بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾
أيّها المسلمون في باكستان!
عندما كان الإسلام مطبقا تطبيقا كاملا شاملا، لم يكن شهر رمضان شهرًا يقتصر فيه المسلمون على الصيام، وصلاة التروايح، والدعوة إلى الإفطار، بل كان شهرًا يحرص فيه المسلمون على تطبيق الإسلام في جميع مجالات الحياة (الخاصة والعامة)، بما في ذلك الاقتصاد، والسياسة الداخلية والخارجية، والتعليم. فكان من يستصرخ طلبا للمساعدة يأمن من خوفه، والفقراء تُسدّ حاجاتهم، وجيوش المسلمين في ساحات الجهاد تنشر الإسلام، وكانت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" خفّاقة فوق كل الرايات. هكذا كان شهر رمضان، شهرُ نصر وتمكين للمسلمين، شهرٌ انتصر فيه المسلمون على قريش في بدر وفتح مكة، وهزموا فيه الفرس، والتتار في عين جالوت.
أما اليوم، ومع غياب دولة الخلافة الإسلامية، نجد أنفسنا في الهزيمة والهوان، في رمضان وغير رمضان! ونجد أنه على الرغم من الأراضي الشاسعة، والموارد الوفيرة، والقوات المسلحة الضخمة، نواجه انعدام الأمن، والفقر، فأصبحت أعين الناس شاخصة من تهديد الإرهاب لأمنها، وكسر ظهرها الفاقة والعوز، وهُنّا على أعدائنا، حتى وصل الحال بالبعض أن يتوهموا بأن النصر هو فقط حليف أعدائنا، الذين يرفعون أعلامهم فوق جثث أطفالنا ونسائنا وشيخونا. ونحن على هذه الحالة منذ إلغاء الخلافة، في عام 1342هـ/1924م، ومنذ ذلك الحين والكوارث تنزل على رؤوس المسلمين تترى، الواحدة تلو الأخرى، فصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلاَمِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ، تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا: الحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ: الصَّلاَةُ» رواه أحمد.
أيّها المسلمون في باكستان!
إنّ الحكم بالإسلام هو قضية حياة أو موت لكل واحد منا، وقد حذّرنا الله سبحانه وتعالى من الحكم بغير ما أنزل الله، وبيّن لنا أن الحاكم الذي يحكم بغير الإسلام جاحدًا به فهو كافر، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾، وإن لم يكن جاحداً، فهو فاسق أو ظالم، يعاقبه الله سبحانه وتعالى أشد العقاب، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ﴾ وقال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُون﴾.
إنّ حكام باكستان اليوم يتجاهلون أعظم الفروض، يتجاهلون فرض مبايعة خليفة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». ولكن ارتكاب الحكام للكبائر لا يعفي عامة الناس من التلبّس بفرض إقامة الخلافة، فإقامتها واجب لا مفر منه، ولا يجوز إهماله، والتهاون في أدائه ذنب كبير. كما أن تقصير الحكام في تطبيق الإسلام ليست مسألة خاصة بهم وحدهم، فقد فرض الإسلام علينا أن نقول كلمة حق عند الحاكم الظالم؛ من أجل تغيير وضعنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر». النسائي. فمحاسبة الحاكم فرض على كل واحد منا، والتقصير بهذا الواجب مدعاة لنزول العذاب علينا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ». رواه أحمد.
أيّها المسلمون في باكستان!
دعونا نتعاهد جميعا في هذا الشهر الكريم على العمل من أجل إنهاء حكم الظلمة واستعادة حكم الخلافة، خاصة وأن الوضع الآن في صالحنا، فقد أصبح العالم كله يتحدث عن الإسلام، وأصبحت الأمة تناضل من أجل التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، وقد وصلت دعوة الخلافة الإسلامية والحاجة إلى الدستور الإسلامي إلى كل ركن من بلادنا، بما في ذلك بين صفوف القوات المسلحة في بلاد المسلمين. وليس ذلك فحسب، بل ووعدنا الله سبحانه وتعالى بالنصر والتمكين، كما نصر أنبياءه ورسله من قبل، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾، كما بشّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة فينا مرة أخرى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» رواه أحمد.
فدعونا نعمل جميعا مع حزب التحرير، الحزب الذي هو على استعداد تام لعودة الإسلام كطريقة عيش في الحياة، فقد أعدّ دستورا كاملا لدولة الخلافة، من (191) مادة متشفعة بالقرآن والسنة، محفوظاً في مجلدين كبيرين. كما أن لدى حزب التحرير مكتبة فكرية ضرورية لإقامة الخلافة، تغطي مواضيع في العقيدة الإسلامية، والشخصية الإسلامية، وأنظمة دولة الخلافة، ومنها النظام الاقتصادي في الإسلام. كما أعدّ حزب التحرير جيوشا من السياسيين، رجالا ونساء، من الذين يقارعون الطغاة، ولا يخشون في الله لومة لائم، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ» رواه أحمد.
أيّها الضباط المخلصون في القوات المسلحة الباكستانية!
أنتم أحفاد الرجال الذين سبقوكم من الصحابة الكرام، الأنصار من المدينة المنورة رضي الله عنهم، الذين أعطوا النصرة لإقامة حكم الإسلام، كدولة ودستور. وعليكم في شهر رمضان هذا إعادة مجده الذي دام قرونا، بإعطاء النصرة لحزب التحرير، بإمرة العالم الجليل ورجل الدولة، الشيخ عطاء بن خليل أبو الرشتة، وذلك من أجل إقامة دولة الخلافة، وعندها فقط يتم وضع حد لهذا النظام الخائن وأسياده الكفار المستعمرين، ووضع الإسلام مكانه كدولة ودستور. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
التاريخ الهجري :29 من شـعبان 1435هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 28 حزيران/يونيو 2014م
حزب التحرير
ولاية باكستان