الجزية- الشيخ صالح عبد الجواد
- نشر في اقتصادية
- قيم الموضوع
- قراءة: 944 مرات
إن الاتصال بالعالم اتصالاً واعياً لإدراك ما فيه من أفكار ومفاهيم وقناعات، هو وحده الذي يجعل العقيدة التي تحملها الكتلة، والأفكار التي ترنو إلى تطبيقها، والمفاهيم والقناعات التي يحملها أفرادها، هي أفكار الأمة ومفاهيمها، تدافع عنها وتلوذ بها، وتسعى إلى إيجادها في واقع الحياة، ومن أجل أن تقوم الكتلة أو الحزب بنقل الفكرة من التدريس إلى التطبيق، ومن فكرة تعطى في حلقة إلى ممارسة عملية وأنظمة تنفذ، كان لا بد لها من دراسة أحوال العالم، وما فيه، دراسة متأنية واعية، تدرس مشاكله، وتدرس أحوال الدول وعادات الشعوب، وتتابع الموقف الدولي بدقة حتى تقف على أحوال الدول وإلى أين وصلت؟ وهل ما زال الموقف الدولي على حالة أم أنه تغير؟ وهل الصراع بين الدول صاحبة الموقف الدولي، والمؤثرة فيه، صراع مبدئي أم صراع مصلحي؟ وبالتالي هل هو صراع قد يصل ببعضها إلى إفناء البعض الآخر؟ أم أن مشاكلها سرعان ما تحل باقتسام المصالح وتشاطر الثروات وتبادل المنافع؟ كل هذا وغيره هو الذي يجعل من الحزب قائداً طبيعياً للأمة يقودها فتسير معه عن رضا واطمئنان، بحيث تؤول القيادة إليه, ما يؤدي إلى حل أو شل كل القيادات الأخرى حتى يكون بالتالي منفرداً بقيادة الأمة.
إن كل دولة تتبع عقيدة معينة، صحيحة كانت أم باطلة، لا بد أن تضع خطة لنشر مبدئها وعقيدتها، وأن تضع من الأساليب والوسائل ما يعينها في جعل أفكارها سلوكاً في واقع الحياة بحيث تجعل أفكارها هي المقياسُ الذي يُرجع إليه في السلوك، فَتُقًدِّر الانضباط العام في السلوك بحسب ممارسة الفرد لتلك القناعات عملياً، والدولة بالتالي تقوم بمنع أي مبدأ مخالف يخالف مبدأ الدولة أو عقيدتها. والعقيدة التي تحاول فرضها وفرض ما ينبثق عنها على السلوك العام، هي عقيدتها بالضرورة فالدولة صاحبة السلطان، هي من يفرض السلوك وتكون عقيدتها هي محل التطبيق والتنفيذ والقناعات، وبقدر القناعة في تلك الفكرة أو هاتيك العقيدة، يكون التطبيق والتنفيذ من الناس، فدولة الخلافة يوم أن كانت تحمل الإسلام عقيدة ونظام حياة كانت عقيدتها هي القَيِّمَة على سائر العقائد وكانت أفكارها هي القاضية على كل الأفكار والمهيمنة عليها، بحيث لا يسمح لأي فرد أو جماعة، أن تجعل من أفكارها وقناعتها المخالفة للإسلام محلاً للحديث والنقاش، ولو طرحاً في كتاب أو نقاشاً في فضائية أو حديثاً في إذاعة أو غير ذلك،
ولذلك كان من الطبيعي، أن يحصل اقتتال بين المسلمين وبين غيرهم، وكان من الطبيعي أيضاً أن تكون علة القتال هي الكفر حتى يخضع الكفار لأحكام الإسلام ونظام الإسلام قال تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }التوبة29، وقال صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداًَ رسول الله، فإن قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها». لذلك فإن جهاد الدولة دائم، والقعود عنه حالة استثنائية، فهو حرب على من يقف في وجه الدعوة الإسلامية، سواءً أكان معتدياً أم غير معتد، وبعبارة أخرى فهو إزالة كل حاجز يقف في وجه دعوة الإسلام، فإن المسلمين حين أعدوا العدة لفتح فارس والروم، ومصر وشمال إفريقيا، والأندلس وغيرها، إنما فتحوها لأن الدعوة تقتضي الجهاد لنشرها في هذه البلاد، فالحديث عن الجهاد من أنه حرب دفاعية هو خطأ يقيناً، لأنه يخالف وبكل بساطة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من بعده في حمل الدعوة ونشر الإسلام، ثم إن الغرب الكافر الذي جعل من هذه النقطة مثلبةً في الإسلام، وجعل علماء المسلمين ينشغلون في الرد عليه، هو نفسه يقوم بعين العمل الذي قام به المسلمون من قبل مع الفارق العظيم، هو أن نشر الإسلام رحمة للعالمين، به يرفع الظلم ويقام العدل وبغيره يوضع، وليس له أي هدف إلا هداية الناس ورِفعة شأنهم، بينما الغرب الكافر جاء لهدم كل هذا والإجهاز عليه، ونشر عقيدته السقيمة ومفاهيمه الساقطة عن الحياة التي تترفع عنها البهائم، وكما يقال واقع الحال يغني عن المقال، فعقيدة كهذه قد تصلح لأن تنظم شؤون الحيوانات في الغاب، سيما أنه لم يبق منها إلا الحرية الجنسية بعد أن أجهزوا على عقيدتهم بأيديهم.
عندما أدرك الغرب الكافر وأمريكا بخاصة أن الأمة الإسلامية لن تلبث إلا يسيراً حتى تعود لقيادة العالم وتسيير شؤونه ولا عجب والله عز وجل يقول: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }مريم63
أقول بعد أن أدرك الغرب الكافر وأمريكا من خلفه ذلك، جاءوا بجيوشهم وترسانتهم العسكرية، علهم يعملوا على تأخير إقامة الدولة أو الحيلولة دون إقامتها-إن أمكنهم ذلك، وجمعوا إلى جانب حربهم العسكرية أساليب قد تكون أخبث وأقذر من الحرب، وقد عاونهم في ذلك ناسٌ من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، لذلك كان من الضروري الحديث عن ابرز أساليبهم ومخططاتهم علنا نتقي شرها وشرهم وأليكم أبرزها:
أولاً: الطعن في القطعيات والثوابت في ديننا حتى لا يبقى عند الأمة من الثوابت شيء وهذا الأسلوب لا يمكن أن يتم لها -لتقديرها- إلا عن طريق من يتسمون بعلماء المسلمين الذين باعوا دينهم وأمتهم بعرض من الدنيا زائل، فهؤلاء لا ضير عندهم في أن يكونوا مطايا للإجهاز على عقيدة الأمة ومبدئها، فمن قائل بأن الربا في بلاد الكفر جائز، ضارباً عرض الحائط بالآيات القطعية الدلالة والثبوت التي تحرم الربا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة278. ومن قائل بأن زواج المسلمة من كتابي ليس حراماً، وليس هناك من دليل يحرمه ضارباً عرض الحائط بقوله الله تعالى: {....فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ...}الممتحنة10، وغير ذلك من الآراء التي تجيز قتال المسلم إلى جانب الكافر ضد المسلم، ومن طاعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم ليسوا كلهم عدولاً، وغير ذلك الكثير الكثير، وكأن لسان حال هؤلاء يقول إننا نحن علماء المسلمين، فخذوا الدين عنا، ونحن نعتذر لكم، عن أي شيء جاء من ربنا وقرآننا {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) } مريم، وقد يقول قائل: إن بعض هذه الآراء قد جاء بها من لا تشك في دينه وتقواه من السابقين، فكيف والأمر كذلك تقول أنها ليست بالآراء المعتبرة، والأقوال السديدة، وقد خرج بعضها من جهابذة الدين وعلمائه، فأقول بأن الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، ومن أراد أن يتتبع زلات العلماء وهنّاتهم، ويجمعها في كتاب، لجمع فقها لا يمت إلى الإسلام بصلة، ولا إلى العقيدة باتصال، والعزاء في ذلك بأنه تعالى يأبى أن يكون أي كتاب خاليا من الزلل والأخطاء، إلا كتابه جل جلاله، ثم إنه نقل عن العلماء جميعهم بآثار صحيحة، أنهم كانوا يقولون (بأن ما وافق الكتاب والسنة من أقوالنا فخذوه وما خالفهما فاضربوا به عرض الحائط) لا كما يقول بعض أدعياء الإسلام في هذا الزمن (أضربوا بالقرآن عرض الحائط إن خالف آراؤنا) فكيف وهذا حالهم نجعل أقوالهم التي لا محل للاجتهاد فيها مصدراً للتشريع، وحكما شرعياً يعدل حكم الله وشرعه بل ويفوقه. كم من كتب تم تسويقها وانتشرت بين كثير من شرائح القراء وهي لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه، تصب في هذا الأمر وتدعمه، وهو ضرب كل نصٍ قطعي من قطعيات الكتاب والسنة، من ضمنها كتاب اسمه (جناية الشافعي على الأمة) آخر (جناية البخاري على الأمة) وثالث اسمه (جناية سيبويه على الأمة) ولعمري كأن الكاتب يريد أن يقول لنا يجب عليكم أيها المسلمون أن تعيدوا النظر في كل ما تظنون أنه من الثوابت.
