المكتب الإعــلامي
بريطانيا
التاريخ الهجري | 12 من رمــضان المبارك 1441هـ | رقم الإصدار: 1441 / 22 |
التاريخ الميلادي | الثلاثاء, 05 أيار/مايو 2020 م |
بيان صحفي
ستستمر الأكاذيب في الوقت الذي تشتد فيه قبضة الرأسمالية
(مترجم)
مع مرور كل يوم، يتم الكشف عن المزيد من المحاولات الحكومية لتضليل الجمهور، سواء من حيث إهمالهم السابق، أو الاستعدادات الحالية، أو إحصاءات اختبار المصابين والوفيات، أو الخطط المستقبلية. بدءاً من الإهمال التام في البداية، والتلاعب المستمر بالإحصاءات الحيوية للخدمات الصحية والمشورة العلمية، بالإضافة إلى القوى التي تشجع على العودة إلى الحياة الطبيعية، والمراقبة الجماعية لصحة الناس، واقتراح التفاعل الاجتماعي بين الناس، بالكاد أن تجد أي جانب من ردود الفعل الرسمية لوباء الفيروس التاجي قد خلا من الخداع والأكاذيب الفاضحة.
لا ينبغي أن تفاجئ مثل هذه الخيانة للأمانة أولئك الذين يفهمون الفكر الأساسي للرأسمالية، أي العلمانية، ومفاهيمها عن الحياة وكيفية إدارة المجتمع. فالجشع الرأسمالي مسؤول عن الحالة البائسة الحالية. فالمؤسسة العلمانية للرأسمالية تضمن أن يخدم الذين في السلطة دائماً مصالح النخبة القوية، التي تم الكشف عنها علانية ليراها الجميع.
في بداية تفشي الوباء، كان الرأسماليون قلقين في الغالب من توقف التجارة وعائداتها، لذلك رفضوا بشكل فعال عزل المسافرين، مما سمح للفيروس بالانتشار على نطاق واسع، على الرغم من التحذيرات المبكرة، والخبرات السابقة. لقد اختار المسؤولون الرأسماليون النظريات العلمية عن الفيروس التي تخدم مصالحهم، أكثر من خدمة حاجات الناس. لقد دأبت الحكومات الرأسمالية على تشغيل أنظمتها للرعاية الصحية الفعلية على مدى عقود، حيث لم يكن الاهتمام الحقيقي بالناس يمثل أولوية بالنسبة لهم. فقد ضمنت الرأسمالية أن يكون جني الربح هو الأهم، مما أدى إلى جعل أبحاث اللقاحات غير المربحة ذات أولوية منخفضة. كما أوجدت الرأسمالية بشكل مباشر تفاوتاً هائلاً في المجتمع، بحيث يعاني الفقراء من سوء الصحة بشكل مستمر بسبب انخفاض مستوى معيشتهم. لقد أُهمِل كل جانب من جوانب الحياة أصابته لوثة الرأسمالية، وسوف يستمر مثل هذا الإهمال بسبب وجود مثل هذا المبدأ غير الإنساني.
حتى الديمقراطية التي وجد الرأسماليون سهولة في التلاعب بها قد خيبت آمال الناس، حيث أصيب السياسيون المتعطشون للسلطة بالشلل في بداية الأزمة، غير قادرين على اتخاذ قرارات صعبة خوفاً من عدم القبول بها، إما من الناخبين أو من الرأسماليين الذين يدعمونهم.
كان الفشل الأخير في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تم إبراز أولويات الرغبات الجشعة للنخبة الرأسمالية علانية، في الوقت الذي تم فيه خداع الناس العاديين وكسبهم بشكل منهجي، مما أدى في النهاية إلى عدم ثقة كبيرة بالحكومة. عندما احتاجت الحكومة إلى دعم الجميع حقاً - الناس العاديين والنخبة الرأسمالية على حد سواء - لقبول بعض القيود المؤقتة من أجل الصالح العام، كانت الحكومة تعرف أن سلوكها السابق يعني أنهم لن يكونوا موضع ثقة، لذا جلسوا صامتين حتى أصبح الوباء واضحاً جداً، فلم يكن لديهم عندها من خيار سوى التصرف بطريقة جذرية للغاية.
على الرغم من مأزقهم وإدمانهم على الشعبوية، لم يتم تعلم دروس الماضي. إذ يتم التلاعب بالإحصاءات اليومية، والكذب على الناس الذين هم في أمس الحاجة إلى الصدق معهم. فأكاذيب اليوم تغطي الأكاذيب السابقة، على أمل موهوم أن يخرجوا من هذا المأزق سالمين، وأن لا يفتضح نظامهم الفاسد بشكل كامل.
إن سوء الإدارة الكارثي لبيوت رعاية المسنّين، ومعدات الحماية الشخصية للجهاز الطبي بخاصة، واختبار الإصابة بالفيروس، وتتبع وتعقب المصابين، وحتى الاقتصاد، حالياً وفي الماضي، قد أدى إلى معاناة وحزن بشكل استثنائي. للأسف، هذه ليست سوى البداية، حيث إن العواقب المستقبلية لمثل هذا السلوك النخبوي غير المسؤول لم يتم الشعور بعواقبه بعد.
لا يزال الرأسماليون في حالة إنكار للحاجة إلى إجراء تغيير جدّي في طريقة العيش في الحياة، لذلك يتوقون للعودة المبكرة إلى "الحياة الطبيعية" السابقة. ومع ذلك، فإن طبيعة الحياة المفضلة في نظرهم هي مجرد عودة إلى المجتمعات نفسها الخالية من العدل، ومستويات المعيشة السيئة، وإعطاء الأولوية للربح المادي للنخبة فوق كل شيء آخر، مما سمح للفيروس بأن يصبح وباءً.
في هذا الجو اليائس فإن تجارب المراقبة التكنولوجية الصينية للتجسس الفعال على شعبها، يتم الترويج لها بشكل ساخر في الغرب كوسيلة لحماية الحرية الزائفة التي وعدت بها الرأسمالية منذ عهد بعيد ولكنها فشلت دائماً في تحقيقها. ومع ذلك أصبح الناس العاديون قلقين بشكل متزايد بخصوص من يستحقون وضع ثقتهم بهم. سواء أكانت السلطات والحكومات، أو الشركات الرأسمالية، فإن الأهداف الاستبدادية الشائنة لهذه وتلك لا زالت كما هي، ألا وهي خدمة مصالح قلة جشعين لا يستطيعون مقاومة الرغبة في استغلال سلطتهم وقوتهم.
لقد عانى مسلمو الإيغور في تركستان الشرقية في الصين، الذين تمت مراقبة وتحليل كل حركاتهم وكلامهم، بشكل غير عادي على أيدي الشركات الرأسمالية والسياسيين الاستغلاليين. اختار قادة العالم تجاهل محنتهم، لأنهم لم يشعروا بالذعر من التقنيات المستخدمة هناك، ولا من القوة الهائلة التي تم وضعها في أيدي قلة من المسؤولين. وقد زادت السلطات الغربية بالفعل من مراقبتها الخاصة بها أيضاً في السنوات الأخيرة، حيث أعطيت سلطة لشركات النخبة الرأسمالية بمراقبة وجمع بيانات ضخمة، مع تبرير ذلك أيضاً من خلال التلاعب بمشاعر العامة تجاه تهديدات محتملة، بخاصةً تصوير خطر المسلمين وتهديدهم المزعوم للأمن.
هذا موضوع يجب أن يهم المسلمين في جميع أنحاء العالم، الذين نزل عليهم الهدى الذي تحتاجه البشرية بشدة اليوم، لأن القادة الرأسماليين قد خيبوا أمل العالم بشدة، بسبب تمسكهم العنيد بالمبدأ الرأسمالي الباطل.
أعطى الإسلام رعاية شؤون الناس الأولوية على كماليات النخبة الثرية. إن الدولة الإسلامية موجهة بالشرع الإسلامي في رعاية الناس بالفعل، والقيام مسبقاً بالاستعدادات لمثل هذه الرعاية. في الإسلام، ليس الربح هو الهدف الأساسي لأبحاث اللقاحات، على سبيل المثال، ولا يتم استخدام براءات الاختراع لمنع التطورات الطبية من إفادة الجميع. يشمل الإسلام إرشادات تفصيلية حول كيفية بناء المجتمع بحيث لا تتآكل الثقة فيه، فيتم بذلك بناء أنظمة الرعاية الصحية وعدم الهبوط بها إلى درجة عدم الكفاية، بحيث يقضى على الفقر، وبالتالي تبقى السلطة بعيدة عن أيدي الظالمين فلا يملكون إساءة استخدامها. أما فيما يتعلق باستخدام المراقبة الجماعية للسكان لمنفعة محسوسة، على سبيل المثال، فقد نهى الإسلام عن التجسس على الناس كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾، وكما روي أن رسول الله e قال: «إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ».
قبل الوباء كان الرأسماليون في بريطانيا يصرفون أنظار الناس بنشاط عن سياساتهم الخارجية والداخلية والاقتصادية الفاشلة، ويوجهون اتهامات كاذبة ضد الجالية المسلمة، ويضعون سياسات مصممة لوصف جاليتنا كخطر أمنيّ لتبرير زيادة شغفهم بالسلطة. أما الآن وهم معلقون في الهواء سيستمرون في البحث عن كبش فداء، كما يصنعون حالياً في الهند وأمريكا والصين. وعلى الرغم من كل هذا، ليس هذا هو الوقت المناسب للسكوت على ما يصنعون.
لقد حان الوقت ليستيقظ المسلمون، ويفضحوا إهمال واستغلال النخبة الرأسمالية، ومبدئهم الذي يبيعون من خلاله فسادهم للشعب. حان الوقت للمسلمين أن يكونوا سفراء للإسلام.
يقول سبحانه وتعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.
يحيى نسبت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا
المكتب الإعلامي لحزب التحرير بريطانيا |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 07074192400 www.hizb.org.uk |
E-Mail: press@hizb.org.uk |