السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
خبر وتعليق - كيف يمكن لنظام أن يعتبر ناجحا فيما يعيش أكثر من 2 مليون من أطفاله في منازل يتعرضون فيها لخطر الأذى؟

بسم الله الرحمن الرحيم

خبر وتعليق

كيف يمكن لنظام أن يعتبر ناجحا فيما يعيش أكثر من 2 مليون من أطفاله

في منازل يتعرضون فيها لخطر الأذى؟

(مترجم)

 

الخبر:

في 3 تموز/ يوليو، نشر مفوض الأطفال تقريراً أساسيا كشف أن 2.1 مليون طفل في إنجلترا، أي ما يعادل طفلاً واحداً من كل 6 أطفال في البلاد، ينشؤون في عائلات حيث يتعرضون لخطر الأذى. يعيش 825000 من هؤلاء الأطفال في منازل كانت تشهد العنف المنزلي؛ تعرض 470000 طفل للإساءة من قبل أهل مدمنين للكحول أو المخدرات أو غير ذلك من المواد؛ وعاش 100000 مع عائلة تستخدم "الثلاثي السام" وعانوا من مشاكل في الصحة العقلية والعنف المنزلي والإدمان على الكحول والمخدرات؛ 470 ألفا كانوا يعيشون حرمانا ماديا. وذكر التقرير أيضا أن 1.6 مليون طفل في هذه الأسر التي يتعرضون فيها لخطر شديد تُركوا كي "يدافعوا عن أنفسهم"، دون مساعدة من السلطات أو غيرهم للتعامل مع ظروفهم المأساوية. ووفقًا للبيانات التي نشرتها وزارة التعليم في بريطانيا في أيار/مايو من هذا العام، كان هناك 646.120 طفلًا تم تحويلهم إلى دوائر الخدمات الاجتماعية في إنجلترا وويلز في 2017/2016 بسبب سوء المعاملة أو الإهمال - وهو ما يمثل إحالة واحدة كل 49 ثانية. ووصفت آن لونغفيلد، مفوضة شؤون الأطفال في بريطانيا، الوضع المزري بأنه "التحدي الأكبر للعدالة الاجتماعية في عصرنا"، مضيفةً: "نحصل على المجتمع الذي نختاره، وفي الوقت الحالي نحن في وضع نختار فيه المقامرة بمستقبل مئات الآلاف من الأطفال".

 

التعليق:

اختارت المناقشات السياسية والإعلامية فيما يتعلق بتسليط الضوء على سبب هذا الوضع القاسي، التركيز على عدم وجود تمويل حكومي مناسب لخدمات الأطفال، ما يجعلهم غير قادرين على تقديم الدعم الفعال وحماية هؤلاء الأطفال الذين يعانون في هذه البيوت "الخطيرة". وقد تم تقليص الإنفاق على هذه الخدمات بنحو مليار جنيه إسترليني في السنوات الست الماضية، ما دفع المؤسسات الخيرية للتحذير من أن السلطات المحلية تحاول تقديم خدمات الأطفال الحيوية "بتساهل شديد". بينما الصحيح أن هذه التخفيضات الحكومية الحادة تؤثر بشكل مباشر على قدرة المجالس المحلية على تقديم المساعدة إلى هؤلاء الأطفال الضعفاء - وهو في حد ذاته إدانة لعدم اهتمام أولئك الذين يحكمون البلاد برفاهية صغارهم - وهذا ما يشرح ما يدفع باتجاه الارتفاع القياسي لمستويات هذه الكارثة الإنسانية.

 

إن التركيز على الجانب الاقتصادي لهذه المشكلة يبرز الجانب السلبي للحقيقة الواضحة القائلة بأن القيم السائدة وأنماط الحياة والقوانين داخل الدول الليبرالية العلمانية الرأسمالية هي السبب الرئيسي لهذا الدمار المجتمعي... وهذا ليس مفاجئاً! لأنك إذا كنت تروج للحريات الليبرالية التي تحتفي بحق الأفراد في العيش في أساليب حياة سعيدة، وتدعو إلى تقديم المتعة على كل شيء، تحت الشعار المسموم "عش الحياة إلى أقصى الحدود"، فلا تفاجأ إذا ما تسببت في انتشار وباء الكحول وإدمان المخدرات وكذلك رعاية الأفراد الذين يهتمون قليلا برفاهية أطفالهم. وإذا ما كنت تقدس السعي وراء النزوات الفردية والرغبات في إطار الحريات الجنسية، التي تؤدي إلى إذلال المرأة وإهانتها بشكل منهجي من خلال اعتبارها شيئا من الأشياء في المجتمع، فلا تندهش إذا رأيت تسونامي من العنف المنزلي في المنازل. وإذا كنت تحكم بنظام تُشرع فيه القوانين من قبل العقول المحدودة والضعيفة والمتقلبة للبشر فلن تفاجأ إذا ما ساهمت بذلك في خلق جبل من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المستعصية التي تمزق حياة الأفراد والأطفال على حد سواء دون تقديم حل سليم يؤدي إلى إنقاذهم من بؤسهم.

 

للأسف، فإن أسرنا وبيوتنا، بصفتنا أمة مسلمة، تتبع الاتجاه الرهيب نفسه لإساءة معاملة أطفالنا، وإهمالهم، وإيلامهم، وبؤسهم، بعد أن عانت من المشاكل الإنسانية نفسها الموجودة في الغرب. ويرجع ذلك إلى احتكامنا إلى ذات القيم والنظم الليبرالية والعلمانية والرأسمالية الفاسدة المفسدة التي بيعت لنا من قبل الحكومات والمنظمات والمعاهد الغربية في حين أخفت آثارها الفاسدة عن المجتمعات. ونحن كمؤمنين، علينا أن نتذكر كلام ربنا سبحانه وتعالى في سورة التين: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾.

 

حان الوقت بالتأكيد، لأن نفتح أعيننا وندرك بأن إنقاذ مجتمعاتنا وبلادنا المسلمة من هذه الكارثة المجتمعية يتطلب رفض هذه القيم والأنظمة الغربية والعودة إلى القيم السامية والأحكام والقوانين الإسلامية وجعلها الحكم الذي نحتكم إليه في أنفسنا وأهلينا وأنظمة حكمنا. في الواقع، وحدها طريقة الإسلام في العيش هي التي تخلق عقليات أساسها التقوى - استشعار رقابة الله تعالى - ما يجعلها ترفض أنماط الحياة والمعتقدات القائمة على أساس المتعة؛ وتشكل أعمال الفرد وتجعلها قائمة على طاعة الله وحده؛ وتغذي إحساسًا كبيرًا بالمساءلة في أفعال المرء، بما في ذلك كيفية تعامل المرء مع أطفاله وتربيتهم، نظرًا لمعرفته بأن كل عمل سيكافأ أو يعاقب عليه في الآخرة. إن النظام الإسلامي وحده، الذي تطبقه الخلافة على منهاج النبوة، حيث كل حكم وقانون هو من رب العالمين سبحانه وتعالى، خالق البشر والعالم بأحوالهم وما هو لصالحهم، هو صاحب الحق بتنظيم المجتمعات وبالتالي تحقيق الانسجام في المجتمع وحمايته من أنواع الاضطهاد. ولهذا السبب أشاد غير المسلمين بالحضارة الإسلامية للخلافة على طبيعتها السامية. فعلى سبيل المثال، كتب الكاتب الإنجليزي الشهير هـ. جي. ويلز في كتابه "خلاصة التاريخ": "لقد خلق الإسلام مجتمعاً أكثر تحررا من القسوة والاضطهاد الاجتماعي من أي مجتمع آخر كان في العالم من قبل". هذا بالتأكيد هو المستقبل الذي نرغب فيه كمسلمين لأبنائنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا... ولكنه مستقبل لن يتحقق إلا من خلال العودة إلى الإسلام عودا كاملا في حياتنا، وإعادة حكم الله سبحانه وتعالى، (الخلافة) في بلادنا.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالجمعة, 13 تموز/يوليو 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع