الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وعود ترامب الكاذبة: العالم بحاجة إلى بديل حقيقي


(مترجم)

 


في عالم غير مستقر فعلاً، أحدث فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مزيدا من القلق والارتباك. وحقيقة الأمر أن الانتخابات تعكس عدم قدرة المبدأ الرأسمالي على تقديم حلول لمشاكل شعوبه؛ إذ في غياب وجود بديل له، استحوذ الخطاب العاطفي على أناس ليس لديهم حلول للمشاكل المعقدة. فأصبح العالم الآن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، لرؤية الإسلام مطبقاً كنظام وكبديل عالمي للرأسمالية.


نظام خادع


شهدنا في الولايات المتحدة، تماما كما في المملكة المتحدة خلال حملة البريكسيت (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، إثارة الخوف والكراهية للمهاجرين والمسلمين لمجرد تحقيق مكاسب سياسية، في الوقت الذي جرى فيه تجاهل القضايا الحقيقية.


فترامب فاز بالسلطة من خلال استغلال التوترات العرقية وتشويه صورة المسلمين، وإعطاء الناس أملا كاذبا بأنه سيتولى الإدارة في واشنطن لحل مشاكلهم. وعلى الرغم من شعاراته بأنه غريب عن المؤسسة الحاكمة فنحن نراه الآن يعين سياسيين على صلة جيدة بالمؤسسة، ومصرفيين متنفذين وجماعات ضغط كجزء من إدارته الجديدة. فهو في الواقع، شأنه شأن هيلاري كلينتون، جزء من النخبة الحاكمة نفسها، ويرى مثلها وعود حملته الانتخابية كطريق للسلطة، وليس تعهدا ملزما.


زعم الداعون في المملكة المتحدة إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي أن الحكومة ستوفر 350 مليون جنيه في الأسبوع بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وطمأنوا الناس بأن عملية الخروج ستكون واضحة وبسيطة. وبعد ما يقرب من 5 أشهر، يسيطر الارتباك على أهداف الحكومة البريطانية أو استراتيجية الخروج من الاتحاد؛ فتصريحات وزراء متعددين في الحكومة يناقض بعضها بعضاً بشكل مستمر! في الوقت الذي تعرض فيه الأحزاب السياسية المختلفة مواقفها من القضايا، ذكرت مؤسسة خيرية رائدة أن ربع مجمل الأطفال في المملكة المتحدة يعيشون في مستوى الفقر، و1 من كل 5 آباء لا يتناولون وجبات الطعام بشكل منتظم من أجل توفير الطعام لأطفالهم. قد تتغير الوجوه في السلطة ولكن تبقى المشاكل نفسها.


في كل من التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي، والآن في الانتخابات الأمريكية، رأينا شعارات خادعة تستخدم لاستغلال هذا الغضب الشعبي ولإحداث هزّات عند صناديق الاقتراع. وتبين هذه الانتخابات بطلان النظام العلماني الليبرالي، حيث يُجعل الإنسان مصدر التشريع - على الرغم من محدودية معرفته، وإمكانية تأثره بعواطفه. أولئك الذين لديهم المستوى الكافي من القوة والنفوذ يستخدمون وسائل الإعلام لخداع الناس، ومن ثم يستخدمون العملية التشريعية لجعل النظام يتناغم مع مصالحهم الخاصة.


غياب الإسلام


آثار عدم الاستقرار السياسي والتوتر، في كل ركن من أركان المعمورة، واضحة بشكل لا يمكن إنكاره. يبحث المزيد من الناس عن بديل للنظام الحالي، بديل يضمن لهم الاستقرار والازدهار والحياة الكريمة. نرى في العالم الإسلامي الحرب وسفك الدماء والفوضى. ونرى في أوروبا أزمة لاجئين وتصاعد مشاعر الكراهية للأجانب. بينما نرى في الشرق الأقصى التوترات العسكرية بين الصين وجيرانها المدعومين من أمريكا. والنظام السياسي العالمي - الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية - ثبت أنه عاجز عن احتواء أو معالجة المشاكل التي أوجدها في العديد من مناطق العالم. في السنوات السابقة، جرت طمأنة الناس في الغرب بتفوق حكوماتهم على المناطق الأخرى في العالم (متجاهلين الدور الذي تلعبه حكوماتهم في دعم الحكام المستبدين وفي تأجيج الصراعات). ومع ذلك، وعلى مدى العقد الماضي، فإن الركود الاقتصادي كان يعني أن الناس فقدوا الثقة في النظام. أصبح الناس أيضا غاضبين من الفضائح المتتالية التي تظهر جشع السياسيين، ومن المعاملة الخاصة للشركات الكبرى، ومن عدم أمانة وسائل الإعلام.


