المكتب الإعــلامي
ولاية اليمن
التاريخ الهجري | 6 من شـعبان 1443هـ | رقم الإصدار: ح.ت.ي 1443 / 10 |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 09 آذار/مارس 2022 م |
بيان صحفي
الملكية العامة كما بيّنها الإسلام يا مفتي سلطة صنعاء
شارك مفتي حكومة صنعاء شمس الدين شرف الدين في فعالية بصنعاء لمكافحة الفساد. وألقى فيها كلمة أكد فيها أن حماية المال العام مهمة عظيمة ومسؤولية كبيرة، وأنها مسألة ليست بالسهلة، كونها أمانة ينبغي أن نكون على قدر هذه المسؤولية.
هذا ما قاله المفتي، ونحن بدورنا نقول له: إن كلامك أيها المفتي عام ويدل بوضوح لا غموض فيه على عدم إدراكك لأنواع الملكية في الإسلام. فقد قسَّم الإسلام الملكية إلى ثلاثة أنواع: وهي الملكية الفردية، التي هي إذن الشارع بالانتفاع بالعين، فهي حكم شرعي مقدر بالعين أو المنفعة، يقتضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالشيء، وأخذ العوض عنه، وهي كل ما يحوزه الإنسان من ثروة كالمال والبيوت والعقارات والسيارات وغيرها، لإشباع حاجاته؛ لأن من فطرة الإنسان أن يسعى لهذه الحيازة، ولأن إشباع الإنسان لحاجاته أمر حتمي، لا يمكن أن يقعد عنه، ومنعه من الحيازة مخالف للفطرة، ولم يبق إلا تحديد كيفية الحيازة وذلك بأن تكون مما أذن الشارع للإنسان بتملكه، سواء أكان ذلك بالعمل، أو الميراث أو الهبة أو الهدية أو غيرها، ولا يجوز له تملك ما حرم الله ولو حازه كالخمر والخنزير ومال القمار والربا. والنوع الثاني ملكية الدولة، وهي ما تعلق فيها حق لعامة المسلمين كالفيء والخراج، والجزية وما شابهها، والأمر فيها للخليفة يخص بعض المسلمين بشيء من ذلك، حسب ما يراه. أما الملكية العامة، فهي إذن الشارع للجماعة بالاشتراك في الانتفاع بالعين. والأعيان التي تتحقق فيها الملكية العامة هي الأعيان التي نص الشارع على أنها مشتركة بينهم، ومنع من أن يحوزها الفرد وحده، وتتحقق الملكية العامة في كونها من مرافق الجماعة، ومن المعادن التي لا تنقطع، ومن طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها. ولعدم معرفة المسلمين بواقع الملكية العامة ودور الدولة في تحصيلها وإنفاقها، لا بد من إيضاح ذلك بشيء من التفصيل:
تُعَدّ الملكية العامة من مرافق الجماعة التي يحتاج إليها جميع الناس، وإذا انعدمت أو شحَّت تفرَّق الناس في البلاد بحثاً عنها من أجل الحصول عليها، قال رسول الله ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ». وذكر هذه الأشياء الثلاثة في الحديث ليس على سبيل الحصر، فالعديد من الموجودات تأخذ حكم الماء، والكلأ، والنار، مثل: النفط، والغاز، والمعادن، والملح، والكبريت، والقار، والأنهار، والبحار، والبحيرات، والحجارة، والأشجار في الغابات، والحطب، والفحم الحجري، والأسماك في البحار، والطيور البرية، والمراعي، والطاقة الشمسية... ومع أن بعض الملكية العامة من إيجاد الله تعالى، فهناك بعضها من ترتيب البشر وإنجازهم، والتي تعتبر من المعالجات للاستفادة من الملكية التي أوجدها الله تعالى، مثل: الآلات التي يتم بواسطتها ضخُّ الماء، وآلات التحلية، وأنابيب الجر، وآلات توليد الكهرباء، وأعمدتها، وكابلاتها، وآلات استخراج النفط، وأنابيب جرِّه، وموانئ تعبئته، وتفريغه، ومصافي تكريره، ومناجم الفحم، وآلات استخراجه، والمحاجر أو المقالع، والطاقة النووية، والأفران الذرية، ومنشآت استغلال الطاقة الشمسية، والسدود، والجسور، والأنفاق، والقنوات الاصطناعية، والبحيرات الاصطناعية، والشوارع، والطرق الدولية، والساحات العامة، والحدائق، والملاعب، والمدارس، والمساجد، والمستشفيات، وسكك الحديد، والموانئ البحرية، والمطارات، والملاجئ... فهذه من ترتيبات البشر. كما يجب تميُّز الملكية العامة بالوفر، فيعدُّ الماء، والكلأ، والنار، من الأشياء غير النادرة، وتتميَّز بالوفر، وتصلح لأن ينتفع بها كل الناس، كما أنها من ضروريات الحياة؛ ولهذا ينبغي تولِّي الدولة تنظيم انتفاع الأفراد بها؛ حتى لا يظلم أحد خلال ممارسة هذا الانتفاع، ولكي لا يهيمن الأقوياء على الضعفاء في الاستحواذ عليها.
كما لا يجوز تملك الأفراد لأعيان الملكية العامة غير محدودة المقدار كمرافق الجماعة الواردة في الحديث الشريف السابق ذكره. فلا يجوز أن تملَّك للأفراد، ودليل ذلك ما رواه الترمذي: عن أبيض بن حمال المأربي، أنه وفد إلى رسول الله ﷺ، فاستقطعه الملح، فقطعه له، فلما أن ولَّى، قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العِدَّ، أي: جبل ملح، أي الثروة الكبيرة التي لا تنقطع. قال: فانتزعَه منه. وقد شبَّه الملح بالماء العِدّ لعدم انقطاعه، ولما علم رسول الله ﷺ بأن جبل الملح لا ينقطع، أرجعه، ومنع ملكية الفرد له؛ لأنه ملكية عامة، وهذا ينطبق على المعادن كلها التي تحمل صفة العد، ولا يقتصر على الملح فقط. لذا أحاط الإسلام هذه الموارد بتشريعات تحدد الجهة الصالحة لاستثمارها، وتمكين جميع أفراد الرعية من الاستفادة منها بالانتفاع بكافة صوره التي تحددها الدولة للجماعة.
هذا ما كانت عليه الملكية العامة، وما كان عليه المسلمون منذ قيام دولتهم في المدينة المنورة وحتى هدمها في إسطنبول عام 1924م، وما يجب أن يكونوا عليه اليوم في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة عجل الله بقيامها.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية اليمن
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية اليمن |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 735417068 http://www.hizb-ut-tahrir.info |
E-Mail: yetahrir@gmail.com |