بسم الله الرحمن الرحيم
حكام باكستان يشنون حربا على الإسلام مستخدمين أساليب رخيصة
في 14/4/2009 وقع الرئيس الباكستاني على اتفاقية "تطبيق الشريعة" في منطقة وادي سوات، وهذه ليست المرة الأولى التي تبرم فيها الحكومة اتفاقية مع حركة " تحريك نفاذ الشريعة المحمدية"، فقد أبرمت الحكومة اتفاقيات مماثلة مع الحركة في عام 1994 وفي عام 1999 وعام 2007. وكما في كل مرة فإن الحكومة غير جادة في تنفيذ الاتفاقية وغايتها من ورائها حماية المصالح الأمريكية وليس أمراً أخر. فالحكومة الباكستانية داعمة لسياسة أمريكا الجديدة ومنفذة لها، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 27/3/2009، وهي في حقيقتها امتداد لسياسة سلفه جورج بوش الهادفة إلى إنجاح الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وتسخير الجيش الباكستاني في المساعدة في تحقيق هذا الهدف.
فأمريكا عملت على إرسال مزيد من القوات الأمريكية لأفغانستان للتصدي للمقاومة ضد الاحتلال البغيض، تلك المقاومة التي تصل ذروتها في فصل الصيف، كما أنها تريد أن تعوض عن تضاؤل قوات النيتو في جنوب أفغانستان قبل البدء بالانتخابات التي ستجري في أفغانستان في شهر آب 2009. فتركيز الحكومة الباكستانية على الحدود الأفغانية الباكستانية، وتوقيع اتفاقية "تطبيق الشريعة" يقعان ضمن سياسة أمريكا في المنطقة ، كي تهدئ من الوضع في هذا الإقليم فتتفرغ الحكومة الباكستانية لتنظيم القوات المسلحة للقيام بعمليات عسكرية في منطقة القبائل. كما أن من أهداف توقيع الحكومة للاتفاق إضعاف المقاومة التي تواجه الاحتلال الأمريكي في أفغانستان، وذلك بدق "اسفين" فرقة بين المقاومة في سوات وبين القاعدة في منطقة القبائل كما جاء على لسان السفير الباكستاني في واشنطن حيث قال " نحن نحاول دق "اسفين" فرقة بين القاعدة والمسلحين من جانب وبين القبليين في سوات الذين يطالبون بتطبيق القوانين التقليدية من جانب آخر، فتوقيع الحكومة للاتفاقية حركة سياسية وعسكرية مهمة كي تحرف انتباه عامة الناس عن المقاومة المسلحة، بل وتؤدي لعزلة المسلحين".
واستفادة أمريكا من هذا الاتفاق ليست عسكرية فحسب، بل هي تريد أيضا إيجاد حالة خوف في باكستان. ففي مقابلة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون مع قناة فوكس في 25/4/2009 قالت فيها :" في أسوء الأحوال فإن أموراً غير متوقعة ممكنة الحصول، وهذا سيزيد من التأييد لطالبان من قبل القاعدة ومتطرفين آخرين من العاملين للإطاحة بالحكومة، وهكذا قد يحوزون على مفاتيح السلاح النووي الباكستاني." وقبل هذا التصريح صرح هولبروك بالقول إن طالبان لا تريد أن تصبح باكستان متمدنة. فالمتمعن في هذه التصريحات الصادرة عن السياسيين الأمريكان وعملائهم الباكستانيين يتضح له أن المقصود من هذه الحملة الإعلامية ليس شخصاً أو حركة أو حزباً، بل المسلمين كلهم، فأمريكا تعمل على بث مشاعر الخوف بين الناس من تطبيق الإسلام لتبعد مشاعر المسلمين الذين ضاقوا ذرعا بالنظام الديمقراطي الاستعماري الذي فرض عليهم عن الإسلام المتجذر في نفوس المسلمين. ولهذا فإن الحكومة الباكستانية منشغلة ببث الدعاية الإعلامية الشريرة الموجهة من الأمريكان، وهي في الحقيقة تستهدف الإسلام وشريعته بينما تستخدم كلمة "طالبان" كغطاء لحملتها على الإسلام. وما نشر الشريط المسجل الذي أظهر عملية جلد امرأة في منطقة سوات إلا مثال على ذلك، فلم يدر الحديث حول الشريط من زاوية تحت أي سلطة أو قانون حصلت تلك الحادثة بل كان التركيز على العقوبة نفسها مما حدا بسياسيي الحكومة وأحزاب المعارضة ومن ضمنها حزب الرابطة الإسلامي جناح "نواز شريف" وصف العقوبة بأنها رجعية وبربرية ووحشية وهمجية! فكانت هذه الحملة كحملة قانون "حقوق النساء" التي أعطت انطباعا أن قوانين الإسلام فاقدة الصلاحية ولا تتفق مع مستجدات العصر! وفي الحقيقة فان أمريكا قامت بحملات ثقافية عقدية عديدة ضد الإسلام فيما اسمته "الحرب من داخل الإسلام". فأمريكا تعلم بأنها إن انتقدت الإسلام بنفسها فإن هذا الانتقاد يقرب الناس من الإسلام بدلا من إبعادهم عنه، لذلك فان أمريكا تقوم بهذه الحرب العقدية مستخدمة المضبوعين من المسلمين بحضارتها كي تضعف ثقة المسلمين بدينهم وتثنيهم عن المطالبة بتطبيق الإسلام.
