- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
فِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى النسائي في السنن الكبرى فقال
أنبأ قتيبة بن سعيد قال ثنى أبو عوانة عن عبيد الله بن الْأَخْنَسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "مَا كَانَ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ أَوْ فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَلَكَ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ"
حاشية السندي شرح سنن النسائي قوله: في طريق مأتي: كمرمي أي مسلوك
فعرِّفها، أمر من التعريف
فإن جاء صاحبها: أي فهو الطلوب
وإلا: أي وإن لم يجد فلك، أي فهي لك
قال السيوطي نقلا عن ابن مالك: في هذا الكلام حذف جواب الشرط الأول، وحذف فعل الشرط بعد إلا، وحذف المبتدأ من جملة الجواب للشرط الثاني، والتقدير: فإن جاء صاحبها أخذَها وإن لم يجئ فهي لك.
وظاهر الحديث أنه يملكها الواجد مطلقا، وقد يقال: لعل السائل كان فقيرا؟ فأجابه: على حسب حاله فلا يدل على أن الغني يملك، وفيه أنه كم من فقير يصير غنيا، فالإطلاق في الجواب لا يحسن إلا عند إطلاق الحكم فليتأمل.
وإن لم يكن في طريق مأتي إلى آخره، قال الخطابي: يريد العادي الذي لا يُعرف مالكه.
وفي الركاز "بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي المعجمة" من ركزه: إذا دفنه، والمراد الكنز الجاهلي المدفون في الأرض وإنما وجد فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه.
أحبتنا الكرام:
هذا نوع آخر من الأعمال التي جعلها الشرع سببا للتملك، إنه استخراج ما في باطن الأرض والذي نص عليه الحديث بقوله: "وفي الركاز الخمس" والركاز: هو الذهب المدفون في الأرض من قديم الزمن وما نسميه اليوم الكنوز، فإن من يجدها يملك أربعة أخماسها حلالا زلالا بحكم الشرع، أما الخمس الباقي فهو للدولة تضعها في بيت المال وتنفقها في مصالح المسلمين حسب رأي الخليفة واجتهاده، ويلحق بالركاز استخراج ما في باطن الأرض من معادن بشرطين:
أولا: أن تكون كميتها محدودة، أي لا تعتبر كمية كبيرة بالنسبة للفرد أي ليس من العِد الذي لا ينفد.
ثانيا: أن تكون الأرض التي استخرج منها الركاز أو المعدن هي ملك له أ, ليست ملكا لأحد كالطرق الخارجية والقفار وما أشبه، فإن كان معدنا محدود الكمية واستخرجه من أرضه هو أو من أرض لا مالك لها فإنه يكون ملكا له.
أما إن كان المعدن المستخرج غير محدود الكمية فإنه لا يملك ملكا فرديا بل يكون ملكية عامة، لما روى الترمذي عن أبيض بن حمال أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح فقطع له، فلما أن ولى قال رجل من المجلس أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد فقال: فانتزعه منه، ويلحق بأنواع استخراج ما في باطن الأرض استخراج ما في الهواء كأن يستخرج الأكسجين والأوزون وغيرها من الغازات الضرورية للطب أو الزراعة أو الصناعة أو استخراج أي شيء أباحه الشرع مما خلقه الله وأباح الانتفاع به مطلقا.
أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.