المكتب الإعــلامي
ولاية اليمن
التاريخ الهجري | 13 من رمــضان المبارك 1444هـ | رقم الإصدار: ح.ت.ي 1444 / 19 |
التاريخ الميلادي | الثلاثاء, 04 نيسان/ابريل 2023 م |
بيان صحفي
الزكاة ما بين نظام الإسلام ونظام الحوثيين العَلماني
الزكاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي واجبة شرعاً بالكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة. ففي الكتاب، قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ﴾. أما في السنة فإن رسول الله ﷺ بعث معاذاً إلى اليمن وقال له: «...فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ». واتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعيها، وإذا كان مانع الزكاة خارجاً عن قبضة الإمام قاتله؛ لأن خليفة رسول الله ﷺ أبا بكر رضي الله عنه قاتل مانعيها. ولعظمة هذا الفرض فقد جعلها الإسلام ركناً أساسياً من أركان الإسلام وجعلها فرضاً توعد تاركه أشد العذاب ووعد المؤدي لها جزيل العطاء في الدنيا والآخرة.
وبالرغم من غياب الحكم بأنظمة الإسلام في حياة المسلمين إلا أننا نجد المجتمعات في بلاد المسلمين أحسن حالاً من المجتمعات الغربية وذلك بفعل إبقاء الكثيرين من أبناء المسلمين على بعض الأحكام الشرعية وإن كان بشكل فردي، إلا أن وجود هذه الأحكام ساهم في إيجاد البون الشاسع بين معدلات الجريمة المرتفعة في المجتمعات الغربية وبين معدلات الجريمة في بلاد المسلمين، ولعل من أبرز أحكام الإسلام التي تظهر فيها معاني الرحمة بين المسلمين هي الزكاة، التي ورد لفظها في القرآن الكريم مع الصلاة في أكثر من 80 آية.
إن الإسلام يجب أن يطبق كاملا كما أمر الله سبحانه، أما ما يحصل اليوم من تطبيق ركن الزكاة من الحكام في بلاد المسلمين ومنها اليمن وبالذات في المحافظات التي تخضع لسلطة المجلس السياسي الأعلى الخاص بالحوثيين فنجد أن ركن الزكاة لا يطبق على الوجه الشرعي الصحيح من حيث جبايتها وتوزيعها وأصنافها، مثلها مثل بقية أحكام الإسلام الغائبة عن واقع الحياة، وإنما يطبقون الأنظمة الرأسمالية العلمانية كما كان الدستور السابق فلا تهمهم أحكام الرعاية بل ما يهمهم فقط وفقط الجباية.
فمن جانب خطئهم في جبايتها أنهم يأخذونها فرضاً على المكلفين بالتخمين والمزاجية، لا على النصاب الذي هو في عروض التجارة ما بلغت قيمته ما يعادل 85 غراما من الذهب فما فوق، والحول وهو مرور سنة كاملة على المال الذي بلغ النصاب، ثم يحدث الأخذ والرد ما بين الجابي والمزكي إلى أن يستقر الحال على مبلغ متفق عليه، وهذا يوقعهم في أخذها من أناس لم تبلغ قيمة ما لديهم النصاب أو لم يحل عليها الحول، والأصل أن يعطيها المزكي طيبةً بها نفسُه طواعيةً لثقته بجهات التحصيل أنها ستصرفها في مصارفها التي حددها الله عز وجل في كتابه الكريم.
أما خطؤهم في توزيعها فيتم عن طريق الوساطات والمحسوبيات للجماعة. كما يتم توزيعها لمن ليس لهم حق فيها ولكن يؤخذ في الاعتبار الولاء للجماعة أيضاً، ومن الأمثلة على ذلك الإنفاق من أموال الزكاة على الأعراس الجماعية بينما الأصل أن يتم تزويجهم من ملكية الدولة من باب رعاية الشؤون، والأصل في الإسلام أن توزع الزكاة على الأصناف الثمانية حصراً.
أما عن خطئهم في تحديد الأصناف الزكوية فقد حددها قانون الزكاة الذي صدر إبان حكم الهالك علي صالح سنة 1999م، وعدله الحوثيون سنة 2019م فقد حدد قانون الزكاة - بالإضافة لما هو محدد شرعاً في النقدين والأنعام - وجوب الزكاة في العروض التجارية بما في ذلك الأراضي والعقارات ومنافعها والزروع والثمار والدواجن المعدة للبيع بقصد التجارة، فيأخذون الزكاة على أعيانها وليس على ما كسب الإنسان منها من مال وهذا لا يجوز، كما خالفوا النصوص الشرعية في عدم وجوب الزكاة إلا في ما حدده الشرع من الزروع والثمار، لما روى موسى بن طلحة عن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ»، وذلك إذا بلغت خمسة أوسق فما فوق، فكما حدد الشرع الأصناف الربوية فكذلك حدد الأصناف الزكوية، وعلى المسلمين أن يتقيدوا بأحكام ربهم كما شرع، عملاً بقاعدة، الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي.
كما أن قانون الزكاة المعدل من الحوثيين أخطأ في تشخيص واقع الغنائم؛ لذا وجب توضيح ذلك. فالغنيمة هي ما أُخذ من الكفار في ميادين القتال ويلحق بها الفيء الذي يؤخذ منهم دون قتال، بدليل الآية ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، وليست الغنيمة كل ما دخل على الإنسان من مال!
ثم جاء في القانون المعدل الخلط في الملكيات، بين الملكية العامة والملكية الخاصة؛ فالملكية العامة هي تلك التي تتفرق الجماعة في طلبها كجبل الملح الذي جعله رسول الله ملكاً عاماً ونزعه من الملكية الخاصة لأبيض بن حمال، ويدخل معه في الملكية العامة المعدن العِد أي الكثير كالذهب والفضة وغيرهما من المعادن التي لا تنقطع كالنفط والغاز، أما قليله فللناس استخراجه ودفع خمسه لبيت مال المسلمين وليس لبنك مركزي يتعامل بالربا مع البنك وصندوق النقد الدوليين. أما الماء والأحجار والكري والنيس والرخام والعقيق والزمرد والفيروز، وكل ما كان له قيمة من المعادن الأخرى فليس فيها خمس مهما كثرت، ولا تدخل عليها الزكاة بحال من الأحوال. كما لا يوجد نص شرعي من كتاب الله ولا من سنة رسول الله ﷺ يجيز أخذ الخمس مما استخرج من البحر أو البَر من غير أصناف الزكاة التي جاء بها الوحي، إنما يؤخذ على من وجد الكنوز القديمة "الركاز" لبيت مال المسلمين وتبقى الأربعة الأخماس المتبقية لواجده. فعجباً للحوثيين ومسيرتهم القرآنية وادعائهم تطبيق الإسلام، فها هم يأخذون أموال الجمارك والضرائب ويمارسون بيع أذون الخزانة وراضين عن شركات التأمين والمساهمة التي حرمها الإسلام. أم أن الإسلام عندهم هو مجرد جمع للمال كيفما كان ومن أين ما كان؟! لقد ظهر ما أخفاه الحوثيون من نكرانهم لأخذ الخمس من الناس، فها هم اليوم مصممون على أخذه حسب هواهم وبقوانين ملزمة من مجلس الطاغوت، ما يعكس جشعهم وحبهم للمال، كأن لم يعتبروا من الأمم السابقة! كما أن من عجب العجاب أن الحكام في بلاد المسلمين ومنها اليمن لا يطبقون من الإسلام إلا ما كان من أحكام الجباية وبشكل خاطئ؛ أما ما كان من أحكام رعاية الشئون فليس داخلاً في حساباتهم ولا يعنيهم، حتى انطبق عليهم قوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾!
يا أهلنا في اليمن وخصوصا أصحاب رؤوس الأموال: في ظل الدولة الإسلامية يطبق فرض الزكاة كجزء من منظومة متكاملة في ظل دولة رعاية لا دولة جباية، تأمنون فيها على أموالكم وتحميكم من الخوض في الحرام. إن تطبيق الإسلام تطبيقاً انقلابياً شاملاً في جميع شؤون الحياة لن يكون إلا في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل حزب التحرير لإقامتها ويدعو أهل اليمن أهل الإيمان والحكمة أن يعملوا معه لإقامتها، وقد أعد أحكاما تفصيلية في "كتاب الأموال في دولة الخلافة" وهو جوهرة نفيسة، ولمن أراد أن يستزيد فهذا رابط الكتاب: https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/resources/hizb-resources/64.html
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية اليمن |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 735417068 http://www.hizb-ut-tahrir.info |
E-Mail: yetahrir@gmail.com |