الضباب: طمع الرأسماليين وإهمال الحكام (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
إن دخان حرائق الغابات في إندونيسيا الذي ضرب عدة بلدان في جنوب شرق آسيا خلال الأشهر الماضية ليس شيئًا جديدًا، حدث ذلك مرارًا وتكرارًا على مدى عقود. في دراسة حديثة أجرتها وكالة ناسا، أفادت أن الدخان في جنوب شرق آسيا هذه المرة من المرجح أن يكون له تأثير أسوأ بكثير مقارنة مع الحادث الذي وقع عام 1997. وهذا يتفاقم موسميًا بسبب امتداد ظاهرة الجفاف الطبيعية المسماة بظاهرة "النينو" التي تحيط بالمنطقة. الجفاف يجعل حرائق الغابات مستعصية خاصةً مع زراعة القطع والحرق التي تمارسها الشركات الزراعية وصغار المزارعين في كاليمانتان وسومطرة. حتى اليوم، قد انبعث ما مجموعه 600 مليون طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري والمنتشرة في الغلاف الجوي فوق جنوب شرق آسيا. حادثة الضباب قد عطلت بما لا يدع مجالاً للشك الأنشطة العادية للناس في المنطقة. وبالتأكيد تسببت في تأثيرات ضارة على الصحة وخاصةً أولئك الذين لديهم مشاكل صحية مثل الربو ومرض انسداد الشعب الهوائية المزمن. وأبلغ الدكتور ذو الكفل مال مدير إدارة الصحة في ولاية ساراواك داتوك أن المرضى الذين يسعون للعلاج من آثار الجهاز التنفسي في هذه الولاية فقط قد زاد بأكثر من 30 بالمائة. في إندونيسيا، مؤشر تلوث الهواء قد بلغ أكثر من 2000 وأن المشاكل الصحية هي أسوأ بكثير.
التعليق:
على مدى عقود ماضية، أصبحت مسألة انتشار الدخان في الهواء بسبب الحرق العشوائي في مزارع زيت النخيل مشكلةً شائعةً في منطقة جنوب شرق آسيا. واتهمت التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الإندونيسية الشركات المختصة في مزارع زيت النخيل بأنها سبب وجود الدخان والضباب. في تصريح نقلته مجلة "تيمبو" يوم 16 سبتمبر 2015، فقد قامت هذه الشركات بممارسة الحرق في الهواء الطلق في مزارع زيت النخيل لتوفير التكاليف ومضاعفة الأرباح. ومما زاد الأمر سوءًا إحجام أصحاب العمل عن الامتثال للوائح منع الحرق في الهواء الطلق. وفي الوقت نفسه، ضعف تطبيق هذه اللوائح من جانب الحكومة الإندونيسية تسبب في انتهاك واسع لهذه القوانين. ومن المسلّم به أيضًا في بيان نشر على الموقع الإلكتروني kompas.com أن "الجشع الرأسمالي ولا مبالاة الحكومة" فاقمت المشكلة بالتأكيد. إن معاناة السكان في المنطقة خلال مدة طويلة جدًا تتجلى بوضوح في إهمال السلطات المسؤولة لواجبها في رعاية شؤون المجتمع والدولة، ناهيك عن جشع الرأسماليين للحصول على أقصى قدر من الأرباح دون اهتمام لما يتعلق بتأثير ذلك على البيئة والحياة. والدرس الذي يمكن استخلاصه من هذا الأمر البديهي أنه عندما يتجاهل الإنسان المسؤولية التي أناطها به الله سبحانه وتعالى واختار أن يتصرف على أساس نزواته ورغباته فإن الكارثة تحلّ. وقال سبحانه وتعالى ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ [الروم: 21]
في الإسلام، يمكننا تجنب مشكلة الضباب والتغلب عليها من خلال انتهاج مسلكين، تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وبعض الجوانب العملية المتبعة لتجنب الكوارث البيئية. ومن وجهة نظر الشريعة الإسلامية، فإن إعطاء الامتيازات لاستغلال الغابات لأية شركة هو أمر منهي عنه فالغابات في الإسلام من الملكيات العامة. والدولة هي المسؤولة عن تنظيم أمور الغابات آخذة بعين الاعتبار مصلحة الأمة والحفاظ على النظم البيئية المستدامة. ومن الناحية العملية، فإن على الدولة أن تراقب وتفرض العقوبات من أجل الحفاظ على البيئة وحمايتها لارتباط ذلك ارتباطا وثيقا بالحفاظ على حياة الإنسان. ولن تنفذ الدولة إلا مشاريع التنمية المستدامة فحسب ولن تستخدم الموارد الحرجية إلا بطريقة لا تزعزع استقرار النظام البيئي. ومن أجل تحقيق ذلك، فإن على الدولة أن تعتمد على العلم والتكنولوجيا لإيجاد طرق لتنظيف الأراضي الزراعية دون الاضطرار إلى زعزعة الاستقرار البيئي.
وللأسف، فبعيدا عن الإسلام، يبدو إيجاد حل لهذه المشكلة الكارثية بعيد المنال.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد - ماليزيا