المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان
التاريخ الهجري | 3 من رجب 1436هـ | رقم الإصدار: u062d.u062a.u0644 03/36 |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 22 نيسان/ابريل 2015 م |
بيان صحفي
قرار تعطيل المدارس يوم ٢٤ نيسان
سابقة خطيرة من الحكومة اللبنانية تدفع لبنان إلى مزيد من الاحتقان والانقسام
يوم الاثنين الماضي أصدر وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب قرارًا بإقفال المدارس الرسمية والخاصّة نهار الجمعة ٢٤ نيسان الجاري، بمناسبة الذكرى المئوية لما يسمّى بـ"الإبادة الأرمنية"! وفي اليوم التالي انحدر مجلس الوزراء برمّته وبكلّ وزرائه إلى مستوى المصادقة على قرار الوزير، الذي هو في حقيقته قرار فئوي صادر عن التيّار الوطني الحرّ!
وتعليقًا على هذا الحدث الذي هو سابقة خطيرة نعلّق بما يلي:
أولًا: كيف لوزير أن يبادر بمفرده وبصفته الرسمية إلى تقرير اعتراف الدولة بوقوع ما يسمّى بالإبادة الأرمنية؟! ثمّ كيف تقبل حكومة برمّتها وبكامل وزرائها النزول عند قرارٍ بهذا الحجم وبهذه الخطورة اتّخذه وزيرٌ بمفرده دون العودة إليها أصلًا؟! هل بلغ الصَّغار بهؤلاء الوزراء جميعًا إلى دَرَك أن يجرّهم وزيرٌ وتيّاره إلى اللحاق بقرارهم الفئوي والمصادقة عليه؟! وهم جميعًا يعرفون وجود إشكال كبير وجدل واسع حول مدى صحّة هذا الزعم! ثمّ كيف لهؤلاء الوزراء جميعًا أن يعمّموا رأيًا سياسيًّا خلافيًّا من هذا النوع على الناس كافّة ويجبروهم على تعطيل مدارسهم، بينما هذا الرأي هو مجرّد وجهة نظر؟! وكان واجبهم أن يُبطلوا قرار هذا الوزير بدل أن يصادقوا عليه!
ثانيًا: إنّ هذا القرار هو قرار نابع عن تفكير أقلّوي منغلق. فثمّة نسبة كبيرة من سكّان لبنان، كما في العالم أجمع، تنفي وقوع ما يسمّى بالإبادة الأرمنية. بل ثمّة من يرى الصورة معكوسة تمامًا، فيروي أنّ فريقًا واسعًا من الأرمن هم من ارتكبوا المجازر بداية بحقّ المسلمين، وأنّهم خانوا دولتهم الدولة العثمانية التي كانوا من رعاياها حين تحالفوا مع روسيا وهي في حالة حرب ضدّها خلال الحرب العالية الأولى. وثمّة من يرى أنّ مجازر وقعت في الفريقين وأنّ الأمر لم يصل البتّة إلى ما يصفونه بالإبادة. وفي كلّ الأحوال إنّ الترويج لهذا الزعم التاريخي يأتي في سياق تكريس الصورة النمطية المشوّهة والمصطنعة للدولة العثمانية بوصفها دولة عدوانية وإجرامية، علمًا بأنّ هذه الدولة - ومهما شَوَّهت صورتَها كتبُ التاريخ المعتمدة في لبنان - هي في نظر الفريق الأوسع من المسلمين كانت دولتهم من حيث هي دولة الخلافة الإسلامية لما يزيد على أربعة قرون من الزمان. ما يعني تعميق الشرخ بين المسلمين وغيرهم ممّن يناصرون هذا القرار المتهوّر. وبالطبع لسنا هنا بصدد نفي وقوع الدولة العثمانية في أخطاء كبيرة أو صغيرة. مع لفت النظر إلى أنّ السلطة في الدولة العثمانية في حقبة الحرب العالمية الأولى كانت قد خرجت من أيدي الخلفاء العثمانيين إلى أيدي حزب الاتّحاد والترقّي الذي استولى على السلطنة وبدأ يَحرِف الدولة عن هويّتها الإسلامية إلى الهويّة القومية التركية (الطورانية).
ثالثًا: إنّ الكتلة التي ينتمي لها الوزير اتّخذت هذا القرار على خلفية استمالة الأصوات الأرمنية في مناطقها الانتخابية، وبخاصّة قضاء المتن حيث يوجد للأرمن كتلة انتخابية ترجيحية. فالمسألة بالنسبة إليه مسألة أصوات انتخابية وتسجيل نقاط سياسية على خصومهم، وآخر ما يهمّهم في الأمر مسألة الإبادة المزعومة. ويبدو أنّ سائر الكتل تصرّفت على الخلفية نفسها وقرّرت أن لا تترك للعونيين الاستفراد بأصوات الأرمن الانتخابية فحذت حذوهم.
رابعًا: وطالما فُتح باب تعطيل المدارس بمناسبة ذكريات المجازر، فما رأيكم أن تعطّل أيضا في ذكريات المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين لا سيما في العصر الحاضر، كمجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة تل الزعتر ومجزرة قانا؟! أو في الجوار كذكرى نكبة اليهود لأهل فلسطين؟ أو كمجازر نظام البعث في سوريا التي أزهقت أرواح مئات الآلاف وشرّدت الملايين؟! أو المجازر بحق المسلمين في وسط أفريقيا وكشمير وبورما... أم أنّ ثمّة رسالة مفادُها أنّ لبنان يُكَرَّس بلدًا للأقليّات بالدرجة الأولى؟!
وختامًا نقول: إنّ لبنان هو جزء من العالم الإسلامي. هكذا كان، وهكذا سيبقى. وإنّ التفكير بالمنطق الأقلّوي المثير للنعرات إنّما يباعد ما بين الناس. وبدل أن يسارع الساسة إلى دغدغة المشاعر العصبية للأرمن لتحقيق مآربهم الفئوية عليهم أن يُشعِروهم وغيرَهم من الطوائف أنّهم جزء من المجتمع الواسع الذي عاشوا فيه مع المسلمين جنبًا إلى جنب، مئات السنين قبل نكبة الحرب العالمية الأولى، تلك الحرب التي أزهقت أرواح الملايين من شعوبٍ وأممٍ شتّى. أمّا استدعاء حوادث ملتبسة من التاريخ ووضعها محور نزاع بين الناس فلن يُنتج سوى المزيد من الفتن والأحقاد والكراهية.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية لبنان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +961 3 968 140 |
فاكس: +961 70 155148 E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com |