ولاية الكويت: كلمة تضامنية مع أسرى المسلمين في غوانتانامو
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الأستاذ علي العبد الله التي كان من المفترض أن تلقى في الاعتصام الذي نظم أمام السفارة الأمريكية في الكويت
مساء يوم الأحد، 19 جمادى الأولى 1434هـ الموافق 31 آذار/مارس 2013م تضامناً مع أسرى المسلمين في غوانتانامو.
بداية لقد حاولنا وطلبنا من الإخوة المنظمين للاعتصام أمام السفارة الأميركية في الكويت مساء يوم الأحد الموافق 31/03/2013م للمطالبة بفك أسرى أخوينا فوزي العودة وفايز الكندري إلقاء الكلمة أمام السفارة، ولكن لم يسمح لنا بذلك فارتأينا أن نسجلها لإيصال رأينا في هذه القضية فأقول وعلى الله التكلان.
إن الحالة الطبيعية لأمة الاسلام أنها تعيش وفق شريعة ربها، معززة مكرمة مرفوعة الرأس، مهابة الجانب، تحكّم الإسلام في جميع شئون الحياة والدولة والمجتمع، سلطانها ذاتي، تنيب عنها خليفة يكون أميراً للمؤمنين، تبايعه على السمع والطاعة على تطبيق أحكام الاسلام في الداخل وحمل الاسلام إلى الخارج بالدعوة والجهاد.
ومن ضمن أحكام الاسلام حكم فك الأسارى. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «فكوا العاني»، ونص الامام القرطبي المالكي أنه "قد وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد فك الأسارى، وأمر بفكهم، وجرى بذلك عمل المسلمين، وانعقد به الاجماع. ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن - فهو فرض على المسلمين، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين".
وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال: لما بعثه عمر بن عبد العزيز لفداء أسرى المسلمين من القسطنطينية قلتُ له: أرأيت يا أمير المؤمنين، إن أبوا أن يفادوا الرجل بالرجل، كيف أصنع؟ قال عمر: زدهم، فقلت: إن أبوا أن يعطوا الرجل بالإثنين؟ قال: فأعطهم ثلاثا، قلتُ: فإن أبوا إلا أربعا قال: فأعطهم لكل مسلم ما سألوك، فوالله لرجلٌ من المسلمين أحب إليّ من كل مشرك عندي. إنك ما فاديت به المسلم فقد ظفرت، إنك إنما تشتري الإسلام.
وهكذا كان عبر التاريخ... تستنفر دولة الخلافة طاقاتها لفك أسارى المسلمين- وغير المسلمين- من غير منّة ولا فضل، بل هو واجبها ومسؤوليتها.
بل إن الأمر تعدى ذلك وقارب الخيال!
فقد استعانت فرنسا بخليفة المسلمين في القرن السادس عشر الميلادي عندما أسر ملكها فلم تجد قوة عادلة تجيرها إلا الخلافة الاسلامية، فاستجارت بخليفتها سنة 1525م.
هذا تاريخنا الزاهر، أما واقعنا فمظلم حالك الظلام.
فها نحن اليوم، وبعد مضي زهاء 11 عاماً، نطالب بحقوق أبنائنا وإخواننا الأسرى في غوانتانامو، الذين لم ينالوا حق المحاكمة، والذين ما برحت إدارة المعتقل تعذبهم نفسياً وجسدياً وتعتدي على أقدس مقدساتهم.
يحدث هذا والنظام في البلد يقيم أوثق العلاقات مع أميركا، يمدها بالنفط، ويوفر المعابر الحدودية والموانئ والمطارات للقوات الأميركية، كما يوفر لها القواعد العسكرية الدائمة.
إن أميركا لم تصبح دولة عدوة ومحاربة فقط حينما سجنت فايز وفوزي في غوانتانامو، بل هي كذلك حينما ظاهرت دولة يهود في فلسطين، ودخلت بلاد المسلمين طامعة مستعمرة، وحينما احتلت أفغانستان وسطت على العراق وساندت الأسد في سوريا بواسطة عملائها من دول وأفراد، وغير ذلك من جرائم كبرى.
إن أقل الواجب في نصرة المعتقلين يكون بإلغاء الاتفاقية الأمنية مع أميركا، وإنهاء النفوذ العسكري الأميركي في البلد، والخروج من الشراكة الاستراتيجية مع الناتو.
إن أبناءنا لا راعي لهم ولا حكومة مسؤولة تطالب بهم، فهم كالأيتام على موائد اللئام، فلم هذا الخذلان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه» وفي رواية «ولا يخذله». ومعنى لا يسلمه أي: لا يتركه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدافع عنه. قاله ابن حجر رحمه الله.
ولكن هذا الخطاب وهذا المنطق لا تفهمه الأنظمة والحكومات ولا تفهمه أميركا ومعسكر الكفر كافة...
أبناؤنا وقضايانا لا ينصرها إلا قوة الحق... القوة التي تكمن في عقيدة الأمة وما ينبثق عنها من نظام.
قوة (( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ )).
قوة: «نصرت بالرعب مسيرة شهر».
قوة كيان المسلمين الذي يقوم على عقيدة الأمة، قوة الحاكم التقي العادل الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما الإمام جنّة يقاتل من ورائه ويتقى به» وجنّة، أي درع ووقاية.
قوة دولة الخلافة التي لا تقبل بإذلال المسلمين بل هي تنقل المعركة إلى معسكر الكفر فتشغله في نفسه وتنسيه وساوس شيطانه. والعاقبة للمتقين.
وفي الختام: أسأل الله العلي العظيم أن يفرّج الكرب عن أخوينا فايز الكندري وفوزي العودة من سجون الظلمة والطغاة وجميع أسارى المسلمين في كل مكان، وأن يقر أعين آبائهم وأمهاتهم وأحبابهم برؤيتهم سالمين، وأن يثبتهم أجمعين ويربط على قلوبهم إنه القادر على ذلك سبحانه.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.