الثلاثاء، 17 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 83) السبب الخامس من أسباب التملك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

(ح 83)

 

السبب الخامس من أسباب التملك

 

الأموال التي يأخذها الأفراد دون مقابل مال أو جهد (ج3) استحقاق المال عوضا عن الجراح

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد. 

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثالثة والثمانين, وعنوانها تتمة لما سبق: "الأموال التي يأخذها الأفراد دون مقابل مال أو جهد: استحقاق المال عوضا عن ضرر من الأضرارالتي أصابته". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الحادية والعشرين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

 

يقول رحمه الله: وأما ديات الجراح فقد روى النسائي عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له في كتاب: "وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل". ويقول رحمه الله: "وأما ديات الجراح، وهي الشجاج في رأس، أو وجه، أو قطع عضو، أو قطع لحم، أو تفويت منفعة، كتفويت السمع والبصر، والعقل. فإذا حصل لإنسان جرح من هذه الجراح، استحق الدية على هذا الجرح، بحسب الأحكام المفصلة لكل عضو من الأعضاء، ولكل حالة من الحالات. ويملك الفرد بسبب الدية المال الذي يخصه من دية المقتول، أو دية العضو الذي تلف، أو المنفعة التي فوتت".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: قال تعالى في حق بني إسرائيل: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجر‌وح قصاص فمن تصدق به فهو كفار‌ة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون). هذه الآية الكريمة هي من شرع من قبلنا. أما نحن المسلمون فلنا شرعنا الخاص الذي أكرمنا الله به على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: "وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل". قلت في نفسي وأنا أقرأ الآيات والأحاديث التي لم تترك شاردة ولا واردة من أمر الإنسان إلا بينت حكم الله فيها على أكمل وأتم وجه, قلت وما زلت أقول: ألا ما أعظم هذا الدين الذي ننتمي إليه!!

 

ولكي نفهم ما جاء في الحديث من الهدي النبوي تعالوا بنا إلى شرح ألفاظ الحديث: "وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية". قوله: "أوعب جدعا", ويروى: "أوعي جدعا" أي: استؤصل جدعا. معنى وعب في تاج العروس: وعبه كوعده يعب وعبا: أخذه أجمع كأوعبه. والوعب: إيعابك الشيء في الشيء كأنه يأتي عليه كله. كذلك إذا استأصل الشيء فقد استوعبه. والإيعاب والاستيعاب: الاستئصال والاستقصاء في كل شيء. ومعنى وعب في لسان العرب: الوعب إيعابك الشيء في الشيء كأنه يأتي عليه كله وكذلك إذا استؤصل الشيء فقد استوعب, وعب الشيء وعبا وأوعبه واستوعبه أخذه أجمع. وعليه تجب الدية في حالة استئصال الأنف كله. وكذلك تجب الدية في الأضرار التي تلحق بالأعضاء الآتية التي ورد ذكرها في الحديث وهي: اللسان, والشفتان, والبيضتان, والذكر (أجلكم الله) والصلب "أي الظهر" والعينان. وفي الرجل الواحدة نصف الدية.

 

ولفهم باقي الحديث تعالوا بنا نؤصل التأصيل الآتي: ما دون النفس ثلاثة أقسام من الدية: دية جرح، ودية إبانة عضو، ودية إزالة منفعة.

 

القسم الأول: دية الجرح، والجراح عشرة أنواع: موضحة، وهاشمة، ومنقلة، ومأمومة، ودامغة، وخارصة، ودامية، وباضعة ومتلاحمة وسمحاق. ففي الموضحة: وهي التي توضح العظم وتكشفه القصاص لتيسر ضبطها إلا إن رضي المجني عليه، ففيها خمسة أبعرة. وفي الهاشمة: وهي التي تهشم العظم إن كان معها إيضاح فعشرة أبعرة، وإن لم يكن معها إيضاح فخمسة أبعرة، وقيل: يجب حكومة. والحكومة: جزء من الدية نسبته إلى دية النفس نسبة نقص الجناية من قيمة المجني عليه لو كان رقيقا بصفاته التي هو عليها، فلو كانت قيمة المجني عليه بلا جناية عليه مثلا عشرة وبدونها تسعة، فالنقص عشر، فيجب عشر دية النفس. وفي المنقلة: وهي التي تنقل العظم من مكانه خمسة عشر بعيرا. وفي المأمومة: وهي التي تبلغ خريطة الدماغ ثلث الدية. وفي الدامغة: وهي التي تخرق خريطة الدماغ ثلث الدية أيضا. وفي غير هذه الجراح الخمسة خمسة أخرى إن عرفت نسبتها من الموضحة وجب قسط من أرشها، وإن لم يعرف ذلك وجب فيها حكومة، الأولى وهي: الخارصة: وهي ما يشق الجلد قليلا. والثانية هي الدامية: وهي ما تدمي الجلد, وتسيل منه الدم. والثالثة هي الباضعة: وهي ما تقطع اللحم. والرابعة هي المتلاحمة: وهي التي تغوص في اللحم. والخامسة هي السمحاق: وهي التي تبلغ الجلدة التي بين اللحم. وفي الجراحة التي تصل إلى الجوف, وهي الجائفة ثلث الدية.

 

القسم الثاني: دية إبانة العضو، أي قطعه أو قطع بعضه وإبعاده, وهي كما يأتي: في قطع المارن وهي ما لان من الأنف دية كاملة. وفي قطع اللسان الدية. وفي قطع بعضه دية بمقدار نقص الحروف، والحروف في اللغة العربية ثمانية وعشرون حرفا.

 

ويجب في الأخرس حكومة. وفي قطع الأنف: دية. وفي قطع الذكر: الدية. وفي قطع الحشفة, وهي رأس الذكر الدية. وفي قطع الأذنين دية كاملة. وفي قطع إحداهما نصف الدية. وفي العينين الدية كاملة. وفي إحداهما نصف الدية. وفي قطع اليدين الدية، وفي قطع إحداهما نصف الدية. وفي قطع الرجلين الدية. وفي قطع إحداهما نصف الدية.

 

القسم الثالث: دية إزالة وإذهاب المنافع: في إذهاب العقل: دية كاملة، فإن أزال العقل بجرح له أرش أو حكومة وجبت الدية والأرش أو الحكومة في الأرجح. وفي إزالة السمع: دية، وإزالة السمع من أذن واحدة نصف الدية، ولو أزال سمعه وقطع أذنيه فديتان، وإن نقص السمع فقسطه من الدية إن عرف مقدار النقص، فإن لم يعرف فحكومة، تقدر باجتهاد القاضي. وفي إزالة ضوء العينين دية كاملة، وفي إزالة ضوء الواحدة نصف الدية، وإن نقص الضوء فحكمه حكم نقص السمع. وفي إزالة الشم دية، وفي قول للشافعي أنه يجب فيه حكومة.

 

وفي إزالة الكلام الدية، وفي إزالة الكلام ببعض الحروف قسطه من الدية، ولو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه، أو قطع ربع لسانه فذهب نصف كلامه وجب نصف الدية. وفي إزالة الصوت: دية كاملة، فإن أبطل معه حركة لسانه، فعجز عن الترديد والتقطيع فديتان.

 

وفي إزالة الذوق والطعم وهي الحلاوة والحموضة والمرارة والملوحة والعذوبة دية كاملة، فإن نقص فحكومة. وفي إزالة المضغ دية كاملة. وفي إزالة البطش من اليدين دية، وفي نقصه حكومة. وفي إزالة المشي دية، وفي نقصه حكومة. هذا وهناك في كتب الفقه تفصيلات أخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.

 

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

 

1. يملك الفرد بسبب الدية المال الذي يخصه من دية العضو الذي تلف، أو المنفعة التي فوتت.

 

2. ما دون النفس ثلاثة أقسام من الدية:

 

1) دية الجرح: والجراح عشرة أنواع, وقد مر ذكرها وإعطاء أمثلة عليها.

2) دية إبانة عضو: أي قطعه أو قطع بعضه وإبعاده كقطع الأذن.

3) دية إزالة وإذهاب المنافع: كإذهاب العقل, وإزالة السمع.

 

3. الحكومة: هي جزء من الدية نسبته إلى دية النفس نسبة نقص الجناية من قيمة المجني عليه لو كان رقيقا بصفاته التي هو عليها.

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, وللحديث بقية, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj السبت، 23 حزيران/يونيو 2018م 11:03 تعليق

    بارك الله جهودكم ونفع بكم أستاذنا الفاضل

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع