السبت، 11 رجب 1446هـ| 2025/01/11م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مع الحديث الشريف- فكوا العاني

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 834 مرات

عَنْ ‏ ‏أَبِي مُوسَى ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ ‏‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فُكُّوا الْعَانِيَ ‏ ‏يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
" فَكُّوا الْعَانِي " ‏
أَيْ الْأَسِير. قَالَ اِبْن بَطَّال : فِكَاك الْأَسِير وَاجِب عَلَى الْكِفَايَة , وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور . وَقَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ : مِنْ بَيْت الْمَال . وَرُوِيَ عَنْ مَالِك أَيْضًا وَقَالَ أَحْمَد يُفَادَى بِالرُّءُوسِ , وَأَمَّا بِالْمَالِ فَلَا أَعْرِفهُ . وَلَوْ كَانَ عِنْد الْمُسْلِمِينَ أَسَارَى وَعِنْد الْمُشْرِكِينَ أَسَارَى وَاتَّفَقُوا عَلَى الْمُفَادَاة تَعَيَّنَتْ , وَلَمْ تَجُزْ مُفَادَاة أَسَارَى الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ
مستمعينا الكرام:
جميعنا يعلم أصل فقه هذا الحديث الذي يحثنا فيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على فك الأسير واطعام الجائع وزيارة المريض. ولكن، ومض في ذهني ومضة ناتجة عن واقع الأمة الإسلامية مفادها أن الأمة الإسلامية اليوم مأسورة وجائعة ومريضة. مأسورة لإستحكام أنظمة الكفر عليها عسكريا وسياسيا واقتصاديا وفكريا واعلاميا. وجائعة لأن خيراتها التي حباها الله بها سلبت منها وأصبحت هذه الخيرات متاعا للكافر يتلذذ بها. ومريضة لإستفحال داء الرأسمالية في جسدها. فهلا عملنا على تخليص الأمة الإسلامية مما هي فيه من أسر وجوع ومرض؟! ولا نقف هنا، بل ونعمل على تخليص العالم بعد تخليص أنفسنا؟!

إقرأ المزيد...

الاقتصاد الافتراضي- مقدمة - د.محمد جيلاني

  • نشر في النظام الاقتصادي
  • قيم الموضوع
    (2 أصوات)
  • قراءة: 3735 مرات

 

الاقتصاد الافتراضي (Virtual Economy) هو الاقتصاد الذي يتعامل مع مال ليس موجودا على وجه الحقيقة. و هناك نوعان من الاقتصاد الافتراضي. أما الأول فهو معروف لدى كثير من الناس و يتعامل به مجموعة من المستثمرين عن طريق الانترنت. و واقع هذا الاقتصاد أنه يتعامل مع بضاعة وهمية يفترض البائع وجودها و يضع لها مواصفات معينة و قد يصورها و يصف لها قيم افتراضية ثم يعرضها للمزاد في الاسواق الالكترونية مثل سوق (Ebay). و يقوم أحد الاشخاض بشراء البضاعة الوهمية و يدفع ثمنا لها حسب مقاييس وهمية. و تتراوح البضاعة الوهمية من أدوات صيد و قتال أثرية تبلغ قيمتها عشرات الدولارات الى قصر يشبه قصر سندريلا في عالم دزني بقيمة مئات الدولارات، الى مراكب فضائية تزيد قيمتها على 100،000 دولار و ذلك ما دفع ثمنه منتج سينمائي من فلوريدا. هذا النوع من الاقتصاد لا يزال حديثا و تبلغ قيمة المال المتداول في هذه الاسواق بضع مليارات دولار. و واضح أن هذه النوع من الاقتصاد يؤدي الى وجود ثروة و تناميها دون أن يكون هناك ما يقابل هذه الثروة من بضاعة أو خدمات. ما يؤدي الى الخروج على قاعدة ان المال في الاصل هو أداة لتبادل البضائع و الخدمات. و قد عرض أحد الباحثين صورة هذه الاقتصاد من خلال ساعي البريد الذي أنفق 700 دولار لشراء قصر افتراضي مهيب ما أدى الى عدم تمكنه من دفع أجرة شقته الصغيرة و انتهى الأمر به الى الشارع.
أما النوع الثاني من الاقتصاد الافتراضي و هو الاهم في هذا الموضوع فهو الذي يؤدي الى ظهور الاقتصاد أكبر بكثير من حجمه الحقيقي. و هو قائم على فرضية أن المال الحقيقي لن تكون هناك حاجة لاستعماله و بالتالي فانه من الممكن التعامل بقيم افتراضية للمال. و مثال ذلك ما حصل مع الملياردير دونالد ترمب الذي كان يتعامل في السوق بمليارات الدولارات و يقوم بأنشاء المشاريع الضخمة في حين أن ثروته الحقيقية لا تساوي جزءا بسيطا من قيمته الافتراضية، و حين تعرض لمطالبة الدائنين عام 1989 كاد أن يعلن افلاسه الشخصي اضافة الى الافلاس التجاري.
و قد بدأت ظاهرة زيادة المال على الحجم الحقيقي للمال بشكل كبير و على مستوى اقتصاد الدول مع ظهور الاسواق المالية في نيو يورك نهاية القرن التاسع عشر. و قد ساعد على تأصل هذه الظاهرة لتصبح هي الطاغية في افتصاد الدول ثلاثة عوامل رئيسة هي تقييم المؤسسات المالية بالقيمة الاسمية للاسهم، و اعتماد قيمة الربا (الفائدة) أساسا للتحكم بحركة المال، و فصل العلاقة بين العملات الرئيسة و الذهب. ثم ان الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي و الاشتراكي ساعدت على تأصل فكرة الاقتصاد الافتراضي لدى المعسكر الرأسمالي من أجل زيادة الضغط على المعسكر الاشتراكي. و نعرض لهذه العوامل بشيئ من التفصيل.
1. الاسهم و الاقتصاد الافتراضي
لقد أدى نظام الاسهم المالي منذ مطلع القرن الماضي الى زيادة نمو المال المرتبط بالاسهم بشكل أسرع بكثير من نمو الاقتصاد الحقيقي الذي تمثله الأسهم. و لما تعرض السوق المالي في نيويورك الى أول انهيار سنة 1929 عزا الاقتصاديون ذلك الانهيار الى الفرق الشاسع بين قيمة السوق المالية و المرتفعة جدا و قيمة الاقتصاد الحقيقي. و قد ذكرت مجلة الايكونومست بتاريخ 2/11/1929 أن السبب الرئيسي لانهيار السوق هو الزيادة العالية لأسعار السوق مقارنة بالواقع الحقيقي للاقتصاد. و لادراك هذه الناحية فقد تبين أن أسعار السوق المالية زادت خلال الفترة ما بين 1925 و 1929 بنسبة 120% بينما لم يتعد النمو الاقتصادي للفترة نفسها 17%. و حين انهار السوق فقد من قيمته ما يزيد على ال 93%. أي عاد السوق الى ما يقارب قيمته الحقيقية. و قد حصل الامر ذاته سنة 1987 حين انهار السوق مرة أخرى حيث لاحظ المراقبون أن أسعار السوق المالي قد تضخمت بشكل كبير مقارنة مع الحجم الحقيقي للاقتصاد، حيث زاد الفرق بين الاقتصاد الافتراضي و الاقتصاد الحقيقي عن 200%. و مع نهاية القرن العشرين و صل الاقتصاد الافتراضي ثلاثة أضعاف قيمة السوق الحقيقي و ذلك بما عرف باسم (بالون الانترنت).
و الحاصل ان القيمة الاسمية للاسهم المالية لا تعكس حقيقة الانتاج الاقتصادي. فمن الممكن أن ترتفع قيمة الاسهم للشركة دون أن يكون هناك أي انتاج أو ربح للشركة كما حصل مع شركة أمازون حيث تجاوز سهم الشركة 300 دولار في الوقت الذي لم تحقق الشركة أية أرباح. و كما حصل مع شركة انرون حيث ارتفعت قيمة أسهمها بناءا على معلومات خاطئة عن أرباح وهمية.
ان مثل هذا التعامل المالي يجعل هناك وجهان للاقتصاد. وجه حقيقي مرتبط بالنمو الاقتصادي و الانتاج و هو القوة الحقيقية للاقتصاد. و وجه وهمي يعكس الصورة التي يراها المجتمع المحلي و العالمي عن حالة الاقتصاد. و حين يكون الفرق بين الاثنين بسيط لا تظهر مشاكل في الاقتصاد. و لكن حين يصبح الفرق شاسعا كما هو الحال الآن و عام 1987 و عام 1929 فان الأمر يكون خطيرا و قد يؤدي الى أثار مدمرة لسنين طويلة كما حصل مع النمور الاسيوية.
و تدرك الدول الرأسمالية حجم المشكلة و خطورتها و هي لا تنفك تضع الخطط و البدائل للحيلولة دون انهيار مدمر أو لتخفيف أثار الانهيار أو للخروج السريع بعد الانهيار. أما السبب المباشر للانهيار فيعود الى محاولة بعض المستثمرين أن يحولوا ما يملكوه من مال وهمي الى مال حقيقي. فلو افترضنا أن المال الحقيقي يشكل 10% من المال الافتراضي فان مجموع ما يمكن تحويله الى مال حقيقي لا يزيد عن 10% من المال الكلي، و باقي المال يساوي لا شيئ. و من هنا حين يرى ملاك الاسهم أن أحد كبار المستثمرين بدأ ببيع ما يملك (لتحويل ماله الى مال حقيقي) فيسارعون الى بيع ما يملكون خوفا ان لا يبقى لهم شيئ من المال الحقيقي فيحصل الانهيار ليعود البناء الى الاساس.
و خطورة الاقتصاد الافتراضي تكمن في ايجاد حالة من الوهم الاقتصادي قد يصدقها و يتصرف بناءا عليها حتى كبار الاقتصاديين و السياسيين، ما يدفعهم للقيام بمشاريع أكبر حجما من مقدراتهم الحقيقية. و قد تكون لمثل هذه الاعمال أثار ايجابية مؤقتة خاصة اذا كانت هذه المشاريع داخلة في حقل التنافس مع الغير. و قد استفادت أمريكا بشكل كبير حين كانت في صراع مع الاتحاد السوفياتي. حيث كان الاتحاد السوفياتي يستعمل المال الحقيقي في أعماله و مشاريعه، و كانت أمريكا تستعمل الاقتصاد الوهمي. و لكن حين تتعرض الدولة الى أزمة مالية أو سياسية يفوق حجمها حجم الاقتصاد الحقيقي فان الوهم قد يدفع الدولة الى مقامرة خاسرة. و قد تعمد الدول الى خلق أزمات فعلية لدول أخرى تعتمد على الاقتصاد الافتراضي في دائرة الصراع معها.
2. الربا و الاقتصاد الافتراضي
ان غاية السياسة المالية في الاقتصاد الرأسمالي هي المحافظة على أعلى مردود انتاجي و توظيفي و استقرار الأسعار. و يتم تحقيق ذلك من خلال آلية قائمة على التحكم بقيمة الربا زيادة أو نقصانا. فحين يحصل ركود في الاقتصاد تعمل الدولة على خفض قيمة الربا من أجل تشجيع الاقتراض و زيادة الطلب على الحاجات. و بالمقابل يتم رفع قيمة الربا للحد من التضخم المالي. و المهم هنا هو أدراك أهمية الربا بالنسبة للاقتصاد الرأسمالي باعتباره أهم أداة للتحكم بالاقتصاد. و من هنا كان انتشار المؤسسات المالية التي تقدم خدمات القروض للأفراد و الشركات و المؤسسات و حتى للحكومات نفسها.
و ضمن هذا الاقتصاد الربوي تكون حركة المال باتجاهين اتجاه الايداع و التسديد من المستثمر للبنك أو اتجاه الاقراض من البنك للمستثمر. و باستثناء الحالات التي تكون نسبة التضخم أعلى من نسب الفائدة خلال فترة السداد فان كمية المال المتجه باتجاه البنك تكون أكثر بشكل مطرد من كمية المال المتجه باتجاه المستثمرين. فاذا كان المال الحقيقي هو المال الذي يتعامل به المستثمر لزيادة الانتاج و المحافظة على استقرار الاسعار حسب ما تقتضيه السياسة المالية فان هذا المال سيكون بالتأكيد أقل بكثير من المال الذي يتجمع لدى البنوك. و من هنا يظهر الفرق بين المال الحقيقي و المال الافتراضي. و هناك حالتان تؤديان الى حصول هذه الظاهرة.
الحالة الاولى حين يقوم البنك بعملية الاقراض.فلو فرضنا أن البك قدم قرضا بقيمة 100 مليون دولار بربا مقداره 5% لمدة 20 سنة. و لو فرضنا أن التضخم خلال هذه الفترة كان 2% فان نسبة الربا الحقيقية تكون 3%. و لو فرضنا كذلك أن المال المقترض (100 مليون) أنفق على مشاريع استهلاكية و مشاريع انتاجية ربحية بحيث حقق ربح اجمالي 2%. أي أن القيمة الاجمالية التي سترد الى البنك = 103 مليون دولار في حين أن المال الحقيقي = 102 مليون. بمعنى أن هناك (1) مليون دولار في حساب البنك ليس له ما يقابله في الواقع و هذه الزيادة هي عين الربا الذي يزيد على حساب المال فقط كما ورد في الأية الكريمة (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ). و اذا علمنا أن أكبر المقترضين في العالم هي الحكومات التي تقترض لسد الحاجات و ليس للانتاج فان نسبة ما يتجمع من الربا يكون أعلى بكثير من نسبة ال (1%) في المثال السابق. و من هنا فان المال الربوي الزائد عن الحجم الحقيقي للمال خلال فترة زمنية محدودة يصل الى مئات المليارات من الدولارات و قد يصل الى ضعف كمية المال الحقيقي. و يكفي أن نعلم أن نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي في أمريكا مثلا كانت بمعدل (3.5%) خلال ال (30) عاما الماضية، بينما كان معدل الربا الفعلي أكثر من (8%). ما يعني أن المال الافتراضي خلال ال (30) عاما الماضية زاد على (135%) من قيمة المال الفعلي. أي لو أن القيمة الفعلية للاقتصاد الأمريكي كانت (5) ترليون دولار فان القيمة الربوية الزائدة عن القيمة الحقيقية تكون (6.75) ترليون دولار. ما يجعل قيمة المال الافتراضي (11.75) ترليون.
أما الحالة الثانية التي تؤدي الى زيادة وهمية في المال الربوي فتكون حين يودع المستثمرون أموالهم لدى البنوك من أجل الاستثمار في الربا. فلو أن المستثمر أودع لدى البنك (100) مليون دولار بربا قيمته (5%) بعد احتساب التضخم، و لمدة (10) سنين. فان قيمة المال المستثمر تصبح (150) مليون. و حتى لا يخسر البنك يقوم بدوره باستثمار ال (100) مليون دولار و لنفرض أنه حصل على نسبة (7%) أي ما قيمته (170) مليون. فلو كان جزء من استثمار البنك انتاجيا بنسبة (5%) و الباقي زيادة ربوية فان ما مجموعه (20) مليون دولار يكون مالا ربويا محضا لا مقابل له في الواقع. و الحقيقة أن أكثر البنوك لا تستثمر أموال المستثمرين في عمليات انتاجية، انما تقوم باستثمارها لدى بنوك أخرى و هكذا قد تحتوي سلسلة الاستثمارات على عدة بنوك ما يجعل المال الوهمي يزيد بشكل مطرد.
و سواءا كانت زيادة المال على الوجه الاول او الثاني فان المحصلة ان كميةالمال الذي يتجمع لدى البنوك أكثر بكثير من كمية المال الحقيقي و الذي يمثل الانتاج. الا ان الذي يساعد على استمرار هذه الزيادة المطردة بالمال الوهمي هو عدم ظهور حاجة ملحة لسحب أموال كثيرة من البنوك مرة واحدة. و حين يحصل أن يتعرض أحد البنوك لطغط المستثمرين و المودعين لسحب كمية تفوق كمية المال الحقيقي فان البنك سرعان ما ينهار لعدم مقدرته تلبية حاجة الزبائن كما حصل مع بنك بوسطن أوائل الثمانينات من القرن الماضي. هذا اذا لم تتدخل الحكومة لانقاذ البنك و دعمه بأموالها. و اذا كانت المشكلة عامة في أكثر من بنك فان الدول الكبري تعمد الى طبع و ضخ أموال تتناسب مع حجم المال الوهمي. و هذا من شأنه أن يؤدي الى تضخم هائل و هبوط بالاسعار و ضعف بالانتاج و قد يؤدي الى كارثة مالية هائلة. و يكفي أحيانا لحصول مثل هذه الكوارث أن يتحرك المودعون للمطالبة بسحب جزء كبير من أرصدتهم في وقت واحد.
3. فصل العلاقة بين العملات الرئيسة و الذهب
ما كان يمكن للاقتصاد الافتراضي أن يصبح ظاهرة أصيلة و يستشري باشكل الذي رأينا لو أن العملات الرئيسة كالدولار بقيت مرتبطة بالذهب حسب ما قررته اتفاقية بريتون وودز سنة 1944. فقد حددت الاتفاقية أسس واضحة لسعر صرف العملات مقابل الذهب ضمن تذبذب لا يزيد عن (1%). كما حددت اسس تبين كيفية تحويل العملات الى الذهب. فمع وجود مثل هذا القانون لا يمكن لأي دولة أن تسمح لاقتصادها أن يظهر على وجه أكثر بكثير من حجمه الحقيقي لأن ذلك سيكلفها مخزونها من الذهب و قد لا يكفي المخزون مطلقا حسب ما رأيناه من أرقام خيالية للاقتصاد الافتراضي. و لكن حين انقلبت أمريكا على اتفاقية بريتون وودز و حررت ألدولار من الذهب أطلقت العنان لأسعار السوق دون أي قيد. و لم تكتف أمريكا بذلك بل عادت و فصلت العلاقة بين المال و الاقتصاد، فصار من الممكن للمال أن ينمو و يزداد بسرعة أعلى بكثير من سرعة نمو الاقتصاد. فكان هذا الفصل بين المال و الذهب من جهة، و بين المال و النمو الاقتصادي من جهة أخرى هو الذي مكن من وجود الاقتصاد الافتراضي و نموه الى درجة هائلة.
4. خاتمة
و أخيرا؟ هل الاقتصاد الافتراضي يعتبر عامل قوة أو عامل ضعف لدى الدول؟ مما لا شك فيه ان الاقتصاد الافتراضي يؤدي الى ظهور الدولة بمظهر القوة ما يمكنها من المناورة و التهديد و التأثير على الدول الاخرى، و قد يمكنها من تدمير اقتصاد دول بالكامل خاصة اذا كانت تلك الدول تستعمل اقتصادها الحقيقي أو كانت أقل قدرة من الدولة المهاجمة. و لا تزال أمريكا تستعمل الاقتصاد الافتراضي للتاثير على اوروبا و اليابان و الصين و غيرها. الا ان الاقتصاد الافتراضي يشكل كعب اخيل لهذه الدول. ففي الوقت الذي يشكل فيه مظهر قوة، فهو كذلك يشكل مقتلا لهذه الدول. و ذلك انه في حال تعرض الدولة الى أزمة حقيقية سواءا بسبب الكوارث أو الحروب بحيث تستهلك الازمة ما يعادل الاقتصاد الحقيقي للدولة فان اقتصاد الدولة سيصاب بالافلاس.
و الحاصل أن الدول الرأسمالية الكبرى مثل أمريكا و أوروبا قد بنت اقتصادها الضخم على أساس الاقتصاد الافتراضي . و الأهم من ذلك أن هذه الدول لا يمكنها التراجع لاعادة بناء اقتصادها على شكل آخر. فالسياسة المالية كلها قائمة على الربا، و الثراء الفاحش و الزيادة المطردة للمال أصبحت هي الغاية الوحيدة للسياسة المالية و الاقتصادية. و من هنا لا يمكن تصور اعادة بناء الاقتصاد في الدول الرأسمالية ليصبح أقرب للواقع. و بالتالي يبقى معرضا للمحق و الانهيار. و الله يقول: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" و يقول: " . يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ" و صدق الله تعالى بقوله " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "

د. محمد الجيلاني

ملاحظة:
تمت كتابة هذه المحاضرة قبل الانهيار الضخم الذي أصاب المؤسسات المالية في أمريكا و الذي أصاب بنك بير ستيرنز و فاني ماي و فريدي ماك و ليمان برذرز و ميريل لينتش و واكوفيا. و ما تبعه من محاولة أمريكا انقاذ شركة التأمين (AIG) بقيمة 85 مليار دولار و خطة الانقاذ بقيمة 800 مليار دولار.

 

إقرأ المزيد...

خطبة جمعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

  • نشر في الثقافي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1471 مرات

 

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صلِّ وسلم عليه وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ قَالَ (بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الْحَرْبِ وَكَانَ عُبَادَةُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَايَعُوا فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَلَا نُنَازِعُ فِي الْأَمْرِ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ)، في هذا الحديث يبين عبادة بن الصامت رضي الله عنه ألفاظ العقد ومضمونه الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة الكرام، هذا العقد الذي كان مرحلة جديدة من رسالة سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

اشتملت هذه الرسالة على الجهاد في سبيل الله، والسمع والطاعة في كل الأحوال، عدا المعصية، لإمام المسلمين، وأولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أن لا يُنازَع رسول الله في الحكم، وكذا من سار على نهجه من الخلفاء، وكان الختام مسكاً وجزءاً لا يتجزأ من مضمون البيعة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يخاف في الله لومة لائم.

أيها المسلمون: إن ديننا رفع شأننا بهذه الأحكام وهذه القيم والتي منها هذه الأحكام ووجوب الإلتزام بها في البيعة وما سواها لأنها تشريع، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى؛ ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبى؛ فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا). وهذه البيعة ليست من مقتضاها السمع والطاعة فقط، أي التقيد بأحكام الإسلام وقوانينه، بل تأمر المسلم أن يكون حارساً أميناً لهذا الدين فادياً ولو بنفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيد الشهداء حمزةُ بن عبد المطلب ورجُلٌ قام إلى إمام جائرٍ فأمرهُ ونهاهُ فقتلهُ) ففي هذا الحديث نجد أن للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا قتل في سبيل ذلك من قبل السلطان فله أجر أعظم الشهداء وسيدهم؛ عم رسول الله e حمزة رضي الله عنه.

أيها المسلمون: قال الإمام الغزالي رحمه: ( إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي إبتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طُوي بساطه، وأُهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الحرق، وخربت البلاد، وهلكت البلاد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد)، لذلك نجد أنه ما أصاب المسلمين من ضياع لدينهم إلا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي من أحكام الحفظ للإسلام من أن يضيع من بين أيدينا، وحكمه الوجوب وقد وردت فيه أدلة مستفيضة في كتاب الله وسنة رسوله تحث المسلمين عليه وتوجبه عليهم، منها قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [71 التوبة]، و عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلا يُسْتَجَابَ لَكُمْ) ابن ماجه.

أيها المسلمون: نحن اليوم نجد كثيراً من المعروف منتقصاً في حياتنا، ويجب علينا أن نجد هذا المعروف مطبقاً وأن نلتزم به رعيةً وحكاماً، وكذلك نجد كثير من المنكرات المحرمات، فهل قمنا بواجبنا إمتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيراً وإقتفاءً لخطى الحبيب، الذي إلتزم به الصحابة الكرام. اننا نجد أن كثيراً من المسلمين لا يهتمون بذلك لعدة أسباب، أولها حصر واجبات ديننا في بعض الأحكام وعدم الإهتمام بالبعض الآخر، والله عز وجل أمرنا ان ندخل في الإسلام كافة ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي جعله الشرع واجباً. وقد سماه الإمام الغزالي رحمه الله بالقطب الأعظم في الدين.

 أما البعض الآخر فيقول أنه واجب ولكنه في أمور دون أمور فيهتم ببعض الخواص من دون تعميم الواجب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحةُ  قلنا : لِمَنْ؟ قَالَ :لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ). والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح له. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعلى النصيحة.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجبا وبعد:

أيها المسلمون: أما البعض الآخر يقولون إنه ليس بإستطاعتنا، إما تهاوناً او كسلاً أو خوفاً، وقد ضبط الشرع ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الِحَق إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلاَ يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ) (كتاب الفتن). أما الإستطاعة فالشرع لا يوجب واجباً فوق الطاقة، قال عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا} أفلا نستطيع أن نأمر بعضنا بالصلاة لمن لا يصلي أو يؤخرها عن وقتها، وكذا في بيوتنا إذا ترك الإبن أداء الصلاة في وقتها فإنه في مقدورنا أن نأمره وننهاه، وكذا وجوب رعاية السلطان للمسلمين دون المنظمات المحلية أو الأجنبية، لأن واجب الرعاية في الإسلام يكون للحاكم وليس للمنظمات كما يفعل الكافرون وفق الباطل الذي يدينون به.

أيها المسلمون: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس عملاً مادياً، بل هو كلام باللسان، وهو في قدرة كل انسان، ما دمنا ننطق ونعيش بنعمة الكلام الذي منَّ الله به علينا، وكذا الكتابة لإيصال مفهوم للأمة لرفعها من ظلمة المعيصة إلى نور الطاعة.

 ورد أن عمر بن الخطاب عندما كان خليفة للمسلمين كان يقول: ( ألا رحم الله امرئ أهدى إليَّ عيوبي) فقد وصف ابن الخطاب رضي الله عنه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر كالمقدم له هدية بل يعتبرها من أعظم الهدايا، لأنه يرجو رحمة الله ورضوانه، وهي لن ينالها العبد إلا بطاعته سبحانه وتعالى، فينعم الله بها على من أطاعه جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. عَنْ أَبي هريرةَ  رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى، قيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله ؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى) رواه البخاري.

 

إقرأ المزيد...

الزكاة- الأستاذ أبو عبد الله   

  • نشر في اقتصادية
  • قيم الموضوع
    (2 أصوات)
  • قراءة: 1954 مرات

      يمتاز الإسلام عن غيره من المبادئ والأديان في كل شيء ، سواء على صعيد علاقة الإنسان بربه أم بنفسه أم بغيره من بني البشر ، فكل هذه العلاقات نّظمها الإسلام أحسن تنظيم، تنظيما يسعد الإنسان في الحياة الدنيا ويأخذ بت إلى المقام الذي أراده الله له مقام القائد والمسؤل الرعوي عمن استرعي عليهم ، فقد جاء في صحيح البخاري: حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏رضي الله عنه أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ قال" ‏ ‏ كلكم راع فمسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت ‏ ‏بعلها ‏ ‏وولده وهي مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

      ومن هنا فقد تميزت نظرة الاسلام للأنسان المسلم عن غيره فالمسلم لا تخلو عنقه من مسؤلية تجاه الاخرين او ما يتعلق بهم حتى لو كان هذا المسلم عبدا مملوكا فان عليه مسؤليات لا بد  أن يراعي القيام بها ، وهذا بحد ذاته  تكريم للأنسان بخلاف غير الاسلام من المبادئ والاديان فإنها قد حطت من قدر الانسان ومايزت بين انسان وانسان فيما لا ينبغي التمايز فيه فهذا من طبقة النبلاء وذاك من طبقة الكادحين وهكذا دواليك .

 ولعل ابرز المبادئ التي نظرت للأنسان بشكل مغاير لنظرة الاسلام ؛ المبدأ الرأسمالي ، ذلك أن الرأسمالية لم تعر الانسان بوصفه انسانا أي اهتمام؛ فسائر النظم و القوانين الرأسمالية تم انشاءها على اساس مادي بحت فلا وجود للقيمة الروحية او الانسانية او الخلقية في المبدأ الرأسمالي بل ولا مجرد لفتة لأي من هذه القيم التي يراعي الانسان تحقيقها بالاضافة للقيمة المادية حين يقوم بالعمل .

  أما الاسلام فقد حرص من خلال أحكامه الشرعية على تحقيق القيم الاربعة فلا تطغى في المجتمع قيمة على اخرى بل كلها تتحقق وفق التزام المجتمع الاسلامي بالأحكام الشرعية على وجهها، كما يحرص الأسلام على التذكير الدائم والحث المتواصل لكل المؤمنين به أن يتواصوا في بينهم بالمرحمة وأحكام الاسلام جاءت بنمط عيش فريد يتناسب مع كون أبرز مكونات المجتمع هم بشرا أكرمهم الله وأراد لهم عمارة الارض  وقيادة أهلها لانقاذهم من جحيم الرأسمالية المادية التي ما انفكت تنظر للمجموعات البشرية كمجموعات بهائمية قويها يأكل ضعيفها ولا يرحم كبيرها صغيرها ولا يوقر فيها الصغار الكبار، ولا ينظر غنيها الى فقيرها الا نظرة الازدراء والاحتقار مما حدا بكثير من الفقراء والمحرومين الى امتهان السطو والجريمة فشاعت في المجتمعات الغربية وشبيهاتها من المجتمعات المتخلفة الفواحش باقبح صورها واشكالها .

  لكن في المقابل وبالرغم من غياب الحكم بانظمة الاسلام في حياة المسلمين الا اننا نجد المجتمعات في بلاد المسلمين أحسن حالا من المجتمعات الغربية وذلك بفعل ابقاء الكثييرين من ابناء المسلمين على بعض الاحكام الشرعية وإن بشكل فردي، إلا أن وجود هذه الاحكام ساهم في ايجاد البون الشاسع بين معدلات الجريمة المرتفعة في المجتمعات الغربية وبين معدلات الجريمة في بلاد المسلمين ، ولعل من أبرز أحكام الاسلام التي تظهر فيها معاني الرحمة بين المسلمين ؛ الزكاة والتي جعلها الاسلام ركنا اساسيا من اركان الاسلام وجعلها فرضا توعد تاركه أشد العذاب ووعد المؤدي لها جزيل العطاء في الدنيا والاخرة .

  ولأهمية هذا الركن في الاسلام فقد ورد لفظ الزكاة فى القرآن الكريم مع الصلاة فى أكثر من (80) آية .

" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"  (البقرة 2-آية 277)

  والزكاة في المعنى الشرعي حكم مقدرفي أموال معينة ،وفي المعنى اللغوي تعني النماء والبركة وترد ايضا بمعنى تطهير المال وقد اتفقت هذه المعاني مع المعنى الشرعي فقدجاء في الحديث الذي يرويه الترمذي ، قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم "ما نقص مال عبدٍ من صدقة " فهي نماء وبركة وطهر من الاثم والبخل ، وللزكاة باب ثابت في بيت مال المسلمين إذ هي من واردات بيت المال ، وهي واجبة في أموال المسلمين البالغة النصاب سواء كانوا رجالا أم نساءا اطفالا ام غير مكلفين  فكل مال للمسلم بلغ النصاب يجب اخراج زكاته فقد جاءت النصوص في الكتاب والسنة تؤكد هذا الوجوب فمن ذلك :

قول الله تعالى:"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين"البقرة:43

وقوله:" وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير"البقرة:110

 وقوله:" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"التوبة:103

وقوله:" وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون"النور:56

وقوله " والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" المعارج:24-25

وقوله سبحانه : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" البينة5

و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان" رواه البخاري ومسلم.

وقال  صلى الله عليه واله وسلم (ما من صاحب ذهب ولا فضة،لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه،وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد،فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار. ولا صاحب أبل لا يؤدي منها حقها - ومن حقها حلبها يوم ورودها - إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلاً واحداً، تطأه بأخفافها، وتعضه بأفواهها،كلما مر عليه أولاها،رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله،إما إلى الجنة وإما إلى النار. ولا صاحب بقر، ولا غنم لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منه شيئاً، ليس فيها عصقاء، ولا جلحاء، ولا عضباء، تنطحه بقرونها، وتطأه بأظلافها، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وقوله صلى الله عليه وسلم (... ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه، إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع يتبعه،فاغرا فاه، فإذا أتاه فر منه، فيناديه ربه عز وجل: خذ كنزك الذي خبأته، فأنا أغنى منك، فإذا رأى أنه لابد له منه، سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل) رواه أحمد ومسلم والنسائي، ولما بعث رسول الله معاذاً إلى اليمن قال له: (أنك تأتي على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم، فإذا فعلوا أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس) متفق عليه، وقال أيضاً (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم ألا بحقها، وحسابهم على الله) متفق عليه، وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على وجوب قتال مانعي الزكاة، وعاملوهم معاملة         وقد جاء في الحديث المتفق عليه الذي رواه ابن عباس - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرسل معاذاً على اليمن وبعد أن أمره بدعوتهم إلى التوحيد ثم الصلاة قال له : " فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " رواه البخاري, ح/1308.

 

 أما أنصبة الزكاة وأحكامها فهذه طائفة أحكام فقهية ننقلها حسبما وردت في الكتب ذات الصلة :

النصاب

والنصاب هو مقدار معين من المال محدد شرعا لا تجب الزكاة في أقل منه وتختلف قيمة النصاب حسب نوع المال .

وقد حدد النبى صلى الله عليه وسلم النصاب بعشرين مثقالا من الذهب وهي تساوى (85) جراما من الذهب الخالص - وحدد نصاب الفضة بمائتى درهم وهى تساوى (  595) جراما من الفضة الخالصة .

ونصاب العملات الورقية هو ما يكافئ (85) جراما من الذهب الخالص ويتغير بتغير قيمة العملة .

ويعد الشخص غنيا إذا امتلك النصاب زيادة على حاجاته الرئيسه وحاجات عائلته ومن تحت رعايته بالنسبة للطعام والشراب والملبس والمركب والمسكن وأدوات عمله والضرورات الأخرى .

ومتى امتلك الشخص النصاب زيادة على حاجاته وحاجات أسرته الأساسية لمدة سنة قمرية وجب عليه إخراج الزكاة .

وتجب الزكاة أيضا بمعدلات متفاوتة فى الثروة الحيوانية والزروع والثمار والثروة المعدنية

  الأموال التي تجب عنها الزكاة :

فرض الإسلام الزكاة فى الذهب والفضة ويقاس عليهما العملات المختلفة وكذلك عروض التجارة والزروع والثمار والأغنام  والركاز والمعادن .

وهذه بعض الملاحظات على الأموال الواجب فيها الزكاة وقيمة النصاب فيها:

الذهب والفضة

يبلغ نصاب الذهب 85 جراما من الذهب الخالص

ونصاب الفضة   595 جراما من الفضة الخالصة

والذهب الخالص هو السبائك الذهبية (  999)

الذهب والفضة تستحق الزكاة متى ما بلغت النصاب وحال عليها الحول. وقيمة الزكاة فيها 2.5% من قيمتها الخالصة حسب سعر الذهب والفضة يوم وجوب الزكاة .

 

الحلى المصنوعة من غير الذهب الخالص يسقط من وزنها مقدار ما يخالطها من غير الذهب .

فى الذهب عيار (21) قيراطا يسقط مقدار الثمن ويزكى عن الباقي .

والذهب عيار (18) قيراطا يسقط مقدار الربع ويزكى عن الباقى .

  والمقتنيات من الذهب والفضة تجب الزكاة فيها إلا ما كان منها زينة تتخذه المرأة على الراجح..

ويضم الذهب بعضه الى بعض وتضم الفضة بعضها إلى بعض فإن بلغ النصاب وجبت الزكاة .

 وإذا لم يرغب الشخص فى إخراج القدر الواجب عليه ذهبا أو فضة يجوز أن يخرج قيمتها بالعملات الورقية .

فالعملات الورقية تعامل معاملة الذهب والفضة من حيث النصاب .

 وقيمة النصاب فى أى عملة ورقية هو ما يساوى قيمة (85)  جراما من الذهب الخالص.

زكاة العقارات

لا يدخل فى حساب الزكاة قيمة المنزل المعد للسكن وكذلك أثاثه

أما إيرادات العقارات المؤجرة ، فيضم المالك ايرادها الى أمواله فإن بلغت النصاب يؤدي زكاتها 2.5% .

 واما العقارات التى تتخذ للاستثمار فتجب الزكاة على قيمتها السوقية وكذلك الإيرادات المتحصلة منها .

زكاة عروض التجارة

تجب الزكاة في جميع الأموال التى اشتريت بنية المتاجرة بها سواء كانت عقارا أو مواد غذائية أو زراعية أو مواشى أو غيرها .

ولا تجب الزكاة فى العروض التى ينوى التاجر أو الشركة الاحتفاظ بها كأدوات إنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التى ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها .

كيف تزكى عروض التجارة

عند حولان الحول يقيم التاجر ما عنده من بضاعة ويضمها الى ما لديه من نقود ثم يضيف إليها ماله من ديون مرجوة السداد ثم يطرح منها الديون التى عليه ثم يزكى الباقى بنسبة ربع العشر2.5 % ويقيم التاجر سلعته بسعر السوق الحالى سواء كان منخفضا عن سعر الشراء أو مرتفعا . ويجوز إخراج الزكاة من أعيان البضائع تيسيرا على الناس .

زكاة الثروة الصناعية

لا زكاة فى المبانى والمعدات وأدوات الانتاج المعدة للتصنيع .

وتخرج الزكاة على الربح الذى يدره المصنع وكذلك على المواد الخام المستخدمة في التصنيع إذا حال عليها الحول وكذلك المواد المصنعة التى لم يتم بيعها بعد وتقيم بما فيها من المواد الخام ولا عبرة بما زادته الصنعة فى قيمتها .

زكاة الديون

يقسم الفقهاء الديون إلى قسمين:

 

1.   دين مرجو الأداء

وهو ما كان على مقر بالدين قادر على أدائه أو جاحد للدين ولكن عليه بينة أو دليل بحيث لو رفع أمره للقضاء استطاع التاجر استرداده .

تجب الزكاة فى هذا القسم من الديون .

 

2.  دين غير مرجو الأداء

وهو ما كان على جاحد أو منكر وليس عليه بينة أو كان على مقر بالدين ولكن كان مماطلا أو معسرا لا يقدر على السداد .

لا تجب الزكاة فى هذا القسم من الديون إلا بعد قبضه فعلا فيزكى سنة واحدة وإن بقى عند المدين سنين .

 

                                    كيفية حساب الزكاة

تحدد قيمة النصاب وهى ما يكافئ قيمة 85 جم من الذهب الخالص أو ما يعادلها بالعملات الأخرى .

الزكاة = (مجموع الأموال الزكوية - الديون المستحقة حالا) x 2.5%

النية :

والنية ركن هام فى الزكاة . ينبغى عقد النية على أن هذا المال المستخرج هو الزكاة  الواجبة إرضاء لله تعالى وإتماما للدين

وقت الزكاة:

تجب الزكاة فورا عند حولان الحول ولا يجوز تأخيرها . ويجوز إخراج الزكاة قبل وقتها .

 


أنواع أخرى من أموال الزكاة


زكاة الزروع والثمار

ثبت وجوب الزكاة فى الثروة الزراعية بالقرآن والسنة والإجماع.  يقول الله تعالى " كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده " الانعام (141)

يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض (البقرة 2-  267)

ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فيما سقت الأنهار والغيم العشور وفيما سقي بالساقية نصف العشر "  ( رواه مسلم ).

 

هل تزكى جميع الحاصلات الزراعية ؟

 

اختلف فقهاء المسلمين قديما وحديثا فى الحاصلات الزراعية التى تجب فيها الزكاة على عدة أقوال :

 

  •    يرى الإمام أبو حنيفة أن الزكاة واجبة فى جميع ما تنتجه الأرض من محاصيل وثمار وفاكهة وخضار ونحوها  .
  •    ذهب آخرون الى أن الزكاة واجبة فقط في كل ما يتخذه الناس قوتا يعيشون به حال الأختيار لا الاضطرار مثل الحنطة والأرز والذرة ونحوها .
  •    وذهب آخرون الى أن الزكاة واجبة فى كل ما ييبس ويبقى ويكال فقط .

نصاب المحاصيل الزراعية

جاء فى الحديث الصحيح :" ليس فى دون خمسة أوسق صدقة" والخمسة أوسق تعادل ما وزنه (  653) كيلوجراما من القمح ونحوه .

وقت إخراج زكاة المحاصيل الزراعية :

لا يراعى الحول في زكاة الزروع ، بل يراعى الموسم والمحصول لقوله عزوجل : "وآتو حقه يوم حصاده" . فلو أخرجت الأرض أكثر من محصول فى السنة وجب على صاحبها إخراج الزكاة عن كل محصول .

ملاحظات :-

الأصل أن تخرج الزكاة من أصل المحصول ويرى بعض العلماء جواز إخراج القيمة وذلك بأن يحسب قيمة الزكاة الواجبة فى المحصول ثم يقدر قيمتها بالسوق ويخرجها نقدا .

يضم الزرع الواحد بعضه إلى بعض ولو اختلفت الأرض التى زرع فيها .

تضم الأصناف من الجنس الواحد من الزروع والثمار بعضها إلى بعض ولا يضم جنس إلي آخر .

 

 

 

زكاة الأنعام

تجب الزكاة فى الإبل والبقر والغنم

 

شروط وجوب الزكاة فى الأنعام :

 

1. أن تبلغ النصاب وهو الحد الأدنى لما تجب فيها الزكاة وهو كالآتى :-

 

  •      نصاب الإبل خمسة وليس فيما كان أقل من ذلك زكاة .
  •      نصاب الغنم أربعون وليس فيما كان أقل من ذلك زكاة .
  •       ونصاب البقر ثلاثون وليس فيما كان أقل من ذلك زكاة .

 

2. أن يحول عليها الحول وتضم أولاد الأنعام الى أمهاتها وتتبعها فى الحول .

3. أن تكون سائمة .

4. ويقصد بالسائمة لغة الراعية وشرعا هي المكتفية بالرعى أكثر أيام السنة من الكلأ المباح عن أن تعلف .

5. فأما إن كانت معلوفة فلا زكاة فيها .

6. وكذلك لا زكاة فى الإبل والبقر العاملة وهى التى يستخدمها صاحبها فى الحرث أو السقى أو الحمل وما شابه ذلك من الأشغال .

 

مقدار الزكاة من الأنعام

الجدول الآتى توضح قيمة النصاب والزكاة الواجبة فى كل نوع من الأنعام .

نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيها

 

عدد الإبل
من - الى

القدر الواجب فيه

4 - 1

لا شئ  فيها

  9 - 5

1شاة

10- 14

 2شاتان

15-19

3 شاه

 20-  24

 4شياه

  25- 35

1بنت مخاض (هى أنثى الإبل التى أتمت سنة وقد دخلت فى الثانية، سميت بذلك لأن أمها لحقت بالمخاض وهى الحوامل)

 36- 45

1بنت لبون أو هى أنثى الابل التى أتمت سنتين ودخلت فى الثالثة . سميت بذلك لأن أمها تكون قد وضعت غيرها فى الغالب وصارت ذات لبن .

 46- 60

1حقة (وهي أنثى الابل التى أتمت ثلاث سنين ودخلت الرابعة . سميت حقة لأنها استحقت أن يطرقها الفحل

 61-  75

1جذعة (هى انثى الابل التى أتمت اربع سنين ودخلت الخامسة)

76- 90

 2بنتا لبون

 91- 120

حقتان

121- 129

 3 بنات لبون

130- 139

1حقة + 2 بنتا لبون

140- 149

 2حقة + 1 بنت لبون

159 - 150

3 حقات

160 - 169

  4 بنات لبون

170- 179

 3بنات لبون + 1 حقة

180-189

2 بنتا لبون + حقتان

190 -199

3 حقات + 1 بنت لبون

 200-209

  4 حقات أو 5 بنات لبون

وهكذا ما زاد على ذلك يكون فى كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون.

نصاب زكاة البقر ومقدار الزكاة فيها على النحو التالي :

عدد البقر
من - الى

القدر الواجب فيه

1-  29

لا شيء فيه

 39 -30

تبيع (التبيع ما أتم من البقر سنة ودخل الثانية ذكرا كان أو أنثى )

- 40  59

مسنة (انثى من البقر أتمت سنتين ودخلت فى الثالثة)

60-  69

تبيعان أو تبيعتان

 70- 79

مسنة وتبيع

 80- 89

مسنتان

 90- 99

ثلاثة أتبعة

 -100  109

مسنة وتبيعان

110 - 119

مسنتان  وتبيعان

 120 - 129

ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة

وهكذا ما زاد عن ذلك فى كل ثلاثين تبيع أو تبيعة . وفى كل أربعين مسنة .

 

 

والجواميس صنف من أصناف البقر ينبغى ضمها الى ما عنده من البقر واخراج زكاتها .

 

نصاب الغنم والقدر الواجب فيها

يكون نصاب الغنم ومقدار الزكاة فيه على النحو التالي :-

النصاب من الغنم القدر الواجب منه

 

عدد الأغنام
من  - إلى

القدر الواجب فيه

1- 39

لا شئ فيه

  40- 120

شاه واحدة (انثى من الغنم لا تقل عن سنة)

121 - 200

شاتان

201- 399

ثلاث شياه

400- 499

أربع شياه

500- 599

خمس شياه

وهكذا ما زاد على ذلك فى كل مائة شاة شاة واحدة.

 

ملاحظات:

 

1.    الانعام المعدة للتجارة

تعامل الأنعام المعدة للتجارة معاملة عروض التجارة ، وتحسب زكاتها بالقيمة لا بعدد الرؤوس المملوكة ، لذا لا يشترط النصاب المذكور سالفا لوجوب الزكاة فيها ، بل يكفى أن تبلغ قيمتها نصاب زكاة النقود (وهو ما قيمته 85 غم من الذهب الخالص ) لتجب الزكاة فيها ، فيضمها مالكها الى ما عنده من عروض التجارة والنقود ويخرج الزكاة عنها بنسبة ربع العشر (2.5%) متى ما استوفت شروط وجوب زكاة التجارة من بلوغ النصاب وحولان الحول .

 

2.   زكاة غير الأنعام :-

لا زكاة فى شئ من الحيوانات غير الإبل والبقر والغنم . فلا زكاة فى الخيل والبغال والحمير إلا إذا كانت للتجارة .

 

زكاة الركاز والمعدن :

ذهب العلماء إلى وجوب الزكاة بنسبة الخمس في الركاز والمعدن المستخرج من الأرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وفى الركاز الخمس ولقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ".

فكل ما استخرج من الأرض مما له قيمة كالذهب والفضة والحديد والنحاس والنفط والياقوت والكبريت ونحو ذلك يجب إخراج خمسه زكاة من قليله وكثيره عند وقت استخراجه .

واشترط البعض أن يبلغ نصابا.

 

مصارف الزكاة :

مصارف الزكاة ثمانية أصناف محصورة فى قوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " (التوبة -9 آية60)

هذا بيان لأصناف الزكاة الثمانية المذكورة فى الآية الكريمة :

1,2 الفقراء والمساكين :

وهم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم . والمساكين قسم خاص من الفقراء وهم الذين يتعففون عن السؤال ولا يفطن لهم الناس .

ويعطى الفقراء والمساكين من الزكاة ما يسد حاجتهم ويخرجهم من الحاجة الى الكفاية .

3-   العاملون على الزكاة :

وهم الذين يتولون العمل على جمع الزكاة ولو كانوا من الأغنياء ويدخل فيهم الجباة والحفظة لها والرعاة للأنعام منها والكتبة لديوانها .

 - 4   المؤلفة قلوبهم :-

وهم الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على الإسلام أو تثبيتها عليه ، لضعف إٍسلامهم ، أو كف شرهم عن المسلمين أو جلب نفعهم فى الدفاع عنهم، ويكون هؤلاء في العادة من فئة المؤثرين والقادة .

5-   وفى الرقاب :

ويشمل المكاتبين والأرقاء فيعان المكاتبون بمال الصدقة لفك رقابهم من الرق ويشترى به العبيد ويعتقون .

6-   الغارمون :

وهم الذين تحملوا الديون وتعذر عليهم أداؤها فيأخذون من الزكاة ما يفى بديونهم .

7-   وفى سبيل الله :

المراد المجاهدون فى سبيل الله فيعطون من الزكاة سواء كانوا أغنياء أم فقراء . وينفق من الزكاة على الإعداد للحرب وشراء السلاح وأغذية و احتياجات الجند .

8-  وابن السبيل :

وهو المسافر المنقطع عن بلده فيعطى من الزكاة ما يستعين به على تحقيق مقصده نظرا لفقره العارض .

 

  •      ويحرم إعطاء الزكاة للزوجة والآباء والأبناء والأغنياء وغير المسلمين .
  •      ويستحب أعطاؤها للأقارب والزوج وطلبة العلم .
  •      ويجوز نقل الزكاة من بلد الى آخر إذا استغنى أهل البلد عنها .

صدقة التطوع

  •      يقصد بالصدقة التبرعات النقدية أو العينية سوى الزكاة .
  •      وتشمل التبرع بالأموال والطعام والملابس والدواء والأثاث وكل ما له قيمة .
  •      الصدقة هي عنصر أصيل في الثقافة الإسلامية.
  •   وتعد الصدقة وسيلة ضرورية لتربية النفس وإصلاحها وإثارة معانى الخير والبر فيها وحضها على الإحسان إلى  الغير .يقول الله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم "(آل عمران92)
  •   ويتصدق المسلم غالبا شكرا لله تعالى على نعمه و في المناسبات السارة كالزواج والولادة ورجوع الغائب والنجاح في العمل ونحو ذلك.
  •      كذلك يتصدق المسلم عن الميت ليصله ثواب الصدقة.
  •   ويمكن أن تكون الصدقة بديلا لبعض الممارسات الحديثة مثل إقامة الحفلات وإرسال بطاقات التهنئة والورود والتي غالبا ما ينفق فيها الكثير من الأموال بلا جدوى ولا منفعة للفقير.

 

 

زكاة الفطر

وهى الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان .

وهى واجبة على كل فرد من المسلمين ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو عبد .

وحكمتها تطهير الصائم مما عسى أن يكون قد وقع فيه أثناء الصيام من لغو أو رفث وكذلك لتكون عونا للفقراء والمحتاجين على شراء احتياجات العبد ليشاركوا المسلمين فرحتهم .

على من تجب ؟

-  تجب على كل مسلم يكون لديه ما يزيد عن قوته وقوت عياله وعن حاجاته الأصلية .

-  ويلزم المسلم أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته وعن كل من تلزمه نفقتهم.

 

مقدار زكاة الفطر :

الواجب في زكاة الفطر صاع من أرز أو قمح أو شعير ونحو ذلك مما يعتبر قوتا يتقوت به.

والصاع مكيال يتسع لما مقداره (2.5) كيلو جرام من الأرز. ويختلف الوزن بالنسبة لغير الأرز من الأقوات.

ويجوز إخراج زكاة الفطر نقدا بمقدار قيمتها العينية.

 

وقت زكاة الفطر :

تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، والسنة إخراجها يوم الفطر قبل صلاة العيد.

ويجوز تعجيل إخراجها من أول أيام رمضان ولا سيما إذا سلمت لبيت مال المسلمين حال وجوده حتى يتسنى له الوقت الكافي لتوزيعها .

وتصرف زكاة الفطر مصرف الزكاة الواجبة أي توزع على الأصناف الثمانية المذكورة سابقا.

 

 

 

فدية الإفطار

هي مبلغ من المال يؤديه العاجز عن الصوم للفقراء بدلا عن الصيام وذلك لقوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ".

وتجب الفدية على من فقد القدرة على الصوم أبدا ويحصل ذلك بالشيخوخة والمرض الذي لا يرجى برؤه.

 

مقدار الفدية :

-         الأصل في الفدية أن تكون بإطعام فقير واحد عن كل يوم.

-         فيطعم فقيرا واحدا طعاما جاهزا وجبتين مشبعتين عن كل يوم أفطره.

-         ويجوز أن يخرج الطعام عينا بأن يخرج صاعا من قوت أهل البلد عن كل يوم.

-         وله أن يخرج قيمة الطعام نقدا.

  وهكذا فالزكاة فريضة اهتمت بها النصوص الشرعية في الإسلام، فبينت الحيثيات المتعلقة بها ، وهي كنظام فريد تعد أول نظام عرفته البشرية لعلاج مشكلة الفقر و لتحقيق الرعوية من قبل أغنياء المسلمين تجاه الفقراء إلى جانب رعوية دولة الإسلام ومسؤولياتها تجاه الرعية من ناحية توفير الحاجات الأساسية للأفراد وتمكينهم من الانتفاع بالثروات التي حبا الله بها البلاد.

   والمسلم الغني حين يخرج زكاة أمواله يعتبر هذا المال الذي يمتلكه إنما هو مال الله وهو يتصرف بت في هذه الحياة بإذن منه سبحانه ومن هنا يقبل على أداء زكاة أمواله بصدر رحب وفرحة وسعادة يحدوها أمل وحُسن ظن بالله عساه سبحانه أن يتقبل منه ويرضى عنه ويزيده رزقا إلى رزقه .

قال الحق سبحانه:  "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون "  ( البقرة 2- آية  245 )

والزكاة طهرة لأموال المزكيَ وطهرة لنفسه من الأنانية والطمع والحرص وعدم المبالاة بمعاناة الغير، وهى كذلك طهرة لنفس الفقير أو المحتاج من الغيرة والحسد والكراهية لأصحاب الثروات .

وتؤدي الزكاة إلى زيادة تماسك المجتمع وتكافل أفراده وإشاعة نور الأخوة بين جنبات المجتمع  وكذلك هي آلية شرعية كفيلة بالقضاء على الفقر وما يرتبط بت من مشاكل اجتماعية واقتصادية وأخلاقية إذا ُأحسن إخراجها حسب أحكام الإسلام  وتم صرفها لمستحقيها .

 فمما رواه ابن كثير في البداية والنهاية عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: "كان منادي عمر ينادي كل يوم : أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كلاً من هؤلاء".

وفي تاريخ الخلفاء يذكر السيوطي : " قال عمر بن أسيد : والله ما مات عمر حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول : اجعلوا هذا حيث ترون, فما يبرح حتى يرجع بماله كله, وقد أغنى عمر الناس".

وعليه فإن الناظر النزيه لأحكام الإسلام يقف على حقيقة لا مراء فيها ولا تسويف، وهي كون الإسلام وبهذه الأحكام لجدير لا نقول بتنظيم علاقات المسلمين وحسب، بل وتنظيم كافة شؤون العالم على مختلف أنواعها.

فالإسلام وخلال تاريخ الدولة الإسلامية الطويل استطاع بعدالة حكامه وعظمة أفكاره وأحكامه أن ينشأ امة

كانت وما زالت خير امة أخرجت للناس رغم محاولات الكفار وأدواتهم إفقاد المسلمين معاني كونهم امة واحدة إلا أن المسلمين وبرغم غياب دولة الإسلام يأبون إلا أن تتجسد فيهم هذه المعاني وإن كانت بشكل أقل منه حين كانت لهم دولة تحيطهم بالرعاية وتشملهم بالعدل والرحمة ولكنهم وعلى أي حال يبقون خير من يحيى على هذه البسيطة وليس ذلك إلا لكونهم لم يزالوا يحافظون على القيام ببعض واجباتهم وأركان دينهم كالصلاة والزكاة والحج وصوم رمضان مما كان له أثارا حميدة على مستويات عديدة في حياتهم ، بخلاف المجتمعات والمجموعات البشرية الأخرى  لا سيما تلك التي ابتليت بالرأسمالية الفاسدة المفسدة التي بأحكامها ونظمها الاقتصادية الفاسدة وحكامها المفسدون  أهلكت الحرث والنسل وأحالت الكثير من المجموعات البشرية وبخاصة الغربية منها إلى غابة يسودها قانون التسلط والنصب والاحتيال وما الآثار الكارثية للرأسمالية بغائبة عن هذا العالم من أقصاه إلى أقصاه على مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغير ذلك من النواحي الأخرى ، فمن هنا  لا بد للمسلمين من إبلاء الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية الأولوية القصوى في حياتهم لإنقاذ أنفسهم لا بل والبشرية جميعا من تسلط الرأسمالية وأدواتها في هذا العالم الذي احلولك سواده وغشيته ظلمة مدلهمة لتشرق على العالم من جديد شمس الخلافة الراشدة الثانية والتي تقيم العدل وتحفظ أدمية وكرامة من يعيش في كنفها ويخضع لسلطانها من المسلمين ومن غير المسلمين .

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع