بسم الله الرحمن الرحيم
أما للأقصى من صلاح الدين يطهره من دنس يهود؟
الحمد الله القوي العزيز، الحمد لله ناصر المؤمنين، الحمد لله القائل: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، والصلاة والسلام على نبي الهدى القائل: «وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعاً». وبعد،
أيها الحشد المبارك، أيها المسلمون في كل مكان:
في ذكرى تحرير بيت المقدس من رجس الصليبيين يقر كيان يهود قانونا يفتح به الباب على مصراعيه لتحويل المسجد الأقصى إلى كنيس يهودي يؤدون فيه طقوسهم وصلواتهم، وما كان لأذل خلق الله أن يقدموا على هذه الجريمة ويدنسوا قبلة المسلمين الأولى لولا خيانة الخائنين وتآمر الحكام المجرمين، فهل تتركون مسرى نبيكم لقمة سائغة لعدوكم؟
أيها المسلمون: إن المسجد الأقصى يتعرض لمحاولة جادة وهجمة شديدة حاقدة من كيان يهود لفرض طقوسهم التوراتية في المسجد الأقصى تمهيداً لإقامة هيكلهم المزعوم على كامل مساحة المسجد الأقصى كما أوردت مؤسسة القدس الدولية في تقريرها الأخير.
إن إعلان محاكم كيان يهود حق المستوطنين بإقامة صلواتهم في المسجد الأقصى هو إعلان حرب عليكم وهو بمثابة تحرك خطير للسيطرة على المسجد الأقصى وهو شبيه بما فعله الصليبيون بعد احتلاله عام 1099 حينما قاموا بنصب الصليب الذهبي على قبة الصخرة وحولوه لكنيسة، وكذلك فعلوا بالمسجد القبلي وعاثوا في المسجد الأقصى ومبانيه فساداً وحولوا بعضها لإسطبل للخيول. فماذا أنتم فاعلون أيها المسلمون؟!
إن الذي جرّأ كيان يهود الجبان على هذه الخطوة هو أنه وجد حكاماً خائنين مفرطين مطبعين؛ فحكام الإمارات يستقبلون قادته، وحكام البحرين يرسلون البعثات والطائرات، وحكام السودان والمغرب يوقعون معه الاتفاقيات، وفرعون مصر يبذل الوسع في تهيئة الأجواء السلمية التي تمكنهم من التفرغ للضفة والمسجد الأقصى، وملك الأردن يحمي جبهتهم الشرقية.
إن المسجد الأقصى ليس سلعة للتفاوض ولا بقعة للتقاسم وليس مكانا للتنافس على الوصاية الشكلية، إن المسجد الأقصى هو مصلى الأنبياء ومعراج نبيكم محمد ﷺ وقبلتكم التي كنتم تصلون لها في ابتداء الإسلام وهو ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، أيترك الأقصى يا جيوش المسلمين ليحوله من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة لكنيس لهم!!
أيها المسلمون: إن قضية فلسطين هي قضيتكم، وليست قضية منظمة التحرير التي كانت وما زالت جزءاً من المؤامرة وأداة للتصفية وتمزيق القضية وفصلها عن عمقها الإسلامي وجعلها قضية وطنية، إنها قضية من يحب الله ورسوله، فهبوا أيها المسلمون لنصرة مسرى نبيكم، هبوا لتطهير مقدساتكم، إن المسجد الأقصى لا يُحرر بالتفاوض ولا باللجوء للشرعية الدولية أو مجلس الأمن ولا يحفظ بجامعة الدول العربية، فتلك مؤسسات للتآمر والخيانة، بل يُحرر كما حرره صلاح الدين بجيش جرار تعلوه صيحات الله أكبر، جيش يسير برجال كالجبال وسلاح يرهب الأعداء، فحركوا جيوشكم نصرة لأقصاكم.
أيها المسلمون: لا تغرنكم صولات أمريكا وجولاتها فهي أضعف من أن تواجه أمة الإسلام إن قامت من كبوتها ونهضت من سباتها، ولن تؤخر نصر الله للمؤمنين ساعة، فأمة الإسلام ليست كالصين أو فرنسا بل هي أمة المعارك الفاصلة كمعركة القادسية واليرموك والزلاقة وموهاكس وعين جالوت وحطين، وليس بعيداً أن تتخلى أمريكا عن كيان يهود كما تخلت دول أوروبا عن الصليبيين في بيت المقدس وتركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم.
أيها المسلمون: إن فلسطين على موعد مع التحرير فمن ينال هذا الشرف العظيم، فَجدّوا في حسم الداء وقطع شأفة الأعداء وتطهير بقية الأرض من رجس الذين أغضبوا الله ورسوله، واقطعوا فروع الكفر واجتثوا أصوله فقد نادت الأيام بالثارات الإسلامية والملة المحمدية كما قال القاضي محيي الدين في خطبة التحرير بعد دخول صلاح الدين والمسلمين للمسجد الأقصى.
يا جيوش المسلمين، أيها المسلمون في كل مكان، هذا الأقصى يناديكم ويستنصركم، فهل تلبون النداء؟
أيها المسلمون: اعلموا أن وعد الله ناجز لا محال، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55]، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ [الإسراء: 7]، وقال ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» رواه مسلم.
فتحركوا أيها المسلمون من فوركم، تحركوا الآن لنصرة دينكم وأقصاكم، تحركوا لتنالوا شرف إقامة الدين وتحرير الأرض المباركة، فأنتم أحفاد صلاح الدين، فأخرجوا من بينكم صلاحا جديدا ليطهر الأقصى من دنس يهود.
اللهم إنا نسألك خلافة راشدة على منهاج النبوة، تقيم الدين وتنصر المسلمين وتحرر الأقصى الأسير.
التاريخ الهجري :2 من ربيع الاول 1443هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 09 تشرين الأول/أكتوبر 2021م
حزب التحرير
الأرض المباركة فلسطين