إن الوضع الراهن يحتم على كل مسلم أن يكون واعيا على فكرة أن تطبيق الإسلام كنظام حياة هو من القطعيات في الإسلام فهذا أمر الله سبحانه وتعالى، وأن فكرة أن تخضع مسألة تطبيق جزء من الإسلام أم كله للمداولة مرفوضة وباطلة. فإنكار فرضية تطبيق الإسلام كله كنظام حياة هو إنكار للقران نفسه. كما أنه لا يجوز محاكمة الأحكام الشرعية بحسب وجهة النظر الغربية الفاسدة ومفهوم الحرية الرأسمالية أو من زاوية الدستور الذي وضع عام 1973، فالله سبحانه وتعالى يقول بآيات محكمات {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ... }الأحزاب36. ويقول أيضا: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ... }المائدة49
أما بالنسبة لتطبيق ما سمي "بنظام العدل " في منطقة سوات فيجب أن يكون معلوما عند الجميع أن تطبيق الإسلام لا يقتصر على تطبيق بعض أحكام نظام العقوبات في الإسلام. فإلى جانب شمولية نظام العقوبات في الإسلام فإن في الإسلام نظاما للاقتصاد ونظاما للحكم ونظاما اجتماعيا وسياسة للتعليم وسياسة خارجية، ولا يمكن تطبيقها جميعها إلا في ظل دولة الخلافة الإسلامية، أي أنه لا يكفي أن تطبق بضع أحكام من نظام العقوبات، بل يجب تطبيق جميع أحكام الإسلام من قبل الدولة بشكل شامل وكلي دون تدرج أو تبعيض.
وبالنسبة لإيجاد حالة الخوف في البلاد فإن حكام باكستان يعملون جاهدين لإضفاء الشرعية على النظام الاستعماري الحالي المطبق، وذلك لأن وجود الأمريكان وهؤلاء الحكام مربوط ببقاء هذا النظام، فحكام باكستان لا يطمعون بالتفاف المسلمين في باكستان حول النظام الديمقراطي لأنهم يعرفون أن هذا يتناقض مع عقيدتهم ولكنهم يبذلون قصارى جهدهم لإقناع المسلمين بأن النظام الديمقراطي الحالي الفاسد يتفق مع الإسلام. فيجب على المسلمين في باكستان الإدراك بأن النظام الديمقراطي الذي جاء به الإغريق وتبناه الغرب لا يمت للإسلام بصلة. بل أن الديمقراطية تتناقض بشكل صريح مع نظام الحكم في الإسلام ومفاهيمه. فكيف يمكن لنظام يقوم على فكرة فصل الدين عن الحياة، ويعطي الإنسان صلاحية التشريع بحسب أهوائه ويضع أحكام الله وتشريعاته جانبا أن يكون إسلاما؟ وهل طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام من بعده الإسلام بعد إستئذان الناس وموافقة أغلبيتهم على تطبيق الإسلام؟!
إن الديمقراطية نظام حكم، السيادة فيه ليست لله سبحانه وتعالى بل هي للشعب. وهذا هو واقع النظام في باكستان، حيث إن صادق البرلمان على أي قانون فإنه يعتبر قانون الدولة حتى لو تناقض مع الإسلام من مثل قانون الربا، ولا يوجد محكمة في البلاد تعاقب أي عضو من أعضاء البرلمان على تشريع أو قانون غير إسلامي بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى يقول: {... وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45.
أيها المسلمون في باكستان!
إن حكامكم يحاولون ردكم عن دينكم من خلال الدعايات الكاذبة، ويريدون منكم دوام الخضوع للنظام العاجز عن حل مشاكلكم والمتعارض تمام المعارضة مع دينكم. فهذا النظام ظالم لكم.
فيفرض عليكم الضرائب بالرغم من حرمة أخذها من غير القادرين على دفعها، ما يلجئهم للانتحار بسبب الفقر المدقع، وهو النظام الذي يبح الربا والقمار والفاحشة. وهو النظام العفن الذي يسمح لشخص فاسد مثل زارداري أن يكون رئيسا للبلاد بعد فبركة حصوله على الأغلبية، وهو النظام الذي يستثني الحكام من أي ملاحقة قانونية لتقصيرهم في قيامهم بواجباتهم. وهو النظام الذليل الذي يعلق النياشين على صدور ألد أعداء الإسلام والمسلمين، ويسمح للدول المعتدية مثل أمريكا وأجهزة استخباراتها بحياكة المؤامرات ضد المسلمين بكل حرية تحت مسمى "المصالح الوطنية"، وهو النظام الذي يسمح للمستعمرين بالقيام بمجازر ضد المسلمين، وهو النظام الذي يُشرِّع أحزابا قائمة على العرق واللون واللغة كي يوجدوا الفرقة بين الأمة، بينما يحظر الأحزاب المخلصة ويلاحق المجاهدين ضد أمريكا والهنود! وهو النظام الذي يحظر أخذ الأحكام من القران والسنة ويقدم قرارات الأمم المتحدة عليها!
هذا هو النظام الديمقراطي العفن الذي جاء به الاستعمار والذي حط من مكانتكم وقدرتكم إلى أبعد مدى، وبعد كل هذا فإن حكامكم يحاولون تخويفكم من أن تطبيق الإسلام سيؤدي بكم إلى الانحطاط! ألا ساء ما يحكمون.
أيها المسلمون في باكستان!
تذكروا يوم كان للمسلمين دولة مهابة الجانب ولا ينافسها أحد، يوم كانت جامعاتكم مهدا للعلم، يوم كانت الأمة في ازدهار ولا تعرف للفقر سبيلا عليها. عندما كنتم تحبون حكامكم العادلين وهم يحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم. عندما كانت امرأة تقف محاسبة خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر الفاروق.
إنها أيام عز كانت، حين طبقت دولة الخلافة الإسلام كله، ولكن عندما هدمت بريطانيا دولة الخلافة في عام 1924 وحرمتكم من نظامكم العظيم، وانضمت لها أمريكا فيما بعد ففرضوا عليكم النظام العلماني من خلال حكام عملاء لهم، حراس على ذلك النظام، منذ ذلك الحين أصبحتم مهانين مذمومين، يوردكم الحكام موارد الهلاك حيث شاءوا، فأصبحتم بحق كالأيتام على موائد اللئام.
أيها المسلمون! هل عندكم بعد كل هذا خيار آخر غير العودة لنظام الخلافة الإسلامية؟ إن الله سبحانه وتعالى ربط عزكم بعقيدتكم، أي أنه إن تبنيتم أية عقيدة أو نظام حياة غير الإسلام فإنكم لن تصبحوا مهانين مدحورين في العالم فحسب، بل وستكون عاقبتكم يوم القيامة وخيمة حيث قال رب العزة: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85.
لقد آن الأوان لتحبطوا فيه مؤامرات الاستعمار وعملائه من الحكام، ولتجعلوا العمل لإقامة دولة الخلافة قضيتكم المصيرية بالانضمام لحزب الاحرير والعمل معه. فمما لا شك فيه أنه بإقامة دولة الخلافة ستزول عتمة الظلمة التي تعيش فيها الأمة الآن!
يا أهل القوة والمنعة!
تذكروا يوم كان الكفار يخافون جيوش المسلمين، يوم كان الجيش المسلم يفتح المصر تلو المصر بالجهاد، ناشرا نور الحق سبحانه وتعالى في جميع أنحاء المعمورة. لمثل تلك الدولة يدعوكم حزب التحرير للعمل.
إن حزب التحرير يطلب منكم النصرة، فأنتم القادرون بقوتكم على أن تخلعوا هذه الأنظمة العفنة وتقيموا دولة الخلافة، فهلموا لإقامة دولة الخلافة بإعطائكم النصرة لحزب التحرير، تلك الخلافة التي سترفع من شأن المسلمين عاليا فتجعلهم القوة الأولى في العالم.
www.hizb-pakistan.org
التاريخ الهجري :6 من جمادى الأولى 1430هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 01 أيار/مايو 2009م
حزب التحرير
ولاية باكستان