المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان
التاريخ الهجري | 22 من محرم 1430هـ | رقم الإصدار: 35/ 30 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 18 كانون الثاني/يناير 2009 م |
أسابيع المجزرة: موسمٌ لتنافس الحكام على التخاذل
اجتمعت الحكومة اللبنانية الخميس الماضي مؤجِّلة الملفات الإدارية والمالية والقانونية، لتجعل جلستها سياسية بامتياز، ولا سيما الجانب المتعلق بأحداث غزة واجتماع الدوحة.
فكان أن صدر بيان تلاه وزير الإعلام نقل فيه توجه الحكومة تجاه ما يجري من مجازر في غزة الذبيحة، حيث بعد التعاطف الشكلي والكلامي كررت الحكومة موقفها الرافض لأي تلبّس للدولة وجيشها ومقاومتها وأهلها في النصرة الفعلية لأهل غزة المخذولين. وبالطبع لا يخرج موقف الحكومة هذا عن مواقف سائر الأنظمة في سائر العالم الإسلامي، بما فيها الأنظمة العربية، وبخاصة ما يسمى دول الطوق، والتي تفاوتت مواقفها ما بين التواطؤ والتآمر والتخاذل على أقل تقدير.
ثم جاء اجتماع فريق من الحكام العرب في الدوحة ليضيف حلقة من حلقات الخداع والتضليل، إذ أظهروا أنفسهم متعاطفين متفاعلين مع أهل غزة، وأظهروا الغائبين متواطئين ومتخاذلين. فكانوا مجتهدين في استثمار مجزرة غزة في سياق مزاحمتهم لأقرانهم من الحكام، آملين أن تنطلي الخدعة على شعوب المنطقة. ولكن هيهات، فوعي الأمة على خيانة هؤلاء الحكام أصبح أرقى من أن تخدعهم هكذا مسرحيات، فهم شاهدوا بأم العين أن مواقف المجتمعين في الدوحة كانت تتمحور حول النزاع الرخيص بين هذه الأنظمة والتسابق في خدمة أسيادهم في الغرب، وأن نصرة أهل غزة هي آخر ما يخطر في بالهم. وكان موقف الرئيس اللبناني من أبرز الأمثلة على ذلك، إذ بنى رفضه اقتراح "سحب" المبادرة العربية على أساس عجيب لا يمت بصلة إلى مأساة غزة، ألا وهو أن هذه المبادرة أطلقت من قمة بيروت، وكأن المبادرة هي امتياز للدولة التي أطلقت فيها!
وعليه يهمنا أن نؤكد النقاط التالية التي لطالما شدّدنا عليها:
- إن مبادرة القمة العربية للاعتراف بكيان يهود وإقامة علاقات طبيعية معه مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة سنة 67 لا تتصف بأية شرعية، ولا يجوز اعتمادها أساساً لأي موقف سياسي، إذ لا يحق لبشر أياً كان شأنه أن يعطي لليهود الغاصبين حق السيادة على شبر من أراضي فلسطين، فأرض فلسطين هي أرض إسلامية خراجية وكانت جزءاً من دار للإسلام منذ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب. ولقد قلنا مراراً ونكرر الآن: إن هذه المبادرة وما سبقها من اعتراف بعض الأنظمة بكيان يهود هي خيانة لله ولرسوله والمؤمنين. وإنه لعجيب أن تتحفظ الدولة اللبنانية على تجميد المبادرة العربية لمجرد أنها أُطلقت من بيروت! فهل على هذه الأساسات التافهة والواهية تبنى المواقف السياسية؟! إن الواجب ليس أن تجمد هذه المبادرة الخيانية بل أن تنسف كلياً وأن يتوقف مسلسل التفاوض الخياني بشكل نهائي. إنّ العاقل يدرك أنّ كيان يهود هو جسم سرطاني غريب لن يتعافى الجسد دون بتره واستئصاله من جذوره والقضاء عليه امتثالاً لأمر الله. (واقتُلوهم حيثُ ثَقفتمُوهم وأخرِجوهم مِن حَيثُ أَخرَجوكم)
- إن الخذلان المخزي الذي ترك كيان يهود يتفرد بأهلنا في غزة فيقتل ويصيب منهم الآلاف، هو وصمة عار على كل الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي، بما فيها السلطة اللبنانية بكل مكوناتها، إذ نظرت إلى ما يجري في غزة وكأنه يجري في عالم آخر وأمة أخرى، مع أن أهل غزة هم من صميم هذه الأمة، والله تعالى يقول: (إِنَّمَا الـمُؤْمِنُونَ إِخوَة)، فلا يجوز أن تكون النصرة على قياس الكيانات القطرية (الوطنية) التي أسسها المستعمر في بلادنا، فلا فرق بين قصف غزة الذي يجري اليوم وبين قصف لبنان سنة 2006، إذ الحدود التي تفصل بينهما هي حدود اصطنعها الاستعمار، ولا يجوز أن ينقسم الولاء على أساسها.
- إن تكرار الكلام حول ضعف لبنان وعجزه عن تحمل المواجهة العسكرية منفرداً مع كيان يهود لا يعفي أهل لبنان من مسؤوليتهم تجاه إخوانهم في فلسطين، ولا سيما أصحاب الرصيد المقاوم منهم، فهلاّ رفعوا الصوت واستنهضوا سائر أنظمة المنطقة دون استثناء لفتح الجبهة مع الكيان الغاصب، ليكون لبنان جزءاً من هذه المواجهة التاريخية المصيرية؟! ولقد أثبتت حرب تموز 2006 أن أضعف دولة من الدول المجاورة لفلسطين قادرة على زعزعة كيانهم إن توافرت الإرادة الكافية.
- إن نصرة أهل فلسطين بكل الوسائل المشروعة، بما في ذلك النصرة العسكرية، هي شرف وتاج يوضع على الرؤوس، وليست كما وصفتها بعض الأصوات الشاذة عمالة لكيان يهود، لأن الله تعالى يقول: (وَإِنِ اسـتَنْصَرُوكُم فِي الدِّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصْر)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن سلم الـمؤمِنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم..." ويقول عليه الصلاة والسلام: "الـمسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم..."
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +961 3 968 140 |
فاكس: +961 70 155148 E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com |