المكتب الإعــلامي
ولاية الأردن
التاريخ الهجري | 6 من ذي الحجة 1443هـ | رقم الإصدار: 1443 / 28 |
التاريخ الميلادي | الثلاثاء, 05 تموز/يوليو 2022 م |
بيان صحفي
حادثة العقبة وإزهاق الأرواح البريئة مسئولية النظام الحاكم أولاً
خرج أول أمس وزير الداخلية الأردني ليعلن نتيجة التحقيق في حادثة العقبة حيث توفي 13 شخصا، الاثنين الماضي 27 حزيران/يونيو 2022، جراء تسرّب غاز الكلورين السام بعد سقوط صهريج في أحد موانئ العقبة وانفجاره، وأصيب العشرات، وقال إن التَّقرير أثبت عدم أخذ الاحتياطات اللازمة للسَّلامة العامَّة في مناولة مثل هذه المواد الخطرة، وقال: إن "التَّحقيق أثبت وجود مسؤوليَّة على مدير عام شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ، ومدير دائرة العمليَّات في الشَّركة، ورئيس قسم التَّفريغ والتَّحميل، ورئيس نوبة التَّفريغ والتَّحميل، ورئيس الباخرة وقت الحادثة وغيرهم"، وعلى إثر ذلك وافق مجلس الوزراء على إنهاء خدمات مدير عام الهيئة البحريَّة الأردنيَّة، ومدير عام شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ، وعدد من المسؤولين في الشَّركة.
ليست هي الحادثة الأولى التي تتسبب في وفاة الأرواح البريئة، فقد تكررت هذه الحوادث والإهمالات في رعاية شؤون الناس مرات ومرات، فحادثة البحر الميت، وحادثة مستشفى السلط، ليستا ببعيدتين، كأمثلة وليس للحصر، فتخرج علينا لجان التحقيق في تحميل المسئولية والتنسيب بعقوبة من هم في سلم الدونية من الرعاية الإدارية والمسئولية، وإن كانوا لا يخلون من المسئولية، وينجو من المساءلة والمحاسبة والعقاب من هم في أعلى مراتب الحكم والإدارة، أي نظام الحكم وأجهزته المباشرة عن رعاية شؤون الناس.
فالفساد الإداري العابر للحكومات استشرى وبلغ ذروته وذلك باعتراف النظام نفسه عند القول: "نريد إصلاحاً إدارياً يلمس المواطن أثره" وبتأكيد رئيس الوزراء "الحاجة إلى ثورة إدارية في الإصلاح الإداري"، ولكن لا يبحث عن جذور وأسباب هذا الفساد لأنه يطال مباشرة منظومة ونظام الحكم، حيث يطبق النظام الرأسمالي الفاسد في الحكم والإدارة في البلاد، سواء في التشريع الوضعي أو الديمقراطي المشوه فوق فساده بشمولية الحكم وصونه من كل تبعة ومسؤولية ومحاسبة، فرؤساء الحكومات ووزراؤهم ومدراء الإدارات والدوائر والمؤسسات الحكومية يدورون في فلك هذه المنظومة أولا وآخراً، وليس في أولوياتهم رعاية شؤون الناس وضمان حقوقهم الإنسانية المعيشية من مأكل وملبس ومسكن وصحة وتعليم وأمن وعلى رأسها حفظ النفس البشرية والسلامة والأمن. فكيف يمكن لأي تحقيق نزيه أن يطالهم بالمحاسبة والعقاب؟ وهو الواجب.
فالترهل الإداري المستشري هو سياسي بالدرجة الأولى، وهو بعيد كل البعد عن أدنى مفهوم لرعاية شؤون الناس في الإدارة، فقد جاء على لسان نائب رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة إن ميناء العقبة يحوي 2370 عاملا فيما لا يحتاج من الناحية التجارية لأكثر من 700-800 عامل، وينطبق ذلك على العديد من مؤسسات الدولة، وهذه التعيينات المبالغ فيها هي وسيلة تتخذها الحكومات المتعاقبة لإسكات الأصوات المعارضة، بدل ممارسة دورها المزعوم بالحد من البطالة في أعمال حقيقية، أو إعانة من لا يملك منهم وتمكينه من العيش، أما المراتب العليا في مواقع المسئولية وخاصة الدقيقة والخطرة منها فليست الكفاية هي المعيار الأول بل الموالاة، فيقع المحظور والمحذور، ولا بأس أن يكون هؤلاء أكباش فداء عند الكوارث.
إن سياسة إدارة المصالح في الدولة الإسلامية تقوم على البساطة في النظام، والإسراع في إنجاز الأعمال، والكفاية فيمن يتولون الإدارة. وهذا مأخوذ من واقع إنجاز المصلحة، فصاحب المصلحة إنما يبغي سرعة إنجازها، وإنجازها على الوجه الأكمل، والرسول ﷺ، يقول: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ…». فالإحسان في قضاء الأعمال مأمور به من الشرع، وللوصول إلى هذا الإحسان في قضاء المصالح لا بد من أن تتوفر في الإدارة ثلاث صفات: إحداها: البساطة في النظام؛ لأنها تؤدي إلى السهولة واليسر، والتعقيد يوجد الصعوبة. وثانيتها: الإسراع في إنجاز المعاملات؛ لأنه يؤدي إلى التسهيل على صاحب المصلحة. وثالثتها: القدرة والكفاية فيمن يُسنَد إليه العمل، وهذا يوجبه إحسان العمل، كما يقتضيه القيام بالعمل نفسه.
عندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، جاء في خطبته: "أيها الناس، قد وليت عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم. القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له". وجاء في الأثر أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة"، أما أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقد قال: "انثروا القمح على قمم الجبال حتى لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين"، وما هذه الصور إلا لإدراك معنى الرعاية والمسئولية الحقيقية التي تمثلت في الناحية العملية لقول الرسول ﷺ عند هؤلاء الخلفاء: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...»، لأنهم اعتبروا أنفسهم على رأس المسئولية عن رعيتهم وأنهم محاسبون عليها، وعلى أساس ذلك تكون محاسبة الحكام في الإسلام.
أيها المسلمون:
لقد بان وظهر لكل صاحب بصيرة وبصر فساد المبدأ الرأسمالي ونظرته في الإدارة والحكم، وإن قيام الدول القائمة في البلاد الإسلامية على الفكر الرأسمالي الفاسد وما نشاهده من فساد وترهل، سواء أكان ذلك في الإدارة أو الحكم، لهو نتيجة حتمية لفساد الأصل الذي قامت عليه هذه الأنظمة، وإن إصلاح بلاد المسلمين، بل والبشرية جمعاء لا يكون إلا بالإسلام في عقيدته وشريعته، بجعل الولاء خالصاً لله ولرسوله والمؤمنين، فالخليفة هو الحاكم الذي لا تغفو له عين، ولا يهدأ له بال، إلا ورعاياه آمنون من أي تهديد أو خطر، وهو الذي يحرص على رعيته، يذود دونهم، ويحقن دماءهم، يأمنون بظلّه، ويأتمنونه على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ويصدقهم ويصدقونه، وهو الذي يكون لهم جُنّة يتّقون به ويقاتلون من ورائه، ويدفع عنهم كل ظالم معتد. وإلى ذلك ندعوكم؛ خلافة على منهاج النبوة كما بشر بها سيد الخلق محمد ﷺ.
قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية الأردن
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية الأردن |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: http://www.hizb-jordan.org/ |
E-Mail: info@hizb-jordan.org |