بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مفتوح من حزب التحرير / ولاية باكستان
إلى الأجهزة الأمنية والجهاز القضائي في الدولة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد،
السلام على من اتبع الهدى،
جرت العادة في إرسال الكتب المفتوحة أن تكون موجهة للنظام ورأسه، لقول الله عز وجل في كتابه العزيز: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. ونحن على يقين بأن القادة السياسيين والعسكريين عملاء للغرب حتى النخاع، وهم ممن يناصب العداء للإسلام ولأمة الإسلام، وتقطر أيديهم بدماء المسلمين الزكية الطاهرة، لذلك فإنهم ممن ينطبق عليهم قول الله عز وجل بأنه مهلكهم في الدنيا والآخرة. ولكن لأن الفاجر العاصي مهما تمادى في غيّه يظل بشرا يمكن أن يثوب إلى رشده، فإننا نعظهم ونقول لهم في أنفسهم قولاً بليغا علّهم يتعظون ويعودون إلى رشدهم وإلى حضن أمتهم، بدلا من الارتماء في أحضان أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
أما أنتم أيها المسلمون في الأجهزة الأمنية، فإنا لنظن خيراً في كثير منكم، فالكثير منكم يظن أنه ينفذ قرارات هي لمصلحة البلاد والعباد، ولا يدري أن هذه القرارات صادرة عن القادة السياسيين والعسكريين الذي باعوا البلاد والعباد للكافر المستعمر، فأفقروا الناس وأذلوهم، وفرّطوا في الأرض والعرض، وأهلكوا الحرث والنسل، فلا تسمعوا وتطيعوا مثل هؤلاء المتآمرين على أمتكم. عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُضَيِّعُونَ السُّنَّةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا قَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَسْأَلُنِي ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» مسند أحمد.
أنتم بلا شك تعلمون أن النظام وعلى رأسه القيادة السياسية والعسكرية في البلاد لا يطبق إلا إملاءات سيدتهم أمريكا، وهو قد استخدمكم وما زال يستخدمكم داخل البلاد وخارجها، في بلاد الجوار وغيرها؛ لتأمين مصالح أمريكا في المنطقة، وخاصة مصلحتها في عدم عودة الأمة إلى سابق عزها، من خلال تطبيق نظام الإسلام في ظل دولة توحّد الأمة تحت إمرة خليفة راشد مثل الخلفاء الراشدين الذين خلفوا رسول اللهﷺ في تطبيق الإسلام. والنظام يكذب عليكم وأنتم تعلمون أنه لكاذب، فيقول لكم أن ما تقومون به هو لمصلحة البلاد والعباد وأن حرب أمريكا على الإسلام "الإرهاب" هي حربكم، وللأسف الشديد تطيعونه، وتقنعون أنفسكم بقوله، فصدق فيكم قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: 103-104]، فكيف تقومون بذلك وأنتم من عباد لله المسلمين، كيف؟!
وأنتم تعلمون أيضا أن آخر فصول خيانة قادتكم هو تبنّيهم "لخطة العمل الوطنية"، التي أُمليت عليهم من قبل أمريكا للقضاء على الإسلام والمسلمين ومن ينصرهم، وهي خطة يُقصد منها - وهذا ما ظهر من تطبيقها - ملاحقة المخلصين لدينهم في هذه البلاد، وخاصة حملة دعوة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من شباب حزب التحرير، والمجاهدين الذين يقاتلون الاحتلال الأمريكي في أفغانستان، حيث عجّت السجون بهم. وأنتم من قمتم بملاحقتهم واختطافهم وانتهاك حرمات بيوتهم وأماكن عملهم، وقد روي عن أنس أنه قال: «من روع مؤمنا لم تؤمن روعته يوم القيامة» [كنز العمال]. فأصبحتم أنتم و"شبيحة" بشار العلويين سواءً في الإجرام، وأصبحتم كجنود الملك الظالم الذي حرق المؤمنين لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.
أما أنتم أيها القضاة في محاكم النظام، فأنتم تعلمون أن النظام القائم في البلاد هو نظام كفر، فلا دستوره القرآن ولا قانونه منبثق عنه وعن سنة رسول الله ﷺ. بل هو نظام قائم على الدستور الذي وضعه الاستعمار الإنجليزي، ويتم تعديله كلما اقتضت ذلك حماية مصالح الغرب في البلاد، وعلى رأس مصالحهم الحيلولة دون تبنّي دستور منبثق عن القرآن والسنة في دولة الخلافة على منهاج النبوة. أما أنتم فتقضون في القضايا بحسب هذا الدستور الوضعي! النظام يسنّ القوانين التي تناسب سيده وأنتم تقضون بها، غير مكترثين إن كنتم تقضون بالعدل أي الإسلام، أم بالكفر أي القانون الوضعي، متناسين قول رسول الله ﷺ وهو يحذركم: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ» أبو داود.
أيها العاملون في الأجهزة الأمنية والجهاز القضائي! إننا ننصح لكم بأن تكفوا عن ملاحقة المسلمين المخلصين في البلاد، من حملة دعوة الخلافة الراشدة وغيرهم. فكيف تطيعون القادة السياسيين والعسكريين وقد حسموا أمرهم بالوقوف ضد البلاد والعباد ورب العباد؟ إنكم إن أطعتموهم تكونوا معهم سواءً في الإجرام، وعذابكم في الآخرة لن يقل شدة عن عذابهم، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب: 67-68]. هذا في الآخرة، أما في الدنيا، فإن الأمة قد حزمت أمرها وراحت تطيح برؤوس الطواغيت، الواحد تلو الآخر، وستتمكن في نهاية هذا "الربيع" بإذن الله من إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشّر بها رسول الله ﷺ، وحينها لن ينفع شرطيا أو قاضيا أو "بلطجيا" معذرتُه بأنه كان يطيع قائده وأن لا حول له ولا قوة. واعلموا أنه من أصرّ على أذيَّة عباد الله العاملين لنهضة هذه الأمة ستحاكمه الخلافة الراشدة القادمة في محاكمها، وتوقع عليه العقوبة الشرعية التي يستحقها، فالذي يحارب الله ورسوله ويسعى بالفساد له عذاب شديد، والله سبحانه وتعالى يقول:﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. فها نحن ننصح لكم قبل فوات الأوان، ونقول لكم بأن تصطفوا مع أمتكم ولا تؤذوا عباد الله الصالحين، بل وأكثر من ذلك، نطالبكم بالعمل معنا للإطاحة بهذا النظام واستبدال نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة به، واعلموا أن قيامها أصبح قاب قوسين أو أدنى، وحينها لن تغفر لكل من آذى دعوة الحق وأهلها، وقد أُعذر من أنذر وأنصف من حذّر.
التاريخ الهجري :18 من شـعبان 1436هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 05 حزيران/يونيو 2015م
حزب التحرير
ولاية باكستان