الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الفساد ليس إلا وجه واحد للعملة الإمبريالية الرأسمالية

 

 

إن العالم كله يمتلئ بالصخب والحزن والانزعاج من قبل الأغنياء والفقراء على حد السواء، وذلك بسبب انعدام الثقة الناجمة عن الظروف الاقتصادية السيئة. وهذا ليس سوى نتيجة حكم المبدأ الرأسمالي المضلل المبني على العقيدة العلمانية، مما أدى إلى منح السيادة للشعب لتشريع قوانين تنظم حياتهم اليومية على نقيض ما شرع الله خالقهم. ومنحُ البشر أنفسهم السلطة التشريعية هو في حد ذاته فساد على أعلى مستوى. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾.

 

إن هذه الإيديولوجية الإمبريالية الزائفة اقتصرت على مقياس المادية أو المنفعة أو الضرر، ورعرعت الإنسان على إدراك أن الهدف الرئيسي لوجوده هو السعي لتحقيق أعلى مستوى من الإشباع الحسي وهو ما يتناقض مع قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

 

ونتيجة لذلك، يتوقع في ظل هذه الأيديولوجية أن يزدهر الفساد في كل قطاع من قطاعات الحياة من الاقتصاد، والتعليم، والرياضة، والحكم الخ...

 

في كينيا، شهدنا مؤخرا عددا من فضائح الفساد كما هو معتاد. حيث شاركت كينيا في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 التي استضافتها العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو والتي اختتمت الألعاب الرياضية فيها يوم الأحد، 21 آب/أغسطس 2016. وتورطت كينيا من خلال كبار المسؤولين في اللجنة الأولمبية الوطنية الكينية (نوك) في سرقة لوازم رياضية مخصصة لللاعبين بما في ذلك مجموعة من الملابس الرياضية المقدمة من شركة "نايك". وقد ثبت ذلك من خلال الاستيلاء على لوازم رياضية داخل مكاتب اللجنة الأولمبية الوطنية الكينية بعد أن اقتحمها بشكل مفاجئ مسؤولو لجنة الأخلاق ومكافحة الفساد (EACC)، مما أدى إلى اعتقال بعض المسؤولين في اللجنة الأولمبية الوطنية الكينية. وقبل ذلك، كانت هناك فضيحة أخرى في استخدام الرياضيين منشطات العضلات مما جعل الاتحاد الدولي لألعاب القوى (الهيئة المسؤولة عن إدارة ألعاب القوى العالمية) يطالب كينيا بوضع التشريعات التي تكفل معاقبة رياضيّيها الذين يتورطون في الجريمة. وبالإضافة إلى ذلك كانت معنويات الفريق الكيني في دورة الألعاب الأولمبية في ريو محبطة نظراً لأن بعضهم قد تم تأجيل سفرهم، وسافر بعضهم بدون مدربيهم، في حين إن آخرين وعلى الرغم من وصولهم في وقت مبكر إلا أنهم لم يتمكنوا من تأمين الوثائق اللازمة للسماح لهم بالوصول إلى الأماكن المخصصة للرياضيين. كل هذا يفضح الإهمال المستشري والفساد العالي الذي أظهرته اللجنة الأولمبية الوطنية الكينية!

 

ما هو أكثر إحباطا وإثارة للصدمة هو حقيقة أن رئيس لجنة الأخلاق ومكافحة الفساد، وهي المؤسسة المكلفة دستوريا بمكافحة الفساد والمؤسسة التي قامت باقتحام مكاتب اللجنة الأولمبية الوطنية الكينية، كان مدفوعا إلى الفساد مع وجود أدلة قوية تربط بينه وبين 281 مليون شلن كيني أعطيت بشكل غير منتظم لشركته "أساكي" المحدودة في شباط/فبراير 2014 بعد أن فازت في مناقصة لحفر الآبار في منطقة كابينجوريا!

 

في وقت سابق، وزيرة مجلس الوزراء السابق للنقل والتخطيط، وعلى الرغم من الاستقالة من منصبها بعد استسلامها لضغوط الرعايا الذين أظهروا عدم الثقة بها بسبب تورطها في فضيحة الـ 791 شلن كيني التي منحت من خلال مناقصة وهمية، أعلنت عن رغبتها في التنافس للحصول على منصب الحاكم في كيرينياجا على الرغم من أنها لم تحصل على تصريح رسمي من لجنة الأخلاق ومكافحة الفساد يُظهر براءتها.

 

فضيحة سندات اليورو بوند (Eurobond) لم تمس حتى الآن والتي لا يزال الجناة باقين في مناصبهم في حين قُدّم آخرون ليكونوا كبش فداء لكشف الفساد! وفي الوقت نفسه، أشعل طلاب المدارس الثانوية النار في العديد من المدارس بالتعاون مع والديهم ومزوري الامتحانات ليكون ذريعة في حال رسوب الطلاب في الامتحانات الوطنية المقبلة - لم يكن لديهم ما يكفي من الوقت للتحضير بسبب الحوادث!

 

تقرير عن البحث الأخير الذي قامت به المنظمة غير الحكومية أفريكوج في الفترة بين 31 آيار/مايو 2016 و 8 حزيران/يونيو 2016 أكد أن مكتب نائب رئيس كينيا يقود الفساد بنسبة 51 في المئة، يليه مكتب رئيس كينيا بنسبة 46.4 في المئة. وأعلن البحث نفسه أن الفساد هو في أعلى مستوى له في خدمات الشرطة بنسبة 89 في المئة تليها حكومات المحافظات بنسبة 78 في المئة!

 

كل هذه الحوادث وغيرها الكثير التي لم نوردها، تبين بوضوح أن المبدأ الرأسمالي قد فشل وأنه مصدر الفساد المستشري والمستدام. وبدلا من ذلك ينبغي أن يأخذ المبدأ الإسلامي مكانه الصحيح كنظام عادل من عند الخالق سبحانه، والذي تبيّن من خلال إدارة النبي محمد ﷺ كحاكم للدولة الإسلامية في المدينة المنورة والخلفاء الراشدين من بعده: حيث كان الفساد يحارب مباشرة دون خوف أو محاباة. على سبيل المثال، عند تولي الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه وقف يقول: "بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي، وقالوا: لقد اشتد عمر ورسول الله بين أظهرنا، واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟! ألا فاعلموا أيها الناس! أن هذه الشدة قد تضاعفت  ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، أما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحداً يظلم أحداً أو يعتدي عليه، حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الآخر؛ حتى يذعن للحق، وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف..." [عمر بن الخطاب. المؤلف: الدكتور علي محمد الصلابي].

 

هذه الكلمات الشهيرة يتم مناقضتها تماما في ظل نظام الحكم الرأسمالي حيث يتعاون كبار الحكام مع كبار رجال الأعمال الذين وضعوهم في السلطة للانخراط في الفساد في أشكال مختلفة بما في ذلك قمع الأمة، وسرقة واختلاس مواردها دون أن يخشوا شيئا! ويشاهد هذا الوباء العالمي للفساد في جميع البلدان سواء أكانت في الشرق أو الغرب كما تم كشفه من خلال تسريبات بنما. في حين لا يتوقع أبدا بأن يكون الفساد جزءا من المبدأ الإسلامي؛ وذلك لأن الحكام والرعايا في ظل الدولة الإسلامية تحكمهم أحكام الإسلام المنبثقة من القرآن الكريم، وهم مسؤولون ومحاسبون مباشرة أمام محكمة المظالم، ومجلس الأمة، والأحزاب السياسية والأمة ككل. وحيثما يظهر الفساد بسبب الضعف البشري، فإنه يحارَب ويعاقب المفسدون دون خوف أو محاباة.

 

إن حزب التحرير / كينيا يدعو بكل صدق وإخلاص العالم كله بشكل عام وأفريقيا على وجه الخصوص، التي غرقت في هاوية الفساد والفقر، يدعوهم إلى التحرر من هذا الفساد الرأسمالي المنتن. وبدلا من إلقاء اللوم على عدد قليل من الأفراد الفاسدين، ينبغي توجيه اللوم حيث يستحق أكثر وهو المبدأ الرأسمالي نفسه الذي ولّد الشر، وتبني المبدأ الإسلامي بدلا منه من خلال دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي من شأنها حماية المجتمع بأسره ووضع حد للفساد. وقد أثبت التاريخ ذلك عبر نجاحه في الحكم لأكثر من ثلاثة عشر قرنا، وكيف أنه وحّد جميع الرعايا؛ المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، جنبا إلى جنب مع الازدهار المغبوط الذي شوهد. وهذا مخالف للرأسمالية التي استمر حكمها الخبيث أقل من ثلاثة قرون إلا أن فسادها انتشر في جميع أنحاء الأرض والبحر وجعل المجتمعات تعيش في أزمات وفقر مدقع.

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :28 من ذي الحجة 1437هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 30 أيلول/سبتمبر 2016م

حزب التحرير
كينيا

3 تعليقات

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الجمعة، 30 أيلول/سبتمبر 2016م 19:47 تعليق

    بوركت جهودكم

  • Khadija
    Khadija الجمعة، 30 أيلول/سبتمبر 2016م 10:06 تعليق

    اللهمّ ارحمنا بالخلافة الرّاشدة الثّانية على منهاج النبوّة التي تزلزل أركان الطّواغيت وتسعد البشريّة جمعاء...

  • إبتهال
    إبتهال الجمعة، 30 أيلول/سبتمبر 2016م 09:43 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع