المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان
التاريخ الهجري | 3 من ربيع الثاني 1436هـ | رقم الإصدار: u062d.u062a.u0644 01/36 |
التاريخ الميلادي | الجمعة, 23 كانون الثاني/يناير 2015 م |
مضمون الكلمة التي ألقاها الأستاذ أحمد القصص رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية لبنان في مظاهرة النصرة والولاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في طرابلس عقب صلاة الجمعة 2015/1/23م ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَن
- لقد أرسل الله تعالى الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فاهتدى بهدايتهم من اهتدى، وأبى الذين استمرؤوا العيش في الظلمة والضلال إلا أن يحاربوا دعوة الله وأنبيائه. وكان من أبرز أساليب حربهم على الله تعالى الاستهزاء برسله الكرام، ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
- حين أعلن النبي رسالته إلى الناس أدرك المشركون أن دينه ليس مجرد طقوس وشعائر، وأن دعوته سوف تغير المجتمع وتقلب الموازين وتبدل أنظمة الحياة، فأعلنوا الحرب الشاملة عليه دونما هوادة، حرصًا على إبقاء الناس في الظلَم والتيه والضلال، وحفاظًا على مناصبهم وتسلطهم على رقاب الناس.
- وحين قامت دولة الإسلام على يد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وتوسّعت بقيادة خلفائه الراشدين ومَن بعدَهم، حشدت قوى الكفر كل طاقاتها وقواها لتقف في وجه حضارة الإسلام الناشئة وتمنع توسعها. ولكن هيهات هيهات، إنها الدعوة المنصورة من رب السماء والأرض، فمن حارب الإسلام فقد حارب الله ورسوله، ومن حارب الله ورسوله فقد كتب على نفسه الذِلّة والهزيمة. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
- واليوم يتكرر المشهد من جديد. فها هو الكفر العالمي والإقليمي والمحلي يتحالف ويتكاتف من أجل الصد عن دين الله ورسالته، وكانت وقفتهم الجامعة في باريس تحت شعار (أنا شارلي) أوضح تعبير عن مكنون أنفسهم وحقيقة موقفهم من الإسلام. قالوا بكل صراحة ووضوح: نحن جميعًا نجسّد الجريدة التي تشتم محمدًا وسائر أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، ونقف صفًّا واحدًا في مواجهة المدّ المتصاعد للإسلام الذي يريد أن يعود من جديد طريقةً للعيش ونظامًا للحياة والمجتمع والدولة.
- ويا ليت المشهد اقتصر على مظاهرة شارلي! بل حرص حكام بلادنا على أن ينعقوا بباطلهم داخل أرض الإسلام والمسلمين! فها هو فرعون مصر يدعو سحَرَتَه (الأزاهرة) إلى تبديل الإسلام، وها هم زبانيته يستهزئون علنًا - وبكل وقاحة عبر الفضائيات - بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وبأحكام الشرع التي لا تروق لهم. بل ها هو من يزعم تمثيل فريق من المسلمين في هذا البلد البائس لبنان يوعز إلى صحيفته لتنشر في صدر عناوينها (أنا شــارلي)! فما الذي أبقاه هذا الزعيم من زعمِ زعامته وهو يقول للناس أجمعين: "أنا الصحيفة التي تستهزئ بمحمّد"؟؟؟! صلى الله عليه وسلم.
- طلعت علينا مؤسسات (رجال الدين) التي تتحدث باسم طغاة المسلمين والتي ينكرها الإسلام ولا يعرفها، بقاعدة ساقطة حسبوها ذهبية، مفادها أن الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن تُقابل دومًا بالتجاهل والعفو والتسامح. وهم بهذا قد افتروا وتجرؤوا وزادوا على من أساء للإسلام ونبيّه وأمته. فالعفو هو شأن الأفراد المستضعفين الذين لا يملكون من الأمر شيئاً وليس لهم من السلطان المادي ما يدفعون به الاستهزاء بالإسلام ونبيه، أما حكام المسلمين أصحاب السلطان والقوة والشوكة فهؤلاء لا يجوز لهم أن يتغاضوا عمّا ترعاه دول العالم من سبٍّ لرسول الله وشتمٍ لقرآنه. بل يجب أن يتخذوا تجاه هذه الدول ما يستوجبه عدوانهم من إجراء.
- بالأمس، منذ قرن من الزمان، حين حاول أحد سفهاء الفن الفرنسيين عرض مسرحية تستخف بالنبي والإسلام داخل فرنسا، وكانت دولة الخلافة العثمانية في أضعف زمانها، اتخذ خليفة المسلمين عبد الحميد الثاني رحمه الله الإجراء الذي يستحقه الأمر، فاستدعى السفير الفرنسي وخاطبه بلهجة شديدة وهدد فرنسا بقطع العلاقات الدبلوماسية معها إن هي سمحت بعرض المسرحية، فمنعت فرنسا عرضها راغمة، ثم حين حاول مؤلف المسرحية عرضها في بريطانيا كرر الخليفة الأمر مع بريطانيا ومنع عرضها بتاتا.
- إن التعامل مع الإساءات على أنها صادرة عن أفراد أو جريدة نكرة هنا أو هناك هو عين التزوير والتضليل. فالمعتدي والمسؤول الأول هو تلك الدول التي تشرّع إهانة الدين والأنبياء والكتب السماوية، وتشجّع عليها، وتصنّفها حريةً للرأي وحقًّا بالتعبير عن الرأي! وعليه فإن خصومة الأمة الإسلامية في رسوم جريدة شارلي إيبدو هي مع الدولة الفرنسية، كما كان شأن الدولة الدنماركية والدولة الهولندية، وغيرها في المنشورات التي استهزأت من قبلُ بالإسلام والقرآن ونبيّه. فهذه الدول هي التي ترعى شتم الإسلام ونبيه وقرآنه، وهي التي يجب أن تُتخذ عدوًا وخصيمًا. ولكن ما فعله حكام المسلمين هو أنهم ظاهروا دول الغرب وحكامها على عداوة الإسلام ونبيّه وأمته، ووقفوا معهم صفّا واحدًا تحت شعار (أنا شارلي)!
- إن تكرار الاستهزاء بالإسلام ونبيّه وقرآنه ما هو إلا شكل من أشكال الهجوم الذي تشنه دول الغرب على الإسلام الذي أضحى ماثلا في الأفق، مشروعا حضاريًّا وسياسيًّا، يهدد حضارة الغرب المتعفنة بالأفول، ويهدد حيتان الرأسمالية بالبوار والإفلاس، ويهدد هيمنة المستعمر بالاندثار. ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾.
- أيها المسلمون: قد آن لكم أن توقنوا أن لا نصير لكم بعد الله في هذه الدنيا سوى أنفسكم، وأن نصرتكم لأنفسكم لن تكون إلا بنصرتكم لربكم، وأن نصرتكم لربكم لا تتأتى إلا بنصرة دينه، وأن لا نصر لدين الله إلا بأن تقيموا دولة الخلافة، الدولة التي ترتفع فيها سيادة الشرع ويسودها سلطان الأمة. فهي الدولة التي تجمع شمل المسلمين، وهي التي تلغي الحدود التي مزقتهم، وهي التي تعلي سيادة شريعة الله، وهي التي تحشد طاقات المسلمين، وهي التي ترهب أعداء الله والأمة وتمنعهم من الإساءة للإسلام ونبيه وقرآنه وتعاقب من تجرأ عليها من الدول. وهي التي تحمل الإسلام رسالة هداية ونور إلى العالم كله. وإن أي أمة لا قيمة لها ولا وزن دون دولتها التي تعبّر عنها وتجسد وجهة نظرها وطريقتها في العيش. وإلى العمل من أجلها لطالما دعوناكم ولا نزال.
- قال عليه الصلاة والسلام: «إنما الإمام جُنّة يقاتل من ورائه ويُتَّقى به»، والإمام هو الخليفة، والجُنَّة هي الوقاية والحماية والترس.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية لبنان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +961 3 968 140 |
فاكس: +961 70 155148 E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com |