- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستجابة لمطالب الغرب بشأن الأسرة طامة كبرى تدمر الأسرة
الخبر:
طالبت منظمة العفو الدولية، السلطات السودانية بمراجعة قوانينها، التي تسمح بزواج الأطفال. وجاء تعليق المنظمة في بيان حول إلغاء محكمة بالخرطوم حكم الإعدام في مواجهة نورا حسين المتهمة بقتل زوجها... وعدلت المحكمة الحكم ضد نورا في القضية التي انتشرت عالمياً على نطاق واسع، من الإعدام إلى السجن خمس سنوات، والدية بدفع مبلغ 337,500 ألف جنيه (صحيفة التغيير الإلكترونية).
التعليق:
نظر أعداء الإسلام فوجدوا أن الخطر الذي يتهددهم ما زال قائماً بقيام الأسرة المسلمة، تلك التي تمثل حجر الزاوية في بناء المجتمع الإسلامي، والعروة الوثقى في كيان الإسلام، بما اشتملت عليه من تمسك بأسباب الوقاية والطهر وحفظ النسل، وبما انطوت عليه من مفاهيم الغيرة على الأعراض، التي تشكل صمام أمان لمنع التفسخ والانحلال، هذا المرض العضال الذي ضرب كيان الأسرة في الغرب، ومع الأسف يوجد من بني جلدتنا من يراقب الوضع الاجتماعي في بلاد المسلمين، تتحكم فيه عوامل أخرى كثيرة منها الأنظمة الوضعية والعادات والتقاليد، فيشكل هؤلاء مخبرين للغرب بكل ما يحدث بهذا الصدد، فيردوا كل مشكلة للإسلام، مع أن الإسلام لا يتحكم في كل مفاصل النظام الاجتماعي، وما وجد من أحكام الإسلام لم تفرضه الأنظمة بل تمسك به المسلمون، رغم الأمواج المتلاطمة والمؤامرات، ولأن الغرب لا يعجبه شرع الله سبحانه، فهو حريص كل الحرص على تغيير ما تبقى من أحكام الإسلام، يتبعه في ذلك كل عميل لا يعلم عاقبة ما يراد بنا، يريد انتهاك أعراض المسلمين وإغواء بناتهم، وتدنيسهن دون زواج، والتزامات، أو أي حقوق مادية أو عاطفية، كما هو حادث في الغرب! يريد هؤلاء للمسلمة أن تصبح مثل المرأة في الغرب، التي يتعاملون معها كبغيّ مجانية ثم بعد قضاء مآربهم يوقعون ضحية أخرى ويتركون الأولى محطمة المشاعر، لم تنل شيئاً سوى الندم، وربما الأمراض الجنسية وجنين الزنا تتحمل هي وحدها مسؤوليته!
ألا يعلم من سار في ركاب الغرب أن عاقبة ذلك هو انتهاك حرمات الله التي يترتب عليها عقوبة في الآخرة؟! قال تعالى: ﴿... وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾.
إن شرع الله ليس مجرد نصائح نظرية، بل هو أحكام عملية تراعي الطبيعة البشرية التي قد تضعف أمام الشهوات. هذه الأحكام العملية تحمينا من الوقوع في الفواحش ليس بمجرد العقوبات والحدود التي أوجب الله تطبيقها بقوة الدولة وسلطانها، بل أيضا بمنع المسببات الحقيقية لها. لذا حرم الإسلام التبرج واختلاط الرجال بالنساء، وحرم ما يثير الغرائز ويزين الفواحش؛ من صور فاتنة وأغان ماجنة، كما أننا مسئولون تجاه أنفسنا وتجاه من استرعانا الله من أبناء ومتابعتهم، وألا نغفل عنهم بترك القنوات المفسدة، التي تنهى عن المعروف وتأمر بالمنكر وتزين الفواحش وتشغل الناس بالمحرمات.
في عجالة أردنا أن نرد عملياً على من يريدون تطبيق القوانين الغربية الوضعية، على الأسرة المسلمة، رغم الاختلاف التام بيننا وبينهم في الهوية.
أولا: إن قوانين الغرب الخاصة بالأسرة هي من صنع البشر، أما قوانين المسلمين، الخاصة بالأسرة المسلمة، فهي من الله عز وجل، وأساسها الوحي الإلهي المتمثل في القرآن والسنة النبوية.
ثانيا: إن الزواج في الإسلام سنة ماضية، وقد جاء الإسلام ليلغي كل صور العلاقات التي كانت تربط بين الرجل والمرأة بشكل غير شرعي، وأكد على أهمية ارتباط الرجل بالمرأة بعقد الزواج، ووصفه بأنه ميثاق غليظ، حماية لكيان الأسرة ومنع الزنا ووضع عقوبة قاسية لمن يتجرأ ويرتكب تلك الجريمة، وذلك بعكس القوانين الوضعية الغربية، التي لم تهتم كثيراً بإطار الزواج وإنما كل تشريعاتها تقوم على الاهتمام بالفرد لا بالأسرة وهو ما جعل الشباب ينصرفون عن فكرة الزواج، وتكوين الأسرة فرأينا الإنجاب بعيداً عن إطار الأسرة لمن لم يتعد الثالثة عشر وهم يعيبون زواج الصغيرات!
ثالثا: مقدمات الزواج في الإسلام التي حرص على أن يطلب من الشاب المقبل على الزواج أن يختار زوجة المستقبل جيدا لأنها تصحبه في بناء الأسرة، وفي الوقت نفسه ألزم الأب بأن يستشير ابنته عند تقدم أحد الخاطبين لا أن يجبرها على القبول، باختصار، فإن الإسلام منح الرجل والمرأة حق اختيار صاحبه في الحياة، ووضع التدين الصحيح في مقدمة الأسباب التي تدعو الشاب أو الفتاة إلى القبول بصاحبه، ووضع الإسلام مفهوم الخطبة محاطاً بأحكام شرعية تمنع الخلوة والتبرج وكل ما يمنع من انتهاك للحرمات. أما في القوانين الغربية، فإن الخطبة تتيح لكل من الشاب والفتاة ممارسة الزنا، حيث تعترف القوانين الغربية بالأبناء الذين ينتجون عن أي علاقة بين الخاطب والمخطوبة.
رابعا: آثار عقد الزواج في الإسلام، ألزم الطرفين بحسن المعاشرة ووضع قوانين الميراث لكل من الزوجين أن يرث الآخر وثبوت نسب الأطفال وقوامة الرجل على المرأة، والقوامة هنا تعني القيام على أمر الأسرة وتوفير احتياجاتها، وألزم الإسلام الزوج بدفع المهر لزوجته. أما القوانين الغربية فقد طالبت الزوجين بإخلاص كل منهما للآخر، والسكن معاً، ولم تلزم الزوج بالإنفاق على زوجته ولم تلزمه بدفع مهر محدد لها، أو تحديد مؤخر صداق، ما أوجد ظاهرة متفشية في الغرب وهي ظاهرة الأم المعيلة، حيث لا يلتزم الرجل بواجباته تجاه الأسرة فتشقى وتنال كل أصناف المعاناة لكفالة أبنائها.
إن الأنظمة الوضعية في بلاد المسلمين تستجيب للغرب، فهي لا يهمها سوى رضا الغرب الكافر وقوانينه، ولكن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، القائمة قريبا بإذن الله فستسعى لرضا رب العالمين بتطبيق شرع الله وحمله للعالم لتطهره من آثام الرأسمالية الفاجرة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار – أم أواب