الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
ولاية تونس

التاريخ الهجري    11 من محرم 1445هـ رقم الإصدار: 1445 / 03
التاريخ الميلادي     السبت, 29 تموز/يوليو 2023 م

 

بيان صحفي

 

تفاصيل جريمة صندوق النقد الدولي في حق تونس وأهلها

 

أكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد خلال جلسة عامة بالبرلمان الجمعة 28 تموز/يوليو 2023 وجود خلل من الناحية الاقتصادية الكلّية لتونس وهو ما يستدعي الذهاب إلى "الإصلاحات" لأنها صارت ضرورية ويجب تعميقها، مضيفا أن الحكومة بدأت في تنفيذ هذه الإصلاحات والاشتغال عليها منذ مدة.

 

وقال سمير سعيّد إن صندوق النقد الدولي يبقى الخيار الأول والمقنع لتونس إلى حد هذه الساعة، ولا يوجد بديل عنه، داعيا من لديه خيار بديل إلى الكشف عنه والصدح به لمناقشته وإذا كان مقنعا فسيكون أول من يغير رأيه، وفق تعبيره. وأكد أن عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو البديل له سيؤدي إلى التخفيض في الترقيم السيادي لتونس ولا يمكنها اللجوء إلى السوق الدولية للاقتراض الذي يمثل عماد الاستثمار، قائلا: لا يوجد استثمار دون اقتراض.

 

يأتي هذا الكلام، بعد حديث مطول تحت قبة البرلمان عن نقلة نوعية في منوال التنمية، وتأكيد على ضرورة المحافظة على تنافسية الاقتصاد التونسي وعلى أهمية القطاع الخاص باعتباره قاطرة النمو في تونس، مطالبا بالكف عن شيطنة رجال الأعمال، لأنهم يعيشون "معاناة حقيقية".

 

وتعليقا على مداخلة الوزير سعيّد، يهمنا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية تونس أن نبين للرأي العام الأمور التالية حتى يكون أبناء هذا الشعب على بيّنة مما يحاك ضدّهم طوال هذه الفترة تحت عنوان الإصلاح:

 

أولا: إن الأجدر بمن يتحدث عن خلل من الناحية الاقتصادية الكلّية لتونس، أن يقر ابتداء بأنها أزمة نظام، وأن يبحث عن بديل اقتصادي وعن كيفيةٍ لتعبئة موارد الدولة وعن توزيع عادل للثروة خارج إطار النظام الرأسمالي القائم على الجباية والمتسبب الرئيسي في تراكم أزمات تونس. فعن أي تنافسية اقتصادية يتحدث أنصار التداين المشروط؟!

 

ثانيا: إن حديث الوزير عن نقلة نوعية في منوال التنمية وإقلاع اقتصادي داخل نظام رأسمالي وُضع على مقاس القوى الاستعمارية الكبرى، هو كمن يتحدث عن تغيير المقود في سيارة غير صالحة للاستعمال! فالأصل في هذه الحالة تغيير السيارة، لا تغيير المقود ولا حتى السائق. فهلا استوعب حكام تونس الدرس؟

 

ثالثا: إن من تربى على الفكر الرأسمالي وملأ رأسه بنظرياته الاقتصادية وخضع فكريا ونفسيا لهذا المبدأ الفاسد، لا يمكنه أن يجد بديلا عما تسوّقه المؤسسات الربوية من حلول وأفكار عقيمة لا تخدم إلا مصلحة المرابين، ولذلك من الطبيعي جدا ألا يجد وزراء وخبراء الاقتصاد حلا لتونس في غير ما يطلبه صندوق النقد الدولي من "إصلاحات" يرونها ضرورية من أجل تمكين حكوماتهم من الاقتراض (الذي يعتبرونه عماد الاستثمار).

 

ولكي تتضح الصورة نقول بشيء من التفصيل:

 

إن النظام ورموزه يتبادلون الأدوار منذ مدة ويربحون الوقت ريثما يتقدم مسار الإصلاحات المزعومة التي يطلبها أساسا صندوق النقد الدولي في شكل شروط مجحفة وإجراءات أليمة تلبس ثوب الإصلاح، وهو ما عبّر عنه الوزير في معرض كلامه بالتدرج في تنفيذ الإصلاحات حتى لا تكون أليمة! فبين "لاءات" الرئيس واستعدادات الوزير، يتهيأ النظام في تونس لدفع هذا الشعب إلى المذبحة الاقتصادية الجماعية، وإلى تقديمه قربانا لصندوق النقد الدولي، من خلال رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي وغيرها من الإجراءات التي ستصب الزيت على نار غلاء الأسعار دون أدنى اكتراث بمعاناة هذا الشعب المنشغل برحلات البحث عن المواد الأساسية.

 

بل إن كل ما يُسوّق اليوم تحت عنوان "إصلاحات"، ليس في الحقيقة سوى استكمال لما تبقى من برنامج "الإصلاح الهيكلي" الذي هندسه صندوق النقد الدولي وتعهدت حكومات ما بعد الثورة بتنفيذه من خلال رسالة النوايا الأولى والثانية سنتي 2013 و2016 وأدت إلى رسملة البنوك العمومية واستقلالية البنك المركزي وتجريد الدولة من ذراعها النقدي وانهيار سعر العملة وغلاء المعيشة وتفاقم المديونية والعجز في الميزان التجاري وانتشار البطالة وانعدام التنمية وضرب المؤسسات الصغرى والمتوسطة لصالح الشركات الكبرى التي يُراهن عليها الاستعمار لاقتحام أفريقيا، بالإضافة إلى السير نحو التفريط فيما تبقى من مقدرات الشعب التونسي تحت عنوان خصخصة القطاع العام. وهو عينه ما التزمت بالشروع في تنفيذه وبشكل مُعلن جميع حكومات الرئيس بلا استثناء: حكومة إلياس الفخفاخ، وحكومة هشام المشيشي التي طلبت قرضا بقيمة 4 مليارات دولار، ثم حكومة نجلاء بودن التي اضطرت إلى تقليص المبلغ إلى 1.9 مليار دولار بتاريخ 2022/10/15 ثم لم تتردد في المصادقة على تنقيح قانون المنشآت والمؤسسات العمومية المطلوب من صندوق النقد الدولي يوم 2023/02/09، وذلك تمهيدا للتفريط فيها بتواطؤ من اتحاد الشغل.

 

ثم بعد ذلك كلّه يتم إشغال أبناء هذا الشعب بخطابات جوفاء تتغنى بالسيادة وبرفض الإملاءات، مع أن الواقع ينطق بخضوع الجميع لهذا القاتل الاقتصادي الذي لم يقدر قادة الاتحاد الأوروبي نفسه أن يتجاوزوا دوره الخبيث، حيث اشترطوا تسوية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل حصول تونس على مساعدات مالية.

 

كل هذا المكر والخداع والظلم والتنكيل بأهل البلد، يتم تحت عنوان "الإصلاح" ومن خلال المتاجرة بمعاناتهم وآلامهم ووقوفهم لساعات في طوابير الخبز والبنزين. قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾. فهل لعاقل أن يقبل هذا الإجرام المنظم وهذا الإذلال الجماعي تحت غطاء الإصلاح وأن يغمض عينيه عن الثروة الفكرية والتشريعية التي نمتلكها ونتميّز بها فضلا عن الثروة الطبيعية والبشرية؟

 

ختاما، نذكر أهلنا في تونس بأن النظام الاقتصادي الإسلامي هو المنقذ الوحيد من أزمات الاقتصاد الرأسمالي ومن وصفات الاغتيال الاقتصادي، وأنه لا سبيل للنهضة الاقتصادية إلا بتطبيق الإسلام كاملا في جميع شؤون الحياة بوصفه كلاّ لا يتجزأ، في دولة تحقق الرعاية والكفاية والرفاه لكل رعاياها، هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فتكون دولة رعاية فعلا، لا دولة جباية كما هو الحال في ظل الرأسمالية، وتقوم هذه الدولة الموعودة بتعبئة الموارد وتوزيع الثروة بين الناس وفق أحكام ربّانية عادلة، تبنى منها حزب التحرير ما يلزمه للتطبيق بشكل فوري في مشروع دستور دولة الخلافة، كما جاءت مؤصلة ومفصلة في كتبه: النظام الاقتصادي في الإسلام، الأموال في دولة الخلافة، والسياسة الاقتصادية المثلى. فهلا كلّف دعاة الاقتراض والتسول على أعتاب البنوك الربوية العالمية أنفسهم عناء البحث والاطلاع على هذه البدائل الاقتصادية المستنبطة من الكتاب والسنّة، وعلى كيفية تطبيقها في واقعنا المعاصر؟

 

إننا نقولها بملء الفيه إنه لم يعد أمام السياسيين وأهل الفكر والرأي في تونس من خيار إلا أن يلتفتوا لهذا البديل الحضاري الأصيل ففيه خلاصهم وخلاص شعبهم وأمتهم، وليس دون ذلك سوى التيه والضياع في أحابيل الرأسمالية وسبلها الشيطانية، ولا يجرّب المجرَّب إلا من عقله مخرّب.

 

نعم، نقولها مرّة أخرى، لا حلّ لتونس إلا من صميم مبدأ الأمة ومشروعها الحضاري، ولا سبيل للخروج من جور الرأسمالية إلا بإقامة دولة تقوم على عدل الإسلام، وهذا ما يدعو إليه حزب التحرير منذ قيامه. فهل من مستجيب؟!

 

قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

في ولاية تونس

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية تونس
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 71345949
http://www.ht-tunisia.info/ar/
فاكس: 71345950

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع