بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا»
وقعت حركتا فتح وحماس في 2014/4/23 اتفاقهما على تنفيذ بنود اتفاق المصالحة وتشكيل حكومة تكنوقراط والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وجاءت هذه الخطوة بعد الجمود الذي أصاب المفاوضات، وتعثر مهمة وزير الخارجية الأمريكي "كيري" في إنجاز ما سمي باتفاق الإطار.
وجاء تصريح محمود عباس كاشفاً عن الأهداف والأبعاد السياسية لتنفيذ هذا الاتفاق حيث قال: "إنه لا تناقض بتاتاً بين المصالحة والمفاوضات، خاصة أننا ملتزمون بإقامة سلام عادل قائم على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية" وأضاف "إن مثل هذه الخطوة المدعومة عربيا ودوليا ستعزز من قدرة المفاوض الفلسطيني على إنجاز حل الدولتين، وهو الأمر الذي ينسجم تماما مع مبادرة السلام العربية واتفاقيات مكة والدوحة والقاهرة، ومع الشرعية الدولية..." (وفا للأنباء 2014/4/23).
وأكد عباس في كلمته أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير يوم السبت 2014/4/26 على هذه التصريحات حيث قال: «الحكومة المقبلة ستأتمر بسياستي»، وأضاف «وأنا أعترف بدولة إسرائيل وأنبذ العنف والإرهاب، ومعترف بالشرعية الدولية وملتزم بالالتزامات الدولية والحكومة ستنفذها».
وكان تعليق حماس على خطاب عباس الذي يقطر خيانة بأنه خطاب إيجابي!!
أيها الأهل في الأرض المباركة:
إننا نعلم أن الضغوط التي تمارس عليكم كبيرة جدا، ونعلم أنكم في قطاع غزة تعانون صنوفاً من القهر والحرمان، والأمر في الضفة الغربية ليس عن ذلك ببعيد، وما يمارس على أهلنا في منطقة القدس يندى له الجبين، وكل ذلك يأتي ضمن سياسة قهر لتحطيم إرادتكم وتدمير قيمكم، وإرغامكم على التنازل والخضوع لكيان يهود، بل ذهب الأمر إلى أبعد من الاعتراف بكيان يهود إلى حمايته والدفاع عنه.
وإننا نعلم أن الأرض المباركة فلسطين تزخر بالرجال الأخيار الذين لا تزيدهم الضغوط إلا مضاء وقوة وإصرارا، وهؤلاء الأخيار هم من يُعول عليهم عندما تشتد الخطوب وتدلهم ظلمات المؤامرات، فهم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» رواه مسلم.
إن الأرض المباركة لا تستمد شرعيتها من القرارات الدولية، فالدول الغربية ليست مالكة لها حتى تقرر في شأنها، فهذه الأرض تستمد شرعيتها من شريعة الله الذي اجتباها وجعلها أرضاً مقدسة مباركة، وأهل فلسطين لا يملكون منحها ليهود فهم لا يقيمون عليها بحكم المواطنة بل بحكم المرابطة التي أمرهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف للمرابط أن يتخلى عن ثغره لعدوه!!، أما المسؤولية عنها فهي للأمة الإسلامية، فالصحابة الكرام الذين فتحوا الأرض المباركة لم يكونوا "فلسطينيين"، والقادة المجاهدون الأخيار الذين طهروا ثراها من رجس الصليبيين والتتار لم يكونوا "فلسطينيين"، فهذه الأرض دفن في ثراها صحابة كرام ومجاهدون أخيار من الشام والعراق وتركيا وباكستان واليمن وغيرها من بلاد المسلمين، إنها أرض ارتبطت بعقيدة الإسلام فلا يملك أحد التنازل عنها ليهود.
أيها المخلصون في الفصائل والحركات:
لقد انطلقت حركة فتح حركة مقاومة تنادي بتحرير حيفا ويافا واللد والرملة، وانطلقت حركة حماس ونادت بالتحرير من النهر إلى البحر، وكانت الفصائل الأخرى تنشد التحرير وترفض الاعتراف بكيان يهود، ولم يكن يجرؤ أي خائن أن يتقدم للاعتراف بكيان يهود، وعندما أقدم السادات على خيانته كانت مواقف الفصائل منها واضحة جلية وهي المواقف التي جوبهت بها مبادرة بورقيبة الخيانية، ولكن التآمر على الأرض المباركة لتثبيت كيان يهود تواصل بخطاً حثيثة، فعكف الحكام المجرمون على ترويض الحركات والفصائل الفلسطينية للقبول بالحلول المرحلية ثم القبول بكيان يهود والاعتراف به، فحركة فتح أعلنت ما أسمته الكفاح المسلح رافضة الاعتراف أو التفاوض مع كيان يهود واعتبرت الصلح خيانة عظمى، ثم ما لبثت إلا قليلا حتى تخلت عما أعلنته، وأصبح الصلح والاعتراف والتفاوض مع يهود مصلحة وطنية!!!، أما حماس فكانت تعتبر القبول بحل الدولتين على حدود 67 خيانة عظمى وإثماً كبيراً، ولم يطل بها المقام حتى أضحى حل الدولتين حلاً مقبولا!!!.
أما أم الجرائم فهي منظمة التحرير الفلسطينية التي اتُخذَت غطاء للاعتراف بكيان يهود وإعطائه الشرعية على الأرض المباركة، والتي خرج من رحمها ذلك المولود الحرام الذي سمي بالسلطة الفلسطينية، والذي تحول فيما بعد إلى مولود حرام متنازع عليه، فكان الانقسام بين الضفة والقطاع، ثم أضحى الدفاع عن السلطة مقدماً على كل شيء، فمن أجل المحافظة على السلطة في رام الله كان التنسيق الأمني المشين والاستخذاء المذل أمام الاحتلال، وحتى يُحافظ على سلطة غزة كانت الهدنة ومنع الأعمال الجهادية ضد يهود، وهكذا أصبحت السلطة غاية بحد ذاتها، وحمايتها لها الأولوية القصوى.
إننا نقول لكم ناصحين: الأرض المباركة ليست للمساومة ولن تكون لليهود دار قرار، وإنَّ وحدتكم ومصالحتكم يجب أن تكون من أجل تحريرها واجتثاث يهود منها. وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الصحيح الذي أخرجه ابن حبان عن أَبِي هريرة، قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا»، وإنا نربأ بكم أن تكونوا شركاء في خيانة التنازل عن الأرض المباركة، إذ ما من خيانة أعظم من الاعتراف بكيان يهود أو توفير الشرعية والغطاء لمن يعطي الشرعية لكيان يهود، وتدبروا قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾.
وفي الختام:
إنه نداء صدق ننادي به المخلصين في الفصائل والحركات، ونداء حق نوجهه إلى المسلمين في الأرض المباركة، انزعوا الشرعية عن المفاوضين وكفوا أيدي العابثين بمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانبذوا الخائنين والعملاء، وردوا القضية إلى أصلها، إلى أمة الإسلام، واجتمعوا على كلمة سَوَاء هي "الأرض المباركة فلسطين لن تكون إلا خالصة للمسلمين" واجعلوها شعاركم، واستصرخوا جيوش المسلمين لتحريرها، واعلموا أن الأرض المباركة لن ينال شرف تحريرها إلا رجال أتقياء أنقياء يجاهدون في سبيل الله، فهؤلاء من يتنزل عليهم نصر الله، قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فكونوا من طلائع الحق العاملين لدين الله، ولا تلوثوا أنفسكم بعار الخيانة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ وامتثلوا لقول الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾.
وإن فجر الخلافة قارب على بزوغ، وقوى الحق تأرز إلى مكامن قوتها متهيئة للانقضاض على الخائنين ونصرة الإسلام وإقامة الدين، وبإذن الله عما قريب سنشهد خليفة المسلمين يتقدم جيوش الفتح والتحرير إلى بيت المقدس، تجوس كتائبه خلال الديار مكبرة مهللة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
والحمد لله رب العالمين.
التاريخ الهجري :5 من رجب 1435هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 04 أيار/مايو 2014م
حزب التحرير
الأرض المباركة فلسطين