البديل الحقيقي


لا يريد في الواقع أيّ من الأحزاب السياسية الكبرى في الغرب، اليسارية أو اليمينية، أن تعترف بأن فشلها في الداخل والخارج ناتج عن المبدأ الرأسمالي، العلماني الليبرالي، وليس بسبب شخص سياسي. فالعالم يحتاج الآن للإسلام كنظام يطبق أحكام الشريعة الإسلامية، لمعالجة المشاكل الإنسانية.


السبب الرئيسي لعدم الاستقرار الاقتصادي الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة نابع من النظام المالي الرأسمالي. فالنفوذ الضخم للمؤسسات المصرفية يخلق دورات ازدهار وكساد حيث تذهب استثمارات ضخمة ومضاربة في الصناعات المختلفة، لتُسحب حالما تحقق أرباحاً على المدى القصير. كما أن معاملات الصرف والقروض المبنية على الفائدة (الربا) تشجع المديونية. لكن هذا يعرض الاقتصاد للانهيار والانكماش بعد فقدان الثقة في السوق.


على خلاف ذلك، في النظام الإسلامي، يجب أن تنجم الاستثمارات المالية من مصادر مشروعة، مع اشتراك رجال الأعمال وأصحاب رأس المال في تحمل مخاطر الخسارة. فهذا يؤدي إلى نمو مستقر، ويساعد في نمو الثروة بدلا من تركيزها (في أيدي القلة).


في النظام الرأسمالي، تعني الديمقراطية أن لدى البرلمانات والحكومة القدرة على تغيير التشريعات المتعلقة فيما هو مسموح أو ممنوع دون سابق إنذار. ونتيجة لذلك، تنفق الشركات الكبرى والفئات الغنية في المجتمع مبالغ ضخمة من أجل التأثير على العملية السياسية ولحماية مصالحها التجارية؛ لذلك يتم عادة تجاهل آراء الناس العاديين.


في النظام الإسلامي، لا يكون دور مجلس الشورى سنّ القوانين، لأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع. إنما دوره محاسبة الحكام على أعمالهم، وهي مسؤولية واجبة عليهم وليست امتيازاً لهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ». [الترمذي، رواه أبو هريرة رضي الله عنه]


كما ميزت الشريعة أيضا بين الملكية العامة مثل النفط والغاز والمياه، التي يجب أن تدار من قبل الدولة لصالح الأمة جميعها، وبين الملكية الخاصة التي يمكن للأفراد والشركات تداولها.

 

ومن هنا وضعت الشريعة مبادئ واضحة للموظفين ورجال الأعمال والمستثمرين، تتيح بيئة اقتصادية مستقرة، حيث يعرف الرعايا حقوقهم وواجباتهم، من أجل التعاون أو التنافس بشروط عادلة.


كما أن الشريعة لا تدع للإنسان إصدار أحكام شخصية حول حقوق ومسؤوليات الجماعات العرقية والدينية المختلفة. في المجتمعات الرأسمالية مثل بريطانيا، كان الترحيب بالمهاجرين من أجل تلبية النقص في الأيدي العاملة في قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية وتجارة التجزئة والبناء. وعندما بدأ الاقتصاد يعاني من عدم الاستقرار بسبب الأسواق المالية المضطربة، بدأت وسائل الإعلام والدوائر الحكومية تصف المهاجرين كتهديد واستنزاف للأموال العامة.


من خلال تطبيق الإسلام، فإن الخلافة الراشدة تمنع اضطهاد غير المسلمين، كما أنها لا تسمح لعرق أي شخص أن يكون له دور في تنفيذ القانون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [سنن أبي داود، رواه أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه].


وقد عالجت الشريعة جميع شؤون الإنسان بالتفصيل، بنظام لا ينكر حاجات ومتطلبات المجتمع، كما لا يسمح للإنسان بالممارسة الفوضوية لغرائزه، بينما في الوقت الذي يتولى فيه النظام الرأسمالي قيادة العالم، تتعرض الإنسانية إلى مزيد من الانحدار في الأعماق خلف إنسان غريق يجرّها معه. يحتاج المسلمون في المملكة المتحدة والغرب، الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى عرض الإسلام بوصفه حضارة بديلة، إلى الجمهور بأسره، في الوقت نفسه الذي يعملون فيه لإقامة الخلافة الراشدة.


قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]

 

التاريخ الهجري :17 من صـفر الخير 1438هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2016م

حزب التحرير
بريطانيا

2 تعليقات

  • khadija
    khadija السبت، 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2016م 18:13 تعليق

    بارك الله بكم . ونسأله تعالى أن يَمُنَّ علينا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة .

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2016م 16:54 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع