- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 113)
عدم وجود البدن يجعل الشركة المساهمة لم تنعقد شرعا
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة، وعنوانها: "عدم وجود البدن يجعل الشركة لم تنعقد شرعا". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السبعين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: "وعلاوة على ذلك فإن الشركة في الإسلام يشترط فيها وجود البدن، أي وجود الشخص المتصرف، لأن المراد بالبدن في الشركة، والبيع، والإجارة، وسائر العقود، هو الشخص المتصرف، وليس الجسم أو الجهد. فوجود البدن عنصر أساسي في انعقاد الشركة. فإذا وجد البدن انعقدت الشركة، وإذا لم يوجد البدن في الشركة لم تنعقد شركة، ولم توجد من أساسها. وشركة المساهمة لا يوجد فيها بدن مطلقا، بل تتعمد إبعاد العنصر الشخصي من الشركة، ولا تجعل له أي اعتبار. لأن عقد شركة المساهمة عقد بين أموال فحسب، ولا وجود للعنصر الشخصي فيها، فالأموال هي التي اشتركت مع بعضها لا أصحابها. وهذه الأموال اشتركت مع بعضها دون وجود بدن شريك معها. فعدم وجود البدن يجعل الشركة لم تنعقد، فهي باطلة شرعا، لأن البدن هو الذي يتصرف بالمال، وإليه وحده يستند التصرف بالمال، فإذا لم يوجد البدن لم يوجد التصرف.
وأما كون الأشخاص أصحاب المال هم الذين يباشرون الموافقة على المساهمة بالمال، وكونهم هم الذين يختارون مجلس الإدارة، الذي يباشر العمل في الشركة، فلا يدل على أن هناك بدنا في الشركة، لأن موافقتهم كانت على جعل المال شريكا، لا على أن يكونوا هم شركاء. فالمال هو الشريك، وليس صاحبه. وأما كونهم هم الذين يختارون مجلس الإدارة فليس معناه أنهم وكلوا عنهم، بل إن أموالهم هي التي جرى التوكيل عنها من قبلهم، ولم يجر التوكيل عنهم، بدليل أن المساهم له أصوات بقدر ما يملك، فالذي يملك سهما واحدا له صوت واحد، أي وكالة واحدة، والذي له ألف سهم له ألف صوت، أي ألف وكالة، فتكون الوكالة عن المال، لا عن الشخص. وهذا يدل على أن عنصر البدن مفقود منها، وهي مؤلفة من عنصر المال فحسب.
وبهذا يكون تعريف الشركة المساهمة دالا على أنه لم تتوفر فيها الشروط التي لا بد منها حتى تنعقد شركة في الإسلام. إذ لم يحصل فيها اتفاق بين اثنين أو أكثر، وإنما هي التزام بإرادة منفردة من جانب واحد. ولم يتفق فيها على القيام بعمل، وإنما التزم فيها شخص بتقديم مال.
وليس فيها بدن يباشر هو التصرفات بوصفه الشخصي في الشركة، وإنما فيها مال فقط، دون وجود أي بدن. وبهذا يكون عقد شركة المساهمة من هذه الجهة باطلا شرعا، فتكون شركة المساهمة باطلة، لأنها لم تنعقد شركة، ولا ينطبق عليها تعريف الشركة في الإسلام.
هذه هي شركة المساهمة، وهي من الشركات الباطلة شرعا، ومن المعاملات التي لا يجوز للمسلم أن يقوم بها. أما وجه بطلانها وحرمة الاشتراك فيها فيتبين مما يلي:
1- إن تعريف الشركة في الإسلام هو: أنها عقد بين اثنين، أو أكثر، يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح. "وقد سبق الحديث عن الوجه الأول في الحلقة قبل السابقة.
2- الشركة عقد على التصرف بمال، وتنمية المال بها هي تنمية للملك، وتنمية الملك هي تصرف من التصرفات الشرعية، والتصرفات الشرعية كلها إنما هي تصرفات قولية، وهي إنما تصدر عن شخص، لا عن مال. فلا بد من أن تكون تنمية الملك من مالك التصرف، أي من شخص، لا من مال. وشركة المساهمة تجعل المال ينمو من نفسه دون بدن شريك، ودون شخص متصرف يملك حق التصرف، وتجعل التصرف للأموال؛ لأن شركة المساهمة إنما هي أموال تجمعت وصارت لها قوة التصرف. ولذلك تعتبر الشركة شخصا معنويا يكون لها وحدها حق التصرفات الشرعية من بيع، وشراء، وصناعة، وشكوى، وغير ذلك.
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
1. إن الشركة في الإسلام يشترط فيها وجود البدن، أي وجود الشخص المتصرف، لأن المراد بالبدن في الشركة، والبيع، والإجارة، وسائر العقود، هو الشخص المتصرف، وليس الجسم أو الجهد.
2. وجود البدن عنصر أساسي في انعقاد الشركة. فإذا وجد البدن انعقدت الشركة، وإذا لم يوجد البدن في الشركة لم تنعقد شركة، ولم توجد من أساسها.
3. شركة المساهمة لا يوجد فيها بدن مطلقا، بل تتعمد إبعاد العنصر الشخصي من الشركة، ولا تجعل له أي اعتبار.
4. عقد شركة المساهمة عقد بين أموال فحسب، ولا وجود للعنصر الشخصي فيها، فالأموال هي التي اشتركت مع بعضها لا أصحابها.
5. هذه الأموال اشتركت مع بعضها دون وجود بدن شريك معها. فعدم وجود البدن يجعل الشركة لم تنعقد، فهي باطلة شرعا، لأن البدن هو الذي يتصرف بالمال، وإليه وحده يستند التصرف بالمال، فإذا لم يوجد البدن لم يوجد التصرف.
6. كون الأشخاص أصحاب المال هم الذين يباشرون الموافقة على المساهمة بالمال، وكونهم هم الذين يختارون مجلس الإدارة، الذي يباشر العمل في الشركة، فلا يدل على أن هناك بدنا في الشركة، لأن موافقتهم كانت على جعل المال شريكا، لا على أن يكونوا هم شركاء.
7. كون أصحاب المال هم الذين يختارون مجلس الإدارة فليس معناه أنهم وكلوا عنهم، بل إن أموالهم هي التي جرى التوكيل عنها من قبلهم، ولم يجر التوكيل عنهم.
8. الشركة المساهمة لم يحصل فيها اتفاق بين اثنين أو أكثر، وإنما هي التزام بإرادة منفردة من جانب واحد. ولم يتفق فيها على القيام بعمل، وإنما التزم فيها شخص بتقديم مال. وليس فيها بدن يباشر هو التصرفات بوصفه الشخصي في الشركة، وإنما فيها مال فقط، دون وجود أي بدن.
9. عقد شركة المساهمة باطل شرعا، وشركة المساهمة باطلة لأنها لم تنعقد، ولا ينطبق عليها تعريف الشركة في الإسلام، وهو: أنها عقد بين اثنين، أو أكثر، يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح. "وقد سبق الحديث عن هذا الأمر في الحلقة قبل السابقة.
10. الشركة عقد على التصرف بمال، وتنمية المال بها هي تنمية للملك، وتنمية الملك هي تصرف من التصرفات الشرعية، والتصرفات الشرعية كلها إنما تصدر عن شخص، لا عن مال. فلا بد من أن تكون تنمية الملك من مالك التصرف، أي من شخص، لا من مال.
11. شركة المساهمة تجعل المال ينمو من نفسه دون بدن شريك، ودون شخص متصرف يملك حق التصرف، وتجعل التصرف للأموال؛ لأن شركة المساهمة إنما هي أموال تجمعت وصارت لها قوة التصرف.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.