2009   

  • نشر في الجولة الإخبارية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 931 مرات

العناوين:

·       رئيس المخابرات المصرية يزور واشنطن لأخذ موافقتها على برنامج الحكومة الفلسطينية!

·       الأوروبيون يرصّون صفوفهم في مواجهة الأزمة المالية وأميركا

·       مدفيديف يأمر بإعادة عسكرة روسيا في مواجهة حلف الناتو

·       آمال أوباما بإنعاش الاقتصاد تتعارض مع توقعات الخبراء التي تتنبأ بالنقيض

التفاصيل:

    فيما يظهر أن ما يسمى بالحوار الوطني الفلسطيني قد وصل إلى خاتمته في القاهرة، بعد أن تم الاتفاق على المضامين الأساسية لبرنامج الحكومة المزمع تشكيلها، غادر رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان الراعي المباشر للحوار إلى واشنطن لإطلاع الإدارة الأميركية وأخذ موافقتها بشأن ما تم التوصل إليه. وقد صرح عضو وفد الحوار عن الجبهة الشعبية كايد الغول بهذا الصدد بأنّ مصر تركز في الوقت الراهن جهودها "مع الأطراف الخارجية وخصوصا الإدارة الأميركية التي وضعت اشتراطات" تتعلق بالبرنامج السياسي لحكومة التوافق الوطني التي يجري التفاوض حول تشكيلها في العاصمة المصرية. وأضاف "قال وفد فتح ... بوضوح إن للمجتمع الدولي والإدارة الأميركية شروطا للتعامل مع أي حكومة توافق وهي الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية" وخصوصا الاعتراف بـ"إسرائيل" والالتزام بالاتفاقيات المبرمة معها. وفي هذا الإطار اعتبر رئيس وفد الجبهة الشعبية إلى الحوار الفلسطيني عبد الرحيم ملوح أن المناقشات الآن تدور حول التعبيرات التي ستستخدم في الصيغة الإنجليزية للاتفاق.

 

    فيما يبدو استدراكا جدياً من قبل القادة الأوروبيين لمواقفهم السابقة بشأن التعاطي مع الأزمة المالية العالمية، قرر هؤلاء رصّ الصفوف خلال القمة التي ستعقد في اليومين المقبلين في بروكسل للمطالبة، قبل اجتماع مجموعة العشرين، بإصلاح حقيقي للنظام المالي والتصدي للضغوط الأميركية. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الثلاثاء إن "رهان مجموعة العشرين في لندن (في الثاني من نيسان/أبريل) هو أن تتحدث الدول الأوروبية والمفوضية الأوروبية بصوت واحد". ويتوقع أن يتخذ رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الأوروبي خلال قمة الربيع التقليدية في بروكسل موقفا مشتركا. وفي هذا السياق أبدت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي تحفظاً بشأن الدعوات الأميركية إلى مزيد من الانفاق مشددة على ضرورة سيطرة أوروبا على العجز العام.

 

    أمر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الثلاثاء بإعادة تسليح بلاده "على نطاق واسع" اعتبارا من العام 2011 وذلك خصوصا لمواجهة "محاولات الحلف الأطلسي المتواصلة لنشر بنيته التحتية العسكرية قرب روسيا". وقال مدفيديف خلال اجتماع مع كبار ممثلي وزارة الدفاع "ستبدأ عملية إعادة تسليح واسعة النطاق للجيش والبحرية الروسيين اعتبارا من العام 2011". وأوضح "أن تحليل الوضع السياسي- العسكري في العالم أثبت أنه لا يزال هناك احتمال باندلاع نزاع خطير في بعض المناطق تغذّيه أزمات محلية ومحاولات الحلف الأطلسي المتواصلة لنشر بنيته التحتية العسكرية قرب روسيا". وقال إن "المهمة الرئيسية تقضي بزيادة القدرة القتالية لدى قواتنا وفي طليعتها قواتنا الاستراتيجية النووية. يجب أن تكون قادرة على الاضطلاع بكل المهام الضرورية لضمان أمن روسيا". وتطرق مدفيديف إلى الحرب التي دارت مع جورجيا الصيف الماضي، فقال إن القوات الروسية "ردت بشكل جيد" لكن هذا النزاع أبرز "نقاط ضعفنا". وأضاف "إن المشكلات المرتبطة بالتزود ببعض أنواع الأسلحة ووسائل الاتصال معروفة جيدا وتتطلب تحركا فوريا".

 

    اعتمد المسؤولون السياسيون الأميركيون خطابا مطمئنا بشأن إمكانات النمو في البلاد خلال 2009 و2010 غير أن الخبراء الاقتصاديين يقابلون هذا التفاؤل الظاهري بتوقعات قاتمة للغاية. ويؤكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي بين برنانكي أن خطة الإنعاش الاجتماعي الضخمة بقيمة 787 مليار دولار التي أقرها الكونغرس في فبراير/شباط ستأتي حتما بنتيجة، مدعومة بجهود البنك المركزي. وفي أول مقابلة تلفزيونية مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قال برنانكي الأحد إن الولايات المتحدة "ستشهد نهاية الانكماش هذه السنة على الأرجح" و"انتعاشا اقتصاديا مطلع العام المقبل". غير أن الخبراء الاقتصاديين ما زالوا يشككون في إمكانات تحسن الوضع ونادرا ما يغامرون ويصدرون توقعات للعام 2010. ومن الأكثر تشاؤما محلّلو مصرف غولدمان ساكس الذين يخالفون تماما الخطاب الرسمي فيقولون أن العام 2010 لن يكون سنة الانتعاش الاقتصادي بل سنة هبوط معمم للأسعار لا ينسجم مع النمو. وكتبوا في مذكرة أنه "لا يمكن إطلاقا التكهن باللحظة التي سيصل فيها إجمالي الناتج الداخلي إلى أدنى مستوياته، والانتعاش الاقتصادي سيكون هزيلا حين سيحصل". كذلك أبدى الاقتصاديون على موقع إيكونومي.كوم (وكالة موديز) تشاؤمهم محذّرين من أن هذه الأزمة ستكون "الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية".

إقرأ المزيد...

الضرائب- الأستاذ عبد الرحمن المقدسي   

  • نشر في اقتصادية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 985 مرات

    فطر الله الإنسان وأودع في فطرته حبه للمال، وسعيه بقوة لتحصيله، وحرصه الشديد على تنميته وزيادته، فالمال يأخذ حيزا كبيرا من التفكير في حياة الإنسان. ويصيبه القلق إذا ما تأخر عنه المال أو لم يكفه لقضاء حاجاته ومصالحه . ولما كان هذا هو حال الإنسان في حبه للمال وتعلقه به ولما كان الإنسان مخلوقا في هذه الحياة لعبادة الله عز وجل كان لا بد له من نظام يجلب له الهناء والسعادة في الدنيا والآخرة. وخاصة في ما يتعلق بحبه للمال وكسبه وإنفاقه على وجه يضمن له قضاء مصالحه ، وسد جوعاته ورغباته دون إفراط أو تفريط ، دون قضاء حاجة على حساب أخرى ، وهذا النظام بالطبع لا بد أن يكون من عند العزيز الحكيم سبحانه جلت وعظمت قدرته ، الذي ضمن للإنسان به قضاء جميع حاجاته في كافة مجالات حياته  وضمن له به تنمية ملكه والسعي لتحقيق كماليات حياته ، وضمن له به حدّه وحدوده في سعيه لكسب ماله وإنمائه وإنفاقه على وجه يتبادل الناس فيه مصالحهم بحيث لا يؤثر على مصالح الآخرين بالسلب بل بالإيجاب والنفع المتبادل بينهم .

 

        وفي هذا المجال نتناول جانبا من هذا النظام في ما يتعلق بالضرائب في نظر الإسلام بعد إلقاء الضوء على نظام الضرائب المطبق في بلاد المسلمين والذي  اكتوت بناره  الأمة الإسلامية وما زالت ، والذي جعل الحياة ضنكا لا يطاق ، وحرمانا ليس له مثيل.

 فقد عرت الضريبة بأنها " فريضة نقدية يتحملها المكلفون بصفة نهائية وبدون مقابل كأداة مالية تلجا إليها الدولة من اجل تحقيق أهدافها." " " فريضة نقدية يلتزم الفرد بأدائها إلى الدولة وفقاً لقواعد تشريعية وبصفة نهائية لغرض تغطية النفقات العامة وبدون مقابل ". " هي الأموال التي أوجبها الله على المسلمين، للقيام بالإنفاق على الحاجات والجهات المفروضة عليهم، وفي حال عدم وجود مال في بيت المسلمين، للإنفاق عليها ".

            إن نظام الضرائب هذا قد جلب الفقر والجوع والبطالة والتدهور الاقتصادي، فضريبة المبيعات مثلا ستدفع إلى رفع أسعار السلع، وبالتالي إلحاق الضرر على المستهلك ومحدودي الدخل والموظفين. والى تسريح بعض الأيدي العاملة، وتقليل أجرة العمال، والتأثير على الإنتاج كما وانتفاعا. فقد دأبت الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين والمستمدة من النظام  الرأسمالي إلى فرض ضرائب في جوانب كثيرة في حياة الناس ما جعلها دول جباية لا دول رعاية . فإذا نظرت إلى نظام الضرائب فإنك تجد أنواعه الكثيرة، ونسبه العالية. فهناك ضريبة الأراضي ـ ضريبة الأرباح ـ ضريبة الرؤوس ـ  الضريبة الجمركية ـ الضريبة الشخصيةـ ضريبة الدخل ـ ضريبة العائد على رأس المال ـ الضريبة العينية ـ الضرائب غير المباشرة ـ ضريبة القيمة المضافة ـ الضرائب المباشرة ـ الضرائب المتعددة ـ ضريبة المبيعات ـ ضريبة الممتلكات وغيرها من الضرائب التي تأخذ جورا وظلما من الرعية ، وملاحقة الأنظمة الجاثمة على هذه الأمة للناس في نظام الضرائب قد الحق الضرر بعامة الناس وجلب لهم الحرمان من قضاء حاجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن وملبس، بسبب الزيادة في أسعار السلع والخدمات نتيجة لفرض ضرائب على الناس وبنسب عالية لا يطيقها صاحب السلعة ولا المصنع لها ولا المستهلك لها ، والأمر ليس مقتصرا على السلع لوحدها ، فالدولة تفرض ضرائب على مرافق متعددة من جوانب الحياة الخدماتية . فمثلا بلغ عدد الضرائب والرسوم المفروضة على الناس في الأردن ما يقارب 81 ضريبة ورسما. إن هذه الضرائب تفرض على الناس بحجة المصلحة العامة ، مع أنها في حقيقتها استجابة لتوجيهات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وتحقيقا لمصالح الزمرة الحاكمة الآنية الأنانية . فتأخذ الدول بالتفنن في أخذ الأموال من الرعية ظلما وبهتانا لسد ديونها التي تقترضها من صندوق النقد الدولي وهذا المال المقترض  يذهب للحاكم وزبانيته ليعاقروا الخمر وارتكاب الفاحشة ، وبناء القصور واليختات ، والرحلات الترفيه ولعب القمار وغير ذلك من الموبقات والمنكرات وحين السداد يلجأ النظام إلى تحميل الناس هذه الديون بفرض ضرائب عليهم في كافة مجال حياتهم ، حتى أصبح المسلم الذي يحكم تحت ظلمهم يكابد العيش ليحيى أي حياة تبقيه على قيد الحياة ، بل  يعش الكثير من أبناء المسلمين في مأكلهم ومسكنهم وملبسهم على الديون .

            فبأي حق تأخذ الدولة مالا على السلع حال استيرادها أو تصديرها ، وبأي حق تأخذ الدولة مالا على الأموال التي تنقل من المتوفى إلى ورثته أو الموصى إليهم تحت مسمى ضريبة التركات  ، وبأي حق إذا ما أردت شراء سلعة من مدينة لأخرى في نفس المحافظة لا بد من توثيق شرائك بفتورة ضريبية لا بل يحصل هذا في نفس المدينة حال تبادل السلع ، حتى تستطيع الدولة اقتطاع أكبر نسبة عالية من المال من الناس ظلما وعدوانا .

             إن نظاما مستمدا من الرأسمالية التي تفصل الدين عن الحياة وعن الدولة وتجعل التشريع لهذا الإنسان العاجز سيكون خطرا على عيش الناس واقتصادهم ، وسيغرق الناس بمشاكل لا نهاية لها في جميع مجال حياتهم و في مجال كسبهم وإنفاقهم ومعاشهم .  

             وما دام المسلمون يسكتون على تطبيق هذه الأنظمة والتي حرمتهم من أقل القليل من العيش ليحيوا مجرد حياة. فإن الأمر سيزداد سوءا على سوء ، وضيقا على ضيق ، وظلما على ظلم إلا إذا انعتق المسلمون من هذه الأنظمة الخائرة  ولجأوا إلى النظام الذي نزل من فوق سبق طباق والذي يحرم أخذ الضرائب من الناس إلا في حالات الضرورة ولتحقيق المصلحة العامة  . ويراعى في الإسلام في فرض الضرائب على الناس ما يلي :

  •        المرافق التي يضرب من أجلها الضرائب هي:

1.   نفقات الجهاد

2.   نفقات الصناعة الحربية

3.   نفقات الفقراء والمساكين وابن السبيل

4.   نفقات رواتب الجند والموظفين والقضاة والمعلمين وغيرهم

5.   النفقات المستحقة على وجه المصلحة والإرفاق بالأمة

6.   نفقات الحوادث الطارئة من مجاعات وزلازل وطوفان ..

  •        تأخذ الضرائب من الأغنياء ، فلا تأخذ من من لا يملك ما يفضل عن حاجاته الأساسية من مأكل ومسكن وملبس .
  •        تأخذ الضرائب بقدر معين لا يزيد عن المطلوب تحقيه فيما يتعلق برفع الضرر وتحقيق المصالح في المرافق المذكورة.
  •        لا يوجد ضرائب دائمة وإنما مؤقتة وفي حدود المرافق المذكورة فقط.

" ...    ولا يجوز للدولة أن تفرض ضرائب غير مباشرة ، كما لا يجوز أن تفرض ضرائب على شكل رسوم محاكم ، أو على الطلبات المقدّمة للدولة ، أو على معاملات بيع الراضي وتسجيلها ، أو على المسقـفات ، أو الموازين، أو غير ذلك من أنواع الضرائب غير السابقة ، لأن فرضها من الظلم المنهيّ عنه، ومن المكس الذي قال عنه رسول الله r: << لا يدخل الجنة صاحب مَكْس >> رواه أحمد والدارمي وأبو عبيد.  "

وتجدر الإشارة إلى  أن في دولة الخلافة بيت مال خاص في تغطية هذه المرافق وغيرها من مصالح الناس.

        وإنه في ظل الواقع الذي نعيش من وجود ٍ لخبرات في باطن الأرض وظاهرها ومن وجود للتقدم العلمي القادر على الاستفادة من هذه الخيرات وفي ظل العدل الذي سيتوج على الحكم في ظل الخلافة الاسمية فإنه يمكن القول أن لا يكون هناك ضرائب تفرض على الأغنياء في المرافق الآنفة الذكر . فإذا كان على زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز مالا في بيت مال المسلمين يفيض ويجد سبيلا على الفقراء ليأخذوا منه لعدم وجود فقير على زمانه ، فكيف اليوم حيث الخيرات العميمة ، والتقدم العلمي المذهل الذي به يمكن الاستفادة من هذه الخيرات ، هذا عدا عن أن الخلافة القادمة ستكون إن شاء الله على منهاج النبوة وهذا يعني وجود العدل المنيع الذي يملأ حياة الناس بالهناء والعيش الرغيد .

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع