المكتب الإعــلامي
بريطانيا
التاريخ الهجري | 26 من جمادى الثانية 1439هـ | رقم الإصدار: 14/1439هـ |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 14 آذار/مارس 2018 م |
بيان صحفي
خطاب الكراهية هو جزء لا يتجزأ من النظام العلماني
(مترجم)
غالبًا ما يكون خطاب الكراهية موضوعاً للمناقشة في الحكومة ووسائل الإعلام إلا أنه الآن إجراء لتبرير مزيد من التشريع للتدخل بقصد الحد من المناقشات على الإنترنت. لا يختلف هذا الأسبوع عن سواه، فقد شارك عمدة لندن مع مستمعيه بعضاً من الرسائل المسيئة للمسلمين التي تلقاها، وذلك الترويج لمبادرته الخاصة بجريمة الكراهية.
لا شك في أن مرتكبي مثل هذه الرسائل المليئة بالكراهية يستحقون الإدانة، ومن المثير للاهتمام ملاحظة عدم وجود اعتذارات جماعية أو دعوات إعلامية لإدانة جماعية عامة من قبل غير المسلمين في بريطانيا لهذه الرسائل. ومع ذلك، نحن بحاجة إلى النظر إلى أبعد من مرتكبي هذه الجرائم أنفسهم، وذلك بالنظر إلى الأيديولوجية التي تدفعهم وغيرهم للحطّ من منزلة المسلمين بهذه الطريقة.
لقد تعهد رئيس وزراء بريطاني سابق بالتشديد على أسباب الجريمة، بينما كان من المفارقات أنه كان أحد أعظم المجرمين والمحرضين على الجريمة في هذا القرن. فلو كانت المشاعر مقصودة حقا، لكان ينبغي أن لا يكون هناك شيء لم يمحّص من أجل القضاء على أسباب الإجرام. في ضوء هذا الأمر، يجب أيضًا ألا يستثنى شيء عند النظر في أسباب الكراهية الحالية وجرائم الكراهية.
في كثير من الأحيان، يتم تجنب الجناة الحقيقيين، في حين يتم بذل الكثير من الجهد من أعمال الشرطة، أو زيادة التبليغ عنهم أو الحد من قدرة الكارهين على نشر الكراهية. لكن هذا ليس تعاملاً إلا مع الأعراض وليس مع السبب.
أولئك الذين يروجون لكراهية المسلمين هم جزء من مجتمع لا تدخر الحكومة ووسائل الإعلام فيه جهداً في نشر السلبية وترويج الكراهية للإسلام والمسلمين بينهم. إنهم هم الذين يقسمون الإسلام بطريقة غامضة إلى (معتدل ومتطرف)، ويصفون المسلمين الذين لا يشاركون في قيمهم العلمانية كإسلاميين ومعتنقي أيديولوجية شريرة. حقّاً إن الإسلام الحداثي المفضل لديهم ليس إسلامًا على الإطلاق، في حين إن معظم ما يصفونه بـ(التطرف) هو المبادئ الأساسية التي أوحي بها إلى النبي e، والتي مارسها المسلمون لقرون، وهي القيم الأساسية التي يعتنقها أكثر من مليار شخص من المسلمين اليوم.
هذه هي الخلفية والأيديولوجية التي تذكي جو الكراهية ضد المسلمين. فالمجتمعات الغربية العلمانية التي جعلت القومية أساسًا لوحدتهم، ليس عجيباً أن تعاني بشكل كبير من توترات كراهية الأجانب والطبقية والعنصرية، وذلك بسبب الطريقة التي يتم بها الحطّ من منزلة "الآخرين" بأسلوب نمطيٍّ فجّ، واحتقار شديد وازدراء مقنّعين. فبالقومية، لا وزن لك إلا عندما تنتمي إلى المجموعة نفسها، مهما كان أساس هذه المجموعة.
في الواقع، شهد عصر الدول القومية العلمانية مستويات لا مثيل لها من الكراهية التي أدت في الواقع إلى القسوة الشديدة وسفك الدماء، مع ملايين الضحايا. يجب أن تكون الكراهية الغربية "للآخرين"، سواء أكانوا يهودًا أم سودًا أم أجانب، مصدرًا للخزي العظيم ورفضًا للأيديولوجية العلمانية التي تسببه.
في جو مملوء بالكراهية، لا عجب أن يفرغ الناس إحباطاتهم نحو أولئك الذين يُكرَهون عادة أكثر في من حولهم. فنشأ نهج تطبيق القانون باليد مباشرة، الذي يتم استعماله بشكل متزايد، متغذياً من انعدام ثقة العامة في النظام الرأسمالي لتحقيق العدل ولمعالجة مظالمهم. غالبًا ما يفخر المروجون للعلمانية بأن بريطانيا كانت أول من شرع حق عدم المثول أمام القضاء إلا بدليل للاتهام، إلا أن أغلبية الناس لا يؤمنون به بشكل كامل، لذلك نشر مجرد مزاعم من قبل وسائل الإعلام تؤدي إلى شكوك وتجريم جاليات بكاملها بالتهمة، كما يُرى اليوم مع المسلمين. على الرغم من أنه لم يفحص أي دليل، وتم تجاهل الأمر المشاهد حسّاً، ولم يتم تقديم أي دليل، فالمسلمون غالباً ما ينظر إليهم على أنهم متهمون، لمجرد كونهم مسلمين.
إن سبب الكراهية، والكلام الذي يحض على الكراهية، وكراهية الإسلام كما يحب البعض تسميته هي الرأسمالية العلمانية بعقيدتها ونظامها. فهي تفشل يومياً بالوفاء بحق الشعب، ولا تقدم لهم في الظاهر إلا ظلماً، وهي عاجزة أيضاً عن إيجاد الانسجام بين الفئات المختلفة في المجتمع. إذ لا تنفك عن القومية وكراهية الأجانب والعنصرية والطبقية والكراهية للآخرين.
لم يدع الله سبحانه وتعالى البشر وحدهم يعانون من طغيان نخبة الأقوياء، الذين يظنون أنفسهم متميزين عن الآخرين. لذا أرسل الرسول الخاتم e للبشرية جمعاء، الذي قال في خطبته الأخيرة، خطبة الوداع بمناسبة الحج: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى».
لا يعمم الإسلام (والمسلمون الملتزمون بأحكامه) في إلقاء اللوم على الآخرين، ولا يتهم الناس بأتفه التهم دون دليل. فالبراءة أصل فعليّ في نظام الإسلام، كما قال النبي e: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ "الْمُدَّعَى عَلَيْهِ"». وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام في إرشاد القاضي في القضاء: «إِذَا تَقَاضَى إلَيْكَ رَجُلَانِ، فَلَا تَقْضِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ». [الترمذي وأحمد]
كان هذا بالفعل حقًا تمتعت به البشرية لقرون قبل أن يعد الملوك البريطانيون خداعاً بحق عدم المثول أمام القضاء إلا بدليل. علاوة على ذلك، جعل الإسلام العدل حقاً للجميع، وليس للنخبة الثرية فقط، قبل أربعة عشر قرنا.
طبيعة العلمانية أنها ستواصل تقسيم الناس إلى فئة من يملكون والباقي ممن لا يملكون، وستواصل نشر الفتن أينما تصل مخالبها.
نحث المسلمين على تجنّب استخدام مثل هذا الكلام البغيض، حتى ولو وُجٍّهَ إليهم. لا تمنحوا الكارهين لكم فرصة زيادة حقدهم بإرسال كلام بغيض إلى الآخرين، حتى لو كان احتجاجًا على كلامهم. في الوقت نفسه، لا تشكوا من الشخص الذي يقول الكلام المليء بالكراهية فحسب، بل انظروا إلى النظام الذي ربّاه على ذلك ويشجع على الكراهية كل يوم. قال تعالى: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾. [آل عمران: 118]
وأخيراً، في الوقت الذي يقف فيه المرء ضد المظالم والظالم، فمن الممكن أن يتعرض هو نفسه لبعض الأذى أو المشقة، تماماً كما يمكن أن تصيب هذه المشقة أولئك الذين لا يقفون ضدها. في جميع الأحوال، الأمر بيد الله سبحانه وتعالى وحده فيما يصيبنا. لذلك نذكر المسلمين بأن يضعوا ثقتهم بالله سبحانه وتعالى ويتوكلوا عليه وحده، وأن يتبعوا شريعته كاملة، وألا ينحرفوا عنها خوفًا من العواقب المحتملة.
قال تعالى: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: 107]
يحيى نسبت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا
المكتب الإعلامي لحزب التحرير بريطانيا |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 07074192400 www.hizb.org.uk |
E-Mail: press@hizb.org.uk |