- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 176) الحكم الشرعي في الصرف وسعر الصرف
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السادسة والسبعين بعد المائة, وعنوانها: "الحكم الشرعي في الصرف وسعر الصرف". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الرابعة والتسعين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: "أما الحكم الشرعي بالنسبة للصرف، وسعر الصرف، فإن الدولة الإسلامية تسير على نظام الذهب، سواء أجعلته نظاما معدنيا، أم جعلته نقودا ورقية نائبة، لها مقابل من الذهب والفضة مساو لقيمتها الاسمية تماما، وسواء جعلت للنقد المعدني صفة معينة لا تختلف أم لم تجعل، فإنها ملزمة بالسير عليه؛ لأنه حكم شرعي، وتترتب عليه عدة أحكام شرعية. والصرف في داخلها بين الجنس الواحد يجب فيه التماثل، ولا يجوز فيه التفاضل. وكذلك الصرف في خارجها بين الجنس الواحد لا يختلف مطلقا. فالحكم الشرعي واحد لا يتغير. وأما الصرف بين جنسين مختلفين، فإنه يجوز فيه التفاضل والتماثل، كالصرف بين الذهب والفضة، على شرط التقابض يدا بيد بالذهب والفضة. ولا فرق في ذلك بين الصرف في الداخل وفي الخارج؛ لأن الحكم الشرعي واحد لا يتغير. فكما جاز التفاضل في الصرف بين الذهب والفضة في الداخل يدا بيد، فكذلك يجوز التفاضل بينهما في الخارج يدا بيد. وكذلك الحال في الصرف بين عملة الدولة الإسلامية، وعملات الدول الأخرى، من النقود المعدنية، والنقود الورقية النائبة، أي التي لها مقابل من الذهب والفضة مساو تماما لقيمتها الاسمية، فإنه يجوز فيها التفاضل عند اختلاف الجنس. ولكن على شرط أن يكون يدا بيد في الذهب والفضة، ولكن لا يجوز فيه التفاضل عند اتحاد الجنس، بل يجب التماثل؛ لأن التفاضل ربا وهو حرام شرعا. أما النقود الورقية الوثيقة، وهي التي يغطى قسم من قيمتها، أي التي يكون لها احتياطي أقل من قيمتها الاسمية، فإنها تعتبر قيمتها النقدية بمقدار ما لها من احتياطي، وتصرف بعملتنا الإسلامية على هذا الاعتبار، وتأخذ حينئذ بهذا الاعتبار، وبهذا المقدار، حكم الصرف بين الذهب والفضة في النقد المعدني، مع اعتبار قيمة الاحتياطي فقط عند حساب الصرف.
أما النقود الورقية الإلزامية، وهي نقود ليست نائبة عن ذهب أو فضة، ولا مستندة إلى ذهب أو فضة، فإنها تأخذ حكم النقدين المختلفين، فيجوز فيها التفاضل والتماثل، لكن لا بد من أن يكون ذلك يدا بيد. وعلى هذا فالصرف بين عملة الدولة الإسلامية وبين عملات الدول الأخرى جائز، كالصرف بين عملتها سواء بسواء. وجائز أن يتفاضل الصرف بينهما؛ لأنهما من جنسين مختلفين، على شرط أن يكون يدا بيد بالنسبة للذهب والفضة. ونسبة الاستبدال بين الذهب والفضة، أو سعر الصرف بينهما ليس ثابتا تماما، وإنما يتغير بحسب سعر السوق للذهب والفضة. ولا فرق في ذلك بين الصرف في الداخل، وبينه في الخارج. وكذلك الحال بين عملة الدولة الإسلامية وعملات الدول الأخرى، فإنه جائز أن يتغير سعر الصرف بينهما. إلا أن سعر الصرف، بين عملة الدولة الإسلامية وعملات الدول الأخرى، لا يؤثر في الدولة الإسلامية لسببين اثنين: أحدهما: أن البلاد الإسلامية متوفرة لديها جميع المواد الخام التي تلزم للأمة وللدولة. فلا تحتاج إلى سلع غيرها احتياجا أساسيا، أو احتياج ضرورة. ولهذا تستطيع أن تستغني بسلعتها المحلية فلا يؤثر فيها التغير. ثانيهما: أن البلاد الإسلامية تملك سلعا، كالبترول مثلا، تحتاجها جميع الدول في العالم، وتستطيع أن تمنع بيعها للناس إلا إذا دفعوا لها ثمنها ذهبا. والدولة التي تستغني عن غيرها بسلعها المحلية، والتي تملك سلعا يحتاجها جميع الناس، لا يمكن أن يؤثر فيها تغيير سعر الصرف مطلقا، فهي التي تستطيع أن تتحكم في الأسواق العالمية النقدية، ولا يستطيع أحد أن يتحكم بعملتها".
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
الدولة الإسلامية تسير على نظام الذهب:
تسير الدولة الإسلامية على نظام الذهب, وهي ملزمة بالسير عليه في الحالات الثلاث الآتية؛ لأنه حكم شرعي، وتترتب عليه عدة أحكام شرعية سواء أجعلته:
1. نظاما معدنيا.
2. أم جعلته نقودا ورقية نائبة، لها مقابل من الذهب والفضة مساو لقيمتها الاسمية تماما.
3. أم جعلت للنقد المعدني صفة معينة لا تختلف أم لم تجعل.
الحكم الشرعي للصرف داخل الدولة وخارجها:
1. الصرف في داخل الدولة الإسلامية بين الجنس الواحد يجب فيه التماثل، ولا يجوز فيه التفاضل.
2. الصرف في خارجها بين الجنس الواحد لا يختلف مطلقا. فالحكم الشرعي واحد لا يتغير.
3. الصرف بين جنسين مختلفين يجوز فيه التفاضل والتماثل، كالصرف بين الذهب والفضة، على شرط التقابض يدا بيد بالذهب والفضة.
4. لا فرق بين الصرف في الداخل وفي الخارج فكما جاز التفاضل في الصرف بين الذهب والفضة في الداخل يدا بيد، فكذلك يجوز التفاضل بينهما في الخارج يدا بيد.
الحكم الشرعي للصرف بين عملة الدولة وعملات الدول الأخرى:
الصرف بين عملة الدولة الإسلامية، وعملات الدول الأخرى، من النقود المعدنية، والنقود الورقية النائبة، أي التي لها مقابل من الذهب والفضة مساو تماما لقيمتها الاسمية له حالتان:
1. الحالة الأولى: يجوز فيها التفاضل عند اختلاف الجنس, ولكن على شرط أن يكون يدا بيد في الذهب والفضة.
2. الحالة الثانية: لا يجوز فيها التفاضل عند اتحاد الجنس، بل يجب التماثل؛ لأن التفاضل ربا وهو حرام شرعا.
الحكم الشرعي لصرف النقود الورقية:
أولا: النقود الورقية الوثيقة: وهي التي يغطى قسم من قيمتها، أي التي يكون لها احتياطي أقل من قيمتها الاسمية. وحكمها الشرعي كالآتي:
1. تعتبر قيمتها النقدية بمقدار ما لها من احتياطي.
2. تصرف بعملتنا الإسلامية على هذا الاعتبار.
3. تأخذ حكم الصرف بين الذهب والفضة في النقد المعدني، مع اعتبار قيمة الاحتياطي فقط عند حساب الصرف.
ثانيا: النقود الورقية الإلزامية: وهي نقود ليست نائبة عن ذهب أو فضة، ولا مستندة إلى ذهب أو فضة. وحكمها الشرعي كالآتي:
1. تأخذ حكم النقدين المختلفين.
2. يجوز فيها التفاضل والتماثل، لكن لا بد من أن يكون ذلك يدا بيد.
خلاصة الحكم الشرعي للصرف:
1. الصرف بين عملة الدولة الإسلامية وبين عملات الدول الأخرى جائز، كالصرف بين عملتها.
2. يجوز أن يتفاضل الصرف بينهما؛ لأنهما من جنسين مختلفين، على شرط أن يكون يدا بيد بالنسبة للذهب والفضة.
3. نسبة الاستبدال بين الذهب والفضة، أو سعر الصرف بينهما ليس ثابتا تماما، وإنما يتغير بحسب سعر السوق للذهب والفضة.
4. لا فرق بين الصرف في الداخل وبينه في الخارج.
5. يجوز أن يتغير سعر الصرف بين عملة الدولة الإسلامية وعملات الدول الأخرى.
تأثير سعر الصرف في الدولة الإسلامية:
سعر الصرف بين عملة الدولة الإسلامية وعملات الدول الأخرى لا يؤثر في الدولة الإسلامية لسببين اثنين:
1. لأن البلاد الإسلامية متوفرة لديها جميع المواد الخام التي تلزم للأمة وللدولة. فلا تحتاج إلى سلع غيرها, ولهذا تستطيع أن تستغني بسلعتها المحلية فلا يؤثر فيها التغير.
2. لأن البلاد الإسلامية تملك سلعا كالبترول مثلا، تحتاجها جميع الدول في العالم، وتستطيع أن تمنع بيعها للناس إلا إذا دفعوا لها ثمنها ذهبا.
الدولة الإسلامية تتحكم في الأسواق العالمية ولا يتحكم بعملتها أحد:
1. الدولة الإسلامية تستغني عن غيرها بسلعها المحلية.
2. الدولة الإسلامية تملك سلعا يحتاجها جميع الناس، لا يمكن أن يؤثر فيها تغيير سعر الصرف مطلقا، فهي التي تستطيع أن تتحكم في الأسواق العالمية النقدية، ولا يستطيع أحد أن يتحكم بعملتها.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.