ثانياً: بعد أن أدركت أمريكا ودول الكفر أن المسلمين بدأوا يعودون إلى أسباب عزهم ومجدهم، وبدأت أبصارهم ترنوا إلى الإسلام نظام حكم ومنهاج حياة، وأنه لا مخلص لهم مما هم فيه إلا إعادة الخلافة، وتحكيم شرع الله، أقول بعد إدراك الكفار ذلك، وخشية أن يكون عود المسلمين إلى الإسلام عوداًَ صحيحا لجأوا كعادتهم إلى أسلوب خبيث، عاونهم فيه مطاياهم من حكام بلاد المسلمين المأجورين، والحركات والأفراد المحسوبين على الإسلام.
نعم أيها الأخوة فإن دول الكفر، وبخاصة أمريكا لن تدخر جهداً في صرف المسلمين عن قضيتهم المصيرية التي فيها حياتهم ودونها هلاكهم، وهي إقامة الخلافة، وتحكيم شرع الله، ولذلك فهي تسارع إلى الاتصال بكل من تظن فيه إجابة طلبها والسير في ركابها من أفراد وحركات علها بذلك تختصر على نفسها الجهد والوقت والمال وليس ببعيد عنا ما تم لها في مصر والسودان وفلسطين وتركيا وغيرها حيث قامت بدعم كل من علمت أنه يفيدها في تحقيق أهدافها ومن أجل أن يكون فوز تلك الحركات الثقافية على الإسلام الصحيح ومن أجل أن يعطي أي حل وأي تنازل صبغة إسلامية.
ثالثا: أما الأسلوب الثالث فهو التقريب بين الكفر والإيمان، والحق والباطل وبين الخطأ والصواب تحت عناوين كثير كان أبرزها الوسطية، وحوار الأديان، وحوار الحضارات، وكالعادة وجدوا بين من يتسمون بالعلماء من يعينهم في ذلك مستدلاً بالآيات والأحاديث التي انتزعها من سياقها ولوى أعناق نصوصها حتى تخدم قوله وتدعم حجته من مثل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ... }البقرة143، مستدلاً بها على أن الإسلام دين وسطي، ولو أكمل هذا المخادع الجاهل الآية لعلم أنه جمع إلى جهله جهلاً فكان جهله بذلك مركبا، فالآية تقول لتكونوا شهداء على الناس أي قاضون على فكرهم وقيمون عليه، ثم إن التقريب بين الأفكار هو فكرة خيالية، فالمسألة إما حق أو باطل، إما ضلال وإما امتثال، وإن كانت الوسطية متصورة في الماديات فإنها غير متصورة في الأفكار والعقائد.
أيها الأخوة: إن ما أعلنه الكفار وما زالوا عن أنَّ هذه الحرب هي حرب صليبية، لتدل دلالة لا مرية فيها، ولا شك من أن هذه الحرب على الأمة هي حرب على عقيدتها قبل أن تكون حرباً على أفرادها، وكل هذه الأساليب والوسائل من أجل أن يردوا المسلمين عن دينهم ويفتنونهم عن عقيدتهم ومبدئهم {...وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ..} البقرة217، ولأنهم قطعاً لن يستطيعوا رد هذه الأمة عن دينها، وكيف يستطيعون والله عز وجل يقول: {...الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ....} المائدة3، أقول لأنهم فقدوا الأمل في رد هذه الأمة عن دينها وصرفها عن قضيتها المصيرية لجأوا إلى تلك الأساليب الهابطة والوسائل المكشوفة، ولكن الله متم نوره قريباً إن شاء الله وعندها سيعرف الكفارُ أي منقلب ينقلبون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خليل حرب - أبي إياس
حصاد العدوان العدوان على غزة
(2)
رسالة لليهود
بعد أن قضت رأس الكفر بريطانيا على الدولة العَلِيَّة العثمانية دولة الخلافة وقطعت أوصالها إلى دويلات عديدة، التقت رغبتها في الحيلولة دون توحيد العالم الإسلامي مرة ثانية مع حلم اليهود في إقامة دولة لهم في الأرض المقدسة فلسطين.
بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها عملت بريطانيا جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة نفوذ في مؤتمر فرساي على أن تتولى الانتداب على فلسطين، ولقد تحقق لها ما أرادت، وأصبحت الدولة المنتدبة على فلسطين، ومن أول ساعة تولت الإنتداب عينت مندوباً سامياً يهودياً على فلسطين.
أخذ هذا اليهودي في تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين بعد أن كانت ممنوعة منعاً باتاً بموجب قوانين للهجرة أصدرتها الدولة العلية العثمانية، فبدأت قطعان اليهود تتوافد على فلسطين بشتى السبل، ولقد وجدت أوروبا بشرقها وغربها الفرصة سانحة لها بالتخلص من الجنس اليهودي الذي كان يعتبر فاسداً مفسداً، فشجعت هي الأخرى الهجرة بكل السبل الممكنة.
قامت ثورات متعددة في فلسطين ضد الهجرة اليهودية، وكانت أول هذه الثورات ثورة البراق عام 1929م، وكانت ثورة عارمة قمعتها جيوش الانتداب بكل قسوة وضراوة، وفي عام 1936م اندلعت ثورة أخرى وأعلن الإضراب العام في فلسطين استمر لستة أشهر ولم ينته إلا بمناشدة بعض الحكام العرب في ذلك الوقت لأهالي فلسطين بإنهاء الإضراب، لكن الثورة استمرت بين مد وجزر إلى عام 1939م حين اندلعت الحرب العالمية الثانية فطلبت بريطانيا من عملائها حكام الدول العربية في ذلك الوقت أن يطلبوا من أهل فلسطين التوقف عن الثورة والوثوق ببريطانيا لإنصافهم وعدم التفريط بفلسطين وعدم محاباة اليهود وتشجيع الهجرة.
صدَّقت جماهير أهل فلسطين الكذبة الكبيرة وأوقفوا الثورة طمعاًَ بالإنصاف الموعود.
وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها إلا وقد بدأت بريطانيا تغذ السير وتواصل العمل الدؤوب لإقامة دولة يهود في فلسطين بفتح باب الهجرة على مصراعيه وتمليك ما يسمى بالأراضي الأميرية لليهود وهي الأراضي المشاع التي تملكها.
وما إن وصلت المسألة إلى أوائل عام 1948 إلا وقد تهيأت الفرصة لبريطانيا لتفي بوعدها لليهود وتنفيذ خطتها الرامية إلى ترسيخ التجزئة في العالم الإسلامي بوضع فاصل عازل بين جناحيه الشرقي والغربي، فسلمت القضية إلى الأمم المتحدة التي قامت بإصدار قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، فثار أهل فلسطين على هكذا قرار محاولين افشاله، لكن رأس الكفر بريطانيا الماكرة أوعزت إلى عملائها أعضاء ما سمي بالجامعة العربية باتخاذ قرار الدخول عسكرياً في فلسطين لنصرة أهلها ومنع قرار التقسيم، فرح أهل فلسطين بذلك القرار وخرجوا إلى الشوارع يرقصون ويهزجون فرحين مرحبين بدخول الجيوش العربية التي ظنوها قد أتت لنصرتهم، ولم يدروا أن هدف هذه الجيوش إنما دخلت لتمكن اليهود من أخذ مساحات من فلسطين أكثر بكثير مما أعطاهم قرار التقسيم وما بقي عربياً فقد كان قسمان، قسم دعوة الضفة الغربية ضمت إلى الشرقية من نهر الأردن لتتكون من الضفتين ما سمي بالمملكة الأردنية الهاشمية، والقسم الآخر وهو قطاع غزة وضع تحت الإدارة المصرية، وهكذا أعلن عن قيام دولة اليهود في فلسطين، وكل ذلك كان بمساعدة بريطانيا الدولة المنتدبة وكذلك مساعدة العملاء من حكام العرب في ذلك الوقت، أي كما وصفهم رب العزة بأنهم (اليهود) لا يعلون إلا بحبل من الله وحبل من الناس ونحن نعلم أن حبل الله معهم قطع منذ زمن طويل فلم يبق لهم إلا حبل الناس.
ثم جاءت حرب عام 1967 فتسلم اليهود هضبة الجولان دونما قتال وكذلك الضفة الغربية دونما قتال يذكر، وللآن والأمور تراوح مكانها واليهود يحتلون الضفة الغربية وغزة، كل هذه الإجراءات وقعت ووسائل الإعلام لا تزال في بداياتها، فلم تنشر القصص كاملة عن فظائع اليهود وطغيانهم وإفسادهم في الأرض.
وفي العدوان الأخير على غزة حصل الإفساد والعلو في الأرض لكن الفارق أن في هذه المرة فإن وسائل الإعلام ترسخت وانتشرت فهناك الفضائيات والانترنت والصحف والإذاعات، هذه الوسائل كلها قد تضافرت جهودها وتعاونت على إظهار حقيقة اليهود وطغيانهم وعلوهم في الأرض وفسادهم وإفسادهم فانتشرت الأخبار ونشرت الصور فقام الناس في كل أرجاء العالم ينددون بما يحدث ويلعنون اليهود واصفين إياهم بأبشع الصفات، وصارت دول الغرب التي ساعدت على إقامة اليهود ترسل الوفود واللجان إلى غزة للتحقيق وجمع الأدلة على جرائم اليهود حتى أن الكثير من ساستهم وعسكرييهم (أي اليهود) صاروا يحسبون ألف حساب قبل أن يغادروا فلسطين إلى أي بلد في الخارج خوفاً من الاعتقال والتحقيق.
وفي الحقيقة فإننا نعتقد أن اليهود لو كانوا يعقلون لما قاموا بهذه الحرب التي أوهنت الحبل مع الناس الذي به يعلون حتى قارب على الانقطاع، ولكنها سنة الله فيهم فإنهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وبهذا يكون اليهود قد أتموا حفر قبورهم ليقبروهم داخلها الجيش المسلم أحفاد خالد وأبي عبيدة وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا فإنهم لن يجدوا من يبكي عليهم أو يأسف لموتهم.
حقاً إن نهايتهم قد قربت وما ذلك إلا بغطرستهم وعدم تقديرهم للعواقب فإنهم لا يعقلون ماذا فعلوا وماذا سيحل بهم، وصدق الله العظيم (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
أبو محمد الأمين
عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وأحمد والطبراني فقالا : ( كن له عدل عشر رقاب من ولد إسماعيل ) .
عن عبد الله بن أوفى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد كتب الله له ألفي ألف حسنة ) رواه الطبراني والمنذري .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قال سبحان الله وبحمده ، كتب له مائة ألف حسنة وأربعون وعشرون ألف حسنة ) رواه الطبراني ، ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد
وجاء في صحيح مسلم بشرح النووي { قَوْله تَعَالَى : ( الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ) أَيْ بِعَظَمَتِي وَطَاعَتِي لَا لِلدُّنْيَا . وَقَوْله تَعَالَى : ( يَوْم لَا ظِلّ إِلَّا ظِلِّي ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَكُون مَنْ لَهُ ظِلّ مَجَازًا كَمَا فِي الدُّنْيَا . وَجَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم : ظِلّ عَرْشِي قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِره أَنَّهُ فِي ظِلّه مِنْ الْحَرّ وَالشَّمْس , وَوَهَج الْمَوْقِف وَأَنْفَاس الْخَلْق . قَالَ : وَهَذَا قَوْل الْأَكْثَرِينَ . وَقَالَ عِيسَى بْن دِينَار : وَمَعْنَاهُ كَفّه عَنْ الْمَكَارِه , وَإِكْرَامه , وَجَعْلُهُ فِي كَنَفه وَسِتْره , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : السُّلْطَان ظِلّ اللَّه فِي الْأَرْض . وَقِيلَ : يَحْتَمِل أَنَّ الظِّلّ هُنَا عِبَارَة عَنْ الرَّاحَة وَالنَّعِيم , يُقَال : هُوَ فِي عَيْش ظَلِيل أَيْ طَيِّب . }
إن الحب في الله يعني أن تحب العبد لله، أي بسبب إيمانه وطاعته، والبغض فيه يعني أن تبغض العبد بسبب كفره أو معصيته، لأن (في) هنا للتعليل، وذلك كما في قوله تعالى:( فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) أي بسببه، وأيضا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةِ) أي بسببها.
وحب المؤمنين الطائعين أجره عظيم وخيره عميم (فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)
من منا مستغنٍ عن ظل الله يوم لا ظل إلا ظله في يوم قال عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام: "تُدْنَى الشَّمْسُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّىَ تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ".
قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَواللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ. قَالَ: "فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَىَ قَدَرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَىَ كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَىَ رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَىَ حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَاماً". قَالَ وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ إِلَىَ فِيهِ.